قبل مجئ حراك الربيع العربي و حشود الثوار التي واجهت نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مطالبة بانهاء عقود من الاستبداد و الاضطهاد و حتى وقت قريب، كان الامريكيون يصفون طاغية اليمن ب الحصن المنيع ضد الارهاب و يعتبرونه حليفا استراتيجيا في المنطقة لمحاربة القاعدة، ذلك التنظيم الاسلامي الشهير
و عندما اتضحت الرؤيا و اصبح جليا ان اليمنيين عازمين على خلع الدكتاتور المسن مهما كلفهم ذلك من دماء على يد قواته المسلحة، بدا البيت الابيض بتغيير مواقفه و لغة خطابة، داعيا الى الاصلاحات و الانتقال الى دولة المؤسسات الديمقراطية
الصداقة الجميلة التي وحدت البلدين – امريكا و اليمن - بدات بالذوبان فوق محرقة الغضب الشعبي مهددة بالحاق الضرر بالمصالح الامريكية في المنطقة
و بالرغم من ان كثير من مسلحي الديمقراطية يتهمون الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف الى جانب الزعماء الدكتاتوريين لخدمة سياساتها في الشرق الاوسط، و يتهمونها ايضا بدعم مجرمي الحروب كما هو الحال مع الرئيس صالح. و لا عجب ان كانت امريكا تلعب دورا شريرا يتمثل في حياكة المؤامرات و الخيانات
و لا يحتاج المرء منا ان يعود الى زمنا بعيدا في كتب التاريخ لكي يتذكر حاكم اخر مستبد و شهير و الذي اصبح منبوذا عندما اصبح لا يفي بالغرض. انه محمد رضا شاه حاكم ايران الذي تخلى عنه اصدقائه الامريكان و كادوا ان يبيعوه لايات الله في ايران، عندما اصبح دون مستوى توقعات السياسات الخارجية للبيت الابيض
هل تنقلب ادارة اوباما على الرئيس صالح و يعملوا على تسليمه الى اولئك الذين يدعون لاعتقاله؟
هل من الممكن ان يصبح رئيس اليمن الشرير مثل شاه ايران الجديد في سعيه للحصول على اللجوء السياسي؟
لا يمكننا الابتعاد كثيرا من التشابه اللافت بي الزعيمين المخلوعين. احدهم فر الى الغرب الذي يكن له كل الولاء و اغضب شعبه و خشي على نفسه من الاعدام، و الاخر اجبر على التخلي عن السلطة التي ساعدته امريكا في البقاء فيها لاكثر من ثلاثة عقود. كلاهما لجئ الى الولايات المتحدة لمساعدته و تم رفض طلب دخول كل منهما الى اراضيها و كلاهما اصرا على الدخول و في اخر المطاف سمح لكلاهما بالدخول
احدهما غدر به، اما الاخر فما زال ينتظر مصيره
محمد رضا شاه ايران
ان الدول التي تدعي نشر الديمقراطية و الحرية في ارجاء المعمورة، و انهم سيقفون على الدوام الى جانب اولئك الذين يسعون لمحاكاة القيم الغربية، هي بعينها تلك الدول التي حطمت امال الايرانيين في التحول الى دولة ديمقراطية ناجحة
و لان انعتاق ايران وقف في طريق مصالحهم الاقتصادية، قررت الولايات المتحدة و بريطانيا ان تفرض حكم الشاه المطلق على شعبه
عندما تم انتخاب محمد مصدق لرئاسة مجلس الوزراء، و هو مؤسس و زعمي الجبهة الوطنية الايرانية، قام بعد انتخابه مباشرة باعلان تحويل صناعة النفط في ايران الى ادارة الدولة و استبعاد شركة النفط الانجلو ايرانية ذات الارباح المهولة، و قد كانت تلك الشركة تمثل احد الركائز الرئيسية للاقتصاد البريطاني
و بعدها قام البريطانيون باقناع الامريكان بالحاجة الى الاطاحة بمصدق و اعادة شاه ايران كحاكم مطلق للبلاد، معللين ذلك بان تلك الخطوة ستعزز من مصالح البلدين في المنطقة
ان موقع ايران الجغرافي السياسي و مخزونها الضخم من النفط مثل اصول ثمينة لتعزيز الهيمنة الغربية و ما كان لشئ كالديمقراطية ان تقف عائقا في طريق تلك الهيمنة
