الرئيسية / تقارير وحوارات / عدن تجتاز منطقة الخطر لتستحقّ لقب "العاصمة المؤقتة"
عدن تجتاز منطقة الخطر لتستحقّ لقب "العاصمة المؤقتة"

عدن تجتاز منطقة الخطر لتستحقّ لقب "العاصمة المؤقتة"

24 نوفمبر 2015 03:35 مساء (يمن برس)
بدأت عدن اليمنية تنفض عنها غبار الحرب التي شنّتها عليها مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس، المخلوع علي عبدالله صالح، وتشهد تحوّلات هامة في طريق عودتها إلى طبيعتها السابقة ما قبل الحرب، وهذه المرة لتكون بالفعل عاصمة مؤقتة للدولة اليمنية، في ظل عودة الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح وحكومته إلى المناطق المحررة لممارسة مهامهم وتسيير شؤون المواطنين.
 
وبدأت بعض معالم الحرب تختفي من عدن، بفعل العمليات المكثّفة التي تقوم بها السلطات والتحالف العربي، لا سيما الهلال الأحمر الإماراتي، وتُركّز الجهود بشكل كبير على عودة الحياة، وكل ما يتصل بإعادة الحركة إلى عدن، وإعادة فتح مكاتب الحكومة، خصوصاً بعد التركيز على تمتين الأمن والتسريع من وتيرة العمل، من خلال ترتيبات أكثر فاعلية من ذي قبل. فالحياة في عدن باتت لها صور متعددة، على الرغم من الحرب، ويرى كثيرٌ من أبناء المنطقة، أنها تشهد تحسناً متسارعاً، كما يؤكد سعيد عبدالله لـ"العربي الجديد"، أن "عدن تعدّت مرحلة الخطر وبدأت الأعمال تعود كما كانت قبل الحرب، من خلال الحركة والأمان، وبدأت الناس تمارس أعمالها وتقوم بوظائفها".
 
فيما يقول محسن أحمد، الذي تضرر جزء من منزله جراء الحرب، إنه لا يهم إعادة ترميم ما تضرر في منزله بقدر ما يريد الأمن والاستقرار، وهو ما يرى أنه بدأ يتكرّس تدريجياً بفضل دول التحالف، وأيضاً رغبة الناس في وجود الدولة، لذلك يعتبر أن تواجد الرئيس اليمني والحكومة يجعل المواطنين يشعرون بأنهم أكثر أماناً.
 
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن التركيز لدى قوات الشرعية والتحالف، هو على استعادة الأمن، وبدأ هذا الأمر يحقق النتائج المرجوة، مع بدء إجراءات وترتيبات أمنية من خلال انتشار رجال المرور بشكل كبير في شوارع عدن، فضلاً عن أن السلاح لم يعد له وجود في الشوارع باستثناء النقاط التي توجد فيها آليات ومسلحون إلى جوارها أغلبهم يلبسون الزي المدني. وتؤكد مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "قوات التحالف والشرعية تقوم بعمليات تمشيط في المنازل والفنادق بشكل مفاجئ ليلاً في أوقات مختلفة، للتأكد من منع وجود سلاح أو مطلوبين، وتفرض إجراءات ضد أي مخالفات أو تجاوزات، إضافة إلى مراقبة الطرقات وكل عدن".
 
كما تعمل السلطات لإعادة الخدمات العامة، من بينها الكهرباء والماء والوقود، ما جعل معاناة مواطني عدن تخف، وتكاد الحياة تعود بشكل طبيعي، على الرغم من أن الحكومة الشرعية والتحالف لم يقوما بإعادة إعمار المباني والمنازل التي تدمّرت أو تضررت خلال الحرب، إلا أن هناك عملاً يساعد الناس في تجاوز العقبات والعوائق، ومنه إعادة ترميم مباني الدولة، إضافة إلى ترميم المدارس الحكومية من الهلال الأحمر الإماراتي، ما أدى إلى تغيير شكل المدينة التي تعرضت لحرب، وتخفيف منظر الدمار الذي أصابها. وبدأ تشغيل مطار عدن مدنياً، في الوقت الذي تستعد فيه عدن لاستقبال طواقم الحكومة، مع افتتاح المكاتب لجميع الوزارات.
 
