يشتكي المرشدون السياحيون في صنعاء من الركود الذي شهدته الحركة السياحية منذ أن أدخل الحوثيون البلاد في حالة الفوضى، بعد أن كانوا يستقبلون يوميا ضيوفا من البلدان العربية والأجنبية المولعين بتاريخ اليمن ومعماره وحياته المتفردة ببساطتها.
ويقول أحد المرشدين السياحيين الغربيين، وضاح علي، إنه كان يستقبل يوميا سياحا قادمين من الغرب يأخذهم إلى قصر الحجر في المنطقة الشمالية من العاصمة صنعاء ليحدثهم عن تاريخ القصر والقلاع وهم يستمعون له باهتمام، لكن اليوم يمضي النهار يستذكر افتخاره بأنه كان يقدم حضارة اليمن التي كان على يقين من أن معلوماته ستنتشر بين أصدقائه وخلانه من السياح الذين التقاهم.
وتبدأ حكايات المرشدين السياحيين عن القصر من الطريق المؤدي إلى «دار الحجر»، إلى الشمال الغربي في منطقة وادي ظهر، وهو واد كبير اشتهر منذ عصور ما قبل الإسلام، وتشهد على ذلك بعض النقوش الصخرية القديمة.
ويقول المرشد أحمد الأنصاري عن رحلته مع السياح، “في منتصف الطريق يتحول الطريق من الأسفلت إلى ترابي يمر ببعض البيوت المأهولة بالسكان، والتي أقيمت على جانبي الطريق الترابي، كان الباعة الجائلون يعرضون منتجاتهم على القادمين والتي يشتهر الوادي بزراعتها من ثمار التين والإجاص والتفاح والخوخ، والكثير من بائعي نبات القات الذي يشتهر بزراعته الوادي، وجميعها تزرع في المزارع المنتشرة على ضفتي وادي حجر”.
ويختلف المرشدون السياحيون في طريقة سردهم التشويقية لتاريخ دار الحجر، لكنهم يتفقون جميعا على أن يقدموا التاريخ صحيحا كما عرفوه من مصادره، ففي عام 1736، أصدر الإمام المنصور علي بن عباس ملك اليمن، قرارا ببناء قصر بوادي الظهر أحد الأماكن الصحراوية في محافظة صنعاء باليمن فوق قمة صخرة تسمى “الغرانيتية” وأطلق عليه اسم “وادي الحجر” نسبة إلى تلك الصخرة، التي كانت تحمل قصرا قديما كان يسمى “حصن ذي سيدان”، قامت ببنائه جماعة كان يطلق عليها الحميريون عام 3000 ق. م، ولكن بعد هجوم الأتراك على الأراضي اليمنية تم تدمير الحصن بالكامل.
وكلف الملك المنصور وزيره الخاص علي بن صالح العامري بتنفيذ القرار، فقد كان محبا للهندسة
المعمارية والأدب والتأليف، لذلك قام ببناء القصر في أواخر القرن الثامن حتى يكون مقرا رئيسيا للملك صيفا. ومع التسلسل التاريخي يحاول المرشدون أن يقدموا معلومات عن التخطيط العمراني للقصر الذي يتكون من سبعة طوابق تتناسق مع التكوين الحجري لصخرة الغرانيتية، ومدخل رئيسي يتكون من جدران ضخمة شيدت من الحجر الجيري الأسود، وباب من الحديد يرتفع عن الجدران قليلا وتوجد أمامه شجرة “الطالوقة” التي يبلغ عمرها 700 عام، يؤدي إليهما درج مزدوج يحيط به سور من الأحجار المتراصة والمتلاصقة بخليط من الجير الأبيض، تعلوه مجموعة من الأشكال الهندسية التي بنيت من الجبس وتتخذ شكل نصف دائرة، بالإضافة إلى الزخارف والرسومات الموجودة على سطحه الخارجي، والرموز الأثرية التي تعبر عن الأزمنة التاريخية والأحداث التي مر بها القصر.
