الرئيسية / تقارير وحوارات / قصة محمد المطري الذي اعتقلته السلطات الشرعية بمحافظة مأرب (تقرير)
قصة محمد المطري الذي اعتقلته السلطات الشرعية بمحافظة مأرب (تقرير)

قصة محمد المطري الذي اعتقلته السلطات الشرعية بمحافظة مأرب (تقرير)

16 مايو 2016 05:45 مساء (يمن برس)
أكثر من سبعة أشهر، مضى على اعتقال السلطات الشرعية، بمحافظة مأرب، للمهندس محمد محمد حمود المطري، رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي بمديرية بني مطر، أثناء عودته من رحلة الحج، خلال العام الماضي، حيث تم اقتياده من بين أولاده وزوجته، وإلى يومنا هذا، وهو معتقل، مثله مثل آلاف المعتقلين في سجون مليشيا الإنقلاب، بمختلف المحافظات.
 
وتثير حادثة اعتقال المواطن المطري، أثناء عودته من رحلة الحج، تحديدا يوم 4 أكتوبر من العام 2015، الكثير من التساؤلات حول مدى نزاهة وعدالة السلطات المحسوبة على الشرعية، وعلى المقاومة الشعبية بمحافظة مأرب، وهي التي لطالما أعلنت مرارا وتكرارا، وقوفها إلى جانب الحق، ونصرة المظلوم، إلا أن اعتقال المطري، تزيل الفوارق بين المليشيا التي اختطفت البلد، وبين من يختطف حاجّا لبى نداء الله، بمجرد وصوله إلى منفذ الوديعة الحدودي، حسب إفادات مطلعين على القضية.
 
ولا يزال الغموض يخيم على ملابسات عملية الاعتقال، والجهة المسؤولة عن استمرار احتجازه، والمبررات التي بموجبها، تفرض حالة من الغموض على القضية.
 
من هو محمد المطري ؟
 
المهندس محمد محمد حمود المطري، هو نجل عضو الهيئة العليا لمكافحة الفساد، محمد حمود المطري، أحد قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، بمديرية بني مطر.
 
والمهندس المطري، هو رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي، ببني مطر عن حزب المؤتمر الشعبي العام، يقول بعض معارفه، إنه مستقبل بطبعة، ولا يميل لأي طرف سياسي معين، لكن مصادر أشارت إلى أن من أبرز دوافع اعتقاله في مأرب، يتمثل في بسبب علاقة والده وأحد أشقاءه بالرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وجماعة الحوثي.
 
بداية القصة
 
ذهب المهندس محمد حمود المطري، للحج، في موسم العام الماضي 2015، برفقة زوجته وأولاده، ولدى وصوله إلى الوديعة الحدودية، أوقفته نقطة عسكرية تابعة للواء الأول، المؤيد للشرعية، والذي يقوده اللواء هاشم الأحمر، حيث قام ضابط يدعى محمد صالح أحمد الحباري، باستجوابه، وطرح عليه أسئلة حول علاقة والده بالرئيس السابق، وجماعة الحوثي، وأسئلة أخرى، كما قام حينها باحتجاز البطاقة الشخصية، الخاصة بالمهندس المطري، ثم تم إخلاء سبيله، ليذهب بعدها للحج، حسب رواية أقارب المطري.
 
وأثناء عودته، من رحلة الحج، في منفذ الوديعة، حسب إفادة والده، استقبله ضابط طيار يدعى عبد الله محمد العليي، وهو من أبناء المحويت، حي الضبر، وضابط آخر، يدعى عبد الله العجاج، من أبناء الحيمة الداخلية، وآخرين، وقاموا بنقله إلى معسكر اللواء الأول مشاه، وتركوا أسرته بحراسة طقم آخر، بعد أن أنزلوهم من السيارة التابعة للمهندس محمد المطري، وأجلسوهم على الأرض، منتصف الليل.
 
