أغلقت مراكز الاقتراع في اليمن أبوابها الثلاثاء بعد إقبال كثيف في معظم المناطق على أول انتخابات رئاسية تجري في اليمن، بعد إعلان الرئيس علي عبدالله صالح، تخليه عن السلطة، بعدما قاد البلاد لما يقرب من 35 عاماً، وأكدت اللجنة العليا للانتخابات نفاد بطاقات الاقتراع نتيجة الإقبال الشديد في عدد من المراكز بعدن وتعز والمهرة.
وأكدت اللجنة أن العملية الانتخابية سارت بهدوء في جميع الدوائر الانتخابية الـ 301 دائرة انتخابية باستثناء حدوث بعض الإشكاليات التي رافقت الساعات الأولى من عملية الاقتراع في تسع دوائر انتخابية نتيجة عرقلة وصول اللجان وصناديق الاقتراع إليها.
كما أشارت إلى أن اللجان الأمنية تعاملت مع بعض أنصار "الحراك" في المحافظات الجنوبية والحوثيين في صعدة بطريقة ايجابية رغم حدوث بعض الاعتداءات على صناديق الاقتراع.
وبينما كانت ناخبة في السبعين من عمرها تحاول أن تمنع الدموع في عينيها، قالت المرأة وتدعى حليمة ، بعدما أدلت بصوتها في المركز الانتخابي "أ" بالدائرة 19 في العاصمة صنعاء: "جئت إلى هنا اليوم لأرشح رئيساً لليمن.. لا أريد أن نكون مثل قطيع الغنم بلا راع."
كما ذكر أحد عناصر الأمن المكلفين بحراسة المركز "ن" في الدائرة 18، طلب عدم ذكر اسمه، أنه لم يكن يتوقع الإقبال الذي شهدته الدائرة، مشيراً إلى الناخبين يتوافدون على المركز الانتخابي منذ الصباح، وأكد أنه لم يسمع بحدوث أي خروقات أمنية.
أما "أم عبدة"، وهي في الثلاثين من عمرها، أدلت بصوتها في المركز "ج" بالدائرة الثالثة، فقالت: "ليس بالضرورة من ننتخب اليوم، وإنما بالضرورة أن ننتخب، لتجنيب اليمن الكوارث، ونحدد نقطة انطلاق ليمن جديد.. وعلينا جميعاً أن نفكر في حياتنا ومستقبل أولادنا وليس بزعمائنا."
من جانبها، وصفت شفيعة السراجي، عضو المجلس المحلي، إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع بأنه "تجسيد للحكمة اليمانية، وتغليب العقل ومصلحة الوطن، والترفع عن المهاترات"، وأضافت أن "كثيراً من النساء والرجال رسموا اليوم لوحة حب ووفاء لليمن، ولليمن فقط."
كما أشار أحد العاملين في اللجان الانتخابية بالدائرة الثامنة، يُدعى أسامة، يبلغ 25 عاماً، إلى نفاذ بطاقات الاقتراع في المركز الانتخابي، بسبب الإقبال "غير المتوقع" من قبل الناخبين، وأضاف أنه تم طلب الحصول على بطاقات إضافية.
وكانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها أمام الناخبين في مختلف المحافظات اليمنية اعتباراً من الثامنة من صباح الثلاثاء، لإجراء أول انتخابات رئاسية، بعد إعلان صالح، تخليه عن السلطة، بموجب مبادرة خليجية، تضمن للرئيس "المتنحي"، وأسرته، وأركان نظامه، الذين ما زال معظمهم يتمتع بنفوذ بالغ، عدم ملاحقتهم قضائياً.
وقبل قليل من فتح مراكز الاقتراع أمام الناخبين، أصدرت السفارة اليمنية في العاصمة الأمريكية واشنطن، بياناً أكدت فيه، على لسان الناطق باسمها محمد الباشا، التزام الشعب والحكومة اليمنيين بمواصلة إجراءات الانتقال السلمي للسلطة.
وأشار البيان، إلى أن من بين تلك الإجراءات إعداد دستور جديد للجمهورية اليمنية، وإعادة تشكيل قيادة الجيش وتحديث القوات المسلحة، بالإضافة إلى المضي قدماً بمزيد من الإصلاحات السياسية.
وخاض الانتخابات مرشح التوافق الوطني، عبدربه منصور هادي، كمرشح وحيد، استناداً لما نصت عليه المبادرة الخليجية، التي وقعت عليها مختلف الأطراف السياسية اليمنية، في العاصمة السعودية الرياض، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والمدعومة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 للعام 2011.
وجرت الانتخابات وسط مقاطعة مناطق في صعدة شمالي البلاد، حيث يرفض "الحوثيون"، الذين خاضوا ست حروب مع الحكومة المركزية، المشاركة في الاقتراع، كما تتواجد دعوات واسعة للمقاطعة من قبل التيارات الجنوبية التي تطالب بالانفصال عن الشمال.
ويرى عدد من المراقبين أن فرصة وجود رئيس جديد من الجنوب لأول مرة، هو عبدربه منصور هادي، إلى جانب رئيس وزراء من الجنوب أيضاً، هو محمد سالم باسندوة، قد يمثل فرصة كبيرة لإجراء مصالحة واسعة النطاق مع التيارات الجنوبية.