وصل الطفل اليمني أحمد قائد، (14عاماً)، إلى مركز "حسن تامة" الطبي المجاور لمزارع القات بمديرية أرحب (50 كلم شمال العاصمة صنعاء)، بعد أن اشتدت معاناته من صعوبة التنفس، وآلام في الصدر، بدأت معه منذ عمل في رش المبيدات. يقول صديقه علاء الذي نقله إلى العيادة: "أثبتت الفحوصات أن أحمد مصاب بالتهابات حادة في الرئة". مثله علي القاسمي، (16عاما)، تباغته حالة اختناق، وصعوبة في التنفس بين فترة وأخرى، بعد أن عمل منذ عام في رش المبيدات الزراعية.
المرض يفتك بالأطفال
ستة من كل عشرة أطفال كانوا يعملون في خلط المبيدات ورشّها في مزارع القات، يعانون من أمراض الجهاز التنفسي جراء التعامل المباشر مع المبيدات الحشرية، يلي ذلك أمراض الجلد، والعيون، والالتهابات المعوية بحسب استبيان علمي أجري لصالح "العربي الجديد"، وزعه كاتب التحقيق على 100 طفل يعملون برش المبيدات في مزارع القات بمديريات (أرحب، بني حشيش، همدان) المتاخمة للعاصمة صنعاء.
83 % من بين (1.6) مليون طفل يعملون بالزراعة في اليمن وفقا لـ"المسح الوطني لعمل الأطفال"، الصادر عن وزارة العمل اليمنية، ومنظمة العمل الدولية 2010. وبحسب دراسة بعنوان "الأطفال العاملون في مزارع العائلة باليمن" الصادرة عن منظمة CHF الأميركية غير الحكومية في العام 2013، فإن (60%) من الأطفال الذين يعملون في المزارع باليمن يقومون بخلط المبيدات الحشرية ورشّها بانتظام، من دون استخدام معدات لحماية أنفسهم من التعرض لمخاطرها أثناء العمل، الأمر الذي يعرضهم للإصابة بالأمراض في ظل تراخي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، عن القيام بحمايتهم وفقا للقوانين الصادرة عنها، بحسب ما توصل إليه معد التحقيق من مشاهدات ميدانية ومقابلات في مزارع القات.
التهابات رئوية
أسبوعياً يستقبل مركز الدكتور حسن تامة الطبي، عشرات الأطفال المصابين بأمراض (الربو، والالتهابات الرئوية، والمعوية، والجلد، وحساسية في العيون) ويرجع تامة أسباب هذه الأمراض إلى عمل الأطفال برش المبيدات في مزارع القات.
ويستقبل المستشفى الواحد في مديريات (أرحب، بني حشيش، همدان) 16% من المصابين بأمراض (الجهاز التنفسي، الجلد، والعيون، والالتهابات المعوية)، نتجت عن عمل الأطفال في رش المبيدات في مزارع القات بحسب ما وثقه كاتب التحقيق في سبعة مراكز طبية حكومية وخاصة وهي (حسن، الفارس، سلامتك، الوطن الأمناء، الحياة، والروضة) تعمل في المديريات الثلاث.
وأكد أطباء أن المبيدات الحشرية تدخل إلى جسم الطفل على شكل غازات يحملها الهواء عن طريق التنفس، وهذه الغازات تذوب في السائل المخاطي المبطن للجزء العلوي من الجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى الإصابة بالتهابات حادة تنتقل مع مرور الوقت إلى الرئة وتؤدي إلى تليفها.
حالات وفاة
نظرا لعدم وجود إحصائيات رسمية لدى وزارة الصحة عن عدد المصابين بأمراض ناتجة عن العمل برش المبيدات وزع كاتب التحقيق استمارة استبيان على 100 طفل يعملون برش المبيدات في المزارع بالمديريات الثلاث لقياس الأمراض الناتجة عنه، فجاءت نسبة الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي (69%) تلتها أمراض الجلد (29%) والعيون (25%) ثم الالتهابات المعوية (16%).
وتشير دراسة "استخدام الأطفال في رش المبيدات على مزارع القات" الصادرة عن إدارة مكافحة عمالة الأطفال التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل 2004، إلى أن (82%) من الأطفال العاملين بخلط ورش المبيدات في مزارع القات يصابون بأمراض خطيرة في الجهاز التنفسي، والعيون، والجلد والالتهابات المعوية. وتوضح دراسة "الأطفال العاملين في مزارع العائلة باليمن" أن 62% من الأطفال الذين يعملون برش المبيدات في المزارع تعرضوا لأمراض خطيرة. وتؤكد الدراسة ذاتها أن طفلين توفيا بعد قيامهما برش المبيدات بشكل متكرر في مزارع القات بمحافظة تعز.
