الرئيسية / تقارير وحوارات / هل تعصف الخلافات بتحالف الحوثي وصالح قبل المعركة الأخيرة؟
هل تعصف الخلافات بتحالف الحوثي وصالح قبل المعركة الأخيرة؟

هل تعصف الخلافات بتحالف الحوثي وصالح قبل المعركة الأخيرة؟

30 يناير 2016 08:43 صباحا (يمن برس)

ست حروب خاضها نظام المخلوع صالح ضد مليشيا الحوثي في معقلهم بصعدة تحفظت عليها قوى سياسية وحقوقيون، ووصفها آخرون بحرب استنزاف وإهلاك لكل التشكيلات العسكرية التي لا ترتبط بنجله مباشرة، حيث كان يدير التشكيل العسكري المتحوث مؤخراً "الحرس الجمهوري".

ومع أن تلك الحروب كانت قراراً خاصاً بصالح أكثر من كونه صادراً من مؤسسات دستورية في البلاد، إلا أن إعلام النظام حينها كان يصف الحوثيين بالخارجين عن النظام والقانون، لكن ما لبث أن وضع يده في يدهم بعدما نجحت المبادرات السياسية التي أفضت إليها ثورة الشباب في إبعاده عن الحكم بعد أكثر من ثلاثة عقود، وزاد تحالف الحوثي وصالح قوة مع التقدم الذي أحرزته الحكومة التوافقية في طريق بناء الدولة المدنية الحديثة والقضاء على رموز الفساد في البلاد وتهيئة المناخ أمام مستقبل مشرق في اليمن.

المتابعون للأحداث في اليمن رأوا في حملة الاغتيالات التي شهدتها العاصمة صنعاء خلال الأسابيع القليلة الفائتة، إعلاناً ضمنياً للخلافات بين الطرفين، حيث اغتيلت قيادات أمنية وشخصيات قبلية وسط العاصمة التي يحكم الطرفان السيطرة عليها، ولم يتم الإعلان عن الجهة المنفذة، فيما ألصقت محاولة اغتيال لأحد القيادات الأمنية الحوثية بما أسماه البيان "أمير ولاية صنعاء"، في إشارة إلى ربطه بتنظيم القاعدة.

- أعداء المشروع الوطني

القيادي في المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، عبد الكريم حسين ثعيل، استبعد أن تعصف الخلافات بتحالف الحوثي وصالح؛ إذ يرى أنهم "مجرمون" يواجهون مصيرهم المشترك، فهم عصابات من القتلة واللصوص والمفسدين، وقليل منهم من المغرر بهم، وجميعهم يستميتون ضد المشروع الوطني خوفاً من أن تنهي دولة النظام والقانون أحلامهم في نهب البلد.

ويضيف ثعيل في حديث خاص لـ"الخليج أونلاين"، أن جماعات وعصابات الانقلاب متناقضة ومتناحرة منذ نشأتها قبل عقود، وقد تحاربت وتقاتلت، وما يجمع الانقلابيين اليوم مجرد خطة مشتركة لهم يسعون من خلالها لاغتيال المشروع الوطني الذي سيوقف عبثهم وجرمهم وسيقضي على أطماعهم ويحاسبهم ويعاقبهم ويرمي بهم في مزبلة التاريخ.

ويرى ثعيل أن زعماء جماعات الانقلاب تتعمد التخلص من تشكيلاتها وقيادات تنظيماتها لتدفن فضائحهم، فيما جاء المشروع الوطني ليقضي على أطماعهم وهو يعالج أمراضاً مزمنة خطيرة خلفتها قرون من السلالية الاستبدادية البغيضة، لكن بعون الله ثم بحكمة وعظمة الشعب اليمني وقياداته الحكيمة، وبمساعدة أشقائه في مجلس التعاون الخليجي وإخوانه العرب والمسلمين، بل وقوى الخير الإنسانية في العالم أجمع، سيتم القضاء عليهم.

