يضع طرفا الانقلاب في اليمن، حركة "أنصار الله" (الحوثيين) ورجال الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كافة الاستعدادات العسكرية والتنظيمية لمواجهة المعركة المرشحة للانتقال إلى صنعاء خصوصاً، فضلاً عن المناطق الأخرى التي تطبق المليشيات سيطرتها عليها، مثل صعدة وعمران. وقد تمكنت "العربي الجديد" من الوصول إلى معلومات تفصيلية حول آخر الاستعدادات العسكرية والأمنية واللوجستية والتنظيمية التي أنجزت في الساعات الماضية تحت عنوان غرفة العمليات الخاصة بالمواجهة الكبرى، وتلك التي فشل تحالف الطرفين في التوصل إليها.
وعلمت "العربي الجديد" أن أعضاء كباراً في حزب "المؤتمر الشعبي العام" بزعامة صالح وممثلين لحركة "أنصار الله"، فشلوا الأسبوع الماضي في تشكيل مجلس أعلى موسع للدفاع عن العاصمة صنعاء، من اجتياح محتمل من قبل قوات الشرعية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. وبحسب المعلومات التي استقتها "العربي الجديد" من مصادر على اطلاع بما يدور في غرفة عمليات المتمردين، فإن الرئيس اليمني المخلوع، ورغم هذا الفشل، نجح في فرض نجله الأوسط العقيد خالد علي عبدالله صالح، في عضوية مجلس قيادة مصغّر برئاسة وزير دفاعه الأسبق عبدالملك السياني، المعروف بموالاته للحركة الحوثية، وعضوية اللواء زكريا الشامي، القيادي العسكري في الحركة.
كما نجح في إشراك اثنين من أبناء أخيه الراحل محمد عبدالله صالح في مهمتين رفيعتي المستوى أمنياً وعسكرياً، بحيث تم إشراك العميد عمار محمد عبدالله صالح في الإشراف الأمني على العاصمة، صنعاء، بالاشتراك مع قيادي حوثي بارز، وإشراك العميد طارق محمد عبدالله صالح في قيادة أحد المحاور العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية من اليمن نائباً للواء محمد الحاوري، قائد المنطقة المعيّن بقرار سابق من الرئيس هادي.
وكانت المنطقة العسكرية نفسها تحت قيادة اللواء علي محسن، مستشار الرئيس هادي حالياً لشؤون الأمن والدفاع. وكان مشروع صالح الأساسي يهدف إلى تشكيل مجلس قيادة عسكري موسع ليكون بديلاً عن اللجنة الثورية العليا برئاسة محمد علي الحوثي، الذي أصبح في نظر أنصاره بمثابة رئيس جمهورية بديل للرئيس هادي، الذي بدأت سلطات التمرد في صنعاء إجراءات محاكمته مع عدد من كبار مساعديه. وعزت مصادر "العربي الجديد" الفشل في تشكيل مجلس أعلى للقيادة إلى تشدّد قادة ما يسمى بكتائب الحسين ومعظمهم من"أبناء شهداء حرب صعدة الأولى الذين لا يظهرون إعلامياً، ولكنهم صنّاع القرار الحقيقي في الحركة المسلّحة، ولم يتمكنوا وجدانياً من تناسي ثأرهم الدفين مع صالح الذي يعتبرونه المسؤول الأول عن تغييب آبائهم عن الحياة قبل أكثر من عشر سنوات".
وبحسب ما أكد المصدر، الذي تقتضي الدواعي الأمنية التحفّظ على هويته، فإن المشار إليهم "يهيمنون على مفاصل القرار العسكري والسياسي في الحركة الحوثية، ومعظمهم تدرب في إيران وفي لبنان مع عناصر حزب الله اللبناني، وكذلك في أرتيريا بإشراف مدربين من بلدان مختلفة". ويعتبر المصدر أن الكتائب التي يقودها هؤلاء "هي التشكيلات المنظمة الأكثر قوة مقارنة مع التشكيلات القبلية لمليشيا الحوثي"، مضيفاً أن "تدريب ضباط وأفراد تلك الكتائب أصبح الآن قريب الشبه بتدريب ألوية الحرس الجمهوري النظامي الموالي للمخلوع صالح".