وبعد أن يدخل الأنصاري مع سواحه داخل سور الدار بالقرب من البوابة، حيث يوجد مبنى يسمى الملحق، يحدثهم عن الملحق الذي كان يستخدمه الملك المنصور لعقد اجتماعاته بالزائرين والقادة، وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل يتكون من طابق جدرانه من الحجر، تتخللها مجموعة من النوافذ المزودة بأغطية زجاجية ذات اتجاهين، تعلوها أعتاب جيرية زخرفت برسومات متعددة نصف دائرية، يربط بين هذا المدخل ودار الحجر ممر رصفت أرضيته بأحجار ضخمة يؤدي إلى الطابق الأول.
المرشدون السياحيون كانوا يتفقون أيضا في منهجية سرد المعلومات للسياح دون أن ينسوا قيمة الزخارف والنقوش التي كانت تزين الجدران والبيوت، فحالما يدخل السياح إلى الطابق الأول يشرح وضاح لضيوفه أن هذا الطابق يحتوي على قاعة كبرى خصصت لكبار الزوار يطلق عليها استراحة، ويشرح لهم أن حوض الماء دائري الشكل الذي يجاور الاستراحة شيد من الحجر الحبشي ذي اللون الأسود، تقابله حجرة كان يطلق عليها قديما “المفرج”، خصصت لاستقبال الضيوف من أهل الوادي وأخرى تسمى غرفة الطعام، ويتكون الطابق الثاني من مجموعة من الغرف الصغيرة، التي استخدمت منذ إنشائها لأفراد أسرة الملك الناصر عبدالله المنصور.
أحد عجائب اليمن المعمارية
ويحفظ أحمد الأنصاري تاريخ دار الحجر عن ظهر قلب، فيقول إن الطابق الثاني يحتوي على غرفة رئيسية تقع في واجهة الباب مباشرة، حيث تطل على واجهة البستان المقابلة لمدخل القصر، وتحتوي على جدران من الحجر الجيري تتوسط أحدها نافذة مربعة الشكل تعلوها رسومات وزخارف، تجاورها نافذتان صغيرتان مغطاتان بأشكال هندسية مختلفة تجاور بعضها، تعلو كلا منها زخارف تشبه قرص الشمس.
وتحيط بالقصر مجموعة جميلة من الأشجار التي يبلغ عمرها 200 عام، بالإضافة إلى مسجد الإمام وحمام بخاري خاص للإمام وحاشيته ونسائه، أما على التلة المقابلة فيوجد بناء ضخم لقائد الحرس الخاص بالإمام وأسرته.
ويقول الخبير الأثري أحمد الصياد، “قصر باب الحجر تم تشييده على النمط المعماري الصنعائي القديم، حيث يحتوي على العديد من المداخل والبوابات، مثل مداخل للرجال، ومداخل للنساء، ومداخل للعاملات، ومجالس شتوية ومجالس صيفية، كما توجد غرفة تسمى “الخلوة”، وهي مخصصة للتعبّد وقراءة القرآن”.
ويوضح أن دار الحجر تحتوي على خمس قاعات فخمة توجد في الطابق الثالث، وجميعها مربعة الشكل ويحيط بها شريط من الجير الأبيض، الموجود داخله رسومات وأشكال هندسية متعددة، وتعلو جميع الغرف فتحات صغيرة تتوسطها مربعات جيرية ملتصقة وممتدة من أعلى إلى أسفل، تفصل بينها وبين النوافذ الرئيسية أعتاب حجرية تبرز قليلا عن الجدران.
ويشير إلى الطابق الرابع الذي يحتوي على 3 غرف صغيرة شيدت على مساحة أقل من مساحة الطوابق السفلى، تعلو سقفها مجموعة من الأعمدة الحجرية التي تربط بين الجدران التي شيدت فوق السقف، وتوجد في جوانبها الأربعة زوائد حجرية تم نحتها بشكل نصف دائري مغطاة بطبقة خارجية من الجير الأبيض.
