"أشعر بالتعب الشديد، ومسجون في المنزل منذ بداية الحرب حتى أصبت بتقرحات بأكثر من مكان في جسدي، بسبب الاستلقاء الطويل على السرير"، هكذا يجيب وليد الرُبع (28 سنة) والمصاب بشلل رباعي، معبّراً عن وضعه المأساوي باختصار.
قبيل الحرب، كان بإمكان الرُبع الخروج من منزله وزيارة أصدقائه والمشاركة في بعض الأنشطة التي تقيمها منظمات معنية برعاية المعاقين. لكنه اليوم، يجد نفسه مسجوناً بين أربعة جدران، عدا عن سجنه الطويل الذي سببته الإعاقة الناتجة عن شلل أطرافه الأربعة. ويقول: "كنت في السابق أخرج متى ما شئت وأتجول بمساعدة من حولي، لكني اليوم لا أستطيع الحراك مع استمرار انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية وشح المواد الغذائية أيضاً"، مشيراً إلى أن المبلغ الشهري الرمزي الذي كان تحصل عليه في السابق من فاعل خير "قد توقف منذ بداية الحرب".
وتفاقمت معاناة المعوّقين في اليمن مع دخول الحرب شهرها الثامن، قابل ذلك عجز المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية عن حل مشاكل أكثر من ثلاثة ملايين معاق يمني، تضرر أغلبهم نتيجة استمرار الحرب والحصار وانعدام أغلب مقومات الحياة.
ولم تسلم بعض المنظمات العاملة في مجال رعاية المعاقين من القصف أو عمليات النهب والسرقة في المحافظات والمناطق التي تشهد مواجهات مسلحة. فقد أكدت رئيسة قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز، (وسط) منال الأشول، أن مقر جمعية السعيدة للفتيات الصم قد تم تدميره بالكامل بقصف الدبابات بعدما كانت المقاومة الشعبية قد تمركزت على السطح.
وتحكي الأشول، وهي تعاني من الصمم، جانباً من مشاكل المعاقين الناتجة عن الحرب، مشيرة إلى عدم خضوع الصم والبكم لامتحانات الشهادة الأساسية والثانوية هذا العام "لخصوصية المنهج الذي يدرسونه، كما أن أغلب المعاقين نازحون في مناطق وقرى بعيدة عن مدارسهم". تضيف في تصريح خاص لـ "العربي الجديد": "يتواجد بعض ذوي الإعاقة الحركية في مراكز النازحين، لكنهم لا يحظون برعاية خاصة حيث يحتاجون إلى حمامات وتعامل خاص"، مؤكدة صعوبة الحصول على الأدوية الخاصة بذوي الإعاقة الذهنية وضمور الدماغ، لا سيما مع توقف الجمعيات عن تقديم خدماتها وتضرر بعضها.
وتواصل "أشد ما يقلقني هم الصم الذي قد يتعرضون للقنص، وربما يساء التصرف معهم في نقاط التفتيش التابعة لأي طرف من أطراف النزاع"، مؤكدة مقتل الأمين العام لجمعية المعاقين سمعياً بالرصاص، بالإضافة إلى استشهاد طفلة صماء في محافظة ذمار.
من جانبه، يقول الأمين العام لجمعية المعوّقين حركياً في صنعاء فهيم القدسي، إن أوضاع المعاقين تزداد سوءاً وتعقيداً، مشيراً إلى أن "حالات الاشخاص ذوي الإعاقة الصحية تزداد تدهوراً"، لا سيما من "يعانون من التقرحات والجروح نظراً لانعدام الأدوية وتردي أوضاعهم المعيشية وغلاء أسعار المواد الغذائية والأدوية المتوفرة".
وأضاف القدسي بأن كثيراً من المعاقين كانوا يمارسون "جلسات العلاج الطبيعي في مراكز متخصصة بذلك"، لكن انعدام المشتقات النفطية وانقطاع التيار الكهربائي أديا إلى إغلاق تلك المراكز وحالا دون تقديم هذه الجلسات للمرضى، وهو ما انعكس سلباً على الحالة الصحية للمصابين بهذا النوع من الإعاقة.
وبحسب صندوق رعاية وتأهيل المعاقين فإن أكثر من 300 جمعية ومركز تعنى برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب. ويقدّر متخصصون نسبة المعوّقين في اليمن بنحو 12 في المائة من إجمالي عدد السكان، مع أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعانون من إعاقات مختلفة.