الرئيسية / تقارير وحوارات / مع قدوم الصيف .. عروس البحر الأحمر تحتضر
مع قدوم الصيف .. عروس البحر الأحمر تحتضر

مع قدوم الصيف .. عروس البحر الأحمر تحتضر

18 مايو 2016 03:51 مساء (يمن برس)
ما تزال الوعود مستمرة بعودة التيار الكهربائي للمدينة الأشد حرارة في اليمن، مدينة الحديدة "عروس البحر الأحمر"، على الرغم من نزول عشرات الفرق الفنية إلى شوارع المدينة منذ أكثر من شهرين.
 
 ومؤخراً قدمت الحكومة مبلغ 2 مليار ريال يمني، لمؤسسة الكهرباء بالحديدة، لتخلي مسؤوليتها أمام أبناء تهامة من حالة الانقطاع التعسفي للمدينة، مع وصول عدة ناقلات بحرية محملة بمادتي المازوت والديزل، لفترات متقطعة منذ بداية الحرب في اليمن، لكن تلك الكميات اختفت مع اختفاء الكهرباء بصورة كاملة عن الحديدة لأكثر من 249 يوماً، مع وجود "الخط الساخن" الذي يعتقد أنه يغذي المباني الحيوية، في القطاعين الحكومي والخاص، والذي تحوم حوله كثير من الاتهامات عن ربط منازل اشخاص نافذين، ليظهر أمام وسائل الإعلام مدير عام مؤسسة الكهرباء "جماعي كليب" متحدثا عن توليد الكهرباء بالفحم الحجري.
 
ويستمر مسلسل رمي الاتهامات من طرف إلى اخر، بأنه المتسبب في عدم عودة التيار الكهربائي للمدينة، ليجد المواطن نفسه الضحية الوحيدة الذي لم يشفق عليه أحد؛ ومع حلول صباح كل يوم تبدأ المأساة التي يعانيها أبناء الحديدة جراء ما يلاقونه من حرارة الشمس الحارقة، ناهيك عن كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة والتي تتضاعف حالاتهم بسبب شدة ارتفاع الحرارة التي تشتهر بها المدينة في فصل الصيف في كل سنة، ليصبح المواطن التهامي بين مطرقة حرارة الصيف وسندان انقطاع التيار الكهربائي.
 
وعلى المستوى الصحي، أثر انقطاع التيار الكهربائي بصورة مؤسفة، وأصبح أكثر من 4,980 شخصا مهددا بالموت في أي لحظة ممن يعانون من الفشل الكلوي، ومرضى السكري، وضغط الدم، والربو، وغيرها من الأمراض المزمنة.
 
النائمون على الرصيف
 
عند الحديث عن الصيف في مدينة الحديدة الساحلية فإننا نتحدث عن حالة استثنائية يجب التعاطي معها بصورة عاجلة، إذ يصل المتوسط الشهري لدرجة الحرارة العظمى في فصل الصيف إلى (41.5 درجة مئوية) والصغرى إلى (26.6 درجة مئوية)، ليصبح قدوم الصيف كابوسا مخيفا، علاوة على الكثافة السكانية حيث تأتي الحديدة في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بعد محافظة تعز، حيث بلغ عدد سكان الحديدة، وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م (2,157,552) نسمة، وينمو السكان سنويا بمعدل(3.25%). 
 
وقال المواطن صالح الريمي:" أصبحنا لا نطيق الجلوس في المنازل لدقيقة، هذا ونحن ما زلنا في بداية الصيف، وكل يوم نسمع عن اقتراب عودة الكهرباء، لكن كلها وعود كاذبة بحسب ضني، لأن منازل المدراء ونوابهم موصلين مع "الخط الساخن" ونحن لا أحد يأبه لنا، حتى الطاقة الشمسية لا تغني شيء فأنها ملطفة للحرارة نسبياً فقط، ندعها للنساء والأطفال في المنازل واخرج للنوم على الرصيف ومثلي الكثيرين من أبناء الحي الذي اسكن فيه".
 
وفي الجانب الصحي تقول الدكتورة فوزية عبد الرحمن: "أصبحت الحديدة مدينة مليئة بالأمراض الوبائية وأشهرها "حمى الضنك" الذي انتشر مؤخراً بصورة مرعبة، وساعده على الانتشار الهواء الملوث، وارتفاع درجة الحرارة، مع انقطاع التيار الكهربائي، كما تنتشر العديد من الأمراض في مثل هذا الوقت من كل سنة متأثرةً بارتفاع درجة الحرارة وسوء التغذية ".
 
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد عانى التهاميون كثيراً كغيرهم من اليمنيين، لأكثر من عام منذ بداية الحرب في اليمن، ومروا بالعديد من التحديات المتمثلة تارةً بانعدام المشتقات النفطية، وتارةً أخرى بانقطاع شبة كامل للكهرباء، وأعقبه انقطاع نهائي للتيار الكهربائي استمر لأكثر من تسعة أشهر إلى ساعة كتابة هذا التقرير، مما أثر سلباً على أهم المصادر الاقتصادية للمدينة وهي الزراعة، وصيد الأسماك، وتأثر بذلك الآلاف من المواطنين العاملين في هذه القطاعات.
 
