إذا غادر العقلاء دنيانا تقل فرص النجاة والنجاح. ومن هؤلاء حكيم اليمن وعقلها السياسي الأشهر الدكتور عبدالكريم الأرياني، الذي توفي أخيرا في أحد مشافي ألمانيا.
هذا الشيخ السياسي هو ابن عائلة نقشت حروفها في كتاب اليمن المعاصر، فمنهم الرئيس القاضي عبدالرحمن الأرياني، ومنهم الوزير ومنهم الشاعر ومنهم مهندس المؤتمر الشعبي العام وأحد أركان الدولة اليمنية الدكتور عبدالكريم الأرياني.
الرجل كان مخلصا لفكرة الدولة اليمنية، وبسبب هذا الإخلاص انحاز للشرعية الممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، رغم أن علاقته أوثق بعلي عبدالله صالح، لكنه قال جملته الشهيرة "لو كانت الشرعية عصا ملقاة لانحزت لها".
هذا الموقف الواضح، والذي عبر عنه في حواره الشهير مع جريدة الجيش "26 سبتمبر"، هو ما حاول إعلام الحوثي وعلي عبدالله صالح التعتيم عليه.
نعم هو كما هو وصفه الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد في مقالته بالشرق الأوسط كيميائي اليمن الذي خسره اليمنيون، بل القضية كلها، وهو وصف دقيق ومعبر لرجل عرف عنه تشرب التاريخ اليمني ومعرفة مكونات المجتمع و"المزاج اليمني".
ونتذكر سويا بعضا مما قاله الأرياني، خاصة لمن يريد جعل الدكتور الأرياني في صفه، من مؤتمري علي عبدالله صالح. قال مجيبا عن سؤال يتعلق بالحوثيين: "هم يقولون إن مكونات اجتماعية تعلن انضمامها إلى أنصار الله؟ في حالة الأوضاع غير المستقرة يحدث مثل هذا.. أيضاً القاعدة تعلن انضمام المجتمعات إليها.. فأين الفرق!!
كان هذا طرف من رؤية ورأي حكيم اليمن الراحل، أو الكيمائي، ولكن داء اليمن ظل نشطا ولم تفلح فيه عقاقير الطبيب اليمني الحكيم. حلقة جديدة من مرايا يفتح فيها الزميل مشاري الذايدي صفحات من سيرة الراحل عبدالكريم الأرياني.