الحياةُ مليئةٌ بالصدماتِ والمفاجآتِ، وفي أحيانٍ كثيرة تُفاجِئنا بما لا يمكن أن يخطر على بالنا، ولا تتصورهُ عقولُنا، فتجهض (عِشرة العمر) وتفتكُ بالحياةِ الآمنة.
بعضنا، وربما القليل منا، يستطيع أن يتفاعل مع تلك المفاجآت بنوعٍ من التوازن، ومن أبرز هذه المفاجآت الصادمة الأمراض الخبيثة، وأمراض الدم، وحوادث السيارات وغيرها.
بيد أن ما يمكن أن يخفّف من وطأة هذه الصدمات، أننا نتوقع ممّن حولنا أنهم سيكونون خيرَ سندٍ لنا في مواجهة هذه المحنة، وترتفع نسبة الثقة بأولئك الأكثر قرباً منا والتصاقاً بنا. وعلى الرغم من وجود عديد من القصص التي تشهد على وفاء وإخلاص الإنسان، إلا أن هنالك أيضاً قصصاً تحكي عن الخيانة والألم وصدمة التخلي في لحظات الاحتياج والمساندة.
زوجٌ يتخلّى عن شريكة حياته
في البداية، تحدثت السيدة أم عبد الله، فقالت: تزوجت منذ 14 عاماً، ولديّ ثلاثة أبناء؛ أكبرهم يبلغ من العمر 12 عاما، فجأة أُصبت بالمرض اللعين وقرّر الأطباء استئصال أحد الثديين مما تسبّب في تشوّه صدري. وأضافت: تعاطف معي زوجي بشكلٍ كبيرٍ في بداية الأمر، ورغم أن الأطباء أبلغوني بإمكانية زراعة ثدي جديد، بيد أن هذا الأمر كان يحتاج بعض الوقت، وفي أثناء انتظار هذه الفترة لاحظت على زوجي أنه بدأ يتغير ويغضب ويثور على أتفه الأسباب، وبالطبع فإن التشوّه الذي لحق بصدري كان هو السبب الرئيس في هذا التحوُّل.
وتتابع الحديث عن صدمتها بقولها: رغم أني كنت أعذره بعض الشيء إلا أن الضربة القاضية جاءت عندما قال لي إنه لا يستطيع أن يكمل حياته معي بعد ما حدث لي، وأن عملية التجميل لن تغيّر من الأمر الواقع شيئاً، وخيّرني بين الطلاق أو العيش مع أبنائي، وأنه سيتكفل بكل شيء دون أن يكون لي أي حقوق أخرى، كما أخبرني أنه سيتزوج، حاولت إقناعه لكن محاولاتي باءت جميعها بالفشل، ومن ثَم لم يكن أمامي من خيار سوى البقاء مع أبنائي، وتركه يعيش حياته مع الزوجة الأخرى، لكن هذا الوضع جعلني أشعر بالقهر حتى عاودني المرض مرة أخرى.
مأساة ابنه
لقد سألنا عن عريس ابنتنا الذي يشغل منصباً مرموقاً، وكان شكله ومنطقه يشيران إلى شخصيةٍ كريمةٍ واثقة من نفسها، بل وصل الأمر بنا إلى السؤال عنه إلى درجة أن زوجي ذهب يرجو والد العريس أن يصدقه القول عمّا إذا كان ابنه يعاني مرضاً نفسياً؛ لأن هذه الأمراض لا يمكن التنبؤ بها أو كشفها إلا لدى أهل العريس أو العروس، هكذا بادرتنا إحدى السيدات بالحديث عن مأساة ابنتها.