وخصص الطابق الخامس المبني على الصخر، لغرف الجواري والخادمات، وفي الطابق ذاته توجد مطاحن الحبوب الحجرية (الرحي)، كما توجد أيضا الشرفة الظاهرة في الجهة الشرقية للقصر، وتسمى شرفة “المصبانة” وهي المكان المخصص لغسيل الملابس، وتوجد بها بركة صغيرة تتجمع فيها مياه الأمطار.
وينقسم طريق الطابق الخامس إلى قسمين؛ قسم خاص يؤدي مباشرة إلى الطابق السادس، حيث الجناح الخاص بالإمام، دون أن يمر بالطابق الخامس المخصص، مع جزء من السادس، لأجنحة الحريم (نساء القصر)، ويتكون من عدة غرف للنوم وملحقاتها، مع مجلس واسع يمتاز بنوافذ لا تسمح بالرؤية من الخارج إلى الداخل.
ويتكون الجناح الخاص بالإمام من غرفة ركنية مطلة على جهتي الشرق والشمال، لتوفر جوا باردا خلال فصل الصيف، وغرفة صغيرة لها ثلاث نوافذ صغيرة، تسمى «الكمة»، حيث كان الإمام يختلي فيها بنفسه للتفكير والكتابة، كما كان يحتفظ فيها بأوراقه المهمة.
ويتكون الطابق السابع من مجلس واسع، وملحقات ومطبخ علوي وشرفة مكشوفة واسعة، ومسيجة بأشكال بيضاوية كنوافذ، منها ما يسمح بالرؤية بحرية، ومنها ما هو مخصص لإطلالة النساء، كما يوجد في زاوية الشرفة مكان مخصص للحمام الزاجل الذي كان يستخدم في المراسلات، مع توزع ثلاجات طبيعية للمياه في الأواني الفخارية في معظم الطوابق السبعة.
القصر يتميز بتصميم معماري فريد
ويتكون القصر من حديقة (البستان) ذات مساحة شاسعة تحيط بجهاته المختلفة، تتداخل مع البساتين الأخرى المحيطة لتشكل ساحة خضراء تجذب رواد القصر.
وتحتوي حديقة القصر على العديد من أشجار الفاكهة، مثل العنب والفرسك والسفرجل، وبعض الأشجار الأخرى التي تتسم بالضخامة مثل الدوم، ولكن بعد توسعة الحديقة تم التخلص من تلك الأشجار واستبدالها بأخرى نادرة تسمى أشجار “الفات”.
ويوجد داخل حديقة القصر عدد من الغرف الصغيرة، التي كان يستخدمها الملك المنصور لمتابعة النباتات، من خلال تكليف بعض الجنود بالمبيت حولها لحمايتها من هجمات الجيوش التركية، أثناء استيلاء الجيش العثماني، مما أدى إلى جفاف الأرض وموت النباتات وتهدم أجزاء من القصر.
ومع تولي زمام الحكم الإمام عبدالله المنصور بعد وفاة والده الملك المنصور، أعاد بناء قصر دار الحجر بعد انهياره مستخدما الحجر الحبشي، وهو من الأحجار الجيرية الأكثر قوة وضخامة، وأضاف إليه ثلاثة طوابق أخرى، لا تختلف في جودة وبراعة العمارة كثيرا عن التصميم المعماري للطوابق الأولى من الدار.
وسكنت قصر دار الحجر أسرة الملك المنصور بعد اكتمال بنائه مباشرة وتركته عدة سنوات بعد انهياره، ثم عادت إليه عندما تم بناؤه للمرة الثالثة على يد الملك عبدالله المنصور، حتى تولى ابنه الملك الناصر مقاليد الحكم الذي أدخل على القصر بعض الأجزاء الإضافية، مثل الساحة التي تتقدم واجهة القصر والبوابة الرئيسية المطلة على البستان.
وبعد أن توارث قصر دار الحجر العديد من الملوك في القرن العشرين تم ترميمه على يد أحدهم ويدعى الملك يحيى حميد الدين، نتيجة تعرضه للإهمال والضرب بسبب الحروب الدائرة بين اليمن وبعض الدول المجاورة حينها.