نجل صالح الأوسط
وفي محاولة من القيادات العليا الموالية لكل من صالح والحوثي لكبح جماح الخلافات الميدانية المتفاقمة بين قطبي التمرد، عقدت قيادات عسكرية وأمنية خلال الأيام الماضية اجتماعات ماراثونية تم الاتفاق في ختامها على تشكيل قيادتين تنفيذيتين؛ إحداهما عسكرية وأخرى أمنية. تتوليان أداء مهمة أساسية واحدة هي نقل التوجيهات الصادرة من صالح والأوامر الصادرة من الحوثي بما يضمن التنسيق بين الطرفين وتلافي التضارب أو التضاد بين تعليمات هذا وأوامر ذاك.
وبحسب المعلومات، فإنه جرى الاتفاق على تشكيل القيادة العسكرية التنفيذية على هيئة مجلس عسكري مصغّر برئاسة اللواء عبدالملك السياني وعضوية كل من اللواء زكريا الشامي والعقيد خالد علي عبدالله صالح.
اللواء السياني هو وزير سابق للدفاع وقائد أركان سابق في نظام صالح. ينتمي إلى سنحان، قبيلة الرئيس المخلوع، ومعروف بتعاطفه مع الحركة الحوثية منذ وقت مبكر من نشوئها، الأمر الذي جعله أكثر العسكريين اليمنيين قبولاً لدى قطبي التمرّد. ولا تخلو علاقة معسكر صالح مع معسكر الحوثي من التنافس أو التضاد في حالات كثيرة سيكون من مهام السياني العمل على منع تفاقمها.
ويبدو أن المجلس العسكري التنفيذي المصغّر برئاسة السياني سيتولى نقل وتنسيق التوجيهات الصادرة من صالح والحوثي إلى القيادات الميدانية في مختلف الجبهات العسكرية، بما يضمن تناسق التعليمات وانسجامها أو على الأقل عدم تناقضها أثناء "حرب الدفاع عن صنعاء".
وعلى هذا الأساس، سيكون التواصل بين السياني والحوثي عبر زكريا الشامي، فيما يتم تواصل السياني مع المخلوع صالح عبر نجله الأوسط خالد، ليتمكن السياني من أداء مهمة الغربلة والتنسيق بين التعليمات والأوامر وتلافي الإرباكات التي ظلت سائدة طوال التسعة أشهر الماضية.
وكشفت تسريبات حول ما دار في الاجتماعات بأن المخلوع والحوثي يتحسبان أن تصبح معاقلهما في صعدة وصنعاء مسرحاً لعمليات برية تسندها قوات التحالف العربي، وهو ما قد يؤدي إلى إحباط خطط سابقة لهما بنقل مسرح العمليات النوعية والاغتيالات إلى الجنوب والعمل على استعادة الجنوب (من أبنائه)، أو تحرير الجنوب من "العملاء"، بحسب تعبير إعلام الحلف الثنائي.
وتشمل خطط الانقلاب جميع مناطق ومحافظات اليمن بما فيها المنطقة الجنوبية الغربية والمناطق الوسطى التي تم تشكيل قيادة عسكرية لها برئاسة اللواء مهدي مقولة وعضوية العميدين عبدالله ضبعان وعبدالله الحاكم، والإعلامي عبده الجندي والشيخ القبلي عبدالواحد صالح. كما تم تثبيت اللواء عوض بن فريد العولقي في قيادة محور البيضاء ـ شبوة في وجود معاونين له من "أنصار الله"، وما يسمى باللجان الشعبية. وفي المنطقة الشمالية الغربية، محور تهامة الخوخة، يتولى قائد المنطقة اللواء محمد يحي الحاوري قيادة المعارك العسكرية فيها، على أن يعاونه في ذلك أركان حربه العميد طارق محمد عبدالله صالح.
