واصلت محال وشركات الصرافة اليمنية في صنعاء إغلاق أبوابها لليوم الثالث على التوالي، في إضراب غير معلن احتجاجا على ما سمتها "الممارسات القمعية التي تقوم بها مليشيا الحوثيين الانقلابية تجاههم واقتحام وإغلاق ونهب عدد من محال الصرافة واعتقال العاملين بها" وذلك بعد تراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى له.
ويأتي ذلك بعد أن داهم مسلحون حوثيون عشرات من محال الصرافة في صنعاء الاثنين الماضي، وصادروا الأموال الموجودة فيها، واحتجزوا عشرات الصرافين كإجراء عقابي ضد شركات الصرافة الخاصة التي لم تلتزم بأوامرهم لضبط أسعار العملة المحلية تجاه العملات الأجنبية وتحديدا الدولار.
وكان الريال اليمني سجل أدنى مستوى له أمام الدولار في السوق المحلية بصنعاء منذ مارس/آذار الماضي حيث بلغ سعر الدولار 270 ريالا ، في وقت يصر الحوثيون على سعره الرسمي قبل الحرب وهو 215 ريالا.
ويشكو مواطنون وتجار من امتناع البنك المركزي اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين عن تزويد السوق المحلية بالدولار، ومنعه البنوك وشركات الصرافة من بيع أي عملات أجنبية، أو دفع الحوالات الخارجية الصادرة لليمن بالنقد الأجنبي، وإلزام المواطنين باستلام حوالاتهم بالريال اليمني وبالسعر الرسمي قبل الحرب، مما يكبدهم خسائر كبيرة.
وكان البنك المركزي اليمني قد ألزم جميع البنوك وشركات الصرافة بمنع التعامل بالدولار لمنع أي تدهور للريال اليمني، في وقت كان كثير من التجار قد سحبوا مدخراتهم من البنوك، بينما تتردد أنباء عن تهريب الحوثيين وقادة ومسؤولين موالين لحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عشرات الملايين من العملات الأجنبية إلى الخارج، وهو ما ضاعف من احتياج السوق المحلية للنقد الأجنبي.
ويعتبر الاقتصاديون والصيارفة انهيار سعر الريال "أمرا طبيعيا في ظل الحرب وانهيار مؤسسات الدولة وامتناع البنوك الحكومية عن صرف الدولار واليورو إلى السوق المحلية وشركات الصرافة وزيادة الطلب على شراء العملة الأجنبية من السوق وتحويل رجال الأعمال والتجار أموالهم إلى الخارج".
وأرجع المحلل ياسين التميمي "الانهيار المريع للريال" أمام الدولار إلى "نهب الحوثيين والمخلوع صالح وأعوانه أموال مؤسسات الدولة وتهريبها إلى الخارج".
وأوضح أن هناك معلومات تتحدث عن تهريب نحو تسعة مليارات دولار للخارج هي حصيلة الأموال التي نهبها قادة عسكريون وسياسيون ومشايخ موالون للمخلوع صالح والحوثيين، معتبرا ذلك "مؤشرا على قرب رحيلهم وسقوط انقلابهم على الشرعية".
وأضاف أن هذا الانهيار "نتيجة طبيعة لحالة الانهيار الشامل للأوضاع الاقتصادية وتآكل الغطاء النقدي بالعملة الأجنبية نتيجة توقف الصادرات، واستمرار الطلب على الاستيراد بالعملة الصعبة، وانعدام اليقين حيال المستقبل بالنسبة للتجار والمستوردين والمتعاملين في السوق اليمنية".
وبشأن لجوء الحوثيين إلى الاعتقالات الواسعة للعاملين في قطاع الصرافة قال إن ذلك "لن يحل المشكلة بل سيزيدها تفاقما، لأن الأمر لا علاقة له بالصيارفة بل بانعدام المعروض من العملات الصعبة نتيجة توقف البنك المركزي عن ضخ الدولار للسوق". وتوقع أن ينتج عن الممارسات الحوثية القمعية التي يتعرض لها الصيارفة "انهيار كامل للنظام المصرفي في البلاد يعقبه انهيار اقتصادي كامل ستصعب السيطرة عليه".
وقال محمود البراق -أحد العاملين في بنك يمني أهلي- للجزيرة نت "إن الحوثيين نهبوا أموال الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، واستولوا على أموال المؤسسات الحكومية وسخروها لما يسمونه المجهود الحربي وصد العدوان، ومنعوا تزويد السوق المحلية بالعملة الأجنبية منذ ثمانية أشهر".
وأضاف أن الريال "سينهار إذا واصل الحوثيون حربهم ونهبهم لمؤسسات الدولة، وتعسفهم تجاه شركات الصرافة والبنوك المحلية، خاصة في ظل عدم تغطية البنك المركزي حاجة السوق من النقد الأجنبي، ورفضه ضمان اعتمادات التجار بالدولار لاستيراد بضائعهم من الخارج، وهو ما دفع الكثير منهم للشراء من السوق المحلية، مما أدى لارتفاع الدولار وتدهور الريال".