ويتميز القصر بتصميم معماري فريد، وهو ما دفع الجيش العثماني إلى الاستحواذ عليه سنوات عديدة، ليكون مقرا للحكم.
ويقول أحد المرشدين السياحيين الغربيين، وضاح علي، إنه كان يستقبل يوميا سياحا قادمين من الغرب يأخذهم إلى قصر الحجر في المنطقة الشمالية من العاصمة صنعاء ليحدثهم عن تاريخ القصر والقلاع وهم يستمعون له باهتمام، لكن اليوم يمضي النهار يستذكر افتخاره بأنه كان يقدم حضارة اليمن التي كان على يقين من أن معلوماته ستنتشر بين أصدقائه وخلانه من السياح الذين التقاهم.
وتبدأ حكايات المرشدين السياحيين عن القصر من الطريق المؤدي إلى «دار الحجر»، إلى الشمال الغربي في منطقة وادي ظهر، وهو واد كبير اشتهر منذ عصور ما قبل الإسلام، وتشهد على ذلك بعض النقوش الصخرية القديمة.
ويقول المرشد أحمد الأنصاري عن رحلته مع السياح، “في منتصف الطريق يتحول الطريق من الأسفلت إلى ترابي يمر ببعض البيوت المأهولة بالسكان، والتي أقيمت على جانبي الطريق الترابي، كان الباعة الجائلون يعرضون منتجاتهم على القادمين والتي يشتهر الوادي بزراعتها من ثمار التين والإجاص والتفاح والخوخ، والكثير من بائعي نبات القات الذي يشتهر بزراعته الوادي، وجميعها تزرع في المزارع المنتشرة على ضفتي وادي حجر”.
ويختلف المرشدون السياحيون في طريقة سردهم التشويقية لتاريخ دار الحجر، لكنهم يتفقون جميعا على أن يقدموا التاريخ صحيحا كما عرفوه من مصادره، ففي عام 1736، أصدر الإمام المنصور علي بن عباس ملك اليمن، قرارا ببناء قصر بوادي الظهر أحد الأماكن الصحراوية في محافظة صنعاء باليمن فوق قمة صخرة تسمى “الغرانيتية” وأطلق عليه اسم “وادي الحجر” نسبة إلى تلك الصخرة، التي كانت تحمل قصرا قديما كان يسمى “حصن ذي سيدان”، قامت ببنائه جماعة كان يطلق عليها الحميريون عام 3000 ق. م، ولكن بعد هجوم الأتراك على الأراضي اليمنية تم تدمير الحصن بالكامل.
وكلف الملك المنصور وزيره الخاص علي بن صالح العامري بتنفيذ القرار، فقد كان محبا للهندسة
المعمارية والأدب والتأليف، لذلك قام ببناء القصر في أواخر القرن الثامن حتى يكون مقرا رئيسيا للملك صيفا. ومع التسلسل التاريخي يحاول المرشدون أن يقدموا معلومات عن التخطيط العمراني للقصر الذي يتكون من سبعة طوابق تتناسق مع التكوين الحجري لصخرة الغرانيتية، ومدخل رئيسي يتكون من جدران ضخمة شيدت من الحجر الجيري الأسود، وباب من الحديد يرتفع عن الجدران قليلا وتوجد أمامه شجرة “الطالوقة” التي يبلغ عمرها 700 عام، يؤدي إليهما درج مزدوج يحيط به سور من الأحجار المتراصة والمتلاصقة بخليط من الجير الأبيض، تعلوه مجموعة من الأشكال الهندسية التي بنيت من الجبس وتتخذ شكل نصف دائرة، بالإضافة إلى الزخارف والرسومات الموجودة على سطحه الخارجي، والرموز الأثرية التي تعبر عن الأزمنة التاريخية والأحداث التي مر بها القصر.