أمراض حادة
يعترف عبد الله الشيخ "مزارع قات في أرحب" بأنه يجلب أطفالا بسن 15 عاماً للعمل برش المبيدات في مزرعته. ويقول لـ"العربي الجديد": "حتى الكبار يصابون بأمراض ناتجة عن رش المبيدات في المزارع". ويضيف: "لا زلت أعاني من أمراض جلدية بسبب قيامي برش المبيدات بمزرعتي في السابق".
لكن أخصائي الأطفال في المستشفى الجمهوري التابع لوزارة الصحة اليمنية الدكتور محمد قاسم، يؤكد أن خلط ورش الأطفال للمبيدات في المزارع يعرض حياتهم للخطر أكثر من غيرهم. ويقول لـ "العربي الجديد": "أي مواد كيميائية على شكل سموم تؤثر على الأطفال لأنهم في بداية نموهم، وفي كل فترة عمرية ينمو جزء بالجهاز العصبي حتى يكتمل".
ويضيف قاسم: "غازات المبيدات الحشرية تسبب التهابات في الرئة ثم ارتشاحا ثم التليف في المرحلة النهائية، كما أن هذه الغازات تمر من الرئة وتصل إلى الأعضاء التي توجد بها من خلال مجرى الدم، مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد".
مبيدات محرمة دولياً
يؤكد الدكتور حيدرة أحمد مظلاه، أستاذ علم بيولوجيا الحشرات المساعد بجامعة عدن في دراسته "مبيدات الحشرات وعلاقتها بتلوث البيئة في اليمن" أن الطفل يتعرض للمبيد المتسرب أثناء الرش في المزرعة بنسبة 95%، مسببا له أمراضاً خطيرة.
ووفقا لما وثقه معد التحقيق فإن 800 اسم تجاري بكمية ثلاثة ملايين لتر من المبيدات الممنوعة والمحرمة استخدامها دولياً يستوردها اليمن سنوياً، "يستخدم 70% منها في زراعة القات"، بحسب الدكتور عبد الرحمن ثابت أستاذ المبيدات في كلية الزراعة جامعة صنعاء. ويقول ثابت لـ"العربي الجديد": "ثبت علمياً أن التركيز العالي لكل المبيدات الحشرية يؤدي إلى حدوث الأمراض السرطانية للأطفال العاملين برشها بدون وسائل الحماية".
دكتور الأورام في المركز الوطني لعلاج الأورام التابع لوزارة الصحة أحمد شملان يؤكد أنه عالج أطفالا مصابين بسرطان "البلعوم الأنفي" كانوا يعملون برش المبيدات في المزارع، لكنه لا يستطيع الجزم بأن تكون الإصابة لهذا السبب وحده. ويضيف شملان لـ"العربي الجديد": "نحن بحاجة لدراسة علمية لإثبات المشاكل المسببة للإصابة بالسرطان". لكن الدكتور عبد الوهاب النهمي نائب مدير المركز الوطني لعلاج الأورام التابع لوزارة الصحة قال لـ"العربي الجديد": "سجلات المركز لا تذكر أسباب الإصابة بالسرطان لكل مريض".
قوانين لا تطبق
عشرة مزارعين وثق كاتب التحقيق أحاديثهم، اعترفوا لـ"العربي الجديد" بأنهم يجلبون الأطفال للعمل برش المبيدات الحشرية في مزارعهم، دون وضع معدات تقيهم مخاطر هذه المبيدات، ويعتبرون أن سن (15 عاماً) قد تجاوزت مرحلة الطفولة.
المزارع علي محمد أحمد قال "نشغّل معنا الأطفال الذين وصلت أعمارهم (15 عاماً) وما فوق، وهؤلاء ليسوا أطفالا". لكن لائحة تحديد الأعمال المحظورة والمسموح بها للأطفال دون سن (18 عاماً) الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 2013، تحظر في مادتها السابعة على أصحاب العمل تشغيل الأطفال الذين يقل سنهم عن (18 عاماً) في أعمال لها علاقة بالكيمياويات، ورش المبيدات الزراعية والأسمدة، كونها من الأعمال الخطرة. ويقول وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لقطاع العمالة علي النصيري لـ"العربي الجديد": "وزارة العمل هي المسؤولة عن تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية، لكن ليس للوزارة سلطة عقابية".
