ينتظر عشاق المستديرة حول العالم، يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بفارغ الصبر، لمتابعة كلاسيكو الليغا، عندما يستضيف فريق ريال مدريد غريمه الأزلي: فريق برشلونة، في معقله "سانتياغو بيرنابيو"، وذلك ضمن منافسات الجولة 12 من بطولة الدوري الإسباني لكرة القدم، الذي من المتوقع أن يشاهده- بحسب شبكة "يورو سبورت"- نحو 800 مليون مشاهد حول العالم.
اللقاء الذي يتجدد سنوياً على الأقل مرتين في الموسم، ويحظى بـ"إجراءات أمنية خاصة"، يحمل الكثير من المعاني بين جمهور اللاعبين، قد لا يعلم عشاق المستديرة حول العالم، أن السبب سياسي أكثر منه رياضياً، وهو ما يجعل لقاء هذين الفريقين أقوى لقاء كلاسيكو بالعالم، فعند لقائهما يصبح هذا اليوم مختلفاً عن باقي الأيام، في إسبانيا تحديداً والعالم عموماً، حيث تقفل الأسواق في إسبانيا ولا يُرى أحد خارج منزله.
قد يستغرب البعض أن السبب تاريخي، ويعود للثلاثينيات من القرن الماضي، فعندما تولى حكم إسبانيا الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو، أذاق أهالي كاتالونيا شتى أنواع العذاب والآلام، وأعلن الحرب على إقليم كاتالونيا وعاصمته برشلونة، وكان السبب في ذلك مطالبة سكان الإقليم بالانفصال عن إسبانيا، كما وصف فرانكو كاتالونيا بأنها "مستوطنة للمجرمين والأشرار"، وفق صحيفة الخليج أون لاين.
وقامت حكومة الديكتاتور فرانكو بإعدام أشهر شعراء كاتالونيا؛ وهو لوكا الفاريس، الذي كان معارضاً لحكم فرانكو وسياسته، وحاول فرانكو أن يسرق الهوية الكاتالونية بمنع لغتها وعلمها الذي نراه اليوم شارة لكابتن فريق برشلونة، كما منع الأنشودة الوطنية لكاتالونيا التي ألفها الفاريس، والتي هي اليوم أنشودة نادي برشلونة.
هذه الإجراءات زادت مشاعر الكراهية لدى سكان كاتالونيا، إزاء الإسبان عموماً الذين كانوا يعتقدون أن فرانكو يحاول حماية وحدة البلاد وسلامتها من النزعة الانفصالية لدى الكاتالونيين، وكانت الأندية الكاتالونية، وتحديداً برشلونة، تعيش بواقع مرير، في حين كان نادي ريال مدريد يعيش بأجواء لا مثيل لها؛ إذ قام الملك ألفونسو الثالث عشر بمنحهم شعار الملكية عام 1929.
وفي عام 1936 أمر فرانكو طائراته بقصف النادي الكاتالوني، وتم إطلاق القذائف على ملعب "الكامب نو"، لتندلع بعد ذلك شرارة الحرب الأهلية في إسبانيا كلها، والتي أدت إلى نصف مليون قتيل، وكان هذا التصرف هو سبب العداء الكبير بين البارسا والريال حتى اليوم.
وفي مباراة الكلاسيكو في كأس ملك إسبانيا بين الفريقين عام 1943، تقدم فريق برشلونة بهدف وحيد على ريال مدريد في الشوط الأول، لتقوم الشرطة الإسبانية خلال الاستراحة بين الشوطين باقتحام غرفة ملابس نادي برشلونة، وتهديد لاعبي البارسا بقتل وسجن أسرهم إذا لم يتركوا ريال مدريد يفوز بالمباراة حتى لا يحزن الجنرال، وأخبروهم: "لا تنسوا أن سخاء الجنرال، الذي تغاضى عن نقص الوطنية عندكم، هو السبب الوحيد وراء بقائكم تلعبون"، وبالفعل في الشوط الثاني انتهت المباراة بنتيجة 11/1 لريال مدريد.
صحيح أن تلك الحوادث أشعلت حقداً في نفوس لاعبي وجماهير البرسا، لا تزال نارها متقدة حتى اليوم، لكن الكثيرين من لاعبي الريال وعشاقه، أدانو وما زالوا يدينون هذه الإجراءات القمعية، ولكن تبقى النار في صدور الكاتالونيين مشتعلة ولن تنطفئ، برأي كثيرين، إلا بنيل كاتالونيا استقلالها عن إسبانيا.