و بعد فشل الانقلاب المعروف بعملية اجاكس، تم الضغط على الشاه لاصدار قرار يقضي بابعاد مصدق. و بعدها هرب الشاه الى العراق و من ثم الى ايطاليا خوفا على حياته. ثم عاد مرة اخرى تحت حماية
حلفائه
و بعد عقدين من الزمن اطاح الشعب بحكم الشاه بينما كان يحاول ان يحول ايران الى مجتمع غربي و علماني و هو الامر الذي اغضب الشعب و النخب السياسية حتى انهم سعوا الى اعدامه
في المنفى و مصاب بالسرطان، لجئ الملك الى الولايات المتحدة الامريكية خوفا على حياته لكن طلب منحه اللجوء السياسي تم رفضه. و بعد اصراره على رغبته في تلقي العلاج الطبي، وافق البنتاجون على مضض منحه تاشيرة دخول لفترة زمنية محدودة. لكن زيارة الملك تزامنت مع هجوم ضد السفارة الامريكية في طهران و اختطاف 400 مواطن امريكي
كان شاه ايران محل جدال، فقد تجنبه حلفائه السابقين و فتك به المرض العضال فراح يبحث عن مكان يلجا له في امريكا اللاتينية و اخيرا استقر به الحال في مصر حيث مات هناك و دفن علي عبدالله صالح
في اعقاب هجمات القاعدة على الاراضي الاميريكية في عام 2001 ادرك صالح ان المخرج الوحيد لتجنب تهديد موجة الهجوم العسكري القادم باتجاهه، بان يعقد على وجه السرعة تحالفا مع العملاق الامريكي
كانت تلك هي لحظة ولادة الحرب اليمنية الامريكية على الارهاب
و ان كان صالح قد ناور اصدقائه الجدد من خلال تخوفيهم للحصول على دعم مالي فان الحلفاء جعلوه يدفع ثمنا باهضا على الصعيد السياسي
و بازدياد عدد الضربات التي تشنها الطائرات بدون طيار في اعداد الضحايا المدنيين في ارتفاع. و قد بدا اليمنيون بالحديث عن خيانة الطاغية للوطن من خلال السماح لقوات اجنبية بالدخول الى المجال الجوي لليمن مقابل حصوله على بعض المال
و بدات زراعة بذور الثورة بالرغم انه استغرق من اليمنيين عقدين من الزمان لحشد الزخم المطلوب للثورة على اجهزة الدولة، الا ان المعارضة السياسية لنظام صالح اثبتت انه من المستحيل ايقافها
و عندما راى البيت الابيض عن قرب قوة الجماهير في مصر، قرر الامريكان ان يعملوا بشك مختلف في اليمن، مفضلين الاعداد لخروج الطاغية وفقا لشروط محددة بدلا من ترك الجماهير تسيطر على القصر الجمهوري و تنهي اي امل في التعاون المستقبلي لمحاربة القاعدة
و لكن لو ان صالح استطاع بنجاح ان يامن سلامته السياسية و المالية هو و افراد اسرته، الا ان مشاكله ستستمر
و بينما تستعد اليمن لاستقبال الرئيس الجديد، فان صالح الذي كان ضحية لهجوم استهدفه في عام 2011 في قلب ، مجمعه الرئاسي، اصبح يعاني من مشاكل صحية تتطلب عناية طبية فائقة
و كما فعل الشاه من قبله، طلب صالح من الولايات المتحدة السماح له بالسفر اليها لتلقي العلاج الطبي الذي يحتاجه بشدة ليتم رفض طلبه. و بعد اسابيع من المفاوضات المكثفة و الجدل السياسي الكبير الذي اثاره طلب الزيارة، وافق البيت الابيض اخيرا على طلب الزيارة شرط ان تكون قصيرة و مقتصرة على المستشفى فقط
و كما كان حال الشاه من قبله، فان ابناء شعبه يتجمهرون مطالبين ان يرحل الى محكمة العدل و الجنايات الدولية لتتم لكي يحاكم على جرائمه التي ارتكبها ضد الانسانية و لتجميد امواله التي نهبها من ثروات اليمن
و بعد اسابيع فقط من منحه حصانة من قبل البرلمان اليمني، يواجه صالح نفس الذي ال اليه الشاه من ان يتم بيعه لمعارضيه لانه لم يعد يفي بالغرض و اصبح يشكل عالة على حلفائه. و بما ان الامم المتحدة و امينها العام بان كي مون الذي صرح بان لا حصانة لمرتكبي جرائم الحرب و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، فان البيت الابيض قد يتعامل بحسن الضمير تاركا الطاغية يواجه المصير الذي يستحقه
