تمثل مدينة الراهدة التابعة لمحافظة تعز أهمية إستراتيجية للمقاومة الشعبية لانتزاع السيطرة على المحافظة، كونها تعد خط الدفاع الأول للحوثيين وقوات حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في المحور الجنوبي الشرقي منها.
وتقع الراهدة على بعد 40 كلم تقريبا جنوب شرق مدينة تعز (مركز المحافظة)، وتتبع إداريا مديرية دِمنة خدير، وبالسيطرة عليها يسقط مركز المديرية لضعف تحصينات الحوثيين وحلفائهم الدفاعية في الطريق المؤدي إليها.
ومنذ أيام تحاول قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المدعومة بآليات ومدرعات التحالف العربي التقدم نحو مدينة الراهدة، من خلال السيطرة على التلال والجبال المطلة عليها وتأمين الطريق لمرور الآليات العسكرية. لكن العائق في تقدمها هو كثافة الألغام التي زرعها الحوثيون في هذه المناطق، مما دفع طيران التحالف أكثر من مرة لقصفها بقنابل ارتجاجية لتفجيرها والتخلص منها.
وقالت مصادر في المقاومة إن السيطرة على الراهدة وما بعدها من المناطق سيضيّق الخناق على "الانقلابيين" من هذا المحور، ويحرر مركز مديرية المسراخ في الجنوب إثر قطع الإمداد عنهم، بالإضافة إلى أنها ستفتح خط إمداد للمقاومة من محافظتي لحج وعدن الجنوبيتين لإيصال المساعدات الغذائية والطبية وكسر حصار المدينة.
أهمية إستراتيجية
ورأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن السيطرة على الراهدة ودِمنة خدير سيعمل على تطويق المتمردين من الجهة الجنوبية، ويسمح بحرية تحرك المقاومة من مديريات تتميز بثقل سكاني مثل سامع والصلو وحيفان، والتحامها بالمقاومة في مركز المحافظة.
وأشار التميمي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هناك بعدا آخر في أهمية السيطرة على المدينة يتمثل في "القضاء على أحلام الانقلابيين في إعادة تعيين الحدود الشطرية إلى ما قبل توحيد البلاد في 22 مايو/أيار 1990، واستعادة الدولة الشطرية الشمالية خصوصا بعد مشاركة المقاومة من المحافظات الجنوبية في معركة تحرير تعز".
من جهته، اعتبر أحد سكان المنطقة -ويدعى مصعب القباطي- أن المدينة تعتبر أحد أهم المنافذ البرية للمحافظة التي تصلها بمحافظة عدن، وحلقة الوصل بين محافظات الجنوب عموما وإقليم الجند الذي يضم محافظتي تعز وإب.
وفي تقييمه لموقف المواطنين إزاء ما يجري، أوضح القباطي للجزيرة نت أن أبناء الراهدة مثلهم مثل بقية سكان المديريات الأخرى، منهم المنخرط في صفوف المقاومة وهؤلاء الأكثرية ومنهم من يؤيد الحوثيين لأسباب مختلفة والبقية تلتزم الصمت.
ويؤكد القباطي أن المواطنين يقومون بأدوار أخرى لا تقل أهمية عن المشاركة مع المقاومة في المعارك، حيث كان لهم جهود مثمرة في كسر حصار مدينة تعز من خلال إدخال الأدوية وأسطوانات الأكسجين للمستشفيات عبر طرق ملتوية وعرة وبصعوبة بالغة.
الحلويات والتجارة
وبعيدا عن الأهمية العسكرية للمدينة، تُعرف الراهدة بعاصمة الحلويات في اليمن نتيجة تميزها بصناعة الحلويات الشعبية منذ خمسينيات القرن الماضي على أيدي أبناء مديرية القبيطة المجاورة، ومن أشهرهم وأقدمهم في البلاد علي سعيد القباطي الذي توفي عام 2012 تاركا وراءه أكثر من عشرين معملا ومحلا لصناعة الحلويات وبيعها في مختلف المحافظات.
وجغرافيًا كانت الراهدة مكان استقبال وتوديع الأقارب والأصدقاء الذين فرقتهم الحدود قبل إعادة توحيد البلاد قبل عقدين ونصف، فضلا عن أنها مركز استقبال البضائع القادمة من عدن إلى الشمال والتي أدت إلى ازدهار تجاري ونشاط اقتصادي كبير، عبّر عنه الفنان اليمني المعروف أيوب طارش بأغنيته "يا راهدة، يا درب يا مدارة، يا ملتقى الأموال والتجارة".