الرئيسية / تقارير وحوارات / الحوثيون لسكان صنعاء: الرضوخ أو التنكيل
الحوثيون لسكان صنعاء: الرضوخ أو التنكيل

الحوثيون لسكان صنعاء: الرضوخ أو التنكيل

23 يناير 2016 02:41 صباحا (يمن برس)

يصارع الإعلامي اليمني “محمد. ر” منذ أكثر من 5 أشهر، ألم فراق أسرته التي يرى أن فراقها له خير من بقائها قلقة طوال الوقت تنتظر خبر اختطافه من قبل المتمردين الحوثيين المسيطرين على العاصمة اليمنية صنعاء منذ أكثر من عام، بعد أن ورد اسمه في قائمة الإعلاميين المطلوبين للمتمردين.

قرر الثلاثيني محمد في منتصف أغسطس/ آب الماضي، ترك صنعاء بعد أن ملّ من التخفي عن أنظار الحوثيين، ليتجه نحو عدن، جنوبي اليمن، التي تحررت من المتمردين وقوات الرئيس المخلوع صالح منتصف يوليو/ تموز من العام الماضي، وتمكن من التملص من الحواجز المرورية التي نصبها المتمردون طوال الطريق العام، بهوية مزورة، ليستقر بعض الوقت عند زميل له، قبل أن ينتقل إلى مكان آخر داخل المدينة الساحلية.

يتحدث لشبكة إرم الإخبارية وقد بدا عليه التأثر :”غادرت صنعاء بعد أن ورد اسمي في لائحة المطلوبين بسبب معارضتي للحوثيين، وبعد أن أصبحت المليشيات تمارس اعتقال الصحفيين جهارا نهارا، تركت أمي وأطفالي الثلاثة وزوجتي وبقية أفراد أسرتي، لأعيش في هذه المدينة على أمل أن تنتهي الحرب وأتمكن من العودة إليها”.

يمتزج شعوره بالخوف والشوق، عند متابعته لأخبار صنعاء، المنهكة بانقطاع متواصل للتيار الكهربائي مصاحب لأزمة في مياه الشرب، وارتفاع للأسعار وانعدام للمشتقات النفطية كباقي مدن البلاد التي ما تزال في قبضة المتمردين، ويصاب بالقلق على مصير عائلته كل ما تحدثت وسائل الإعلام عن قرب معركة تحرير صنعاء.

المدينة المكرهة
يقول الكاتب، سياف الغرباني، إن الحوثيين يدركون، أكثر من غيرهم، أن الأمنية الأكثر مداعبة لسكان صنعاء، هي انزياح الكابوس المتجسد في الميليشيات الحوثية، وطي حقبة من العبث بحياتهم.

ويضيف في حديثه لشبكة إرم الإخبارية أن “الميليشيات فشلت في انتزاع نزر ولو يسير من قبول الشارع، ولذلك لجأت إلى الأساليب العنيفة، لفرض وجودها، وارغام الناس على التسليم بسلطة الأمر الواقع تحت ضغط قوة السلاح. وبالتالي صنعاء، بشكل عام، ليست متعايشة مع ميليشيات الحوثيين، بالمعنى الأشمل للتعايش، والحاصل، أن هناك مجاميع فاشية تحصر خيارات السكان، بمنطق الغلبة، بين أمرين: الرضوخ أو التنكيل”.

موضحا أن “صنعاء (المدينة) تتعايش مكرهة مع الحوثيين، وليس عن قبول أو قناعة ولو بمستويات متدنية، باستثناء أقلية سكانية تؤيد الجماعة بحكم المذهب والأيدلوجياً أو لاعتبارات متصلة بالمصالح والانتفاع. لكن، ما هو ثابت لدى كثير من اليمنيين، أن وجود مسلحي الحوثي في العاصمة صنعاء، لا يقل عن وجود مقاتلي تنظيم القاعدة أو داعش في أي من المدن اليمنية الأخرى، التي تشهد نشاطاً لعناصر التنظيمات المتطرفة. والفارق الوحيد، أنها هذه التنظيمات تمارس الإرهاب من موقع العصابة المسلحة، بينما تمارسه ميليشيات الحوثيين، من موقع الدولة، وبإمكاناتها المالية والعسكرية”.