*بقلم شيارا اوناسيس
ترجمة مهدي الحسني
و عندما اتضحت الرؤيا و اصبح جليا ان اليمنيين عازمين على خلع الدكتاتور المسن مهما كلفهم ذلك من دماء على يد قواته المسلحة، بدا البيت الابيض بتغيير مواقفه و لغة خطابة، داعيا الى الاصلاحات و الانتقال الى دولة المؤسسات الديمقراطية
الصداقة الجميلة التي وحدت البلدين – امريكا و اليمن - بدات بالذوبان فوق محرقة الغضب الشعبي مهددة بالحاق الضرر بالمصالح الامريكية في المنطقة
و بالرغم من ان كثير من مسلحي الديمقراطية يتهمون الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف الى جانب الزعماء الدكتاتوريين لخدمة سياساتها في الشرق الاوسط، و يتهمونها ايضا بدعم مجرمي الحروب كما هو الحال مع الرئيس صالح. و لا عجب ان كانت امريكا تلعب دورا شريرا يتمثل في حياكة المؤامرات و الخيانات
و لا يحتاج المرء منا ان يعود الى زمنا بعيدا في كتب التاريخ لكي يتذكر حاكم اخر مستبد و شهير و الذي اصبح منبوذا عندما اصبح لا يفي بالغرض. انه محمد رضا شاه حاكم ايران الذي تخلى عنه اصدقائه الامريكان و كادوا ان يبيعوه لايات الله في ايران، عندما اصبح دون مستوى توقعات السياسات الخارجية للبيت الابيض
هل تنقلب ادارة اوباما على الرئيس صالح و يعملوا على تسليمه الى اولئك الذين يدعون لاعتقاله؟
هل من الممكن ان يصبح رئيس اليمن الشرير مثل شاه ايران الجديد في سعيه للحصول على اللجوء السياسي؟
لا يمكننا الابتعاد كثيرا من التشابه اللافت بي الزعيمين المخلوعين. احدهم فر الى الغرب الذي يكن له كل الولاء و اغضب شعبه و خشي على نفسه من الاعدام، و الاخر اجبر على التخلي عن السلطة التي ساعدته امريكا في البقاء فيها لاكثر من ثلاثة عقود. كلاهما لجئ الى الولايات المتحدة لمساعدته و تم رفض طلب دخول كل منهما الى اراضيها و كلاهما اصرا على الدخول و في اخر المطاف سمح لكلاهما بالدخول
احدهما غدر به، اما الاخر فما زال ينتظر مصيره
محمد رضا شاه ايران
ان الدول التي تدعي نشر الديمقراطية و الحرية في ارجاء المعمورة، و انهم سيقفون على الدوام الى جانب اولئك الذين يسعون لمحاكاة القيم الغربية، هي بعينها تلك الدول التي حطمت امال الايرانيين في التحول الى دولة ديمقراطية ناجحة
و لان انعتاق ايران وقف في طريق مصالحهم الاقتصادية، قررت الولايات المتحدة و بريطانيا ان تفرض حكم الشاه المطلق على شعبه
عندما تم انتخاب محمد مصدق لرئاسة مجلس الوزراء، و هو مؤسس و زعمي الجبهة الوطنية الايرانية، قام بعد انتخابه مباشرة باعلان تحويل صناعة النفط في ايران الى ادارة الدولة و استبعاد شركة النفط الانجلو ايرانية ذات الارباح المهولة، و قد كانت تلك الشركة تمثل احد الركائز الرئيسية للاقتصاد البريطاني
و بعدها قام البريطانيون باقناع الامريكان بالحاجة الى الاطاحة بمصدق و اعادة شاه ايران كحاكم مطلق للبلاد، معللين ذلك بان تلك الخطوة ستعزز من مصالح البلدين في المنطقة
ان موقع ايران الجغرافي السياسي و مخزونها الضخم من النفط مثل اصول ثمينة لتعزيز الهيمنة الغربية و ما كان لشئ كالديمقراطية ان تقف عائقا في طريق تلك الهيمنة
و بعد فشل الانقلاب المعروف بعملية اجاكس، تم الضغط على الشاه لاصدار قرار يقضي بابعاد مصدق. و بعدها هرب الشاه الى العراق و من ثم الى ايطاليا خوفا على حياته. ثم عاد مرة اخرى تحت حماية
