رأى محللون أن عزل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح من رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، هو بمثابة تجريده من آخر ورقة يتكئ عليها لبقائه بالمشهد السياسي، ولإنقاذ الحزب من كارثية الارتباط بجماعة الحوثيين ومشروع الانقلاب على الشرعية.
وكانت قيادات بالحزب من الصف الأول من أعضاء اللجنة العامة واللجنة الدائمة، الذين يؤيدون الشرعية ويرفضون الانقلاب، اتخذوا في اجتماع بالرياض قرارا بعزل صالح، وانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيسا للحزب.
وجاء قرار عزل صالح عقب قرار سابق اتخذه قادة الحزب بإحالة صالح إلى لجنة المحاسبة الحزبية، لاشتراكه مع مليشيا الحوثيين في جرائم الحرب والانقلاب على الشرعية.
وجاء قرار عزل صالح صادما له ولأنصاره في الداخل، وأصدرت الأمانة العامة للحزب في صنعاء بيانا رأت فيه أن قادة الحزب المتواجدين بالرياض "لا صفة لهم للتحدث باسم الحزب أو التعبير عن قواعده وهيئاته".
وكالت مواقع وصحف المؤتمر في صنعاء اتهامات عديدة ضد من اتخذوا قرار عزل صالح، ووصفتهم "بالمرتزقة والمأجورين والخونة"، وقالت إنهم "باعوا أنفسهم للشيطان".
قرار للتحالف
الباحث اليمني ياسين التميمي أكد أن "إقدام قيادات مهمة بالمؤتمر الشعبي على تنحية المخلوع صالح من رئاسة الحزب يرتبط بشكل وثيق بقرار اتخذ على ما يبدو من قبل التحالف العربي بإنهاء الدور السياسي للمخلوع"، وهذا يدلل على أن الخيار العسكري بات الراجح في التعامل مع الأزمة اليمنية في المرحلة المقبلة.
ورأى التميمي في حديث للجزيرة نت أن "التحالف العربي -وبالتنسيق مع قوى دولية- يرغب في إبقاء تركة المخلوع صالح السياسية ممثلة بحزب المؤتمر الشعبي العام، تجنبا لحدوث فراغ سياسي في البلاد يعتقد أن القوى الإسلامية ستملؤه"، مشيرا إلى أن المؤتمر الشعبي لم يكن مؤسسة سياسية أكثر من كونه أداة من الأدوات التي اعتمدها المخلوع للإمساك بالسلطة.
ويعتقد التميمي أن "عزل المخلوع لن يأخذ بعده العملي إلا بعد الانتهاء من نفوذ صالح والحوثيين، عبر عملية عسكرية تقضي على نفوذه العسكري والأمني والسياسي الذي أبقاه اتفاق المبادرة الخليجية".
ترتيبات للإنقاذ
من جانبه يعتقد نجيب غلاب الباحث السياسي والقيادي السابق بحزب المؤتمر الشعبي أن "هناك ترتيبات غير معلنة لعزل صالح من رئاسة الحزب، ومتوافق عليها، فالقيادات "المؤتمرية" أصبحت مقتنعة بأنه لم يعد لصالح أي دور، وأنه أصبح الخطر الأول الذي يهدد كيان الحزب، ناهيك عن دفعه وبعض من معه الحزب باتجاه هيمنة الحوثيين عليه".
وقال غلاب في حديث للجزيرة نت إن "هيمنة الحوثيين على المؤتمر الشعبي العام تمثل مخاطرة ستقود إلى إضعاف الحزب وربما تفكيكه، والخيار الأسلم ربط قوة الحزب بالشرعية لتحريره من "الحوثنة" وإنقاذه من تحمل عبء أخطاء صالح التي أصبحت مع الانقلاب كارثية وتهدد بقاء واستمرارية الحزب".
وأشار إلى أن" صالح اليوم في وجه المدفع، والحوثيون قد يُمارسون ضغوطا عليه لاتخاذ سياسات أكثر تهورا في حالة فشل مشاورات جنيف المرتقبة، وهذا سيورطه أكثر، وبالتالي فإن سيطرة جناح الشرعية على الحزب، يفتح أفقا لإضعاف جناح صالح ووضعه أمام الأمر الواقع، وهو ما سيحررهم من أي التزامات مع الحركة الحوثية".
ورأى غلاّب أن "الأهم بعد فشل الانقلاب هو تفعيل دور المؤتمر الشعبي مستقبلا عبر تقديم تنازلات من جناح المخلوع لجناح الشرعية، حتى يتمكن من لعب دور محوري مستقبلا بعد سقوط الانقلاب".