بات تأجيل المحادثات اليمنية، التي كان من المقرر أن تنعقد، قبل نهاية الشهر الحالي، بحسب ما دعت الأمم المتحدة سابقاً، في حكم المؤكد، نتيجة عدم إحراز أي تقدم معلن في التحضيرات. وهو ما أشار إليه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يوم الجمعة، بقوله خلال تقديمه إفادته أمام مجلس الأمن الدولي، إنه لا يزال يتواصل مع الأطراف لتحديد مكان وزمان انعقاد المحادثات.
وفي السياق، يكشف مصدر مقرب من وفدي الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام، المعنيين بالتواصل مع المبعوث الأممي والتنسيق للمفاوضات، أن الآمال انخفضت، خلال الأيام الأخيرة، مقارنة بما كانت عليه الأجواء في الأسبوع الماضي. ويعزو المصدر السبب إلى بطء التحضيرات والخوف من أن يؤدي عدم التوافق حول بعض التفاصيل، حتى اللحظة، إلى تعثر المحادثات.
في غضون ذلك، تشير تسريبات إلى أن الحكومة الشرعية اقترحت تشكيل لجنة فنية يشارك فيها ممثلون عن الحكومة وعن الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مهمتها التوصل إلى آلية لعقد المحادثات والاتفاق حول الأولويات، بالإضافة إلى وضع آلية تنفيذية للقرار الأممي 2216. وهو الأمر الذي لم يتسن التأكد، ممّا إذا كان قد اعتمد من الأمم المتحدة كخطة تحضيرية للمحادثات، أم أنه لا يزال مقترحاً حكومياً.
وبينما كانت التصريحات تتحدث عن توجه عقد المحادثات المرتقبة بين طرفي الأزمة في جنيف السويسرية على غرار الجولة الأولى من المحادثات، أكد ولد الشيخ أحمد، في إفادته، أول من أمس، أنه يتواصل مع كافة الأطراف لتحديد زمان ومكان المحادثات. ولا يزال هناك مقترحات يميل إليها ممثلو الحوثيين، تتمثل في عقد المحادثات في مسقط من دون أن يتضح موقف الحكومة النهائي من هذا المقترح. ويأتي طرح سلطنة عمان مجدداً بسبب الجولة الفاشلة التي عقدت في جنيف منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وكان متوقعاً أن يكون المبعوث الأممي أكثر تفاؤلاً خلال إفادته الأخيرة لمجلس الأمن بعد إظهار الحكومة موافقة واضحة أفضل من أي وقت مضى، وكذلك مع التقدم المحرز بشكل عام لجهة موافقة الحوثيين وصالح على الالتزام بقرار مجلس الأمن 2216 الذي يلزم المليشيات بالانسحاب من المدن وغير ذلك، إلا أن تخوف ولد الشيخ أحمد من فشل المحادثات، كان واضحاً. وأطلق المبعوث الأممي تحذيرات من "إضاعة فرص الحوار"، وطالب مجلس الأمن بدعمه من خلال تحفيز الأطراف على المضي قدماً في مسار المفاوضات.
وفي موازاة التعثر السياسي، تصاعدت وتيرة المواجهات الميدانية والغارات الجوية في اليمن الأيام الأخيرة. ومن المرجح أن تسعى الحكومة الشرعية والتحالف العربي إلى إنجاز تحرير بعض المناطق المشتعلة، قبل الجلوس إلى طاولة المحادثات، هذا إذا لم تؤثر التطورات الميدانية والمواقف المختلفة وتؤدي إلى إلغائها.
ودشنت القوات الموالية للشرعية، بمساندة من قوات التحالف العربي، خلال الأيام الماضية، جبهة جديدة في محافظة الجوف، حيث تقدمت قوات من "المقاومة" والجيش الموالي للحكومة من جهة محافظة حضرموت وسيطرت على العديد من المواقع التي كانت تحت سيطرة الحوثيين شرق الجوف، فيما تقول مصادر المقاومة: "إن العملية سوف تستمر حتى تحرير كامل محافظة الجوف".
وتكمن أهمية الجوف في كونها محافظة حدودية كبيرة المساحة من شأن السيطرة عليها من القوات الموالية للشرعية أن تجعل من أغلب الشريط الحدودي بعيداً عن سيطرة الحوثيين.
بدورها، تشهد مديرية صرواح في محافظة مأرب، معارك متواصلة، حيث تتقدم القوات الموالية للشرعية باتجاه مركز المديرية، آخر معاقل الحوثيين في مأرب، وسط اليمن.
أما في محافظة تعز، فقد حققت "المقاومة الشعبية" تقدماً باتجاه أسوار معسكر قوات الأمن الخاصة في ظل معارك متواصلة تشهدها المدينة. ويعد المعسكر من أهم المواقع العسكرية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع في المدينة.
إلى ذلك، نفذت مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع حملة اعتقالات طالت عشرات الشباب في ذمار لرفضهم التوقيع على "قائمة العار"، التي تسعى مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع لفرض توقيع القبائل عليها في إقليم آزال الذي يضم بحسب التقسيم الفدرالي للبلاد محافظات، صعدة (معقل الحوثيين)، وصنعاء وعمران وذمار. وتستهدف "قائمة العار" القبائل والأطراف التي تدعم الشرعية والتحالف العربي.