كان اعتراف جماعة الحوثي بوجود أزمة سلاح، نتيجة محتملة للضربات التي تلقتها خلال الفترة الماضية في كافة جبهات القتال، لكنه وضع تساؤلات بشأن حقيقة هذه الأزمة التي اعتبرها مراقبون يمنيون "حقيقة لا تخلوا من خداع عسكري"، أو شائعة لإغراء الطرف الآخر باتخاذ خطوات عملية توقعه في خطأ عسكري.
وقال المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام لوكالة أنباء إيرانية قبل يومين، إن الجماعة "تعاني نقصا حادا في الأسلحة الحديثة التي تمكنها من مواجهة مقاتلي المقاومة الشعبية، وقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية".
لكن القيادي في المقاومة الشعبية بمحافظة مأرب أحمد صالح العقيلي، استعبد وجود أزمة سلاح لدى الجماعة، معتبرا أن الهدف من وراء تلك التصريحات "تضليل قوات التحالف بأنه قد تم تدمير كل مخازن السلاح التي استولى عليها الانقلابيون".
وأوضح العقيلي للجزيرة نت أن الحوثيين "استولوا على مخزون دولة من الأسلحة الحديثة والذخائر، وبعد عاصفة الحزم التي نفذتها قوات التحالف وما رافقها من استهداف للمخازن والأسلحة في طرق الإمداد علی صعيد جبهات القتال، فقدوا قوتهم ولم يعودوا بتلك القوة والعتاد الذي كانوا عليه من قبل، وذلك لا يعني أنهم أصبحوا يعانون من مشكلة نقص في السلاح أو الذخائر بقدر ما يعني أن مليشياتهم تعيش حالة انهيار معنوي من شدة ضربات قوة التحالف والمقاومة والجيش الوطني، فضلا عن ما حققته المقاومة مؤخرا من مكاسب عسكرية على الأرض".
ويرجح الخبير العسكري علي الذهب أن تكون التصريحات "شائعة" وهي إحدى طرق الخداع الحربية المعروفة، مضيفا أن الحوثيين "استولوا -وبصفة منفردة بعيدا عن حليفهم صالح- على أغلب أسلحة الجيش، ابتداء من تحركهم من صعدة حتى عمران فصنعاء ووصولا إلى الحديدة".
وقال الذهب "في الأشهر الأولى لسيطرة الحوثيين على معظم وحدات الجيش، سحبوا أغلب أسلحة تلك الوحدات نحو عمران وصعدة، وأخفوها في مخابئ غير معروفة، ولم تأت الضربة الأولى لعاصفة الحزم إلا على بعض الأسلحة الثقيلة التي عجزوا عن نقلها لأسباب تقنية"، مرجحا وجود "نقص ما في الذخائر تعاني منه مليشيات الحوثي وصالح ، لكن لا بد من طريقة لتقدير حجم تلك الذخائر ونوعها، فالحاجة إلي ذخائر أسلحة المشاة هي الأكبر لأن أكثر المعارك استنفدت هذا النوع من السلاح".
بدوره أكد رئيس "مركز أبعاد للدراسات" عبد السلام محمد وجود "نقص شديد تعانيه المليشيات الانقلابية نتيجة استمرار الحرب وضرب التحالف للمعسكرات التي سيطروا عليها، ونتيجة للحصار المفروض على إمداداتها من مخازن السلاح. لكن المعاناة الشديدة هي في الأسلحة النوعية كالصواريخ والدبابات والمعدات الثقيلة".
لكن هذا لا يعني -في رأيه- "أن مليشيات صالح والحوثي على وشك إنهاء كل المخزون من سلاحهم، لأن لديهم وسائل أخرى لتعويض بعض منها، سواء عبر كثير من المعسكرات التي ضربت بعد أن تم تهريب السلاح منها أو من خلال قيادات عسكرية موالية لهم في معسكرات بقيت على الحياد ولم يتم استهدافها".
وأضاف أن الحوثيين وصالح يحصلون على السلاح عن طريق الشراء من بعض الجماعات المناطقية والجهادية المتطرفة التي سيطرت على مخازن الأسلحة عبر صفقة تسليم سابقة، أو من خلال صفقات تهريب تتم من خلال المخا في الساحل الغربي والمهرة في الساحل الشرقي، يساعد على نقلها عسكريون ومهربون محسوبون على الانقلاب.
لكن جميع تلك الطرق باتت -في نظره- تضيق مع تقدم المقاومة وتشديد الحصار، وهو ما يجعل معادلة الحرب مختلفة، و"لذا تسعى المليشيات لفترة راحة كي تعيد ترتيب أدواتها والوصول لطريقة تضمن تزود قواتها بالذخيرة والسلاح الثقيل والصواريخ، وإعادة منظومة الاتصالات العسكرية".