مصابون بدون تعويضات
بخلاف ما يؤكده مزارعو القات، الذين وثق كاتب التحقيق أحاديثهم، بدفع تعويضات للأطفال الذين يصابون في المزارع بسبب قيامهم بعمل خلط ورش المبيدات الحشرية، فإن الأطفال ينفون حصولهم على تعويضات من أصحاب تلك المزارع. الطفل أحمد قائد، يتقاضى 1000 ريال (خمسة دولارات) يومياً نظير قيامه بهذا العمل الخطير، ينفي حصوله على ثمن العلاج من صاحب المزرعة التي يعمل بها، ويتحفظ عن اسم صاحب المزرعة خوفا من فقدان مصدر عيشه كما يقول.
62% من الأطفال الذين يعملون في المزارع برش المبيدات الحشرية يذهبون إلى المستشفيات والمراكز الطبية للعلاج على نفقتهم لا يحصلون على تعويضات من أصحاب المزارع بحسب الاستبيان الذي وزعه كاتب التحقيق على مائة طفل يعملون في مزارع القات.
وتلزم المادة 135 من قانون حقوق الطفل لسنة 2002، صاحب العمل في حالة إصابة الطفل الذي يعمل لديه بدفع أجوره كاملة ونفقات علاجه فضلا عن التعويض اللازم وفقا للقوانين النافذة أيا كان سبب الإصابة. وتلزم المادة 51 من قانون العمل لسنة 1995 صاحب العمل أن يقوم بإجراء الفحص الطبي كلما كانت هناك حاجة ضرورية لذلك. لكن مدير الإدارة العامة لفض المنازعات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الكهالي يقول لـ"العربي الجديد": "لاتصل إلينا شكاوى من الأطفال تفيد بعدم حصولهم على تعويضات من أصحاب المزارع بسبب الإصابات التي تلحق بهم".
ويقول المحامي فؤاد سعيد، لـ"العربي الجديد": "المادة 135 من قانون حقوق الطفل واضحة، وعليه فإن أصحاب العمل ملزمون بمنح التعويضات للأطفال المتضررين بسبب العمل معهم سواء كانوا يعملون وفقا لعقود عمل أم لا، لكن تطبيق القوانين في اليمن من المستحيلات".
المرض يفتك بالأطفال
ستة من كل عشرة أطفال كانوا يعملون في خلط المبيدات ورشّها في مزارع القات، يعانون من أمراض الجهاز التنفسي جراء التعامل المباشر مع المبيدات الحشرية، يلي ذلك أمراض الجلد، والعيون، والالتهابات المعوية بحسب استبيان علمي أجري لصالح "العربي الجديد"، وزعه كاتب التحقيق على 100 طفل يعملون برش المبيدات في مزارع القات بمديريات (أرحب، بني حشيش، همدان) المتاخمة للعاصمة صنعاء.
83 % من بين (1.6) مليون طفل يعملون بالزراعة في اليمن وفقا لـ"المسح الوطني لعمل الأطفال"، الصادر عن وزارة العمل اليمنية، ومنظمة العمل الدولية 2010. وبحسب دراسة بعنوان "الأطفال العاملون في مزارع العائلة باليمن" الصادرة عن منظمة CHF الأميركية غير الحكومية في العام 2013، فإن (60%) من الأطفال الذين يعملون في المزارع باليمن يقومون بخلط المبيدات الحشرية ورشّها بانتظام، من دون استخدام معدات لحماية أنفسهم من التعرض لمخاطرها أثناء العمل، الأمر الذي يعرضهم للإصابة بالأمراض في ظل تراخي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، عن القيام بحمايتهم وفقا للقوانين الصادرة عنها، بحسب ما توصل إليه معد التحقيق من مشاهدات ميدانية ومقابلات في مزارع القات.
التهابات رئوية
أسبوعياً يستقبل مركز الدكتور حسن تامة الطبي، عشرات الأطفال المصابين بأمراض (الربو، والالتهابات الرئوية، والمعوية، والجلد، وحساسية في العيون) ويرجع تامة أسباب هذه الأمراض إلى عمل الأطفال برش المبيدات في مزارع القات.
