التلفاز البالغ من العمر أكثر من 80 عاماً، لم يخسر حتى اليوم موقعه في كل بيت، لكن نسبة الاهتمام به تراجعت لمصلحة ثورة الإنترنت والهواتف الذكية.
وفي اليوم العالمي للتلفزيون الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 21 نوفمبر/تشرين الثاني من كل سنة، يحدق الخطر بشكل أسرع بالتلفاز الذي يستمر في صناعة نفسه، محاولاً الصمود أمام التقنيات الحديثة.
وتنمو خدمات الإنترنت والهواتف الذكية، مقابل تطور محدود وبطيء يطرأ على التلفاز كجهاز وبرامج، فإلى متى سيظل "الإنترنت" يقضم من جمهور مشاهدي التلفاز؟ وهل سيختفي هذا الجهاز فعلاً كما حدث مع المذياع (الراديو) في السنوات الأخيرة، حيث تراجع زخم مستمعيه.
التلفاز اختراع عظيم ومن أهم إنجازات القرن العشرين حيث غير مجرى الحياة في جميع الدول، وأصبح الوسيلة الأولى والوحيدة في كثير من المواضيع لكسب الأخبار والمعلومات المختلفة. ظهرت تجربة التلفاز عام 1928 في أمريكا. وفي عام 1935 ببريطانيا بعدد محدود من الأجهزة.
- متى بدأ البريق يخفت؟
إضافة إلى أن التحذير الأسري من التلفاز كان كبيراً بعد ظهوره وتطوره، بالنظر إلى الدعوة لإزالته وإبعاده عن الأطفال، إلا أن التأثير الذي قصم ظهر الشاشة كان بظهور الإنترنت.
فمع ظهور الحواسيب الشخصية والإنترنت، وتدني أسعارهما، ودخول عصر التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، بدأ العالم يصغر أكثر، فبقي التلفاز جهازاً متقدماً في التقنية البصرية والصوتية، ولكنه متأخر بالسرعة وتطورات العصر، فبات جلياً للمشاهد، أنه ملزم بوقت البرنامج، وباختيار القنوات التي يتابعها، التي يكون أحياناً قد دفع لها اشتراكاً، وأصبح عليه أن يُعنى بتوفير تقنيات وأجهزة التسجيل التي يبرمجها ويربطها بجهاز التلفاز حتى يتسنى له متابعة ما يفضل في وقت يناسبه آخر.
وخلال فترة وجيزة، بات تعبير "المحتوى البرامجي الأصلي" كلمة سرّ تحرّك رؤوس أموال تقدّر بالمليارات، في عالم خدمات البثّ على الإنترنت (تلفاز الإنترنت بالأحرى).
وبالنسبة لمعظمنا، فإن أهمية التلفاز تكمن باعتباره وسيلة أكثر قيمة للترفيه، ولكن بالنسبة لقادة الأعمال فإن النظرة المختلفة تكمن في الصعود والهبوط في قيمة وسائل الإعلام وصناعة السينما وقنوات البث الجديدة عبر الإنترنت، الأمر الذي يحدث اضطراباً في مستقبل جهاز التلفاز.
آخر أبحاث "أكسنتشر" تقول إن 62% من مشاهدي التلفاز، يستخدمون الآن أجهزة "المحمول" أو الحاسوب، و41% يستخدمون الأجهزة الذكية.
اقتصادياً، بني التلفاز على اثنين من مصادر الدخل: الإعلان والاشتراك، وهذا ما هدمه الإنترنت بالنظر إلى الفرق في الأسعار بين شبكة خدمة الإنترنت والإعلان عبره، بالمقارنة بالقنوات التلفزيونية.
ومؤخراً، كشفت شركة إريكسون عن رؤيتها الجديدة للمحتوى الإعلامي 2020، والتي أتت بعد أبحاث امتدّت لأكثر من ستة أشهر، حيث توقّعت أنّ الإرسال التناظري سيُصبح أمراً من الماضي، بعد أنّ يصل عدد المشتركين في الهواتف المتحركة ذات النطاق العريض إلى أكثر من 8 ملايين، بالإضافة إلى 1.5 مليار منزل مشترك في برامج التلفاز الرقميّ.
ويُتوقّع أيضاً الوصول إلى أكثر من 50 مليون جهاز متّصل، سيعتمد على شبكات الاتصال المتحرك عبر بروتوكول الإنترنت التي يهيمن عليها محتوى الفيديو.
- عصر التطبيقات
وفي الوقت الذي تتحول فيه مشاهدة التلفاز التقليدية إلى الاعتماد شبه الكامل على الإنترنت والمنصات والأجهزة الجديدة غير المرتبطة بشاشة العرض نفسها، يقترح بحث جديد أن مفهوم البث والتلقي التلفزيوني سينتقل بشكل كامل إلى (التطبيق) كمفهوم. هذا البحث الجديد صادر عن The Diffusion Group.
يقول التقرير إنه من المتوقع بحلول عام 2020 أن ما يقرب من نصف مشاهدات الفيديو ستحدث خارج خدمة التلفزيون المدفوع أو جهاز التلفزيون نفسه، حيث سيكون عن طريق تطبيق أو تطبيقات مخصص لخدمة فيديو محددة.
ويقول جويل اسبيلان، المحلل في Diffusion Group ومؤلف التقرير الجديد، بأن استخدام الشاشات الثانية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية يمهد الطريق لنظام متكامل لـ(التطبيقات التلفزيونية).
إذ أنه وخلال السنوات الخمس المقبلة، سيمتد هذا النظام الإيكولوجي للتطبيقات إلى الأجهزة الملحقة (كأجهزة التسلية) التي تصل التلفزيون بالإنترنت. حيث سيتحول المفهوم الموجود بقوة حالياً في عالم الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية (مفهوم متجر التطبيقات) ليتضخم بشكل كبير وحصري متعلق بالتلفزيون والمشاهدة.
وفي كتابها "كيف تتخلص من التلفزيون وتوفر مالاً" تثير الصحافية الأمريكية شيلبي جونسون العديد من التساؤلات عن مصير التلفاز ومستقبله، وتقول إن معظم الأمريكيين والأمريكيات من الجيل الجديد، الذي يسمى "جيل الكمبيوتر"، الذين تراوح أعمارهم بين 16 و30 سنة، لا يستعملون التلفاز كثيراً كما كانت الأجيال الماضية.
وتضيف: "ليست هناك حدود للمستقبل، فالشخص الذكي هو الذي يعتمد على التليفون الذكي والتلفزيون الذكي".
ويقول خبراء في الإعلام إن الناس تبحث اليوم عن السلعة أو الخدمة ذات الكلفة الأقل، والتي تتميز بالجودة ولا تقيد حريتهم في التناول والاستهلاك، في حين تكلفنا برامج التلفاز كثيراً وتحد من حريتنا من خلال فرضها علينا مشاهدة ما تريده التلفزيونات.