أما المنطقة الشرقية المتمثلة في مأرب والجوف، فإن الخطط أصبحت دفاعية لحماية صنعاء ولم تعد هجومية بما في ذلك في صرواح والمناطق المواجهة لمقاتلي الشرعية من عشائر الجدعان في مأرب. ويتولى متطوعو اللجان الشعبية وكتائب "أنصار الله" دفة القيادة في المنطقة الشرقية تساندهم كتيبة من الأمن المركزي الموالي لصالح ولواء من الحرس الجمهوري متمركز حالياً في نهم بيت دهرة هو اللواء 63.
ويرابط كذلك اللواء السابع حرس جمهوري في خولان الطيال. ويعتقد المتمردون في صنعاء أن أبناء قبائل خولان سيدعمون هذا اللواء، وهو ما لا تضمنه تقلبات القيادات القبلية، إذ إن القوات الموالية للشرعية باتت لها مواطئ قدم في محافظة صنعاء نفسها، لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن مركز العاصمة.
ومن أهم القرارات الميدانية التي خرجت بها المشاورات القيادية بين قطبي التمرد، تكليف أبناء قبيلة حرف سفيان بتأمين محافظة عمران الواقعة إلى الشمال من مدينة صنعاء، بدعم ومساعدة اللجان الأمنية. ومن المعروف أن قبيلة سفيان بمختلف بطونها وتفرعاتها تنتمي إلى تجمع بكيل القبلي، في حين أن من يُتوَقّع مناصرتهم للشرعية في عمران ينتمون لتجمع قبائل حاشد التي يقودها كبير مشائخ حاشد صادق عبدالله الأحمر.
وبحسب التسريبات، فإنه جرى تكليف قيادة من الوحدات الموالية للمخلوع صالح في القوات الخاصة والحرس الجمهوري والأمن المركزي بمحاولة التوغل في الأراضي السعودية بالتعاون مع مليشيات حوثية ومتطوعين من أبناء بعض القبائل اليمنية.
وتفيد تسريبات غرفة عمليات التمرد، بأن حلف المتمردين الثنائي لا يزال يملك قوة صاروخية عمادها صواريخ سكود وتشوكا والقاهر ومنظومات صاروخية أخرى يزعم المتمردون أنها ستدخل الخدمة، دون وجود ما يدعم صحة هذه المزاعم التي من المرجح أنها تصب في إطار الحرب النفسية ليس إلا.
استعدادات أمنية لصنعاء
على الصعيد الأمني، جرت إعادة تشكيل اللجنة الأمنية العليا برئاسة اللواء جلال الرويشان، وزير الداخلية المقال من حكومة بحاح، وعضوية 32 آخرين من القيادات الأمنية الموالية للرئيس المخلوع وممثلين عن حركة "أنصار الله" واللجان الشعبية، فضلاً عن مندوبين يمثلون ما يسمى بمجلس التلاحم القبلي.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن القرار الأمني الذي ظل طوال الفترة الماضية بيد الحوثيين، أصبح لأتباع صالح دور فيه من خلال تقسيم العمل داخل اللجنة الأمنية، حيث تم الاتفاق على إناطة مختلف المهام الأمنية داخل العاصمة بكل من العميد عمار محمد عبدالله صالح، أحد أنجال شقيق المخلوع صالح، بالشراكة مع رئيس المجلس السياسي ﻷنصار الله صالح الصماط. ولعل هذه الشراكة جاءت نتاجاً لوجود الوزير الرويشان، المحسوب على صالح أكثر ممّا هو مقرّب من الحوثي، في رئاسة اللجنة الأمنية.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، من مصادر عليمة خاصة، بظهور بصمات الوزير الرويشان وتوجهاته الفعلية على جملة من القرارات التي خرجت بها غرفة العمليات المشتركة، في ما يتعلق بالجانب الأمني والتنفيذي. فقد اتفق المجتمعون على تقليص صلاحيات اللجنة الثورية برئاسة محمد علي الحوثي لتصبح ذات مهام مؤقتة لتصريف شوؤن البلاد والرقابة والمتابعة فقط.
