اضطر الإريتري إلياس سيمو وأصدقاؤه لسلوك طرق غير شرعية للوصول إلى اليمن، على أمل مواصلة رحلتهم إلى السعودية لاحقا. فاليمن أشبه بصلة وصل، تربط السعودية مع دول القرن الأفريقي. وفرص العمل هناك متاحة بشكل أكبر.
لكن أحلام سيمو ورفاقه ذهبت أدراج الرياح في أول ساعة حطت فيها أقدامهم شواطئ مدينة الحديدة غرب اليمن، بعد أن ألقت سلطات خفر السواحل اليمنية القبض عليهم وأودعتهم مركز احتجاز.
عن رحلته المجهضة إلى السعودية يقول سيمو (30 عاما): الموت أو الرحيل.. لم يكن لدي خيارٌ آخر حين قررت الهجرة من بلدي إلى اليمن. ويشرح قائلا إن قرر الرحيل لأنه كان يحلم بحياة أفضل لكن "لا شيء تحقق حتى الآن".
الممر النموذجي
ويعتبر اليمن الممر النموذجي للهجرات غير النظامية التي تودي بحياة لاجئين كثر. فحالات غرق مراكب المهاجرين غير النظاميين من الصومال وإثيوبيا وإريتريا إلى الشواطئ اليمنية كثيرة، وماتزال تلك الرحلات الخطرة مستمرة حتى اليوم بالرغم من انفجار الحرب في اليمن.
ومؤخرا، انقلب قارب كان على متنه 68 راكباً، تم إنقاذ 32 منهم من قبل سفينة عابرة، بينما تمكن شخص واحد من السباحة إلى الشواطئ اليمنية، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
وتقول إحصاءات رسمية إنه يجري تهريب ما بين مئتين وخمسمئة من اللاجئين الأفارقة يومياً، على متن قوارب من السواحل الصومالية والإريترية إلى السواحل اليمنية. ومن ثم يتوجهون سيراً على الأقدام أو بواسطة ناقلات خاصة بمهربين إلى الحدود البرية الوعرة بين السعودية واليمن للتسلل إلى المناطق الجنوبية للمملكة.
ويرجع كثيرٌ من مسؤولي المنظمات الدولية أسباب استمرار رحلات المهاجرين غير النظاميين إلى اليمن، رغم انفجار الأوضاع هناك، لأسباب تتعلق بقدرة زعماء شبكات التهريب على إقناع زبائنها بالهجرة والتقليل من خطورة الوضع باليمن، فضلاً عن الآمال العريضة والوعود الكاذبة التي يحتال بها المهربون على المهاجرين، بخصوص قدرتهم على إيصالهم من اليمن إلى السعودية، عن طريق عملاء لهم في الحدود الفاصلة بين البلدين.
وفي ظل هذا الواقع يجد كثير من المهاجرين أنفسهم فرائس سهلة لشبكات التهريب، ويتعرضون لانتهاكات مروعة أثناء رحلاتهم أو بعد وصولهم إلى اليمن، هذا إن حالفهم الحظ ولم يموتوا غرقاً في البحر بسبب تهالك القوارب التي يتم فيها نقل النازحين.
يقول اللاجئ الصومالي أحمد إسماعيل "يحتال المهربون في الكثير من الأحيان على الأشخاص الراغبين في دخول السعودية، إذ يطلبون منهم دفع مصاريف الرحلة مقدماً ومن ثم يتركونهم على الشواطئ اليمنية".
وفي قصة مأساة نزوح مروعة حدثت لفتاة إثيوبية، طلبت عدم الافصاح عن اسمها والاكتفاء بالرمز (ك. س) قالت إنها قررت الهجرة من أديس أبابا بعد اتفاقها مع مهرب يوصلها إلى الصومال ومنه إلى اليمن.
وتمضي قائلة "اصطحبني المهرب مع مجموعة من الشباب والشابات إلى سيارة مغلقة لا يكاد يدخل فيها الهواء وانطلق بنا ليلاً بسرعة جنونية إلى أن وصلنا الصومال. غير أنه بعد أن أوصلنا إلى الحدود الصومالية عاد مرة أخرى يطالبنا بدفع مبلغ إضافي مقابل الوصول إلى الشواطئ اليمنية. وعندما علم أنني الوحيدة التي لم تعد تمتلك النقود رمى بي في منطقة مشبوهة، يكاد يكثر فيها البلطجية والمدمنون".
اغتصاب
وتتابع حديثها، بنفَس متقطع والدموع تسيل من عينيها "لقد تم الاعتداء عليّ جنسيا، وتناوب على اغتصابي عدد من المدمنين. كنت لا أزال بكراً. عانيت ذلاً كثيراً".
وحاولت الشابة الإثيوبية، البالغة من العمر الآن 28 عاماً، تدبر مبلغ للخروج من الصومال عن طريق التسول أحياناً أو "ببيع نفسها" كما تقول. وظلت على هذه الحال لمدة شهرين إلى أن تمكنت من جمع تكاليف الرحلة ومواصلة طريقها عبر البحر لتصل شواطئ المكلا بعد ثلاثة أيام.
يُشار أيضا إلى أن حرب اليمن فاقمت من أوضاع اللاجئين. وفي نهاية مارس/آذار الماضي تعرض مخيم النازحين (المرزوق) للقصف، ما أسفر عن مقتل 45 شخصاً على الأقل، وإصابة 65 آخرين. في حين دمرت الحرب في مدينة عدن (جنوب البلاد) نحو 150 مسكناً من مساكن اللاجئين في حي البساتين.