ويستقبل المستشفى الواحد في مديريات (أرحب، بني حشيش، همدان) 16% من المصابين بأمراض (الجهاز التنفسي، الجلد، والعيون، والالتهابات المعوية)، نتجت عن عمل الأطفال في رش المبيدات في مزارع القات بحسب ما وثقه كاتب التحقيق في سبعة مراكز طبية حكومية وخاصة وهي (حسن، الفارس، سلامتك، الوطن الأمناء، الحياة، والروضة) تعمل في المديريات الثلاث.
وأكد أطباء أن المبيدات الحشرية تدخل إلى جسم الطفل على شكل غازات يحملها الهواء عن طريق التنفس، وهذه الغازات تذوب في السائل المخاطي المبطن للجزء العلوي من الجهاز التنفسي، ما يؤدي إلى الإصابة بالتهابات حادة تنتقل مع مرور الوقت إلى الرئة وتؤدي إلى تليفها.
حالات وفاة
نظرا لعدم وجود إحصائيات رسمية لدى وزارة الصحة عن عدد المصابين بأمراض ناتجة عن العمل برش المبيدات وزع كاتب التحقيق استمارة استبيان على 100 طفل يعملون برش المبيدات في المزارع بالمديريات الثلاث لقياس الأمراض الناتجة عنه، فجاءت نسبة الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي (69%) تلتها أمراض الجلد (29%) والعيون (25%) ثم الالتهابات المعوية (16%).
وتشير دراسة "استخدام الأطفال في رش المبيدات على مزارع القات" الصادرة عن إدارة مكافحة عمالة الأطفال التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل 2004، إلى أن (82%) من الأطفال العاملين بخلط ورش المبيدات في مزارع القات يصابون بأمراض خطيرة في الجهاز التنفسي، والعيون، والجلد والالتهابات المعوية. وتوضح دراسة "الأطفال العاملين في مزارع العائلة باليمن" أن 62% من الأطفال الذين يعملون برش المبيدات في المزارع تعرضوا لأمراض خطيرة. وتؤكد الدراسة ذاتها أن طفلين توفيا بعد قيامهما برش المبيدات بشكل متكرر في مزارع القات بمحافظة تعز.
أمراض حادة
يعترف عبد الله الشيخ "مزارع قات في أرحب" بأنه يجلب أطفالا بسن 15 عاماً للعمل برش المبيدات في مزرعته. ويقول لـ"العربي الجديد": "حتى الكبار يصابون بأمراض ناتجة عن رش المبيدات في المزارع". ويضيف: "لا زلت أعاني من أمراض جلدية بسبب قيامي برش المبيدات بمزرعتي في السابق".
لكن أخصائي الأطفال في المستشفى الجمهوري التابع لوزارة الصحة اليمنية الدكتور محمد قاسم، يؤكد أن خلط ورش الأطفال للمبيدات في المزارع يعرض حياتهم للخطر أكثر من غيرهم. ويقول لـ "العربي الجديد": "أي مواد كيميائية على شكل سموم تؤثر على الأطفال لأنهم في بداية نموهم، وفي كل فترة عمرية ينمو جزء بالجهاز العصبي حتى يكتمل".
ويضيف قاسم: "غازات المبيدات الحشرية تسبب التهابات في الرئة ثم ارتشاحا ثم التليف في المرحلة النهائية، كما أن هذه الغازات تمر من الرئة وتصل إلى الأعضاء التي توجد بها من خلال مجرى الدم، مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد".
مبيدات محرمة دولياً
يؤكد الدكتور حيدرة أحمد مظلاه، أستاذ علم بيولوجيا الحشرات المساعد بجامعة عدن في دراسته "مبيدات الحشرات وعلاقتها بتلوث البيئة في اليمن" أن الطفل يتعرض للمبيد المتسرب أثناء الرش في المزرعة بنسبة 95%، مسببا له أمراضاً خطيرة.
ووفقا لما وثقه معد التحقيق فإن 800 اسم تجاري بكمية ثلاثة ملايين لتر من المبيدات الممنوعة والمحرمة استخدامها دولياً يستوردها اليمن سنوياً، "يستخدم 70% منها في زراعة القات"، بحسب الدكتور عبد الرحمن ثابت أستاذ المبيدات في كلية الزراعة جامعة صنعاء. ويقول ثابت لـ"العربي الجديد": "ثبت علمياً أن التركيز العالي لكل المبيدات الحشرية يؤدي إلى حدوث الأمراض السرطانية للأطفال العاملين برشها بدون وسائل الحماية".