وأُسندت إلى أمين عام رئاسة الجمهورية المهام المناطة برئيس الحكومة إلى جانب تكليف كل القائمين بأعمال الوزراء بتصريف شؤون وزاراتهم مع منح كل منهم درجة نائب رئيس وزراء ومخصصات الدرجة.
وتقرر خلال الاجتماع الذي عقد بغرفة عمليات سرية، تفويض السلطات المحلية في كل المحافظات، بالأعمال والمهام الإدارية، بإشراف ومتابعة اللجنة الثورية العليا، باستثناء محافظتي تعز وإب اللتين تقرر انسحاب اللجان الثورية منهما، وتحميل السلطة المحلية في كل منهما مسؤولية تسيير شؤون المحافظتين، وفقاً للدستور اليمني.
وبالنسبة لتصريف الشؤون الإدارية لأمانة العاصمة صنعاء، فقد تقرر تكليف أمين جمعان القيام بأعمال عبدالقادر هلال، عمدة العاصمة الرسمي ورئيس بلديتها، الذي يعتقد أنه فر من صنعاء إلى الرياض قبل أن يستقر في أنقرة.
ومن المفارقات أن أنصار المخلوع صالح في ختام كل اجتماع لهم مع نظرائهم الحوثيين المتهمين بسعيهم لإعادة نظام الإمامة إلى اليمن، ينجحون في الحصول على إعلان تمسك شكلي مشترك بأهداف الثورتين، ثورة 26 سبتمبر/ أيلول التي أنهت النظام الإمامي عام 1962، وثورة 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، والتي يعتقد اليمنيون أنها مهّدت لاستقلال جنوب بلادهم عن بريطانيا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، فضلاً عن التمسك بوحدة 22 مايو/ أيار 1990، التي يعتقد الجنوبيون أنها قادت لاحتلال محافظاتهم في 7 يوليو/ تموز 1994.
وإلى جانب ذلك، فإن أنصار صالح يعلنون موافقتهم على استكمال ما يسمى بثورة الفساد في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، تاريخ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، دون إدراك من أنصار صالح أن اعترافهم بثورة ضد الفساد هو اعتراف بفسادهم، وأن الثورة قامت أصلاً ضدهم. كما يجبر أنصار صالح على إعلان استقلال الجمهورية اليمنية بصيغة غامضة.
"العربي الجديد"
وعلمت "العربي الجديد" أن أعضاء كباراً في حزب "المؤتمر الشعبي العام" بزعامة صالح وممثلين لحركة "أنصار الله"، فشلوا الأسبوع الماضي في تشكيل مجلس أعلى موسع للدفاع عن العاصمة صنعاء، من اجتياح محتمل من قبل قوات الشرعية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. وبحسب المعلومات التي استقتها "العربي الجديد" من مصادر على اطلاع بما يدور في غرفة عمليات المتمردين، فإن الرئيس اليمني المخلوع، ورغم هذا الفشل، نجح في فرض نجله الأوسط العقيد خالد علي عبدالله صالح، في عضوية مجلس قيادة مصغّر برئاسة وزير دفاعه الأسبق عبدالملك السياني، المعروف بموالاته للحركة الحوثية، وعضوية اللواء زكريا الشامي، القيادي العسكري في الحركة.
كما نجح في إشراك اثنين من أبناء أخيه الراحل محمد عبدالله صالح في مهمتين رفيعتي المستوى أمنياً وعسكرياً، بحيث تم إشراك العميد عمار محمد عبدالله صالح في الإشراف الأمني على العاصمة، صنعاء، بالاشتراك مع قيادي حوثي بارز، وإشراك العميد طارق محمد عبدالله صالح في قيادة أحد المحاور العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية من اليمن نائباً للواء محمد الحاوري، قائد المنطقة المعيّن بقرار سابق من الرئيس هادي.