 يقول المواطن صادق الشرعبي، بائع خضروات: "أصبحت عملية البيع للخضروات محدودة من قبل المواطنين، لعدم قدرتهم على الاحتفاظ بها لفترات طويلة، لأن غالبيتها تحتاج إلى الثلاجة للحفاظ عليها، ولم يعد يشتري المواطن إلا ما يحتاجه ليوم واحد فقط، خوفاً من أن يتلف الباقي"، وأضاف:" وبدوري أقوم بشراء ما يمكنني بيعه في يوم واحد فقط، لأتجنب الخسارة والاستمرار في عملي، لأنني رب أسرة مكونة من تسعة أفراد، وعملي هذا هو مصدر دخلي الوحيد".
 
عودة الكهرباء بين الحلم والحقيقة
 
بعد اختفاء كامل للتيار الكهربائي عن عروس البحر الأحمر "الحديدة" لأكثر من تسعة أشهر، حل اليأس قلوب السكان، واتجه الكثيرون إلى شراء الطاقة البديلة "الطاقة الشمسية" بالرغم من أسعارها الباهظة بالنسبة للحالة الاقتصادية لمعظمهم.
 
اضطر المواطن صالح يحيى الى بيع الذهب الخاص بزوجته لشراء الطاقة الشمسية، "لتخفف علينا حرارة الشمس الحارقة، لكنها لا تغني عن التيار الكهربائي، لعدم قدرتها على تشغيل المكيفات الهوائية".
 
وخلال الفترة الماضية، برزت الكثير من الوعود مابين الحين والآخر، عن عودة التيار الكهربائي للمدينة، إلا أنها مثل فقاعات الماء، سرعان ما كانت تختف.
 
 ومؤخراً صرح محافظ الحديدة أمام وفد من الشباب الناشطين من أبناء محافظة الحديدة، في لقاء عُقد بمنزله عن احتمالية عودة التيار الكهربائي إلى المدينة في فترة مابين نهاية شهر شعبان وبداية شهر رمضان.
 
وجاء في بيان نشرته الناشطة هدى منصوب، إحدى المشاركين في وفد الشباب، على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه تم النقاش مع المحافظ الهيج بمقدار عالي من الشفافية، واستعرض أهم التحديات التي تقف أمام عودة التيار الكهرباء للمدينة.
 
وأفادت الناشطة هدى ان المحافظ الهيج قال في حديثه معهم إنه وصلت ناقلة بحرية إلى موانئ مدينة الحديدة، تحمل على متنها 30 ألف طن من المازوت، ولنقلها تحتاج المحافظة إلى ناقلة صغيرة تُفرغ عليها كل خمسة ألف وتتجه بالمازوت إلى محطة الكثيب، بدلا من تفريغ الباخرة بميناء الحديدة، ومن ثم توصيلها إلى محطة كثيب، التي تأخذ وقت أكبر، ومبالغ أكبر وهم حاليا يبحثون عن ناقلة لعملية التفريغ.
 
ووفقا لهدى أضاف هيج أنه يتوقع عودة التيار الكهربائي للمحافظة بين نهاية شهر شعبان، وبداية شهر رمضان، وعلى ذلك فإنه بعد عودة التيار الكهربائي ستكون المحافظة مجبرة على رفع قيمة الكيلو حسب دراسة اقتصادية وليس بحسب اجتهادات وبرقابة من الغرفة التجارية والمنظمات والأطراف السياسية، بحسب ما نشرته الناشطة هدى منصوب.
 
ونشرت وسائل اعلام محلية، عن قيام فرق تابعة للمؤسسة العامة للكهرباء بأعمال صيانة لشبكة الكهرباء في أوساط الشوارع والحارات، والتي تعرض بعضها للتلف والسرقة جراء توقف التيار الكهربائي عن المدينة لأكثر من تسعة أشهر. حسب ما نشرت المصادر الإعلامية.
 
من جهته، قال المهندس محمد منصر، أحد العاملين في فرق الصيانة: "واجهنا الكثير من المشاكل في صيانة خطوط الكهرباء في شوارع المدينة وأحيائها، وقد أنجزت فرق الصيانة أكثر من 85% من العمل المطلوب منها، وتوقف عمل الفرق الفنية بالوقت الحالي، نظراً لعدم وجود ميزانية لذلك"، حد قوله.
 
 استغاثة
 
يعيش سكان مدينة الحديدة حالة سيئة جداً، قد تصل إلى درجة الكارثة الإنسانية، ولا يملكون سوى مناشدة أصحاب القرار لاتخاذ الإجراءات والمعالجات العاجلة والفورية لعودة التيار الكهربائي، لاسيما وأن رمضان على الأبواب، مع ارتفاع درجات الحرارة بصورة جنونية، فالكثيرون يجدون صعوبة في الصيام، ناهيك عن أصحاب الأمراض المزمنة، مطالبين قيادة المحافظة النظر إليهم بعين الرحمة وسرعة الاستجابة لنداءاتهم التي أصبحت رتيبة.
 
*برنامج تمكين الشباب، المركز اليمني لقياس الرأي العام.
شارك الخبر