الرئيسية / تقارير وحوارات / الحرب تضفي معاناة خاصة يتجرع مرارتها ذوو الإعاقة في اليمن
الحرب تضفي معاناة خاصة يتجرع مرارتها ذوو الإعاقة في اليمن

الحرب تضفي معاناة خاصة يتجرع مرارتها ذوو الإعاقة في اليمن

27 أكتوبر 2015 11:17 صباحا (يمن برس)
يتجرع اليمنيون مرارة الحرب التي تشهدها بلادهم في شتى مناحي الحياة المختلفة، لكن ذوي الاحتياجات الخاصة "المعاقين" منهم يعانون ويلات مضاعفة سواء في المعيشة أو الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي انعدم أغلبها.
 
وتشهد مناطق مختلفة من اليمن معارك ميدانية بين المقاومة الشعبية، مسنودة بالتحالف العربي المؤيد لشرعية الرئيس عبدربه هادي، وبين مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي سيطرت على السلطة بالسلاح في سبتمبر/ أيلول من العام 2014.
 
الطفلة اليمنية سلوى يوسف ترتاد مركزا للعلاج الطبيعي في صنعاء كونها تعاني ضمورا في المخ أفقدها القدرة على المشي على قدميها لكن هذا المركز أصبح مغلقا الآن بسبب الحرب.
 
صمود غير مجدٍ
 
تقول أم سلوى لـ"الخليج أونلاين" إن وجودها خلال فترة ما قبل الحرب في صنعاء كان لغرض استشفاء بنتها البالغة من العمر خمس سنوات في مركز العلاج الطبيعي، والذي كان يتقاضى رسوما رمزية تبلغ نحو سبعة ألف ريال شهريا أي ما يعادل ثلاثين دولارا أميركياً.
 
ومع اندلاع الحرب حاولت عائلة سلوى الصمود والاستمرار في صنعاء في ظل الخوف والرعب القائم لكن صمودها أنهاه إغلاق هذا المركز المجتمعي والخيري واضطرت للعودة إلى الريف حيث موطنها الأصلي في محافظة ريمة النائية وسط البلاد، لا سيما وأن زوجها مغترب في المملكة العربية السعودية وبهذا حرمت سلوى من حقها في العلاج الطبيعي وأصبح مستقبلها الصحي مجهولاً.
 
فهيم القدسي، ناشط اعلامي مهتم بقضايا الأشخاص ذوي الاعاقة، أوضح في حديث مع "الخليج أونلاين" أن عددا كبيرا من المعاقين حرموا من جلسات العلاج الطبيعي في عدد من المراكز المتخصصة التي أغلقت بسبب انعدام المشتقات النفطية أو وجودها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدا وانقطاع الكهرباء، الأمر الذي سبب تدهورا في الحالة الصحية لأولئك الأشخاص المستفيدين من هذه المراكز.
 
إغلاق أبرز الجمعيات
 
وبحسب القدسي فإن عدد المعاقين التي انقطعت عنهم خدمات التعليم والعلاج بلغ نحو مائة وتسعون ألف معاق في مختلف أنحاء الجمهورية حيث أغلقت عدد من المراكز والجمعيات البالغ عددها نحو 450 جمعية ومركزا أبرزها جمعية التحدي وجمعية الصم وجمعية الأمان للكفيفات.
 
وبالإضافة إلى مركز النور لرعاية المكفوفين الذي تورطت مليشيا الحوثي في إغلاقه بصنعاء قبل أن يتم التفاهم مع قيادة المليشيا وحل المشكلة.
 
ووفقا لأرقام رسمية فإن تعداد المعاقين في اليمن يبلغ نحو ثلاثة مليون نسمة أي ما يعال 12% من نسبة سكان الجمهورية اليمنية البالغ تعدادهم خمسة وعشرين مليون نسمة تقريباً. حيث أنشأت الحكومة اليمنية في العام 2002م صندوقا لرعاية وتأهيل المعاقين يوفر مصادر مالية تتسم بالاستقرار والثبات لدعم المشاريع المختلفة لرعاية وتأهيل المعاقين من خلال استقطاع مبالغ ثابتة من مبيعات تذاكر الطيران والسجائر والجمارك فضلا عن الهبات والمساعدات.
 
قلق نفسي وصعوبات جمة
 
وأشار القدسي إلى أن الوضع النفسي في ظل الحرب والصراع التي تمر بها البلاد خلال الأشهر الماضية سببت قلقا نفسيا لدى الأغلبية من ذوي الاعاقة وذلك جراء عدم تمكنهم عن ممارسة حياتهم فمنهم من توقف عن ممارسة الرياضة ومنهم من توقف عن الدراسة ومنهم من لم يعد يذهب الى وظيفته او عمله الخاص وبعضهم انقطع دخله الذي كان يقتات به وأسرته.
 
من جانبه عبر رئيس المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة حسن إسماعيل عن أسفه الشديد للمأساة الإنسانية التي يعانيها الأشخاص ذوو الإعاقة الذين كانوا يواجهون الصعاب في الأوقات العادية أصلا.
 
وقال إسماعيل: "أصواتنا اليوم لم تعد مسموعة ومعاناتنا الصحية والاجتماعية لم يعد يلتفت إليها، وبات الكثير منا غير قادر على الانتقال من مكان إلى مكان آخر أو قضاء حوائجنا اليومية بسبب إعاقاتنا خاصة أولئك الذين يستخدمون كراسي متحركة وأجهزة تعويضية ولا يستطيعون الانتقال من مكان إلى آخر إلا عبر وسيلة مواصلات وهي الآن غير متوفرة بسبب انعدام المحروقات".
 
صعوبة في النزوح
 
وأضاف إسماعيل، في حديثه لـ"لخليج أونلاين: "العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم لم يقدروا حتى على النزوح إلى أماكن أخرى بسبب ظروف الإعاقات الصعبة فضلا عن أن الريف اليمني يشهد وضعاً صعباً بسبب غياب البيئة المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة لممارسة حياتهم الطبيعية ولو بحدودها الدنيا نتيجة لوعورة الطرق وعدم ملائمة المنازل وغياب الخدمات الصحية التي يحتاجها كثيرون بصورة مستمرة".
 
وفي الوقت الذي أصبحت فيه حياة اليمنيين طوابير للماء والغاز وغيرها لا يستطيع ذوو الإعاقة الذين يعولون أسرهم الوقوف في الطوابير الطويلة حتى يحصلوا على احتياجاتهم مما يجعل معاناتهم في ازدياد بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
 
وكان المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة ناشد - في بيان صحفي- كافة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وقيادة التحالف العربي والأطراف السياسية في اليمن أن يتحملوا مسئوليتهم الإنسانية تجاه ما يمر به أبناء اليمن عامة والأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعانون معاناة مرة أكثر من غيرهم على وجه الخصوص.
شارك الخبر