وكانت المنطقة العسكرية نفسها تحت قيادة اللواء علي محسن، مستشار الرئيس هادي حالياً لشؤون الأمن والدفاع. وكان مشروع صالح الأساسي يهدف إلى تشكيل مجلس قيادة عسكري موسع ليكون بديلاً عن اللجنة الثورية العليا برئاسة محمد علي الحوثي، الذي أصبح في نظر أنصاره بمثابة رئيس جمهورية بديل للرئيس هادي، الذي بدأت سلطات التمرد في صنعاء إجراءات محاكمته مع عدد من كبار مساعديه. وعزت مصادر "العربي الجديد" الفشل في تشكيل مجلس أعلى للقيادة إلى تشدّد قادة ما يسمى بكتائب الحسين ومعظمهم من"أبناء شهداء حرب صعدة الأولى الذين لا يظهرون إعلامياً، ولكنهم صنّاع القرار الحقيقي في الحركة المسلّحة، ولم يتمكنوا وجدانياً من تناسي ثأرهم الدفين مع صالح الذي يعتبرونه المسؤول الأول عن تغييب آبائهم عن الحياة قبل أكثر من عشر سنوات".
وبحسب ما أكد المصدر، الذي تقتضي الدواعي الأمنية التحفّظ على هويته، فإن المشار إليهم "يهيمنون على مفاصل القرار العسكري والسياسي في الحركة الحوثية، ومعظمهم تدرب في إيران وفي لبنان مع عناصر حزب الله اللبناني، وكذلك في أرتيريا بإشراف مدربين من بلدان مختلفة". ويعتبر المصدر أن الكتائب التي يقودها هؤلاء "هي التشكيلات المنظمة الأكثر قوة مقارنة مع التشكيلات القبلية لمليشيا الحوثي"، مضيفاً أن "تدريب ضباط وأفراد تلك الكتائب أصبح الآن قريب الشبه بتدريب ألوية الحرس الجمهوري النظامي الموالي للمخلوع صالح".
نجل صالح الأوسط
وفي محاولة من القيادات العليا الموالية لكل من صالح والحوثي لكبح جماح الخلافات الميدانية المتفاقمة بين قطبي التمرد، عقدت قيادات عسكرية وأمنية خلال الأيام الماضية اجتماعات ماراثونية تم الاتفاق في ختامها على تشكيل قيادتين تنفيذيتين؛ إحداهما عسكرية وأخرى أمنية. تتوليان أداء مهمة أساسية واحدة هي نقل التوجيهات الصادرة من صالح والأوامر الصادرة من الحوثي بما يضمن التنسيق بين الطرفين وتلافي التضارب أو التضاد بين تعليمات هذا وأوامر ذاك.
وبحسب المعلومات، فإنه جرى الاتفاق على تشكيل القيادة العسكرية التنفيذية على هيئة مجلس عسكري مصغّر برئاسة اللواء عبدالملك السياني وعضوية كل من اللواء زكريا الشامي والعقيد خالد علي عبدالله صالح.
اللواء السياني هو وزير سابق للدفاع وقائد أركان سابق في نظام صالح. ينتمي إلى سنحان، قبيلة الرئيس المخلوع، ومعروف بتعاطفه مع الحركة الحوثية منذ وقت مبكر من نشوئها، الأمر الذي جعله أكثر العسكريين اليمنيين قبولاً لدى قطبي التمرّد. ولا تخلو علاقة معسكر صالح مع معسكر الحوثي من التنافس أو التضاد في حالات كثيرة سيكون من مهام السياني العمل على منع تفاقمها.
ويبدو أن المجلس العسكري التنفيذي المصغّر برئاسة السياني سيتولى نقل وتنسيق التوجيهات الصادرة من صالح والحوثي إلى القيادات الميدانية في مختلف الجبهات العسكرية، بما يضمن تناسق التعليمات وانسجامها أو على الأقل عدم تناقضها أثناء "حرب الدفاع عن صنعاء".
وعلى هذا الأساس، سيكون التواصل بين السياني والحوثي عبر زكريا الشامي، فيما يتم تواصل السياني مع المخلوع صالح عبر نجله الأوسط خالد، ليتمكن السياني من أداء مهمة الغربلة والتنسيق بين التعليمات والأوامر وتلافي الإرباكات التي ظلت سائدة طوال التسعة أشهر الماضية.