دكتور الأورام في المركز الوطني لعلاج الأورام التابع لوزارة الصحة أحمد شملان يؤكد أنه عالج أطفالا مصابين بسرطان "البلعوم الأنفي" كانوا يعملون برش المبيدات في المزارع، لكنه لا يستطيع الجزم بأن تكون الإصابة لهذا السبب وحده. ويضيف شملان لـ"العربي الجديد": "نحن بحاجة لدراسة علمية لإثبات المشاكل المسببة للإصابة بالسرطان". لكن الدكتور عبد الوهاب النهمي نائب مدير المركز الوطني لعلاج الأورام التابع لوزارة الصحة قال لـ"العربي الجديد": "سجلات المركز لا تذكر أسباب الإصابة بالسرطان لكل مريض".
قوانين لا تطبق
عشرة مزارعين وثق كاتب التحقيق أحاديثهم، اعترفوا لـ"العربي الجديد" بأنهم يجلبون الأطفال للعمل برش المبيدات الحشرية في مزارعهم، دون وضع معدات تقيهم مخاطر هذه المبيدات، ويعتبرون أن سن (15 عاماً) قد تجاوزت مرحلة الطفولة.
المزارع علي محمد أحمد قال "نشغّل معنا الأطفال الذين وصلت أعمارهم (15 عاماً) وما فوق، وهؤلاء ليسوا أطفالا". لكن لائحة تحديد الأعمال المحظورة والمسموح بها للأطفال دون سن (18 عاماً) الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 2013، تحظر في مادتها السابعة على أصحاب العمل تشغيل الأطفال الذين يقل سنهم عن (18 عاماً) في أعمال لها علاقة بالكيمياويات، ورش المبيدات الزراعية والأسمدة، كونها من الأعمال الخطرة. ويقول وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لقطاع العمالة علي النصيري لـ"العربي الجديد": "وزارة العمل هي المسؤولة عن تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية، لكن ليس للوزارة سلطة عقابية".
مصابون بدون تعويضات
بخلاف ما يؤكده مزارعو القات، الذين وثق كاتب التحقيق أحاديثهم، بدفع تعويضات للأطفال الذين يصابون في المزارع بسبب قيامهم بعمل خلط ورش المبيدات الحشرية، فإن الأطفال ينفون حصولهم على تعويضات من أصحاب تلك المزارع. الطفل أحمد قائد، يتقاضى 1000 ريال (خمسة دولارات) يومياً نظير قيامه بهذا العمل الخطير، ينفي حصوله على ثمن العلاج من صاحب المزرعة التي يعمل بها، ويتحفظ عن اسم صاحب المزرعة خوفا من فقدان مصدر عيشه كما يقول.
62% من الأطفال الذين يعملون في المزارع برش المبيدات الحشرية يذهبون إلى المستشفيات والمراكز الطبية للعلاج على نفقتهم لا يحصلون على تعويضات من أصحاب المزارع بحسب الاستبيان الذي وزعه كاتب التحقيق على مائة طفل يعملون في مزارع القات.
وتلزم المادة 135 من قانون حقوق الطفل لسنة 2002، صاحب العمل في حالة إصابة الطفل الذي يعمل لديه بدفع أجوره كاملة ونفقات علاجه فضلا عن التعويض اللازم وفقا للقوانين النافذة أيا كان سبب الإصابة. وتلزم المادة 51 من قانون العمل لسنة 1995 صاحب العمل أن يقوم بإجراء الفحص الطبي كلما كانت هناك حاجة ضرورية لذلك. لكن مدير الإدارة العامة لفض المنازعات التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الكهالي يقول لـ"العربي الجديد": "لاتصل إلينا شكاوى من الأطفال تفيد بعدم حصولهم على تعويضات من أصحاب المزارع بسبب الإصابات التي تلحق بهم".
ويقول المحامي فؤاد سعيد، لـ"العربي الجديد": "المادة 135 من قانون حقوق الطفل واضحة، وعليه فإن أصحاب العمل ملزمون بمنح التعويضات للأطفال المتضررين بسبب العمل معهم سواء كانوا يعملون وفقا لعقود عمل أم لا، لكن تطبيق القوانين في اليمن من المستحيلات".