وتضيف: بصراحة كانت لدينا مخاوف كبيرة من موضوع ظهور أي مرض، رغم قيامنا بالفحص الطبي اللازم قبل الزواج الذي أعتبره عقيماً؛ لأنه لا يظهر الأمراض التناسلية التي لا حصر لها، وتساءلت أين الفحص الطبي من هذه الأمراض؟
واختتمت بقولها: لقد تبين لنا أن عريس ابنتي مصابٌ بمرض تناسلي، ولم تخبرنا به ابنتي إلا بعد أن طفح الكيل، وبدأنا نعالج ابنتنا التي بقيت سنة كاملة تتردّد بين الأطباء وتخجل من الإفصاح عن مشكلة زوجها في حين لم يخجل هو من خداعنا وخداع نفسه.
أمراض الدم الأكثر تأثيراً
الدكتور عبد الرحيم قاري - استشاري أمراض الدم - أكّد أن الأمراض الجينية وأمراض الدم من أكثر الأمراض التي تؤثر في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، مشيراً إلى وجود عديد من الأمراض الفايروسية التي تنتج من أمراض الدم، حيث إن كثيراً من الأمراض الجينية عادةً ما تتطلب نقل دم ما يؤدي إلى انتقال فايروسات، رغم وسائل الأمان التي تتخذها بنوك الدم، وبالتالي يحدث توتر للعلاقات الجنسية بين الزوجين المصاب أحدهما.
وأوضح أن هناك عديداً من فايروسات الدم التي يمكن أن تؤثر في العلاقة الزوجية مثل فايروس الإيدز والتهاب الكبد (ب أو ج)، كما أن عديداً من الفايروسات التي لم تعرف حتى الآن تشكل مخاوف من انتقال المرض من خلال العلاقة الحميمة، لكن أغلب الأمراض إذا اكتُشفت بسرعة يصبح علاجها أفضل، فمثلاً مريض التهاب الكبد من النوع (ب) من السهل أن يقيم علاقة طبيعية مع الطرف الآخر بشرط أن يتم تطعيم الطرف الآخر باللقاح المضاد.
أمراضٌ تعجّل بالطلاق
من جهتها، كشفت الدكتورة مها العطا - استشارية طب الأسرة - أن الأمراض النفسية تُعَدُّ من أكثر الأمراض التي تؤثر في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن أساس العلاقة الناجحة في الزواج هو الصدق في إخبار الشريك بماهية هذه الأمراض؛ سواء كانت جسدية أو عقلية أو نفسية، وبالذات في الأمور التي يتعدّى ضررها الطرف الأول إلى الطرف الآخر.
وشدّدت على ضرورة احترام الخصوصية، وأن المعلومات عن الأمراض يجب أن تكون خاصّة بالطرفين، دون نشرها على الملأ مع القدرة على التعايش والعطاء والتحمُّل.
وتتساءل ماذا لو حدث المرض بعد الزواج أو تسبّب فيه أحد الطرفين؟ وتجيب بقولها: الوضع هنا يصبح صعباً، لكنه يعتمد على مدى العشرة والحب المتوافر كرصيدٍ لاستمرار العلاقة وتحمُّل التبعات، ولا شك أن التواصل وحُسن الاستماع والتعاطف، إضافة إلى المساعدة الطبية تسهم جميعها إلى حدٍّ كبيرٍ في إيجاد الحل المناسب لاستمرار الزواج، وبالذات في حالات الاكتئاب.
واعتبرت أن إنهاء العشرة بالانفصال الروحي بين الزوجين كبداية وما يتبعه من مراحل انفصال تدريجية التي تنتهي بالطلاق شيءٌ محزنٌ، بيد أن هذا الطلاق قد يكون هو الحل المتاح والخيار الوحيد في مثل هذه الحالات.
التعايش مع المرض
أما الأخصائية الاجتماعية والنفسية صفاء المصعبي، فترى أنه في مثل هذه المواقف وعندما يتعرّض طرفٌ لمشكلة صحية أو خلافه، فيجب أن نتعامل مع الموقف بمنطقية وليس بعاطفة مع الأخذ في الحسبان الناحية الإنسانية؛ شريطة ألا تكون على حساب أي طرف وألا تلحق الضرر بأحد.
