الرئيسية / تقارير وحوارات / الحوثيون يخوضون حرباً اقتصادية والموت جوعاً يهدد فقراء اليمن
الحوثيون يخوضون حرباً اقتصادية والموت جوعاً يهدد فقراء اليمن

الحوثيون يخوضون حرباً اقتصادية والموت جوعاً يهدد فقراء اليمن

28 نوفمبر 2015 05:44 مساء (يمن برس)
مع اقتراب الحرب في اليمن من شهرها الثامن تتزايد نسب البطالة والفقر في البلاد، وتنتشر الأمراض والأوبئة والمجاعة على نطاق بدا واضحاً أمام المجتمع المحلي والعربي والدولي الذي ينادي لاحتواء الوضع دون مزيد من التفاقم.
 
ومنذ الانقلاب المسلح للحوثيين وحلفائهم في سبتمبر/أيلول 2014، اتسعت الأزمة الاقتصادية التي كانت ملامحها حاضرة ذلك الحين، وسط محاولات من سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي لتفادي الانهيار الاقتصادي في البلاد، إلا أن الحوثيين فرضوا حالة من التأزم على المستوى السياسي والاقتصادي بصورة استثنائية.
 
وبعد استهدافهم للخصوم السياسيين، اتجه الحوثيون لتضييق الخناق على الحركة الاقتصادية في البلاد من فرض إتاوات تحت اسم "المجهود الحربي"، إلى السيطرة على كل موارد البلاد ومحاولات نهب المواطنين أموالهم بطرق شتى، وصلت حد المطالبة بفدية نظير إطلاق مختطفين لا ذنب لهم.
 
- تلويح بالتوقف
 
وفي تطور لافت، أصدرت أكبر مجموعة تجارية في اليمن بياناً في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري أشارت فيه إلى احتمال وشيك بإغلاق كل مصانعها في البلاد، بعد أن أغلقت معظم خطوط الإنتاج؛ نتيجة انعدام المشتقات النفطية، ومضايقة الحوثيين لها في استيراد المشتقات النفطية التي كانوا سمحوا للتجار باستيرادها.
 
مصدر خاص في المجموعة التجارية أشار إلى أن أغلب التجار في اليمن، ممّن لا يوالون الانقلابيين، سخروا استثماراتهم لدعم الاقتصاد الوطني، والتخفيف عن المواطن وتقديم معونات غذائية للحالات المعسرة، لكن السلوكيات التي يمارسها الحوثيون تضطر الكثير من التجار إلى إغلاق مصانعهم نتيجة تعرضهم للخسائر الفادحة، حيث ترتفع كلفة الإنتاج مقابل انهيار القدرة الشرائية للمواطن.
 
المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أكد أن الحوثيين ابتزوا المجموعة التجارية لرفضها دفع مبالغ مالية لما أسموه "المجهود الحربي"؛ ما دفعهم إلى تضييق الخناق على المجموعة وتجار آخرين، متهماً عدداً من رؤوس الأموال في البلاد بتزعم السوق السوداء وتقديم الملايين للحوثيين دعماً في حربهم على المواطن اليمني.
 
- ابتزاز رؤوس الأموال
 
المجموعة التي تعتبر الأولى في البلاد تضم أكثر من 30 ألف موظف، وتغطي احتياجات أكثر من 10 آلاف حالة من المعسرين في البلاد، اضطرت إلى توقيف معظم خطوط الإنتاج في الحديدة وتعز نتيجة الأزمة الحادة في المشتقات النفطية، ورغم أن الحوثيين سمحوا للقطاع الخاص باستيرادها إلا أنهم عادوا ليبتزوهم في الموانىء مقابل السماح لبواخر النفط بالدخول، بحسب مصادر خاصة؛ حيث يقومون بعرقلة تفريغ المشتقات لمحاولة دفع التجار إلى شراء المشتقات من السوق السوداء التي يديرها الحوثيون وحلفاؤهم.
 
ومع دخول عاصفة الحزم شهرها الثاني شهدت اليمن أزمة غذائية نتيجة الاحتكار وهلع المواطنين، لكن هذه المرة توقع اقتصاديون أن يؤثر قرار توقف المجموعة التجارية الأولى في البلاد سلباً، بصورة أكبر، على أسعار المواد الغذائية التي قد تشهد ارتفاعاً حاداً يتجاوز القدرة الشرائية لدى المواطنين في الحديدة؛ ما ينذر بأزمة حقيقة تصل لمستوى المجاعة.
 
- حرب عسكرية واقتصادية
 
ورأى المحلل الاقتصادي ياسين التميمي استهداف الحوثيين للتجار ورجال الأعمال في اليمن، وعلى رأسهم مجموعة هائل سعيد، على أنه جزء من الاستهداف الكبير الذي تنتهجه المليشيات في حربها ضد البلد بشكل عام.
 
وأضاف التميمي، في حديثه الخاص لـ"لخليج أونلاين"، أن تلك الممارسات تأتي في إطار الإصرار على تعطيل الإنتاج والتشغيل؛ بهدف توسيع السوق السوداء واحتكار الاتجار بالمشتقات النفطية،على أمل أن تتوقف مصانع المجموعة التجارية، بحسب ما يريده المتمردون.
 
ويشير التميمي إلى أن الحوثيين وحلفاءهم يشنون حرباً عسكرية بالتزامن مع فرضهم حرباً اقتصادية على مدينة تعز ومحافظات أخرى، ولهذا يقول التميمي إنهم لا يكتفون بالقصف وإنما يمارسون حصاراً قاتلاً، ويريدون وقف إنتاج المصانع التي لا تزال تغطي احتياجات السوق المحلية على مستوى البلاد.
 
متابعون علقوا على مضايقة الحوثيين لرؤوس الأموال في البلاد، حيث يُرغمون على دفع مبالغ طائلة تجنباً للوقوع في مواجهة مباشرة معهم ما قد يوقعهم في خسائر فادحة، في حين أشارت مصادر إلى أن معظم نقاط التفتيش الحوثية تنهب سيارات توزيع المنتجات المتنقلة بين المحافظات اليمنية.
 
- مخاوف
 
المواطنون في الحديدة أبدوا تخوفهم من إغلاق ما تبقى من المصانع، حيث يواجهون تهديد فقدان فرص العمل الوحيدة داخل تلك المصانع، التي تستوعب آلاف الأيادي العاملة في تهامة في ظل انعدام فرص العمل، في حين أشار أحد المواطنين إلى أن بعض الأسر الفقيرة قد تدفع بأبنائها إلى الالتحاق بالحوثيين وحلفائهم في حال واجهت شبح الموت جوعاً.
 
ويزداد تخوف المواطنين مع انهيار خدمات البنية التحتية وتعطل برامج شبكات الضمان الاجتماعي، حيث يعجز قرابة 5 ملايين مواطن عن تدبير قوتهم اليومي ويعانون من معدلات سوء تغذية، وهناك 850 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وأكثر من نصف سكان اليمن يحتاجون شكلاً من أشكال المساعدات الإنسانية.
 
وتشهد البلاد هذه الأزمات المتفاقمة في كثير من المحافظات، في حين تشتد الأزمة الغذائية في المحافظات التي تشهد مواجهات بين الجيش الوطني المدعوم بقوات التحالف ومليشيات الحوثي وصالح، كتعز التي تواجه أزمة غذائية وحصاراً شاملاً، وقد يصل الأمر إلى كارثة حقيقية في حال انطلقت عملية تحرير إقليم تهامة، واستغرقت العملية وقتاً أطول يصعب على المواطن التهامي تحمل تكلفته الاقتصادية.
شارك الخبر