الرئيسية / تقارير وحوارات / جنيف2.. الوقائع تدعم فرص نجاحه وممارسات الحوثيين تهدد بفشله
جنيف2.. الوقائع تدعم فرص نجاحه وممارسات الحوثيين تهدد بفشله

جنيف2.. الوقائع تدعم فرص نجاحه وممارسات الحوثيين تهدد بفشله

25 نوفمبر 2015 02:44 مساء (يمن برس)
لا حوار مع البندقية.. هكذا رأى متابعون للشأن اليمني الذي يحاول المجتمع الإقليمي تعقيد الوضع فيه أكثر، فبينما تتحرك ببطء العجلة السياسية على مستوى الأمم المتحدة، تسير العمليات العسكرية بتأنٍّ وفق خطط التحالف العربي، بحسب حديث الناطق الرسمي أحمد عسيري.
 
على الأرض يصر الحوثيون وحليفهم صالح على المضي في امتصاص الدم اليمني ببطء أيضاً، وحسب قدراتهم المتبقية، فكلما طفت للسطح بوادر الحلول السياسية تشبثوا بآمالهم في السيطرة على مناطق جديدة ورفع سقف المطالب، وهذا ما ظهر في جلساتهم مع المبعوث الأممي أكثر من مرة.
 
العراقيل تحدق بجنيف2 قبل انطلاقه، ويتقاطع كثيراً مع جنيف1 في المعطيات، على الرغم من تفاؤل فئات من الشارع اليمني، وحتى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، الذي تمنى أن تكون هذه المشاورات خطوة في طريق سلام دائم يحتاجه اليمنيون.
 
وبينما يشترط المتفائلون إبداء حسن نيات أطراف النزاع في إنهاء المأساة اليمنية، وإيجاد أرضية مشتركة لبناء الثقة، وذلك بوقف الحوثيين وصالح للقتل اليومي، والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في مدينة تعز ومناطق أخرى، طالب آخرون بضرورة أن يبقى الملف اليمني في يد دول التحالف العربي والنأي به عن التجاذبات الإقليمية.
 
- انهيار عسكري
 
على المستوى العسكري، تلقى تحالف الحوثي وصالح ضربات موجعة منذ انتهاء مشاورات جنيف1، وخسر الانقلابيون عدة مناطق ومواقع استراتيجية، وواصل طيران التحالف العربي تحييد القوة الصاروخية لهم، الأمر الذي حصر قوتهم في صنعاء وبعض المناطق المحيطة بها، في حين يرى عسكريون -تابعوا زيارة هادي لقاعدة العند اليوم- أن محاولات الانقلابيين التوسع في مناطق "لحج والضالع" هي مجرد تكتيك دفاعي لتأخير سير عمليات الجيش الوطني باتجاه صنعاء، كما أنهم خسروا مأرب، الحامية الشرقية للعاصمة.
 
وبحسب مصادر عسكرية، تجري الاستعدادات لتدشين عملية تحرير العاصمة صنعاء، في حين يعيش الحوثيون وصالح مراحلهم الأخيرة في الجوف، لتبقى "ذمار، إب" النقطة الفاصلة من الجهة الجنوبية، في حين يتحكم التحالف العربي بالمنافذ البحرية في إقليم تهامة الذي يعتبر متنفساً آخر للحوثيين.
 
- مراوغة
 
الباحث والمحلل السياسي، أحمد السلطان، أشار إلى نسبة عالية من فشل أي مفاوضات تجريها الحكومة اليمنية مع السلطات الانقلابية في صنعاء؛ بالنظر إلى واقع التجارب السلمية مع تحالف الحوثي وصالح.
 
وتحدث السلطان لـ"الخليج أونلاين"، عن مرحلة أخيرة يعيشها الحوثيون مع حليفهم صالح وهم يتخذون من الحوار أكذوبة لإطالة أمد المواجهات ونزيف الدم والانتقام من كل الخصوم في البلاد، مؤكداً أن لا نية صادقة لدى الحوثيين وصالح في إنهاء الحرب التي أشعلوها، مشيراً إلى أنهم يحاولون الانطلاق من النقاط السبع التي لم تصل حد الرضا من الحكومة، والخوض في جنيف2 مجرد ترحيل لمشاكل اليمن التي أنتجها الانقلابيون ليس إلا.
 