ومع ذلك، فإن آراء متابعين أخذت منحى آخر في تفسير ما ظهر على السطح من خلافات، على الرغم من أنها وصلت إلى حد الحديث الصريح الذي ظهر في كتابات من يسمون "أعضاء في اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين، حيث فسر بعض المتابعين ما يجري على أنه مجرد مسرحية جديدة أخرجها المطبخ الإعلامي لصالح والحوثي؛ بهدف إيصال رسائل متعددة لأطراف محلية وإقليمية، وخداع الليبراليين في حزب المؤتمر ممن تحفظوا على تآمر صالح مع عصابة الحوثيين على اليمن وتدمير مدنه عبر تسليمه لإيران، كما قالت مصادر مؤتمرية موالية للشرعية إن صالح يحاول بمراوغاته المعهودة إيهام الرأي العام المحلي والعربي بوجود خلافات مع الحوثيين لغرض تقديم حزبه في المرحلة المقبلة خصوصاً في حال نجحت الحلول السلمية.

- تحالف مصلحة

ومع أنه لم تظهر في خطابات زعيمي التحالف ما يشير إلى خلافات، إلا أن صالح وإعلامه خصص مساحة واسعة لمليشيا الحوثي في حين لا تتطرق آلة الإعلام الحوثية إلى خطابات صالح أو اهتمامات أنصاره، لكن الخلاف ظهر جلياً في أوساط قواعدهم الشعبية، حيث شهدت الأسبوع الفائت مشادات بين عناصر حوثية مع أنصار صالح ، مرة في نقطة أمنية عندما أبعد الحوثيون صورة المخلوع من النقطة، ومرة أخرى بإقدام أحد مندوبي الحوثي في جامعة صنعاء على تمزيق لوحة احتفالية أقامها أنصار المخلوع "وفاء له"، وفي إب وسط اليمن اختطف الحوثيون بعض أنصارهم من حزب المؤتمر كما قُتل قياديون، وشهدت محافظة عمران حملة اعتقالات مشابهة.

عبد الله إسماعيل، الباحث والمحلل السياسي، سرد في حديثه الخاص لـ"الخليج أونلاين"، توقع كثير من المراقبين مبكراً أن تتفكك جبهة الانقلابيين؛ نظراً لطبيعة هذا التحالف الذي تشكل على أساس مصلحي وتكتيكي، واختلاف نظرة كل طرف إلى أغراضه منه، ففي حين أرادت جماعة الإرهاب الحوثية استخدام علي صالح والقوى المرتبطة به عسكرياً وقبلياً لتنفيذ مشروعها في إسقاط الدولة واختطاف القرار السياسي، مع بقاء علي صالح عدواً استراتيجياً وهدفاً مستقبلياً، رأى صالح أن يستخدم الحوثيين كوسيلة للقضاء على خصومه السياسيين والانتقام من رموز ثورة 2011 التي أسقطته، بالإضافة إلى ضمان بقائه في المشهد السياسي وعودة نجله إلى الحكم حتى لو تخلى عن بعض الامتيازات والمرجعيات للجماعة.

ويرى إسماعيل أن الحوثيين لعبوا اللعبة بذكاء أكبر من صالح، وذلك يعود إلى طبيعة الجماعة العقائدية، وبعدها الإقليمي، ومشروعها الذي عملت عليه مبكراً، ورغم التنازلات التي قدمتها جبهة صالح منذ البداية فإن توغل الحوثي واستلابه القرار داخل التحالف الانقلابي بدأ بإبراز الخلافات إلى السطح بشكل أوضح، مع أن تلك الخلافات لم تتوقف منذ ما بعد إسقاط صنعاء وإعلان الحوثيين ما أسموه "الإعلان الدستوري"، بما يعني إنهاء أهم ورقة لدى صالح وهي البرلمان الذي عول عليه صالح كثيراً في استعادة المبادرة ومسك خيوط اللعبة.

ويضيف إسماعيل أن ما يجمع الحوثي وصالح حالياً ليس ما جمعهما سابقاً، حيث اعتقد تراجع المصلحة، وبروزاً أكثر لرابط الخطر والمصير المشترك والنهاية الواحدة، لكن يبقى الفارق بين البعد الفكري للطرفين هو المسيطر على مستقبل هذا التحالف الهش، ففي الوقت التي لن تتوقف الجماعة عن استهداف الطرف الآخر كما هو واضح الآن، سيحاول صالح اللعب براغماتياً وربما البحث عن مخارج ومسارات آمنة بعيدة عن الحليف الحوثي وهو ما نشاهده الآن في تصريحاته التي تغازل بعض دول التحالف وتواصله منفرداً مع الروس للبحث عن اتفاق ما بعيداً عن الحوثيين، وذلك كله سيرشح العلاقة بينهما أكثر للتوتر وربما الانفجار.

 

شارك الخبر