الانتهاكات
ذكر مركز صنعاء الحقوقي، في تقرير صدر بعد مرور عام من سيطرة الحوثيين على صنعاء، أن “(4850) بينها (93) حادثة قتل عمد لمدنيين، وليسوا مقاتلين، بينهم امرأتان، وأكثر من (1281) جريحاً، برصاص الحوثيين أو براجع مضادات الطيران، و (1725) حادثة اختطاف، قُتل أربعة منهم تحت التعذيب، بينهم (محام) طالب الحوثيين بوقف الاختطافات، كما لا يزال مصير معظم المختطفين مجهولاً، بينهم وزراء في الحكومة اليمنية، وقادة سياسيون وعسكريون جرى اختطافهم على مدار العام المنصرم، ويوجد (13) صحافياً يتعرضون للتعذيب في أحد سجونهم بالعاصمة صنعاء.”

ويشير التقرير الذي رصدته وحدة الرصد بالمركز، إلى أن “عدد المباني والمنشآت التي تم تفجيرها (94) منزلا ومسجدا ودار قرآن، فيما جرى تفجير قرية كاملة (الجنادبة) في مديرية أرحب شمالي صنعاء، وتم اقتحام (340) منشأة حكومية وخاصة وتعرضت (180) للنهب، واقتحم الحوثيون (329) منزلا من منازل خصومهم بحثاً عن معارضين لهم لاختطافهم، فيما جرى نهب وسرقة (123) منها، ونهب (49) مزرعة، و (48) سيارة، و (5) دراجات نارية”.

في حين تعرضت (26) مؤسسة تعليمية حكومية وخاصة للنهب إما جرى التمركز فيها وتحويلها إلى مقار لمسلحيهم أو جرى تحويلها إلى “مخازن للسلاح”، واقتحم الحوثيون (28) مؤسسة إعلامية بين صحيفة وتلفزيون حكومي أو أهلي، وحجبت (61) موقعا الكترونيا داخل البلاد عبر سيطرتهم على شركة “يمن نت” مزود الخدمة الوحيد في اليمن التابع لوزارة الإتصالات بحسب التقرير.

واتهم عضو المكتب السياسي والناطق باسم الحوثيين السابق، علي البخيتي، الجماعة بالفساد المالي وتدمير موارد اليمن، وأن الجماعة تسعة لإعادة اليمن إلى ما قبل الدولة.

بدوره، كشف نائب رئيس البلاد ورئيس الحكومة، خالد بحاح، أن عبث المليشيا نتج عنه عُجوزات كبيرة في الموازين الاقتصادية، حيث بلغت الأرصدة المسحوبة من البنك المركزي في صنعاء نحو تريليون و500 مليار ريال يمني بنهاية 2015 بعد أن قُيدت قرضا مباشرا على حساب عام الحكومة.

مؤكداً في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” الثلاثاء الماضي، أن “المليشيا استخدمت جزء أساسيا من هذه المبالغ لتغطية عملياتها الحربية ضد أبناء الشعب تحت مبرر أنها نفقات أجور ومرتبات”.

موضحا أن “ميزان المدفوعات سجل عجزاً كبيرا حيث انخفض حتياطي اليمن من النقد الأجنبي من 2ر5 مليار دولار في سبتمبر 2014م إلى نحو 3ر2 مليار دولار في نهاية 2015م يتضمن الوديعة السعودية البالغة مليار دولار”.

بانتظار الفرج
تكثفت الغارات الجوية من قبل طائرات التحالف العربي المشترك في الآونة الأخيرة، ربما تمهيدا لدخول القوات الشرعية والجيش الوطني التي وصلت إلى مشارف المدينة إلى صنعاء، وهو ما يأمله الكثير من أهالي وسكان العاصمة اليمنية، لينهي ذلك قرابة عام من الحرب المستمرة.

المحلل السياسي، نجيب غلاب، يعتقد أن “كل المؤشرات تؤكد ان الحرب لن تتوقف حتى يتم انهاء الانقلاب واستعادة الدولة وكمال استعادتها بنزع سلاح الميليشيا الحوثية.”

وقال :”إما ان تستسلم الحركة الحوثية لقرارات مجلس الامن ويتم تنفيذ بنوده، او انقلاب داخلي ينهي سيطرتها وهذا الامر لن يكون ما لم تتوحد قوى الصف الجمهوري.”

وأضاف :”في حالة فشل الخيارين السابقين يصبح إنهاك الحوثية ومن معها عبر عمليات استنزاف طويلة خيار اجباري، وهذا الخيار يتطلب التنسيق مع قبائل اعالي اليمن وتفكيك كتلة الانقلاب فاغلب المنخرطين فيه تتناقض مصالحهم وعقائدهم السياسية مع الحوثية.”

شارك الخبر