تقوم البعثات الدبلوماسية بدور هام في نطاق العلاقات الدولية، فهي تمثل الدولة المرسلة لدى الدولة المستقبلة وتتفاوض معها في كل ما يهم الدولتين، وتتولى مراقبة تنفيذ الدولة المستقبلة لإلتزاماتها التي تخص الدولة المرسلة وتتبع الحوادث فيها بجميع الوسائل المشروعة وإبلاغ الدولة المرسلة بكل ما يهمها أن تكون على علم به، وحماية رعاياها إذا وقع إعتداء عليهم أو على أموالهم، والعمل على تدعيم حسن الصلات وعلى إرساء وتوطيد العلاقات الإقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولتين.
ويعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية هو أقصى تعبير عن مدى سوء العلاقة بين البلدين، فهو لا يتم إلا في أحوال بالغة السوء والتوتر بين دولتين ، ولقطع العلاقات الدبلوماسية أسباب كثيرة منها ما هي قانونية تتعلق بالاهانة المباشرة لبلد ما، إما بناءا على تصرفات وسلوكيات أعضاء البعثة الدبلوماسية المخالفة للأعراف والقوانين، ففي هذه الحالة تعتبر الدولة المعتمدة لديها أن هؤلاء الدبلوماسيين غير مرغوب فيهم وتطلب استدعائهم وذلك بموجب المادة 9 من اتفاقية فيينا لسنة 1961 حيث يجب أن يغادروا بكل احترام حسب منطوق المواد 39 و44 من الاتفاقية.
و إذا لم تلتزم الدولة بذلك ولجأت إلى الطرد فان ذلك يعتبر اهانة لمبعوث دبلوماسي مما يؤدي إلى عمل مماثل وقطع العلاقات الدبلوماسية، ومن الأمثلة على ذلك حادث إلقاء القنبلة على البعثة السوفيتية في تل أبيب من قبل متظاهرين سنة1953 حيث أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والاتحاد السوفيتي.
ومنها ما هي سياسية تتعلق بوجود خلاف أساسي في الخط الاديولوجي أو السياسي، كما حصل سنة 1962 عندما قطعت السنغال علاقتها الدبلوماسية مع البرتغال بسبب الانتهاكات المتكررة لحرمة الأقاليم وكذلك بسبب سياسة البرتغال الاستعمارية. ومنها ما تتعلق بالحرب.
إن قطع لا العلاقات الدبلوماسية بين دولة وأخرى تترتب عليه مجموعة من النتائج والآثار القانونية ليس فقط بتوقيف نشاط البعثة نهائيا، وإقفالها بالكامل بالنسبة للدولة التي اتخذت هذا الإجراء، بل يتعلق أيضا بتوقيت وانتهاء نشاط البعثة الدبلوماسية للدولة التي تلقت هذا الإجراء، أي بمعنى أخر أن هذا الإجراء لا يمس فقط نشاط البعثة وأعضائها لكلا الدولتين، بل يؤثر سابا على نشاط الدولتين المعنيتين ككل،وهذا ما يظهر من خلال الآثار التي تترتب على قرار القطع سواء أكان على صعيد البعثة أو أعضائها، أم على صعيد الرعايا وبقية العلاقات الأخرى.
وفي هذا الصدد نود أن نشير إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة أخرى يمكن أن يكون في إطار تكتل سياسي( مثال الدول العربية عندما قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع كل من فرنسا وبريطانيا بسبب العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956،قطع الأردن ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب زيارة شارون للمسجد الأقصى سنة 2000 وقد تم إعادة هذه العلاقات في اجتماع شرم الشيخ سنة 2005)وفي إطار منظمة دولية (مثال دعوة الأمم المتحدة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايطاليا بسبب الحرب على إثيوبيا وذلك تطبيقا للمادة 19 من النظام الأساسي للعصبة، كما أن المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة تسمح لمجلس الأمن اتخاذ تدابير تهدف إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وكمثال على ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسبانيا في عهد فرانكو 1946 وجنوب إفريقيا 1963 بسبب نهجها سياسة الفصل العنصري)، أما في الإطار الإقليمي فقد دعت جامعة الدول العربية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا الاتحادية اثر اعترافها بكوبا سنة 1965.