وقالت إنه يجب النظر إلى عوامل عدة؛ منها أنه على الشخص المصاب أن يتذكر أن من حق الطرف الآخر أن يحيا حياةً طبيعية حسبما يرى، خاصة إن كان هذا طلبه، ومن الإنسانية أن يراعي الطرف المعافى وضع الطرف المصاب وألا يجرح مشاعره حتى لا يزيد وضعه سوءاً.
وأضافت هناك حالات تعرض أحد أطرافها لمرض وابتعد الطرف الثاني عنه، وقد جرت العادة أن معظم النساء يبقين مع أزواجهن في حالة تعرضهم لأي مرض، لأن الزوجة - بطبيعة الحال - تتحكم فيها العاطفة، وبقاء بعضهن ليس رغبة في مواصلة الحياة مع هذا الطرف بقدر ما هي قيم وأخلاق وتربية، مشيرة إلى أنه حتى الأهل كثيرا ما يلزمون بناتهن بالبقاء مع أزواجهن في مثل هذه الأوضاع، بينما هذا لا يحصل في حالة تعرُّض المرأة للموقف نفسه، بل العكس هناك بعض الأهل يرون أن من حق الرجل مواصلة حياته مع امرأة أخرى تنجب وتعطيه حقوقه كاملة، وهذا يعتمد على ثقافة الزوجين ودرجة التفاهم بينهما.
بالحُب نحيا
الاستشارية الأسرية نسرين بخاري بدأت حديثها بأنه إذا أصاب أحد الطرفين أي مكروهٍ ينبغي للطرف الآخر أن يتبع مجموعة من الخطوات أولاها الاحتواء، وثانيتها أن يشعر الطرف الآخر بالأمان وأن هذا المرض لا يعوق أو يمنع حياتهما، وثالثتها - وهو الأهم - أن يكون الحب ما زال موجوداً بين الطرفين.
وشدّدت بخاري على الشفافية والوضوح منذ بداية العلاقة الزوجية، وأن يتعرّف كل طرف إلى عيوب الآخر والأمراض التي لديه، فالشفافية هي أهم أسس الزواج الناجح، أما ما يحدث بعد الزواج فهو من قضاء الله، والوضع وقتها مختلف، لكن الحب بين الطرفين هو الأساس في استمرار العلاقة، فهناك علاقة سليمة سوية بينهما بُنيت على الحب والمودة ومراعاة الله في كل شيء، وهذا هو الأساس فلا يوجد فرقُ بين الرجل والمرأة في ذلك، ففي بعض الأحيان تجد الرجل يبقى على زوجته المريضة، بل يحزن عليها ويحاول أن ينسيها مرضها ولا يفكر في الزواج بأخرى، فالمعيار هنا هو العشرة والمودة بينهما.
وأضافت بخاري: إن الزوج إذا اختار الزواج من أخرى في حالة مرض زوجته، فهذه رخصه له والمقياس هنا هو السكينة، لذلك يرفض عديد من الزوجات الطلاق وتقبل ارتباط زوجها بأخرى؛ لأنها تشعر بالسكنى في بيتها دون غصب أو اضطرار، وهنا تلعب الاستشارات الأسرية والدورات التدريبية دوراً كبيراً في مساعدة الطرفين على تقبُّل الوضع الجديد الذي يعتبر ابتلاءً من الله تعالى وليس بيدنا تغييره.
المريض والحياة الجديدة
واعتبرت أنه من الإنسانية أن يراعي الطرف الآخر شعور الطرف المريض وألا يتخلى عنه وأن يتحلى بالصبر، لكن الصبر مع الرضا وليس الصبر مع القلق والغبن والضيق لقول الرسول عليه السلام «من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط»، أما إذا أراد أحد الزوجين - وعادة ما يكون الرجل - أن يتخلى عن زوجته في مرضها، فيجب على الزوجة أن تعمل توازناً مع نفسها ومدى مقدرتها على التفكير بطريقةٍ إيجابيةٍ وتعلي من فكرة القضاء والقدر وكل شيء بيد الله، مع التأكيد على إمكانية بدء حياة جديدة ربما تكون أفضل مما سبق، وأن تحاول أن تشغل نفسها بأشياء عديد
بعضنا، وربما القليل منا، يستطيع أن يتفاعل مع تلك المفاجآت بنوعٍ من التوازن، ومن أبرز هذه المفاجآت الصادمة الأمراض الخبيثة، وأمراض الدم، وحوادث السيارات وغيرها.
