لخير أهله وللشر أهله.. هكذا تعلمنا من تجارب التاريخ ، نرى من يقتل ويزرع الفقر والجوع ويقود الحروب في سبيل السلطة وحب الغنيمة والاستحواذ على النفوذ والتي يدفعها المدنيون من كل الفئات والأعمار بلا استثناء، ونرى من يجتهد قدر المستطاع لمعالجة الفقر والجوع وإعانة المحتاجين ، وكنتيجة لذلك الشر الذي فتحت أبوابة الحرب الدموية التي شنتها ميليشيات الحوثي والمخلوع ﺗﺸﻬﺪ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ المؤقتة عدن ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎﺕ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺃﻭﺿﺎﻋﺎ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وانعدام أساسيات الحياة ،فيما من حسن حظ محافظة عدن أنها تحررت وباتت في حضن الشرعية وصار من الممكن أن تعمل جهود الإغاثة الإنسانية التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وكذلك الهلال الأحمر الإماراتي والإغاثة القطرية والكويتية على بذل جهد أكثر لتغطية اكبر المناطق والأسر المتضررة من الحرب والتي تحتاج الإعانة الإنسانية.
الكميات غير كافية
حيث تأتي هذه المساعدات ضمن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بتقديم مساعدات عاجلة للشعب اليمني الشقيق،وتنفيذاً لتوجيهاته أمْر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بتأمين طائرات شحن تابعة لقيادة القوات الجوية السعودية لتسيير جسر جوي لنقل المساعدات الإغاثة والإنسانية التي يقدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ، وقال رئيس المجلس الأهلي في مديرية دار سعد لبرنامج التواصل الدكتور كامل عبدالله المداوي "نستلم شهرياً 18 ألف سلة اغاثية من مركز الملك سلمان نوزعها على اللحوم والبساتين ومصعبين ودار سعد الشرقية والغربية لكن للأسف الكمية غير كافية لان لدينا أكثر من 30 ألف أسرة متضررة فكيف ممكن تغطي هذا العدد الكبير نحتاج جهد ونشكر ائتلاف عدن الاغاثي كذلك لدية إسهامات في هذا المجال".
70% من مناطق عدن شبة مكتملة
بعد أن انتهت الحرب الدموية في عدن وولت فلول الميليشيات مندحرة بدأ السكان في عدن يتهيئون لعودة الحياة إلى إيقاعها الطبيعي وبدأت عملية تطبيع الحياة ،وعادت الخدمات للعمل كالكهرباء وإمدادات الماء، وتوفير المشتقات النفطية، وخدمة الاتصالات، وتوافدت المؤن الإغاثة التي وصلت بدعم من التحالف العربي محاولة الإسهام في تخفيف معاناة كثير من الأسر المتضررة وتغطيه اغلب المناطق ، وفي سياق الجهود المبذولة الناشط عمرو الارياني مندوب لجنة المسح والحصر للإغاثة في الهلال الاحمر صرح لبرنامج التواصل مع علماء اليمن "أن 70% من المناطق في عدن على وشك إكمال تغطيتها فكريتر والمعلى والتواهي والممداره تبقى فيها بعض الإحياء ،وخور مكسر والعريش والنصر بداء العمل فيها قبل أسبوعين لأن أهلها كانوا نازحين ، ودار سعد والشيخ عثمان تعمل اللجان في الوقت الحالي ،ويتبقى البساتين والبريقة في الأيام القادمة حيث مازال العمل جار على قدم وساق".
تبعات الحرب اثقل من محاولات التعويض
لقد تركت الحرب تبعات ثقيلة على أوضاع الناس، وضاعفت معاناتهم ورأوا بأنفسهم مدى تدهور أوضاعهم، وانعكاسها على حياتهم اليومية، وافتقادهم أبسط مقومات الحياة الأساسية، عند هذه النقطة المهمة تحدث إلينا احد خطباء وإمام مسجد في عدن طالبا عدم ذكر أسمة عن الأوضاع المعيشية وتوزيع الإغاثة " ما زلنا نرى من يأكل من القمامة رغم أننا نرى الإغاثة توزع وتباع في الأسواق السوداء على الأرصفة هذا الشيء يدل على الفساد والكثير من المناطق لم تصل إليها الإغاثة".