فيما يطالب سكان عدن، الحكومة بمزيد من الإجراءات التي تساعدهم في تطبيع حياتهم وممارسة أعمالهم ومصالحهم، ويدعمون ضرب أي جماعة قد تهدد أمنهم واستقرار مدينتهم، بعد التضحيات التي قدّموها، لذلك فهم يحلمون وفق بعضهم ببناء عدن من جديد، بعيداً عن أي صراعات، وهم يساعدون التحالف والشرعية و"المقاومة" في مساعيهم، لتطبيع الحياة وإعادة الخدمات لمنطقتهم.
 
ويعتقد المواطن توفيق ناجي أن "تواجد الحكومة بشكل متواصل في عدن يخفف من معاناة الناس، ويسهّل حل مشاكلهم، لا سيما مع بدء افتتاح مكاتب الوزارات في عدن، فضلاً عن إعادة تفعيل الحركة التجارية والملاحية في عدن وموانئها ومطارها وربطها بمطارات العالم".
 
آثار الحرب بدأت تنحسر باستثناء بعض مظاهرها في المباني الخاصة وبعض المنازل، فيما لا تزال عشرات الآليات العسكرية المدمرة متروكة على جانب الطرقات، وتحكي تفاصيل حرب استمرت أربعة أشهر، وتعرضت فيها عدن لدمار كبير. كما بدأت الحركة تعود إلى الأسواق وبعض المراكز التجارية التي لم تتضرر، وبدأ الناس يقصدون هذه الأماكن، وإن كان بشكل أقل مما كان عليه قبل الحرب، بسبب بعض العوامل، منها عدم تواجد أبناء المحافظات الشمالية بشكل كبير بعد الحرب، وأيضاً لم يعد يوجد في عدن معسكرات وقوات من المحافظات الشمالية، بعد أن تحوّلت هذه القوات إلى مليشيات في الحرب، والتي كانت أعدادها كبيرة.
 
وبدأ بعض الجنوبيين بتسلّم مهن كان يمتهنها شماليون في بعض المناطق الجنوبية، فيما لا تزال هناك محلات ومصالح لأبناء الشمال يديرونها بأنفسهم، بينما وظّف بعضهم جنوبيين ليديروا محاله أو مصالحه. وهناك محال تم إغلاقها، ومصالح جرى تعطيلها، لأن أصحابها موالون للحوثيين أو لأن هذه المحال استُخدمت لمواجهة "المقاومة"، فضلاً عن أن تجاراً أوقفوا أعمالهم في المنطقة تخوفاً من أي أعمال انتقامية على خلفية الحرب.
 
أما عن الأنباء التي تحدثت عن تواجد جماعات متشددة وانتشارها في عدن، فإن الصورة في الواقع تخالف ذلك، مع تضخيم بعض وسائل الإعلام تواجد هذه الجماعات، وهو ما يقول بعضهم، إن أطرافاً من بينها المليشيات تقف وراءه. ويشير مواطنون من عدن، إلى أن هذا الكلام مبالغ فيه، بل بعضهم يشكك في حقيقة بعض من يقول، إنهم ينتمون لجماعات متشددة، باعتبار أن بعض من يتم الحديث عنهم بانتمائهم لجماعات متشددة، لا يُعرف عنهم أنهم متدينون ولا يُصلّون أو يدخلون المساجد. لذلك يرى بعضهم أن هناك أطرافاً تقوم بعمليات إرهابية وإشاعة الفوضى في عدن باسم جماعات متشددة، خدمة لأطراف محلية وسياسية. ويجزم بعض الناس أن الأمر لا يتجاوز استخدام اسم هذه الجماعات من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وتعكير صفو المساعي القائمة لإعادة الحياة الطبيعية إلى عدن، وعودة الحكومة وإعادة تشغيل كل المكاتب الحكومية وفرض أجواء الأمن والاستقرار.
 
ولم تغب ظروف الحرب عن العديد من أهالي عدن، الذين لا يزالون يروون تفاصيل المعاناة التي عاشوها، خلال تلك الفترة، والخسائر التي تكبّدوها، لكنهم يعتبرون أنهم تخلصوا من أدوات نظام صالح وأجهزته وجيشه، الذي مارس القمع والتنكيل في حقهم.
شارك الخبر