بيد أن ما يمكن أن يخفّف من وطأة هذه الصدمات، أننا نتوقع ممّن حولنا أنهم سيكونون خيرَ سندٍ لنا في مواجهة هذه المحنة، وترتفع نسبة الثقة بأولئك الأكثر قرباً منا والتصاقاً بنا. وعلى الرغم من وجود عديد من القصص التي تشهد على وفاء وإخلاص الإنسان، إلا أن هنالك أيضاً قصصاً تحكي عن الخيانة والألم وصدمة التخلي في لحظات الاحتياج والمساندة.
زوجٌ يتخلّى عن شريكة حياته
في البداية، تحدثت السيدة أم عبد الله، فقالت: تزوجت منذ 14 عاماً، ولديّ ثلاثة أبناء؛ أكبرهم يبلغ من العمر 12 عاما، فجأة أُصبت بالمرض اللعين وقرّر الأطباء استئصال أحد الثديين مما تسبّب في تشوّه صدري. وأضافت: تعاطف معي زوجي بشكلٍ كبيرٍ في بداية الأمر، ورغم أن الأطباء أبلغوني بإمكانية زراعة ثدي جديد، بيد أن هذا الأمر كان يحتاج بعض الوقت، وفي أثناء انتظار هذه الفترة لاحظت على زوجي أنه بدأ يتغير ويغضب ويثور على أتفه الأسباب، وبالطبع فإن التشوّه الذي لحق بصدري كان هو السبب الرئيس في هذا التحوُّل.
وتتابع الحديث عن صدمتها بقولها: رغم أني كنت أعذره بعض الشيء إلا أن الضربة القاضية جاءت عندما قال لي إنه لا يستطيع أن يكمل حياته معي بعد ما حدث لي، وأن عملية التجميل لن تغيّر من الأمر الواقع شيئاً، وخيّرني بين الطلاق أو العيش مع أبنائي، وأنه سيتكفل بكل شيء دون أن يكون لي أي حقوق أخرى، كما أخبرني أنه سيتزوج، حاولت إقناعه لكن محاولاتي باءت جميعها بالفشل، ومن ثَم لم يكن أمامي من خيار سوى البقاء مع أبنائي، وتركه يعيش حياته مع الزوجة الأخرى، لكن هذا الوضع جعلني أشعر بالقهر حتى عاودني المرض مرة أخرى.
مأساة ابنه
لقد سألنا عن عريس ابنتنا الذي يشغل منصباً مرموقاً، وكان شكله ومنطقه يشيران إلى شخصيةٍ كريمةٍ واثقة من نفسها، بل وصل الأمر بنا إلى السؤال عنه إلى درجة أن زوجي ذهب يرجو والد العريس أن يصدقه القول عمّا إذا كان ابنه يعاني مرضاً نفسياً؛ لأن هذه الأمراض لا يمكن التنبؤ بها أو كشفها إلا لدى أهل العريس أو العروس، هكذا بادرتنا إحدى السيدات بالحديث عن مأساة ابنتها.
وتضيف: بصراحة كانت لدينا مخاوف كبيرة من موضوع ظهور أي مرض، رغم قيامنا بالفحص الطبي اللازم قبل الزواج الذي أعتبره عقيماً؛ لأنه لا يظهر الأمراض التناسلية التي لا حصر لها، وتساءلت أين الفحص الطبي من هذه الأمراض؟
واختتمت بقولها: لقد تبين لنا أن عريس ابنتي مصابٌ بمرض تناسلي، ولم تخبرنا به ابنتي إلا بعد أن طفح الكيل، وبدأنا نعالج ابنتنا التي بقيت سنة كاملة تتردّد بين الأطباء وتخجل من الإفصاح عن مشكلة زوجها في حين لم يخجل هو من خداعنا وخداع نفسه.
