الرئيسية / تقارير وحوارات / كيف دمرت سياسة صالح القطاع الزراعي في إقليم تهامة؟
كيف دمرت سياسة صالح القطاع الزراعي في إقليم تهامة؟

كيف دمرت سياسة صالح القطاع الزراعي في إقليم تهامة؟

24 أكتوبر 2015 08:10 مساء (يمن برس)
يتميز إقليم تهامة اليمني بثرواته المتعددة التي جعلت منه مصدراً أساسياً لتغذية ميزانية الدولة بأكثر من 30%، فعلى امتداد مساحاته الشاسعة من البحر إلى الجبل يتميز الإقليم بثرواته السمكية والزراعية والحيوانية، إضافة إلى عوائد المناطق الصناعية المتميزة في الإقليم.

"الخليج أونلاين" يسلط الضوء في هذا التقرير على قطاع الزراعة في إقليم تهامة الذي يعد مصدر دخل لملايين الأسر اليمنية في الإقليم، إضافة إلى ما يوفره لخزينة الدولة من عملة صعبة.

يحوي الإقليم الممتد على مساحة 33.391 كم مربع ثروات هائلة؛ أبرزها الثروة الزراعية حيث هناك قرابة مليون وأربع مئة ألف شجرة نخيل بمساحة تقدر بـ1200 هكتار وقرابة مليون ومئتي ألف شجرة مانجو، وأكثر من ذلك من أشجار البن، فضلاً عن بقية الأصناف المختلفة من الفواكه التي جعلت سهل تهامة يحتل المرتبة الأولى في مقدار ما يوفره للميزانية الحكومية من عملة صعبة، حيث تنتج تهامة فقط أكثر من 40% من المحصول القومي في البلاد.

- وفرة الإنتاج وزيادة الإهمال

على مستوى محافظة الحديدة بلغ الإنتاج النباتي أكثر من 2319 طناً من المحاصيل الزراعية كالحبوب بكافة أنواعها والخضراوات والفواكه والمحاصيل النقدية كالبن والسمسم والقطن وغيرها إلى جانب المحاصيل البقولية والأعلاف.

لكن غياب الاهتمام الحكومي وسياسة النظام السابق الذي أداره صالح دمر المحصول الزراعي، وحول مساحات زراعية واسعة إلى مصانع وقصور للمسؤولين موالين لصالح، حيث دأب النظام على تكريم الموالين له بقطع أراضٍ وإن كانت زراعية يتم تدمير المحصول فيها حتى يتسنى للمسؤول استخدامها سكناً صيفياً له، في حين تم جرف مساحات زراعية واسعة أيضاً لغرض تحويلها إلى مصانع وغالبيتها أضرت بالبيئة الزراعية كثيراً.

- هيئة تطوير تهامة

ويرى العديد من المزارعين في تهامة أن هيئة تطوير تهامة، المعنية بالاهتمام بمشاريعهم الزراعية والتنسيق بينهم والحكومة والمنظمات الداعمة، تحولت هذا العام إلى ثكنات عسكرية لمليشيات الحوثي على امتداد مقراتها في المدينة وخارجها؛ الأمر الذي جعلها عرضة لقصف طيران التحالف العربي أكثر من مرة.

في السابق كانت هيئة تطوير تهامة تقوم بتشييد المشاتل الإنتاجية لتوفير الشتلات وإنشاء بساتين أمهات المحصول، وتقوم سنوياً بإنتاج وتطعيم الشتلات وتوزيعها على المزارعين إلى جانب تقديم الخدمات الإرشادية، لتصبح تهامة سلة الغذاء في اليمن بما توفره من أصناف وكميات وفيرة، لكن الموسم الحالي شهد انهياراً غير مسبوق للإنتاج في تهامة بفعل تراكم المعاناة على مدى أربع سنوات.

محمد دوم، عضو الاتحاد التعاوني الزراعي، يتطرق في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن تنوع المناخ أدى إلى تنوع فريد في الثروة الزراعية في السهل التهامي، واستطاع المحصول في تهامة أن يرفد ميزانية الدولة بالعملة الصعبة، وبعد السوق المحلية تمكن من اقتحام الأسواق الخارجية ونجح التصدير لعديد الأصناف من الفواكه والخضراوات.

ويتألم محمد دوم وهو يسرد "تاريخ" الطفرة النوعية في المحصول والذي أكد أنها ما قبل العام 2011، أما ما بعده فشهد استهداف الزراعة والمزارعين- بحسب قوله – من قبل حكومة علي محمد مجور في عهد المخلوع صالح، فبالتزامن مع الثورة الشبابية الشعبية السلمية بدأ النظام يحاصر الشعب في قوته، وأول قوت الغالبية العظمى في تهامة هي الزراعة.