ويضيف والد المطري، أنه بعدها، "قام ضابط يدعى مراد الفيل يقال إنهم مدير مكتب العميد هاشم الأحمر، قائد اللواء، وآخرين، بتسليم المهندس المطري، إلى نجل القيادي بالمقاومة الشعبية بمحافظة صنعاء، الشيخ نائف الكينعي، وتم نقله برفقة ثلاثة أطقم مسلحة، مشيرا إلى أن الفيل، أفاد بأن هذا الإجراء هو بتوجيه من قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء عبد الرب الشدادي.
 
وأضاف والد المعتقل محمد المطري، أن مدير مكتب هاشم الأحمر، قام بعد ثلاثة أيام، من اعتقال نجله، بتسليم السيارة والجواز الخاص به، وهاتفه إلى نجل اللواء ركن عبد الرحمن الحليلي، معلنا إخلاء مسئوليته، بحجة أنه بات بعهدة اللواء الشدادي، قائد المنطقة العسكرية الثالثة.
 
مراوغة وتلاعب
 
بالرغم من عدم وجود أي إدانات أو مبررات لاستمرار اعتقال المهندس المطري، إلا أن السلطات المعنية، واصلت تضييع القضية، في تهرب واضح من المسؤولية الملقاة على عاتقها، حسب رواية أقارب المعتقل المطري.
 
ومن خلال متابعة أقارب ومحبي المعتقل محمد المطري، للقضية، وقيامهم بإرسال وساطات، واستصدار أوامر وتوجيهات من جهات وقيادات مؤيدة للشرعية، إلا أنهم لم ينجحوا في الإفراج عنه.
 
وظلت قيادة الجيش، تتهرب من المسؤولية، وتلقيها على قيادة المقاومة الشعبية، بمحافظة صنعاء، والتي بدورها، تنصلت من المسؤولية، نافيةً أي علاقة لها بالأمر.
 
وعلم "مندب برس"، من مصدر مطلع، أن الشيخ سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب، وجه سابقا، بالإفراج عن المهندس محمد المطري، إلا أن أوامره اصطدمت برفض قيادات بمقاومة صنعاء، حيث أكد المصدر، أن قيادات محسوبة على مقاومة محافظة صنعاء، رفضت الإفراج عن المطري، لأسباب مجهولة.
 
مصادر أفادت لـ"مندب برس"، أن قيادات بالمقاومة، بررت استمرار اعتقال المطري، بأن أحد أقاربه، مسؤول بشكل مباشر، عن جريمة تصفية الشهيد صالح البشري، بداية العام 2015، وهذا سبب اعتقاله، وهو المبرر الذي أورده الطيار العليي في حديثه لـ"مندب برس"، حيث أشار إلى أن السلطات بررت اعتقاله، بأن شقيقة "أبو تراب"، متهم بقتل الشهيد صالح البشري.
 
إلا أن مصادر أخرى، أفادت مؤخرا، بأن قيادات بالمقاومة، طالبوا بعقد صفقة، يتم بموجبها الإفراج عن معتقلين لدى مليشيا الحوثي من أبناء محافظة صنعاء، مقابل الإفراج عن المطري.
 
عدم الإيفاء بالاتفاق
 
يقول والد المعتقل، محمد المطري، أن قيادي بالمقاومة، يدعى نايف الكينعي، استلم نجله، من قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء الشدادي، وقائد اللواء الأول مشاه، هاشم الأحمر، وأنه يطالب بالإفراج عن شخص يدعى محمد حسن الحجاجي، المعتقل لدى جماعة الحوثي.
 
ولفت المطري، إلى أنه وبموجب تحركات أجراها هو ومشائخ ووجهاء، فقد أقنعوا قيادة جماعة الحوثي، بالإفراج عن الحجاجي، ومع ذلك، لم يتم الإفراج عن نجله، محمد.
 
رفض لأوامر عليا
 
أفادت المصادر، أن الجهات المسؤولة عن اعتقال المهندس المطري، سبق ورفضت أوامر محافظ مأرب، وكذا أوامر اللواء الشدادي، قائد المنقطة العسكرية الثالثة بالإفراج عن المطري.
 
