تساهم الحرب والعادات المحافظة في إضعاف المرأة أكثر في اليمن، حتى باتت معدومة الفرص محملة بالكثير من الهموم والمسؤوليات التي لا يعترف المجتمع بها. ولعلّ أكثر فئات النساء استضعافاً الأرملة المعيلة لأطفالها. فمع حرمانها من إرث زوجها غالباً، ترث مسؤولياته وديونه في بلاد تعيش ضائقة اقتصادية شديدة.
وتساهم الحرب بدورها في زيادة عدد الأرامل بسرعة. ومع معاناة النساء أكثر من الرجال من الأمّية وغيرها من المشاكل الاجتماعية، فإنّ فرصة النساء الأرامل تبقى محدودة أكثر من غيرهن حتى.
وتضطر الأرامل للبحث عن فرص عمل في وقت لا يملكن فيه مهارات إلّا في مجالات محدودة يمقتها المجتمع، مثل الخدمة في المنازل، أو نبش القمامة بحثاً عما يمكن بيعه أو استهلاكه، أو التسول.
لدى نور حسن (46 عاماً) ستة أطفال. فقدت زوجها عامل البناء في تفجير انتحاري في العاصمة صنعاء في منتصف مارس/آذار الماضي. وهو ما جعلها تنفق كل ما تبقى من مدخراته في كلفة الدفن ومراسم العزاء. تتلقى مساعدات بسيطة، فالجميع يهتم بنفسه بسبب الحرب. وتقول لـ"العربي الجديد": "لم أجد من خيار إلا كسر فترة العدّة مبكراً والخروج للبحث عن وسيلة لكسب الرزق وإطعام أطفالي في الوقت الذي كانت الضربات الجوية لمقاتلات التحالف العربي على أشدها في المدينة". وتشير إلى أنها وأطفالها مروا بظروف صعبة للغاية، وهذا ما جعلها تطلب المساعدة في شوارع صنعاء التي انقسم سكانها ما بين نازحين وملتزمين بيوتهم خوفاً من القصف.
لا تجيد نور أي مهارة سوى صنع الخبز، لتبيعه بعد ذلك. لكنّ هذا يتطلب منها دفع أموال كثيرة لمواجهة ارتفاع الأسعار في قيمة الدقيق وغاز الطهو. وتضيف: "كثيرا ما أرجع إلى المنزل من دون أن أبيع شيئاً لعدم وجود زبائن، وهذا ما جعلني أفكر بالتوقف عن العمل في هذا المجال".
وتلجأ الأرامل في كثير من الحالات، بغض النظر عن صعوبة وضعهن المالي، إلى خيارات صعبة أخرى. ففي قرية المتار في محافظة البيضاء (وسط)، بدأ الطفل أحمد صلاح (11 عاماً) العمل في زرع القات (شجيرة ذات أوراق مخدرة) إلى جانب والدته بعد مقتل أبيه على أيدي مليشيات مسلحة اقتحمت القرية. فقد قرر أخوال أحمد الدفع به للعمل مع والدته في المزرعة بعد رفضهم أن يعمل معها أو بدلاً منها عامل من القرية. وبهذا يضيع مستقبل أحمد التعليمي والمهني، بالإضافة إلى الأضرار التي قد يتعرض لها، ومن ذلك إصابته بأمراض مزمنة وخطيرة بسبب المبيدات التي يرشها على المحصول.
وعن ذلك، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة صنعاء عفاف الحيمي لـ "العربي الجديد": "الأرامل يجدن أنفسهن في وضع غير آمن مالياً. وتعتمد المحظوظات منهن اعتماداً كلياً على إحسان أقارب أزواجهن". وتشير إلى تأثر "الصحة البدنية والعقلية للأرامل بسبب سوء التغذية والمأوى غير اللائق".
وتؤكد الحيمي أنّ الأرملة تلقى تجاهلاً من المقربين منها، بالإضافة إلى ازدياد حالتها العاطفية والنفسية الصعبة سوءاً بسبب رفض معظم أقاربها وأطفالها فكرة زواجها من رجل آخر. وفي المقابل، يصعب قبول الرجال بالزواج من أرامل، خصوصاً من كان لديها أطفال. وتضيف أنّ "المسؤوليات الكبيرة وانعدام فرص الدعم التي تتلقاها الأرملة تزيد من إصابتها بأنواع مختلفة من الصدمات النفسية التي عادةً ما تتراكم لتتطور عبر الوقت إلى مرض عضوي مزمن يُضعف أداءها ويزيد من معاناتها العاطفية والمعيشية لتؤثر على من حولها".
تبقى الإشارة إلى أنّ الحرب في اليمن تسببت في إيقاف عمل معظم الجمعيات الخيرية التي تدعم الأرامل وأطفالهن الأيتام. وهو ما يزيد من صعوبة الأوضاع الحالية خصوصاً مع ازدياد أعدادهم.
توقّف المساعدات
لا يوجد في اليمن اليوم أي برنامج حكومي لدعم الأرامل وأطفالهن بعد توقف التمويل الخارجي كلياً عن الصندوق الاجتماعي للتنمية. فقد أوقف الصندوق 283 مشروعاً تضع الأرامل على رأس أولويات برامجها التي توفر فرص عمل تناسبهن. كذلك، توقف دفع الإعانات المالية الدورية لأكثر من مليون أسرة فقيرة.
