مواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها في حياة الناس وواقعهم وأصبحت جزءا مهما وضروريا في حياتهم ولا يكاد أحد يستغني أو يعيش بعيدا عنها، بل وصلت عند البعض إلى حد الإدمان وأصبح متابعوها بالملايين. هذه المواقع اصبحت سيفا ذا حدين، البعض يحقق الاستفادة منها والكثير يسيء استخدامها وتوظيفها. وحول الطرق المثلى في التعامل معها وطريقة الاستفادة منها والضوابط والمحاذير التي ينبغي مراعاتها عند ذلك التقينا بعدد من العلماء واستطلعنا آراءهم وخرجنا بالآتي:
- حوار: قائد الحسام
"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
- بداية تحدث الشيخ الدكتور عبد الله الشرماني بالقول:
مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت بين القاصي والداني وشملت أصقاع الأرض وأصبحت من الوسائل العامة والمنتشرة بين الناس وهي سلاح ذو حدين وأغلب من يستعملها في غير أمور الدين.
وحول آلية التعامل معها أوضح أن الوسائل لها حكم المقاصد، فما أدى منها إلى مشروع فهو مشروع، وما أدى إلى محرم فهو محرم، وما أدى إلى مستحب فهو مستحب وما أدى إلى مكروه فهو مكروه وما أدى إلى مباح فهو مباح.
وأدخل الأصوليون المباح ضمن الأحكام الخمسة وذلك باعتبار مايؤول إليه فالتوسع في الأمور المباحة قد يصل بها إلى التحريم؛ لذا يأخذ منها بقدر حاجته وفيما لا يخالف الشرع وما يعود عليه بالخير والنفع ، وأن يختار منها احسنها وأفضلها. وشدد الشيخ الشرماني على تجنب الإدمان وقضى الساعات الطوال معها بالقول:
إذا علم المسلم بعظم استغلال الوقت وأن ضياع شيء منه ضياع جزء من حياته يندم عليه في وقت لا ينفع الندم وقد أقسم الله تعالى به فقال: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق بالصبر" وذلك لأهميتها واستثنى الله من الخسارة من وصفهم بهذه الصفات. والإمام الشافعي يقول : لو ما أنزل الله على العباد إلا هذه السورة لوسعتهم.
ويضيف: إن الواجب على الإنسان ألا يضيع وقته بالتوسع والاسترسال. وسرد مجموعة من الضوابط التي ينبغي للإنسان مراعاتها عند استخدامه لهذه الوسائل من أهمها:
- ألا يخالف في استخدامه الشرع.
- أن يأخذ منه بقدر حاجته.
- أن لا يكون على حساب ما هو أولى منه وأفضل.
- أن يكون استخدامه في وقت محدد ومحصور لا يتجاوزه مرتبا لأوقاته.
- أن ينتقي منه أحسنه
- أن يبتعد عن المهاترات والجدال العقيم والنقاش الذي لا يعود بالنفع.
- أن يتجنب مناقشة ومداخلة من لا يتقيدون بالآداب.
- أن يتحرى الصدق في النقل والموضوعية.
- ألا يحدث بكل ما يسمع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع".
نسخرها في الطاعات والقربات
- بدوره الشيخ الدكتور عارف أنور محمد العدني أستاذ أصول الفقه المساعد بجامعة عدن ورئيس مؤسسة دعاء العلمية أشار إلى كيفية تعامل المسلم مع المواقع الاجتماعية والحفاظ عليها بقوله:
أولا: على المسلمين أن يحمدوا الله على نعمة العلوم والتكنلوجيا الحديثة والتي يسر الله لنا استعمالها "علم الإنسان ما لم يعلم" ويجب علينا شكر هذه النعم بالخطوات التالية:
1- تسخير هذه المواقع الإلكترونية في الطاعات والقربات.
- استخدامها للتذكير بالطاعات كأوقات الصلوات الخمس والتذكير بقيام الليل وأذكار الصباح والمساء وكذلك التذكير بالدروس العلمية والمحاضرات الدعوية واللقاءات التشاورية.