وبعد أن يدخل الأنصاري مع سواحه داخل سور الدار بالقرب من البوابة، حيث يوجد مبنى يسمى الملحق، يحدثهم عن الملحق الذي كان يستخدمه الملك المنصور لعقد اجتماعاته بالزائرين والقادة، وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل يتكون من طابق جدرانه من الحجر، تتخللها مجموعة من النوافذ المزودة بأغطية زجاجية ذات اتجاهين، تعلوها أعتاب جيرية زخرفت برسومات متعددة نصف دائرية، يربط بين هذا المدخل ودار الحجر ممر رصفت أرضيته بأحجار ضخمة يؤدي إلى الطابق الأول.
المرشدون السياحيون كانوا يتفقون أيضا في منهجية سرد المعلومات للسياح دون أن ينسوا قيمة الزخارف والنقوش التي كانت تزين الجدران والبيوت، فحالما يدخل السياح إلى الطابق الأول يشرح وضاح لضيوفه أن هذا الطابق يحتوي على قاعة كبرى خصصت لكبار الزوار يطلق عليها استراحة، ويشرح لهم أن حوض الماء دائري الشكل الذي يجاور الاستراحة شيد من الحجر الحبشي ذي اللون الأسود، تقابله حجرة كان يطلق عليها قديما “المفرج”، خصصت لاستقبال الضيوف من أهل الوادي وأخرى تسمى غرفة الطعام، ويتكون الطابق الثاني من مجموعة من الغرف الصغيرة، التي استخدمت منذ إنشائها لأفراد أسرة الملك الناصر عبدالله المنصور.
أحد عجائب اليمن المعمارية
ويحفظ أحمد الأنصاري تاريخ دار الحجر عن ظهر قلب، فيقول إن الطابق الثاني يحتوي على غرفة رئيسية تقع في واجهة الباب مباشرة، حيث تطل على واجهة البستان المقابلة لمدخل القصر، وتحتوي على جدران من الحجر الجيري تتوسط أحدها نافذة مربعة الشكل تعلوها رسومات وزخارف، تجاورها نافذتان صغيرتان مغطاتان بأشكال هندسية مختلفة تجاور بعضها، تعلو كلا منها زخارف تشبه قرص الشمس.
وتحيط بالقصر مجموعة جميلة من الأشجار التي يبلغ عمرها 200 عام، بالإضافة إلى مسجد الإمام وحمام بخاري خاص للإمام وحاشيته ونسائه، أما على التلة المقابلة فيوجد بناء ضخم لقائد الحرس الخاص بالإمام وأسرته.
ويقول الخبير الأثري أحمد الصياد، “قصر باب الحجر تم تشييده على النمط المعماري الصنعائي القديم، حيث يحتوي على العديد من المداخل والبوابات، مثل مداخل للرجال، ومداخل للنساء، ومداخل للعاملات، ومجالس شتوية ومجالس صيفية، كما توجد غرفة تسمى “الخلوة”، وهي مخصصة للتعبّد وقراءة القرآن”.
ويوضح أن دار الحجر تحتوي على خمس قاعات فخمة توجد في الطابق الثالث، وجميعها مربعة الشكل ويحيط بها شريط من الجير الأبيض، الموجود داخله رسومات وأشكال هندسية متعددة، وتعلو جميع الغرف فتحات صغيرة تتوسطها مربعات جيرية ملتصقة وممتدة من أعلى إلى أسفل، تفصل بينها وبين النوافذ الرئيسية أعتاب حجرية تبرز قليلا عن الجدران.
ويشير إلى الطابق الرابع الذي يحتوي على 3 غرف صغيرة شيدت على مساحة أقل من مساحة الطوابق السفلى، تعلو سقفها مجموعة من الأعمدة الحجرية التي تربط بين الجدران التي شيدت فوق السقف، وتوجد في جوانبها الأربعة زوائد حجرية تم نحتها بشكل نصف دائري مغطاة بطبقة خارجية من الجير الأبيض.
وخصص الطابق الخامس المبني على الصخر، لغرف الجواري والخادمات، وفي الطابق ذاته توجد مطاحن الحبوب الحجرية (الرحي)، كما توجد أيضا الشرفة الظاهرة في الجهة الشرقية للقصر، وتسمى شرفة “المصبانة” وهي المكان المخصص لغسيل الملابس، وتوجد بها بركة صغيرة تتجمع فيها مياه الأمطار.