وتساهم الحرب بدورها في زيادة عدد الأرامل بسرعة. ومع معاناة النساء أكثر من الرجال من الأمّية وغيرها من المشاكل الاجتماعية، فإنّ فرصة النساء الأرامل تبقى محدودة أكثر من غيرهن حتى.
وتضطر الأرامل للبحث عن فرص عمل في وقت لا يملكن فيه مهارات إلّا في مجالات محدودة يمقتها المجتمع، مثل الخدمة في المنازل، أو نبش القمامة بحثاً عما يمكن بيعه أو استهلاكه، أو التسول.
لدى نور حسن (46 عاماً) ستة أطفال. فقدت زوجها عامل البناء في تفجير انتحاري في العاصمة صنعاء في منتصف مارس/آذار الماضي. وهو ما جعلها تنفق كل ما تبقى من مدخراته في كلفة الدفن ومراسم العزاء. تتلقى مساعدات بسيطة، فالجميع يهتم بنفسه بسبب الحرب. وتقول لـ"العربي الجديد": "لم أجد من خيار إلا كسر فترة العدّة مبكراً والخروج للبحث عن وسيلة لكسب الرزق وإطعام أطفالي في الوقت الذي كانت الضربات الجوية لمقاتلات التحالف العربي على أشدها في المدينة". وتشير إلى أنها وأطفالها مروا بظروف صعبة للغاية، وهذا ما جعلها تطلب المساعدة في شوارع صنعاء التي انقسم سكانها ما بين نازحين وملتزمين بيوتهم خوفاً من القصف.
لا تجيد نور أي مهارة سوى صنع الخبز، لتبيعه بعد ذلك. لكنّ هذا يتطلب منها دفع أموال كثيرة لمواجهة ارتفاع الأسعار في قيمة الدقيق وغاز الطهو. وتضيف: "كثيرا ما أرجع إلى المنزل من دون أن أبيع شيئاً لعدم وجود زبائن، وهذا ما جعلني أفكر بالتوقف عن العمل في هذا المجال".
وتلجأ الأرامل في كثير من الحالات، بغض النظر عن صعوبة وضعهن المالي، إلى خيارات صعبة أخرى. ففي قرية المتار في محافظة البيضاء (وسط)، بدأ الطفل أحمد صلاح (11 عاماً) العمل في زرع القات (شجيرة ذات أوراق مخدرة) إلى جانب والدته بعد مقتل أبيه على أيدي مليشيات مسلحة اقتحمت القرية. فقد قرر أخوال أحمد الدفع به للعمل مع والدته في المزرعة بعد رفضهم أن يعمل معها أو بدلاً منها عامل من القرية. وبهذا يضيع مستقبل أحمد التعليمي والمهني، بالإضافة إلى الأضرار التي قد يتعرض لها، ومن ذلك إصابته بأمراض مزمنة وخطيرة بسبب المبيدات التي يرشها على المحصول.
وعن ذلك، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة صنعاء عفاف الحيمي لـ "العربي الجديد": "الأرامل يجدن أنفسهن في وضع غير آمن مالياً. وتعتمد المحظوظات منهن اعتماداً كلياً على إحسان أقارب أزواجهن". وتشير إلى تأثر "الصحة البدنية والعقلية للأرامل بسبب سوء التغذية والمأوى غير اللائق".
وتؤكد الحيمي أنّ الأرملة تلقى تجاهلاً من المقربين منها، بالإضافة إلى ازدياد حالتها العاطفية والنفسية الصعبة سوءاً بسبب رفض معظم أقاربها وأطفالها فكرة زواجها من رجل آخر. وفي المقابل، يصعب قبول الرجال بالزواج من أرامل، خصوصاً من كان لديها أطفال. وتضيف أنّ "المسؤوليات الكبيرة وانعدام فرص الدعم التي تتلقاها الأرملة تزيد من إصابتها بأنواع مختلفة من الصدمات النفسية التي عادةً ما تتراكم لتتطور عبر الوقت إلى مرض عضوي مزمن يُضعف أداءها ويزيد من معاناتها العاطفية والمعيشية لتؤثر على من حولها".
تبقى الإشارة إلى أنّ الحرب في اليمن تسببت في إيقاف عمل معظم الجمعيات الخيرية التي تدعم الأرامل وأطفالهن الأيتام. وهو ما يزيد من صعوبة الأوضاع الحالية خصوصاً مع ازدياد أعدادهم.
توقّف المساعدات
لا يوجد في اليمن اليوم أي برنامج حكومي لدعم الأرامل وأطفالهن بعد توقف التمويل الخارجي كلياً عن الصندوق الاجتماعي للتنمية. فقد أوقف الصندوق 283 مشروعاً تضع الأرامل على رأس أولويات برامجها التي توفر فرص عمل تناسبهن. كذلك، توقف دفع الإعانات المالية الدورية لأكثر من مليون أسرة فقيرة.