سخر نشطاء يمنيون من الدعوة التي وجهها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أمس إلى مشايخ ووجهاء وأبناء محافظة تعز، وتتعلق بوقف القتال والاحتراب الذي وصفه بـ"العبثي"، واعتبروا أنها "مناورة إعلامية ومغالطة مفضوحة لا تنطلي على أحد".
واستغرب كثيرون من أن يطلق الرئيس المخلوع هذه الدعوة وكأنه شخص محايد يتوسط بين متقاتلين، وليس طرفا أصيلا في الانقلاب والحرب، وقواته العسكرية تقاتل إلى جانب مليشيا الحوثيين وتدك بالصواريخ والمدافع أحياء ومنازل السكان منذ ثمانية أشهر.
وتشترك قوات من الحرس الجمهوري وقوات الأمن الخاصة -الخاضعة لصالح- مع مليشيات الحوثيين المتمردة في قصف وحصار مدينة تعز التي ظلت عصية على السقوط وصارت رمزا للمقاومة والصمود، في وقت اعتبرتها الحكومة اليمنية الشرعية مدينة منكوبة وأكدت عزمها على تحريرها باعتبارها بوابة للتقدم إلى صنعاء.
وكان صالح قد تحدث في منشور على صفحته بموقع فيسبوك عما سماها "المؤامرات التي تحاك ضد الجمهورية، وما يعانيه أبناؤها"، داعيا إلى "وقف القتال العبثي الذي تشهده تعز بدون أي هدف، والذي تخطط له القوى المتآمرة على تعز واليمن ويعمل طرفا الصراع على تنفيذه".
كما دعا صالح إلى "الجلوس على طاولة الحوار لبحث كل قضايا الخلاف بين المتقاتلين والاتفاق على إزالة أسباب الاقتتال والتناحر، وأن يتم خروج كل المليشيات من كل الأطراف، بما في ذلك القوات الغازية من هذه المحافظة المسالمة، على أن تتحمل السلطة المحلية ورجال الأمن والجيش مسئولية زمام الأمور وتسيير شؤون المحافظة".
تسجيل موقف
وقد اعتبر السكرتير الصحفي بمكتب رئاسة الجمهورية اليمنية مختار الرحبي في حديث للجزيرة نت أن "دعوة صالح مشايخ وأعيان تعز لوقف القتال هو تنصل عن المسؤولية، مع أنه اللاعب الأول في المشهد الدموي بتعز".
ووصف الرحبي دعوة صالح بأنها "محاولة لحفظ ماء الوجه بعد تيقنه بالهزيمة في تعز، خصوصا بعد الإعلان الرسمي عن بدء المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني وبمساندة التحالف العربي عملية تحرير المدينة وكل مديريات المحافظة من قبضة قواته والمليشيا الحوثية".
وقال إن "المخلوع يريد استباق الأحداث ويسجل موقفا وكأنه بعيد عن الحرب مع أن جميع الشواهد تؤكد أنه هو من ينتقم من تعز وسكانها، ويدير المعارك هناك مع قياديين من الحرس الجمهوري الموالين له"، وأكد أن "تعز في طريقها للتحرير وسيستمر الزحف نحو العاصمة صنعاء واستعادة الدولة".
تحريض وتنصل
من جانبه، قال الناشط الصحفي في تعز محمد سعيد الشرعبي إن "دعوة الرئيس المخلوع مشايخ ووجهاء تعز تحمل رسالة سياسية، وأخرى تحريضية، وتذكرنا بخطاب تدشينه الحرب ضد تعز والجنوب مطلع العام الجاري".
ورأى الشرعبي في حديث للجزيرة نت أن "الشق السياسي في دعوة المخلوع يعمل على إقناع أنصاره بأنه باق في المشهد اليمني، ويدعوهم إلى مساندة مليشيات الانقلاب في حربها ضد أبناء تعز، وفي الجانب التحريضي يطالب أنصاره بدعم المليشيات الحوثية في حربها الانتحارية ضد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والتحالف العربي".
واعتبر الشرعبي أن "المضحك في دعوة المخلوع صالح هو محاولته التنصل من الحرب الانتقامية التي تشنها القوات الموالية له مع مليشيا الحوثيين ضد محافظة تعز منذ ثمانية أشهر".
وأشار إلى أن "المخلوع يسعى إلى إقناع الداخل والخارج بأن الحرب في تعز هي اقتتال محلي بين أبناء المحافظة، وليست حربا انتقامية تشنها قواته ومليشيا الحوثيين على تعز وتحاصرها منذ ثمانية أشهر".
ورأى الشرعبي أن "مليشيا الانقلاب الحوثية وقوات صالح تحتضر في تعز، ودعوة المخلوع تعد اعترافا مبكرا بهزيمتهم المرتقبة على يد رجال المقاومة الشعبية والجيش الوطني وقوات التحالف العربي".