وينقسم طريق الطابق الخامس إلى قسمين؛ قسم خاص يؤدي مباشرة إلى الطابق السادس، حيث الجناح الخاص بالإمام، دون أن يمر بالطابق الخامس المخصص، مع جزء من السادس، لأجنحة الحريم (نساء القصر)، ويتكون من عدة غرف للنوم وملحقاتها، مع مجلس واسع يمتاز بنوافذ لا تسمح بالرؤية من الخارج إلى الداخل.
ويتكون الجناح الخاص بالإمام من غرفة ركنية مطلة على جهتي الشرق والشمال، لتوفر جوا باردا خلال فصل الصيف، وغرفة صغيرة لها ثلاث نوافذ صغيرة، تسمى «الكمة»، حيث كان الإمام يختلي فيها بنفسه للتفكير والكتابة، كما كان يحتفظ فيها بأوراقه المهمة.
ويتكون الطابق السابع من مجلس واسع، وملحقات ومطبخ علوي وشرفة مكشوفة واسعة، ومسيجة بأشكال بيضاوية كنوافذ، منها ما يسمح بالرؤية بحرية، ومنها ما هو مخصص لإطلالة النساء، كما يوجد في زاوية الشرفة مكان مخصص للحمام الزاجل الذي كان يستخدم في المراسلات، مع توزع ثلاجات طبيعية للمياه في الأواني الفخارية في معظم الطوابق السبعة.
القصر يتميز بتصميم معماري فريد
ويتكون القصر من حديقة (البستان) ذات مساحة شاسعة تحيط بجهاته المختلفة، تتداخل مع البساتين الأخرى المحيطة لتشكل ساحة خضراء تجذب رواد القصر.
وتحتوي حديقة القصر على العديد من أشجار الفاكهة، مثل العنب والفرسك والسفرجل، وبعض الأشجار الأخرى التي تتسم بالضخامة مثل الدوم، ولكن بعد توسعة الحديقة تم التخلص من تلك الأشجار واستبدالها بأخرى نادرة تسمى أشجار “الفات”.
ويوجد داخل حديقة القصر عدد من الغرف الصغيرة، التي كان يستخدمها الملك المنصور لمتابعة النباتات، من خلال تكليف بعض الجنود بالمبيت حولها لحمايتها من هجمات الجيوش التركية، أثناء استيلاء الجيش العثماني، مما أدى إلى جفاف الأرض وموت النباتات وتهدم أجزاء من القصر.
ومع تولي زمام الحكم الإمام عبدالله المنصور بعد وفاة والده الملك المنصور، أعاد بناء قصر دار الحجر بعد انهياره مستخدما الحجر الحبشي، وهو من الأحجار الجيرية الأكثر قوة وضخامة، وأضاف إليه ثلاثة طوابق أخرى، لا تختلف في جودة وبراعة العمارة كثيرا عن التصميم المعماري للطوابق الأولى من الدار.
وسكنت قصر دار الحجر أسرة الملك المنصور بعد اكتمال بنائه مباشرة وتركته عدة سنوات بعد انهياره، ثم عادت إليه عندما تم بناؤه للمرة الثالثة على يد الملك عبدالله المنصور، حتى تولى ابنه الملك الناصر مقاليد الحكم الذي أدخل على القصر بعض الأجزاء الإضافية، مثل الساحة التي تتقدم واجهة القصر والبوابة الرئيسية المطلة على البستان.
وبعد أن توارث قصر دار الحجر العديد من الملوك في القرن العشرين تم ترميمه على يد أحدهم ويدعى الملك يحيى حميد الدين، نتيجة تعرضه للإهمال والضرب بسبب الحروب الدائرة بين اليمن وبعض الدول المجاورة حينها.
ويتميز القصر بتصميم معماري فريد، وهو ما دفع الجيش العثماني إلى الاستحواذ عليه سنوات عديدة، ليكون مقرا للحكم.