حلفائه
و بعد عقدين من الزمن اطاح الشعب بحكم الشاه بينما كان يحاول ان يحول ايران الى مجتمع غربي و علماني و هو الامر الذي اغضب الشعب و النخب السياسية حتى انهم سعوا الى اعدامه
في المنفى و مصاب بالسرطان، لجئ الملك الى الولايات المتحدة الامريكية خوفا على حياته لكن طلب منحه اللجوء السياسي تم رفضه. و بعد اصراره على رغبته في تلقي العلاج الطبي، وافق البنتاجون على مضض منحه تاشيرة دخول لفترة زمنية محدودة. لكن زيارة الملك تزامنت مع هجوم ضد السفارة الامريكية في طهران و اختطاف 400 مواطن امريكي
كان شاه ايران محل جدال، فقد تجنبه حلفائه السابقين و فتك به المرض العضال فراح يبحث عن مكان يلجا له في امريكا اللاتينية و اخيرا استقر به الحال في مصر حيث مات هناك و دفن علي عبدالله صالح
في اعقاب هجمات القاعدة على الاراضي الاميريكية في عام 2001 ادرك صالح ان المخرج الوحيد لتجنب تهديد موجة الهجوم العسكري القادم باتجاهه، بان يعقد على وجه السرعة تحالفا مع العملاق الامريكي
كانت تلك هي لحظة ولادة الحرب اليمنية الامريكية على الارهاب
و ان كان صالح قد ناور اصدقائه الجدد من خلال تخوفيهم للحصول على دعم مالي فان الحلفاء جعلوه يدفع ثمنا باهضا على الصعيد السياسي
و بازدياد عدد الضربات التي تشنها الطائرات بدون طيار في اعداد الضحايا المدنيين في ارتفاع. و قد بدا اليمنيون بالحديث عن خيانة الطاغية للوطن من خلال السماح لقوات اجنبية بالدخول الى المجال الجوي لليمن مقابل حصوله على بعض المال
و بدات زراعة بذور الثورة بالرغم انه استغرق من اليمنيين عقدين من الزمان لحشد الزخم المطلوب للثورة على اجهزة الدولة، الا ان المعارضة السياسية لنظام صالح اثبتت انه من المستحيل ايقافها
و عندما راى البيت الابيض عن قرب قوة الجماهير في مصر، قرر الامريكان ان يعملوا بشك مختلف في اليمن، مفضلين الاعداد لخروج الطاغية وفقا لشروط محددة بدلا من ترك الجماهير تسيطر على القصر الجمهوري و تنهي اي امل في التعاون المستقبلي لمحاربة القاعدة
و لكن لو ان صالح استطاع بنجاح ان يامن سلامته السياسية و المالية هو و افراد اسرته، الا ان مشاكله ستستمر
و بينما تستعد اليمن لاستقبال الرئيس الجديد، فان صالح الذي كان ضحية لهجوم استهدفه في عام 2011 في قلب ، مجمعه الرئاسي، اصبح يعاني من مشاكل صحية تتطلب عناية طبية فائقة
و كما فعل الشاه من قبله، طلب صالح من الولايات المتحدة السماح له بالسفر اليها لتلقي العلاج الطبي الذي يحتاجه بشدة ليتم رفض طلبه. و بعد اسابيع من المفاوضات المكثفة و الجدل السياسي الكبير الذي اثاره طلب الزيارة، وافق البيت الابيض اخيرا على طلب الزيارة شرط ان تكون قصيرة و مقتصرة على المستشفى فقط
و كما كان حال الشاه من قبله، فان ابناء شعبه يتجمهرون مطالبين ان يرحل الى محكمة العدل و الجنايات الدولية لتتم لكي يحاكم على جرائمه التي ارتكبها ضد الانسانية و لتجميد امواله التي نهبها من ثروات اليمن
و بعد اسابيع فقط من منحه حصانة من قبل البرلمان اليمني، يواجه صالح نفس الذي ال اليه الشاه من ان يتم بيعه لمعارضيه لانه لم يعد يفي بالغرض و اصبح يشكل عالة على حلفائه. و بما ان الامم المتحدة و امينها العام بان كي مون الذي صرح بان لا حصانة لمرتكبي جرائم الحرب و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، فان البيت الابيض قد يتعامل بحسن الضمير تاركا الطاغية يواجه المصير الذي يستحقه
*بقلم شيارا اوناسيس
ترجمة مهدي الحسني