وكشفت تسريبات حول ما دار في الاجتماعات بأن المخلوع والحوثي يتحسبان أن تصبح معاقلهما في صعدة وصنعاء مسرحاً لعمليات برية تسندها قوات التحالف العربي، وهو ما قد يؤدي إلى إحباط خطط سابقة لهما بنقل مسرح العمليات النوعية والاغتيالات إلى الجنوب والعمل على استعادة الجنوب (من أبنائه)، أو تحرير الجنوب من "العملاء"، بحسب تعبير إعلام الحلف الثنائي.
وتشمل خطط الانقلاب جميع مناطق ومحافظات اليمن بما فيها المنطقة الجنوبية الغربية والمناطق الوسطى التي تم تشكيل قيادة عسكرية لها برئاسة اللواء مهدي مقولة وعضوية العميدين عبدالله ضبعان وعبدالله الحاكم، والإعلامي عبده الجندي والشيخ القبلي عبدالواحد صالح. كما تم تثبيت اللواء عوض بن فريد العولقي في قيادة محور البيضاء ـ شبوة في وجود معاونين له من "أنصار الله"، وما يسمى باللجان الشعبية. وفي المنطقة الشمالية الغربية، محور تهامة الخوخة، يتولى قائد المنطقة اللواء محمد يحي الحاوري قيادة المعارك العسكرية فيها، على أن يعاونه في ذلك أركان حربه العميد طارق محمد عبدالله صالح.
أما المنطقة الشرقية المتمثلة في مأرب والجوف، فإن الخطط أصبحت دفاعية لحماية صنعاء ولم تعد هجومية بما في ذلك في صرواح والمناطق المواجهة لمقاتلي الشرعية من عشائر الجدعان في مأرب. ويتولى متطوعو اللجان الشعبية وكتائب "أنصار الله" دفة القيادة في المنطقة الشرقية تساندهم كتيبة من الأمن المركزي الموالي لصالح ولواء من الحرس الجمهوري متمركز حالياً في نهم بيت دهرة هو اللواء 63.
ويرابط كذلك اللواء السابع حرس جمهوري في خولان الطيال. ويعتقد المتمردون في صنعاء أن أبناء قبائل خولان سيدعمون هذا اللواء، وهو ما لا تضمنه تقلبات القيادات القبلية، إذ إن القوات الموالية للشرعية باتت لها مواطئ قدم في محافظة صنعاء نفسها، لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن مركز العاصمة.
ومن أهم القرارات الميدانية التي خرجت بها المشاورات القيادية بين قطبي التمرد، تكليف أبناء قبيلة حرف سفيان بتأمين محافظة عمران الواقعة إلى الشمال من مدينة صنعاء، بدعم ومساعدة اللجان الأمنية. ومن المعروف أن قبيلة سفيان بمختلف بطونها وتفرعاتها تنتمي إلى تجمع بكيل القبلي، في حين أن من يُتوَقّع مناصرتهم للشرعية في عمران ينتمون لتجمع قبائل حاشد التي يقودها كبير مشائخ حاشد صادق عبدالله الأحمر.
وبحسب التسريبات، فإنه جرى تكليف قيادة من الوحدات الموالية للمخلوع صالح في القوات الخاصة والحرس الجمهوري والأمن المركزي بمحاولة التوغل في الأراضي السعودية بالتعاون مع مليشيات حوثية ومتطوعين من أبناء بعض القبائل اليمنية.
وتفيد تسريبات غرفة عمليات التمرد، بأن حلف المتمردين الثنائي لا يزال يملك قوة صاروخية عمادها صواريخ سكود وتشوكا والقاهر ومنظومات صاروخية أخرى يزعم المتمردون أنها ستدخل الخدمة، دون وجود ما يدعم صحة هذه المزاعم التي من المرجح أنها تصب في إطار الحرب النفسية ليس إلا.