- تسخير المواقع دعويا وذلك بنشر المواضيع المهمة والتي تعالج بعض القضايا المعاصرة مناقشة المستجدات الشرعية وفقه النوازل والتعامل مع فقه الفتن والملاحم
- متابعة كتابات ومواقع العلماء والدعاة.
- فتح مواقع وحسابات دعوية بمعنى دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ودعوة المسلمين إلى المنهج الرباني الصحيح بعيدا عن لوثة البدع والخرافات والزندقة.
- تخصيص مواقع علمية لصد كيد وشبهات العلمانيين والمرجفين وإظهار محاسن الشريعة الإسلامية وسماحتها في جميع مجالات الحياة.
- متابعة ومعرفة الأخبار والمستجدات في قضايا المسلمين.
- تسخير المواقع لصلة الأرحام والتواصل مع الأقارب.
وحول معالجة الإدمان في مواقع التواصل الاجتماعي أشار الشيخ عارف إلى جملة من الإجراءات والخطوات والتي من أهمها:
- تخصيص وقت معين للتصفح والردود والمواساة.
- تجنب فتح المواقع والتصفح أثناء العبادات.
- التقليل من المجموعات (الجروبات).
- الاستشعار بأهمية الوقت وأنه يمضي من عمره وأن الله سيسأله عن ضياعه خصوصا ما كان بغير ذكر أو فائدة.
- الانشغال بالعلم النافع والقراءة المهدفة والاطلاع على ما ينفعه من أمور دينه ودنياه.
تعود الى مستخدميها
- القاضي أحمد عطية أوجز رأيه في هذه الوسائل وطرق التعامل معها إذ قال:
هي سلاح ذو حدين وتعود إلى مستخدمها كالكأس يشرب فيها الماء ويشرب فيها الخمر.
ويؤكد القاضي أحمد أن هناك جهات تحاول حرف بوصلة هذه المواقع لجلب الفساد والرذيلة.
ظاهرة خطيرة
- أما الشيخ عبد الرحمن البريهي فقال:
لا شك أنها أصبحت ظاهرة عند الجميع الصغار والكبار وهي تمثل ظاهرة خطيرة؛ إذ إنها تسلب أوقات هؤلاء جميعا وتصرفهم عن أشياء مهمة.
ويضيف: كثرة المجموعات والقراءات أحيانا ينسي بعضه بعضا ولا يتم التركيز ولا يتم المتابعة والسلف رحمهم الله كانوا إذا سمعوا الموعظة يعملون بها مباشرة فالعمل بما يعمل الإنسان هو أصل في منهج السلف رحمهم الله.
- ويردف: هناك أضرار صحية على عيون الناس وعلى رقابهم خاصة من يطيلون المكث والانحناء وقد حذر الأطباء من هذا خاصة بعض أفلام الاطفال التي تشد أعصابهم وتسبب لهم التشنج وتسبب لهم أمراضا عصبية. وتمنى أن يكون هناك محتسبون في مثل هذه البرامج يقدمون النصائح والتوجيهات الاحتسابية التي فيها توجيه وارشاد وتحذير وتفسير وبيان واستفادة ...الخ.
- ويتساءل: هل المجموعات أو (الجروبات) الطريقة الصحيحة للتعلم؟
ويجيب: إنما هي عبارة عن قصاصات وأشياء خفيفة والتعلم لا بد أن يؤخذ من المصادر الموثوقة والمعلومة من الكتب والعلماء ولذلك ينبغي في الحقيقة أن ينبه الجميع إلى كيفية الاستفادة منها وكيف نحقق برامجنا الأخرى وهذا يعود للتخطيط والتنفيذ وإلزام الناس بخطط حياتهم من الصباح يفكرون ويمارسون حياتهم اليومية كالجلوس مع الأولاد والأهل يسأل ويناقش ويسمع ويمنع الجوالات ويشير إلى دور أولياء الامور والمعلمين بالقول: والواجب على أولياء الأمور والمعلمين أن يقوموا بواجبهم بالتوجيه والنصيحة والانتباه الشخصي وليس العام فقد يصلح لواحد حاله غير الثاني وغير الثالث مثل المرضى فلا يصح للطبيب أن يصرف نوعا واحدا من الدواء لكل المرضى.