أمراض الدم الأكثر تأثيراً
الدكتور عبد الرحيم قاري - استشاري أمراض الدم - أكّد أن الأمراض الجينية وأمراض الدم من أكثر الأمراض التي تؤثر في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، مشيراً إلى وجود عديد من الأمراض الفايروسية التي تنتج من أمراض الدم، حيث إن كثيراً من الأمراض الجينية عادةً ما تتطلب نقل دم ما يؤدي إلى انتقال فايروسات، رغم وسائل الأمان التي تتخذها بنوك الدم، وبالتالي يحدث توتر للعلاقات الجنسية بين الزوجين المصاب أحدهما.
وأوضح أن هناك عديداً من فايروسات الدم التي يمكن أن تؤثر في العلاقة الزوجية مثل فايروس الإيدز والتهاب الكبد (ب أو ج)، كما أن عديداً من الفايروسات التي لم تعرف حتى الآن تشكل مخاوف من انتقال المرض من خلال العلاقة الحميمة، لكن أغلب الأمراض إذا اكتُشفت بسرعة يصبح علاجها أفضل، فمثلاً مريض التهاب الكبد من النوع (ب) من السهل أن يقيم علاقة طبيعية مع الطرف الآخر بشرط أن يتم تطعيم الطرف الآخر باللقاح المضاد.
أمراضٌ تعجّل بالطلاق
من جهتها، كشفت الدكتورة مها العطا - استشارية طب الأسرة - أن الأمراض النفسية تُعَدُّ من أكثر الأمراض التي تؤثر في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن أساس العلاقة الناجحة في الزواج هو الصدق في إخبار الشريك بماهية هذه الأمراض؛ سواء كانت جسدية أو عقلية أو نفسية، وبالذات في الأمور التي يتعدّى ضررها الطرف الأول إلى الطرف الآخر.
وشدّدت على ضرورة احترام الخصوصية، وأن المعلومات عن الأمراض يجب أن تكون خاصّة بالطرفين، دون نشرها على الملأ مع القدرة على التعايش والعطاء والتحمُّل.
وتتساءل ماذا لو حدث المرض بعد الزواج أو تسبّب فيه أحد الطرفين؟ وتجيب بقولها: الوضع هنا يصبح صعباً، لكنه يعتمد على مدى العشرة والحب المتوافر كرصيدٍ لاستمرار العلاقة وتحمُّل التبعات، ولا شك أن التواصل وحُسن الاستماع والتعاطف، إضافة إلى المساعدة الطبية تسهم جميعها إلى حدٍّ كبيرٍ في إيجاد الحل المناسب لاستمرار الزواج، وبالذات في حالات الاكتئاب.
واعتبرت أن إنهاء العشرة بالانفصال الروحي بين الزوجين كبداية وما يتبعه من مراحل انفصال تدريجية التي تنتهي بالطلاق شيءٌ محزنٌ، بيد أن هذا الطلاق قد يكون هو الحل المتاح والخيار الوحيد في مثل هذه الحالات.
التعايش مع المرض
أما الأخصائية الاجتماعية والنفسية صفاء المصعبي، فترى أنه في مثل هذه المواقف وعندما يتعرّض طرفٌ لمشكلة صحية أو خلافه، فيجب أن نتعامل مع الموقف بمنطقية وليس بعاطفة مع الأخذ في الحسبان الناحية الإنسانية؛ شريطة ألا تكون على حساب أي طرف وألا تلحق الضرر بأحد.
وقالت إنه يجب النظر إلى عوامل عدة؛ منها أنه على الشخص المصاب أن يتذكر أن من حق الطرف الآخر أن يحيا حياةً طبيعية حسبما يرى، خاصة إن كان هذا طلبه، ومن الإنسانية أن يراعي الطرف المعافى وضع الطرف المصاب وألا يجرح مشاعره حتى لا يزيد وضعه سوءاً.