واستمرت القضية، إلى أن وصلت إلى نائب رئيس الجمهورية، الفريق الركن علي محسن الأحمر، الذي بدوره، أصدر توجيه صريح لقيادة المنطقة العسكرية الثالثة، بالإفراج الفوري عن المهندس محمد المطري، إلا أن ذلك التوجيه لم ينفذ لأسباب لا تزال مجهولة.
 
وأشارت المصادر، إلى أن القضية باتت من مسؤولية مجلس مقاومة صنعاء، والذي لم يصدر عنه أي موقف حيالها.
 
الفساد حاضر أيضا
 
حاولنا جمع مزيد من التفاصيل، علّنا نصل لبعض الخيوط التي قد توصلنا إلى الجهة التي تعرقل الإفراج عن المواطن المطري، الذي اعتقل بداية أكتوبر 2015، بدون أي مسوغات، مع العلم أن الجهة المسؤولة عن اعتقاله لا تزال حتى الآن مجهولة، وكل الأطراف والأشخاص، تتملص من المسؤولية، لأسباب غير معروفة.
 
وفي سياق البحث، حصلنا من مصدر خاص، على معلومات، مدعمة بوثائق، قال إنها تثبت تورط مسؤول أمنيات المقاومة بمحافظة مأرب، في قضية فساد، تتمثل في طلب فدية ضخمة، من أسرة المهندس محمد المطري.
 
وبحسب المصدر فإن شخص يكنى بأبو محمد، المسؤول عن الأمن بالمقاومة الشعبية، بمحافظة مأرب، هو المسؤول عن اعتقال المهندس المطري.
 
وزعم المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن أبو محمد، طالب بفدية مالية، قدرها 3 مليون ريال، مقابل الإفراج عن المطري.
 
وقال بأن أقارب المطري، تواصلوا مع مسؤول أمنيات، مأرب، أبو محمد، وطلب منهم مباشرة الفدية، وقاموا فعلا بإرسال المبلغ، وهو 3 مليون ريال، إلا أنه لم يتم الإفراج عنه حتى اللحظة.
 
العليي يرد ويكشف بعض الملابسات
 
وبناء على ما ورد في إفادة والد المعتقل، المطري، قام مندوب "مندب برس"، بالتواصل مع الطيار، عبد الله محمد العليي، الذي كان مطلعا على اعتقال المهندس المطري، منذ ساعاتها الأولى.
 
وسرد العليي، لـ"مندب برس"، بعضا من تفاصيل عملية الاعتقال التي طالت المهندس محمد المطري، في منفذ الوديعة، بتاريخ 4 أكتوبر من العام 2015، من قبل السلطات الأمنية والعسكرية هناك.
 
وقال، إنه لم يكن له علاقة لا من قريب ولا من بعيد باعتقال المطري، وأن تواجده في منفذ الوديعة حينها، كان عرضيا، ولم يكن لديه أي عمل، أو مهمة يقوم بها، وإنما كان بهدف المكوث في أحد المباني، الذي تتوفر فيه تغطية لشبكة "يمن موبايل"، لأنه في مقر اللواء الأول مشاه، لم يكن هناك تغطية لشبكات الهاتف النقال.
 
وأضاف العليي، وهو طيار موالٍ للشرعية: "بينما كنت موجود في المنفذ بعد الفجر، 4 أكتوبر 2015، نزلت إلى ساحة الجمارك، ولفت انتباهي عائلة تجلس داخل سيارة بيضاء كل إطارتها مفطورة، وبعض الأفراد من العسكر (الأول مشاه)، كانوا قريبين من تلك السيارة، وعرفت منهم أن هذه عائلة "فلان محمد المطري"، وأنهم أخذوه إلى مكان التوقيف ".
 
وأشار إلى أنه سأل الأفراد الذين كانوا متواجدين قرب سيارة المطري، عن قصة المطري، فأجابوه، بأنه "المطري"، شقيق "أبو تراب"، المتهم بقتل الشهيد "صالح البشري"، مؤكدين أن لديهم تعليمات بتوقيفه.
 