السلطان علق على مغادرة وفدَي الحوثيين وحزب صالح إلى العاصمة العمانية مسقط، مطلع الأسبوع الجاري، بأنها مراوغة ومحاولة لخداع الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي والمجتمع الدولي، حيث يعلنون أمام وسائل الإعلام نيتهم الحوار، في حين أنهم يواصلون قتل المدنيين وإزهاق الأرواح البريئة والعبث بمقدرات البلاد، ضمن مسلسل تدمير اليمن لإشباع رغبة صالح في إحراق الأخضر واقتلاع اليابس.
 
سياسياً، فشلت المحاولات البائسة لصالح والحوثي في استقطاب قوى إقليمية مناوئة لتوجهات الحكومة الشرعية، وتلاشت أكذوبة التدخل الروسي، في وقت تبدو فيه الجبهات السياسية لهادي وحكومة بحاح أكثر تماسكاً من ذي قبل، تؤكد ذلك مجريات الأحداث على الأرض؛ إذ يقيم الرئيس هادي في عدن بمعية عدد من الوزراء، ويتحرك رئيس الوزراء خالد بحاح في مأرب، لتبدو نية الحكومة واضحة في العودة للعاصمة المؤقتة وتدشين عملها.
 
مصدر خاص في حكومة بحاح أشار إلى أن المشاركة تبدو صورية ليس إلا، لكنه استدرك، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، ليشير إلى أن موافقة الحكومة الذهاب إلى جنيف2 هي إعلان صريح بسعيها إلى الحلول السلمية ومحاولة الحفاظ على ما تبقى من البلاد دون أن يتعرض لمزيد من الخراب.
 
وأضاف المصدر الحكومي، الذي بدا متشائماً من نجاح المؤتمر، أن الرئيس هادي كان صريحاً فيما يخص المشاركة في أي حوار مع المليشيات الانقلابية، حيث يرتبط مصير المفاوضات بالتطبيق الكامل وغير المشروط للقرار الأممي، وهو ما لم يتم حتى اللحظة، ولم تبدِ مليشيات الحوثي وصالح أي نية صادقة نحو تطبيقه، بالعكس من ذلك، تواصل عملياتها العسكرية ضد المدنيين خصوصاً في تعز.
 
وكشف المصدر الحكومي أن ضغوطاً دولية تمارس للقبول بحلول وسطية مع الانقلابيين بغية الحفاظ عليهم كمكون على الأرض ستستثمره دول كبرى، على حد قوله، في ابتزاز الحكومة مستقبلاً، وهو ما لم تذعن له الرئاسة اليمنية.
 
- خسائر اقتصادية
 
الحقيقة على الأرض تدفع باتجاه قبول مليشيات الحوثي وصالح بتطبيق القرار الأممي وقبول الحلول السلمية بعيداً عن موافقتهم الصورية على القرار، والتي تم تبادلها في رسائل بينهم وبين الأمم المتحدة، فقد شهد أكتوبر/تشرين الأول الماضي بوادر انتفاضة لموظفي الحكومة في عدة دوائر عسكرية وأمنية ومدنية؛ نتيجة تأخير رواتبهم، وامتناع الحوثيين عن صرف العلاوات ومخصصات أخرى، وهو ما يؤكد دخول البلاد في مرحلة انهيار اقتصادي حقيقي وليس مجرد مخاوف.
 
وبينما أشارت أنباء إلى دفع شخصيات وتجار لمبالغ مالية لتغطية العجز في رواتب أكتوبر/ تشرين الأول، بمن فيهم المخلوع صالح، تؤكد تقارير اقتصادية أن الحوثيين نهبوا خزينة البنك المركزي التي كانت تقترب من 5 مليارات دولار؛ لتصل أدنى مستوى لها مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري برصيد لا يتجاوز مليار دولار.
 
ويرى محللون أن تلك المخاوف ستدفع باتجاه نجاح الحوار السياسي في جنيف2، وسترغم الحوثيين وصالح على القبول، ولو مبدئياً، بالحل السلمي اتقاء لثورة شعبية بدأت بوادرها تظهر في وحدات ودوائر حكومية وحتى المدارس والجامعات.
 
وبينما لا تزال الضبابية تلف أجواء ما قبل جنيف2، توضح المقارنة مع سابقه تضاؤل فرص نجاحه، إذ لا تقدم سياسي ولا ثقة حتى الآن يبديها الحوثيون وصالح سوى تمسكهم بالنقاط السبع التي اشترطوا أن تكون أرضية للمشاورات، في إعادة واضحة للمماطلات والتلكؤ، ومحاولة كسب الوقت؛ رغبة في إرهاق الحكومة الشرعية، على الرغم ممّا أبدته إيران من "دعم" للحلول السياسية في اليمن.
شارك الخبر