وأضافت هناك حالات تعرض أحد أطرافها لمرض وابتعد الطرف الثاني عنه، وقد جرت العادة أن معظم النساء يبقين مع أزواجهن في حالة تعرضهم لأي مرض، لأن الزوجة - بطبيعة الحال - تتحكم فيها العاطفة، وبقاء بعضهن ليس رغبة في مواصلة الحياة مع هذا الطرف بقدر ما هي قيم وأخلاق وتربية، مشيرة إلى أنه حتى الأهل كثيرا ما يلزمون بناتهن بالبقاء مع أزواجهن في مثل هذه الأوضاع، بينما هذا لا يحصل في حالة تعرُّض المرأة للموقف نفسه، بل العكس هناك بعض الأهل يرون أن من حق الرجل مواصلة حياته مع امرأة أخرى تنجب وتعطيه حقوقه كاملة، وهذا يعتمد على ثقافة الزوجين ودرجة التفاهم بينهما.
بالحُب نحيا
الاستشارية الأسرية نسرين بخاري بدأت حديثها بأنه إذا أصاب أحد الطرفين أي مكروهٍ ينبغي للطرف الآخر أن يتبع مجموعة من الخطوات أولاها الاحتواء، وثانيتها أن يشعر الطرف الآخر بالأمان وأن هذا المرض لا يعوق أو يمنع حياتهما، وثالثتها - وهو الأهم - أن يكون الحب ما زال موجوداً بين الطرفين.
وشدّدت بخاري على الشفافية والوضوح منذ بداية العلاقة الزوجية، وأن يتعرّف كل طرف إلى عيوب الآخر والأمراض التي لديه، فالشفافية هي أهم أسس الزواج الناجح، أما ما يحدث بعد الزواج فهو من قضاء الله، والوضع وقتها مختلف، لكن الحب بين الطرفين هو الأساس في استمرار العلاقة، فهناك علاقة سليمة سوية بينهما بُنيت على الحب والمودة ومراعاة الله في كل شيء، وهذا هو الأساس فلا يوجد فرقُ بين الرجل والمرأة في ذلك، ففي بعض الأحيان تجد الرجل يبقى على زوجته المريضة، بل يحزن عليها ويحاول أن ينسيها مرضها ولا يفكر في الزواج بأخرى، فالمعيار هنا هو العشرة والمودة بينهما.
وأضافت بخاري: إن الزوج إذا اختار الزواج من أخرى في حالة مرض زوجته، فهذه رخصه له والمقياس هنا هو السكينة، لذلك يرفض عديد من الزوجات الطلاق وتقبل ارتباط زوجها بأخرى؛ لأنها تشعر بالسكنى في بيتها دون غصب أو اضطرار، وهنا تلعب الاستشارات الأسرية والدورات التدريبية دوراً كبيراً في مساعدة الطرفين على تقبُّل الوضع الجديد الذي يعتبر ابتلاءً من الله تعالى وليس بيدنا تغييره.
المريض والحياة الجديدة
واعتبرت أنه من الإنسانية أن يراعي الطرف الآخر شعور الطرف المريض وألا يتخلى عنه وأن يتحلى بالصبر، لكن الصبر مع الرضا وليس الصبر مع القلق والغبن والضيق لقول الرسول عليه السلام «من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط»، أما إذا أراد أحد الزوجين - وعادة ما يكون الرجل - أن يتخلى عن زوجته في مرضها، فيجب على الزوجة أن تعمل توازناً مع نفسها ومدى مقدرتها على التفكير بطريقةٍ إيجابيةٍ وتعلي من فكرة القضاء والقدر وكل شيء بيد الله، مع التأكيد على إمكانية بدء حياة جديدة ربما تكون أفضل مما سبق، وأن تحاول أن تشغل نفسها بأشياء عديد