وأضاف عبد الله العليي، أنه اقترب من عائلة المطري، التي كانت داخل السيارة، ولاحظ القلق باديا على زوجته، ثم قام بإبلاغها، بموجب توضيح الجنود، بأن لديهم توجيهات من الجهات الأمنية، في منفذ الوديعة، بأن هذا الشخص مطلوب لديهم، ناصحا إياها، بالسفر باتجاه صنعاء، بينما المطري، "زوجها"، سيلحق بها، إلا أنها رفضت، وأصرت على أنها لن تغادر إلا بصحبة زوجها.
 
ثم بعد ذلك، قام العليي، بزيارة محمد محمد المطري، إلى مكان احتجازه، وسأله عما إذا كان هاك شخص معروف، يأتي لأخذ عائلته، ويسافر بها إلى صنعاء، حيث أعطاه رقم شخص قال إنه موجود في سيؤون، وكان الرقم مسجل في الهاتف باسم "القائد"، عرف لاحقا أنه يعني اللواء عبد الرحمن الحليلي.
 
وأضاف، أنه اتفق هو والمهندس محمد المطري، على أن يقوم بإيصال عائلته إلى العبر، على أن يقوم الشخص الذي أعطاه رقمه، بأخذهم وإيصالهم من هناك إلى صنعاء، إلا أنه حاول الاتصال بالرقم الذي أعطاه، لكنه كان مغلق، وحينها وافق المطري، على أن تسافر عائلته مع باص نقل جماعي، وبمسؤولية العليي، الذي قام بتوصية مندوب النقل في منفذ الوديعة على العائلة، والعناية بها، حتى تصل إلى صنعاء.
 
وقال العليي، إن المطري، أعطاه مبلغ ما بين 2000 إلى 3000 ريال سعودي، ليسلمها لزوجته وأولاده، كمصاريف لهم، في رحلتهم إلى صنعاء، مشيرا إلى أن ذلك هو أول وآخر لقاء بينه وبين المهندس المطري، حيث تم بعدها سفر عائلته مع أحد باصات النقل الجماعي، وفعلا وصلوا إلى صنعاء.
 
وأشار إلى أن والد المهندس المطري، قام بالتواصل معه تلفونيا، وشكره على المعروف الذي أسداه له، مؤكدا أنه يدل على أصالته، ونفاسة أصله.
 
وأضاف العليي، متحدثا لـ"مندب برس": "بعد أقل من شهر، من الحادثة، تواصل بي الوالد محمد حمود المطري، محاولا أن يعرف مكان ابنه المعتقل، فأبلغته، أنه موجود في مأرب، إلا أنه بعد بفترة، بدا كالمتخبط، وبدأ يتهمني بأن لي علاقة بخطف ابنه، حيث قلت له، مستغربا، هل يوجد خاطف، يخطف ويعطي رقمه لعائلة المخطوف !!".
 
المعتقل بريء
 
أجرينا اتصالات عديدة، بناشطين بادروا للتحرك في القضية، في محاولة منهم لكشف تفاصيل وملابسات قضية اعتقال المطري، حيث أكد لنا، ناشط حقوقي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه بذل الكثير من الجهود، والتقى بمسؤولين وقيادات في مأرب، وكذا في المقاومة الشعبية، بصنعاء.
 
ولفت إلى أنه توصل إلى أن اعتقال المطري، ليس له مبرر، مؤكدا أنه محتجز ظلما، وبدون أي تهم واضحة.
 
وأشار الناشط الحقوقي، إلى أن لديه معلومات، بأنه سيتم الإفراج عن المطري، قبيل شهر رمضان المبارك.

و "مندب برس" حاول إماطة اللثام عن جوانب من قضية المعتقل محمد المطري، إيمانا منه بأن العدالة فوق الجميع، وأن وجود الآلاف من المعتقلين في سجون المليشيا الإنقلابية، لا يبرر وجود معتقل واحد ظلما في سجون الشرعية.
شارك الخبر