استعدادات أمنية لصنعاء
على الصعيد الأمني، جرت إعادة تشكيل اللجنة الأمنية العليا برئاسة اللواء جلال الرويشان، وزير الداخلية المقال من حكومة بحاح، وعضوية 32 آخرين من القيادات الأمنية الموالية للرئيس المخلوع وممثلين عن حركة "أنصار الله" واللجان الشعبية، فضلاً عن مندوبين يمثلون ما يسمى بمجلس التلاحم القبلي.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن القرار الأمني الذي ظل طوال الفترة الماضية بيد الحوثيين، أصبح لأتباع صالح دور فيه من خلال تقسيم العمل داخل اللجنة الأمنية، حيث تم الاتفاق على إناطة مختلف المهام الأمنية داخل العاصمة بكل من العميد عمار محمد عبدالله صالح، أحد أنجال شقيق المخلوع صالح، بالشراكة مع رئيس المجلس السياسي ﻷنصار الله صالح الصماط. ولعل هذه الشراكة جاءت نتاجاً لوجود الوزير الرويشان، المحسوب على صالح أكثر ممّا هو مقرّب من الحوثي، في رئاسة اللجنة الأمنية.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، من مصادر عليمة خاصة، بظهور بصمات الوزير الرويشان وتوجهاته الفعلية على جملة من القرارات التي خرجت بها غرفة العمليات المشتركة، في ما يتعلق بالجانب الأمني والتنفيذي. فقد اتفق المجتمعون على تقليص صلاحيات اللجنة الثورية برئاسة محمد علي الحوثي لتصبح ذات مهام مؤقتة لتصريف شوؤن البلاد والرقابة والمتابعة فقط.
وأُسندت إلى أمين عام رئاسة الجمهورية المهام المناطة برئيس الحكومة إلى جانب تكليف كل القائمين بأعمال الوزراء بتصريف شؤون وزاراتهم مع منح كل منهم درجة نائب رئيس وزراء ومخصصات الدرجة.
وتقرر خلال الاجتماع الذي عقد بغرفة عمليات سرية، تفويض السلطات المحلية في كل المحافظات، بالأعمال والمهام الإدارية، بإشراف ومتابعة اللجنة الثورية العليا، باستثناء محافظتي تعز وإب اللتين تقرر انسحاب اللجان الثورية منهما، وتحميل السلطة المحلية في كل منهما مسؤولية تسيير شؤون المحافظتين، وفقاً للدستور اليمني.
وبالنسبة لتصريف الشؤون الإدارية لأمانة العاصمة صنعاء، فقد تقرر تكليف أمين جمعان القيام بأعمال عبدالقادر هلال، عمدة العاصمة الرسمي ورئيس بلديتها، الذي يعتقد أنه فر من صنعاء إلى الرياض قبل أن يستقر في أنقرة.
ومن المفارقات أن أنصار المخلوع صالح في ختام كل اجتماع لهم مع نظرائهم الحوثيين المتهمين بسعيهم لإعادة نظام الإمامة إلى اليمن، ينجحون في الحصول على إعلان تمسك شكلي مشترك بأهداف الثورتين، ثورة 26 سبتمبر/ أيلول التي أنهت النظام الإمامي عام 1962، وثورة 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، والتي يعتقد اليمنيون أنها مهّدت لاستقلال جنوب بلادهم عن بريطانيا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، فضلاً عن التمسك بوحدة 22 مايو/ أيار 1990، التي يعتقد الجنوبيون أنها قادت لاحتلال محافظاتهم في 7 يوليو/ تموز 1994.
وإلى جانب ذلك، فإن أنصار صالح يعلنون موافقتهم على استكمال ما يسمى بثورة الفساد في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، تاريخ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، دون إدراك من أنصار صالح أن اعترافهم بثورة ضد الفساد هو اعتراف بفسادهم، وأن الثورة قامت أصلاً ضدهم. كما يجبر أنصار صالح على إعلان استقلال الجمهورية اليمنية بصيغة غامضة.
"العربي الجديد"