الهجوم الحاد الذي أبداه إمام المسجد مبرر كون أحوال الناس لا تحتمل التلاعب والفساد ولا تسر الأعداء قبل الحلفاء فالحرب لم تترك فرص للحياة الكريمة ، فيما الارياني يرجع سبب تأخر وصول الإغاثة لتلك المناطق وتسربها إلى الأسواق السوداء بـ انه " يعود تأخر توزيع الإغاثة إلى القدرة الاستيعابية للنقل حيث تصل إلى 240 سلة غذائية وعلى هذا الأساس يتم المسح ، أما تسرب المواد الاغاثية إلى الأرصفة بسبب بعض الأسر والشباب الذي يستلمون مواد الإغاثة ويبيعونها في سبيل تغطية نفقات أخرى كشراء الغاز المنزلي". غير أن الدكتور عبدالله المداوي يرجع الأمر إلى أن " له علاقة بسلوكيات سيئة كتعاطي القات حيث يضطر لبيع المساعدات فقد جاءت إلينا نساء يشكون أن ولي الأمر في البيت اخذ الإغاثة وباعوه ، هذا الأمر لا نستطيع التحكم به لان مهمتنا تقتضي تسليم الإغاثة للمستهدفين وما يحصل بعد ذلك ليس لنا علاقة فيه".
ادوار العلماء وأئمة المساجد وخطبائها من الأهمية إلى الضرورة
وفيما يخص دور العلماء والخطباء وأئمة المساجد في توزيع وتنظيم عمل الإغاثة يؤكد إمام المسجد أن " في اغلب المناطق يتم التنظيم والتنسيق والتوزيع بمساندة العلماء وخطباء المساجد حتى الإماراتيين أنفسهم مشكورين علية لا يثقون بمساعدة احد غير الخطباء في الأحياء لكي تساند عمل اللجان لأنة في السابق وزعت بعض الإغاثة ووجدناها على الأرصفة ".
كذلك الدكتور عبدالله رئيس المجلس الأهلي يشرح الدور المهم للعلماء والخطباء الذي لا ينحصر فقط في الإغاثة " المجلس الأهلي هو تنظيم تطوعي من العلماء والخطباء وأصحاب الخير وكان لهم خصوصية في هذا الجانب وتثبيت الأمن والاستقرار وحل قضايا المجتمع، ومواقفهم طيبة ويوجد نوع من التفاهم لمساندتهم .. وهم يشدون على أيدينا ونحن ندعوهم دائما للوقوف بجانبنا سواء بالمشورة والنصيحة أو العمل والتوجيه وكل شيء يرونه مناسباً".
و يجدر التنويه أن المجلس الأهلي في محافظة عدن هو تكتل خيري تطوعي تشكل كحاجة ملحة نتيجة للوضع المتدهور الذي عاشته عدن أثناء وبعد الحرب الحوثية ، يجمع العلماء وخطباء وأئمة المساجد ودكاترة وفاعلي خير من كل مديرية بعد أن تخلت الجهات الرسمية عن واجبها الديني و المهني والأخلاق والإنساني حسب الدكتور عبدالله " في وقت كانت الناس بأشد الحاجة إليهم فكان لابد أن ينبري الخيرين لهذا الدور".
في معرض الحديث عن دور الخطباء والعلماء لإسناد العمل الاغاثي أكد المحافظ جعفر محمد سعد في تصريح سابق أمام الخطباء والعلماء أن دورهم محوري وفعال في تسهيل العمل الاغاثي ، الأمر الذي يكشفه مندوب لجنة الإغاثة في تعليقه على دور الخطباء والعلماء بالقول "دورهم بالطبع مهم للغاية فعندما ندخل الأحياء وسط الأوضاع الخطيرة بالتأكيد نحتاج لعون الخطباء بشكل لوجستي "، ويستذكر هنا حادثة عرقلت عمل الإغاثة في إحدى المديريات "حصل إشكال وكان بصحبتنا خطيب المسجد في تلك المنطقة فقال للمجاميع هؤلاء الناس جاءوا يساعدونكم سهلوا لهم عملهم واجلسوا في بيوتكم حتى نأتي إليكم وبالفعل استمعوا له بعد ان كنا في وضع لا يحسد علية".
طموح بحجم المسؤوليات
وفي الأخير نضع تساؤل طرحة إمام المسجد الذي التقينا به وطلب عدم ذكر أسمة قال في ختام كلامه "إننا ننتظر أن يعمل المحافظ بالتنسيق حسب وعدة مع العلماء والخطباء على حث الجهات الداعمة لزيادة حجم الإغاثة ، والاهم أن يتم ترشيدها بحيث لا توزع في غير محلها بعيداً عن ضمير صاحي يراقب أين تذهب أما تلك التي توزع بمعرفة ومساندة الخطباء فنقول لهم (الأمانات ترد إلى أهلها)، ونحث عل المحافظ أن يجمع اكبر قدر من الخطباء حوله ويستعين بهم فلا تحصرهم في كم كرتون من الإغاثة وتقول وزعوه بل أعطهم العون والتقدير والمكانة في العمل بما يقدرون على تقديمه".