يضيف دوم: "منذ أربع سنوات لم تتعاف الزراعة، حيث عانت انعدام المشتقات النفطية بعد أكثر من جرعة، ولم تقدم الحكومة الدعم الذي كانت تقدمه للمزارع الذي وجد نفسه وحيداً في مواجهة كل تلك العقبات المتمثلة في انعدام المشتقات النفطية، وصعوبة نقل السماد الزراعي، وتضاعف تكاليف نقل المحصول للمستهلك، إضافة إلى إغلاق منافذ التصدير بعد دخول مليشيات الحوثي وصالح تهامة واندلاع الحرب ضدها".

في زمن المخلوع صالح اتخذت الدولة قرارات خاطئة أسهمت في تدهور الزراعة في تهامة وإجهاض المشاريع الناجحة، كان أكثرها ضرراً القرارات المتعلقة بثروة القطن الزراعية التي باتت مجرد تاريخ لدى المزارعين، بعد أن دمرت المزارع ولم تسلم مصانع الغزل والنسيج من ذلك التدمير كذلك.

- مشروع صالح السكني الزراعي

في الوقت الذي كان المخلوع صالح يسابق الزمن من أجل تحويل مساحات زراعية واسعة في تهامة إلى مناطق صناعية، وتم حجز الكثير من المساحات لإقامة مناطق صناعية عليها، كان يخطب في كل زيارة يقوم بها إلى تهامة أنها سلة اليمن الغذائية.. أطلق برنامجه الذي قيل أنه يهدف لتشغيل الشباب، ولم يكن سوى نشاط لحملته الانتخابية فقد تحول ذلك المشروع من استصلاح المساحات الزراعية إلى تدمير ما تبقى من المساحات الزراعية، وتكريم أنصاره في الحملة الانتخابية من القادة العسكريين والأمنيين وأعضاء المجالس المحلية والمشايخ وغيرهم، وهو الأمر الذي أنهى35% من المزارع في إقليم تهامة خلال الثلاث السنوات الأخيرة.

- انهيار الموسم الزراعي

سلطان الشرقي الذي يعمل في مزارع المانجو في السهل التهامي، أشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى انهيار موسم المانجو هذا العام، حيث كلف الموسم ملايين الريالات من أجل توفير المشتقات النفطية لري أشجار المانجو، ولم يف المحصول بالخسائر حيث "أرغمنا على بيع المانجو داخل الأسواق اليمنية فقط، وهو الأمر الذي زاد من المعروض وانخفضت قيمته".

وأضاف الشرقي أن المواسم الماضية كان المانجو يحقق عائدات ضخمة للمزارع تشجعه على التوسع في استزراع المزيد من الأراضي، في حين شهد هذا الموسم تخلي بعض المزارعين عن مساحات زراعية واسعة كانت قيد الاستزراع نتيجة انعدام المشتقات النفطية.

وشكا المزارع داود هبه من انقطاع الدعم الحكومي الذي كان يساعد المزارعين في توفير مادة الديزل، إضافة إلى توفير البذور عالية الجودة، وبرنامج الإرشاد الزراعي الذي يساهم في القضاء على الآفات التي تهاجم المحاصيل الزراعية، لكن كل ذلك انتهى في عام 2015 لتتوقف الزراعة في تهامة.

ساهم د.عبدالكريم الإرياني، الذي ترك صالح مبكراً وأصر على الالتحاق بالرئيس هادي في ركب الشرعية رغم قربه من صالح، في إنشاء هيئة تطوير تهامة بتمويل من البنك الدولي وصندوق التنمية الكويتي، لتشهد تهامة قفزة نوعية في الإنتاج الزراعي وتم الاستفادة من مياه الأودية الموجودة في السهل التهامي، لكن السياسة الجائرة والخاطئة لحكومات صالح المتعاقبة أصرت على المضي قدماً في تحويل أراضي تهامة إلى مصانع ومدن سكنية لكبار القادة العسكريين والمسؤولين، ولم يتبق منها سوى المناطق الصحراوية.

خسرت الدولة مصدراً للدخل القومي وخسر المواطن مصدر رزقه بعدما تحولت تهامة إلى مستهلك، حيث كانت تكتفي وتصدر إنتاجها لبقية محافظات اليمن بل وإلى خارج البلاد، لكن المزارع التهامي ما يزال يأمل في مستقبل أفضل في الأيام المقبلة.
شارك الخبر