الرئيسية / شؤون محلية / تعز: صراع بين "صالح" ومعارضيه ومحاولات حثيثة لطرد المسؤولين الموالين للرئيس
تعز: صراع بين \"صالح\" ومعارضيه ومحاولات حثيثة لطرد المسؤولين الموالين للرئيس

تعز: صراع بين "صالح" ومعارضيه ومحاولات حثيثة لطرد المسؤولين الموالين للرئيس

19 يناير 2012 11:01 صباحا (يمن برس)
لا يوجد شخص في مدينة تعز اليمنية لا يعرف العميد "عبد الله قيران" بدءاً من السياسيين ورجال الأعمال المحليين الذين يسعون لنيل رضاه، وليس انتهاء بالمسؤولين العسكريين الذين يخاطبونه باحترام وتقدير بالغين. أما الأطفال، فيرددون في المظاهرات المناهضة للنظام أغاني تندد بالجرائم المنسوبة إليه، لكن "قيران" ليس بحاكم الولاية، ولا حتى زعيم قبلي واسع النفوذ، إنما يمثل ما هو أهم بالنسبة للنظام في البقاء والاستمرار حتى بعد تسليم السلطة، إنه مسؤول الأمن الأول على المدينة محافظاً على السلطة التي ورثها من "صالح"، الذي نصبه في مكانه.

عن هذا الواقع تقول "بشرى المكتاري"، الناشطة السياسية، إن "قيران" يمثل السلطة الحقيقية في "تعز"، فهو "العصا الغليظة للنظام في المدينة التي يضرب بها المتظاهرين".

ومع أن "صالح" وقع في شهر نوفمبر الماضي على اتفاق لتسليم السلطة إلى نائبه وفقاً للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، تظل اليمن، البلد الفقير في جنوب الجزيرة العربية والملاذ الذي اختارته عناصر "القاعدة" لمواصلة نشاطها، ساحة للصراع المحتدم في ظل استمرار الآلاف من الموالين للرئيس في مواقع المسؤولية، وحتى في حال التزام "صالح" بوعوده وقبوله التخلي عن السلطة يخشى معارضوه من أنه سيبقي قبضته على اليمن من خلال رجاله الأوفياء مثل "قيران" وغيرهم من الموجودين في مواقع المسؤولية، وفي المناصب الأمنية الحساسة ليخلق نظاماً بديلاً يعمل في الظل ويعيق الخروج من الأزمة، وهو ما يعبر عنه العقيد عبد السلام الجابري، العضو في اللجنة العسكرية المكلفة من قبل الحكومة الانتقالية الجديدة لفرض الهدوء في تعز، قائلاً "لا شك أن هؤلاء الموالين للرئيس يخدمون أجندته ويأتمرون بأوامره حتى وهو خارج السلطة".

وبالنظر إلى طبيعة الحكومة الانتقالية التي تضم في صفوفها حزب "المؤتمر" الشعبي الحاكم بالإضافة إلى أحزاب المعارضة، فقد انفتح الباب على مصراعيه أمام الصراع على السلطة والمواقع داخل الوزارات والمحافظات المختلفة والمجالس المحلية. وفي بعض المناطق تجري محاولات حثيثة لطرد المسؤولين الأمنيين والعسكريين الموالين لصالح الذي حكم البلاد ثلاثة وثلاثين عاماً.

لذا تمثل إزالة العميد "عبد الله قيران" من منصبه في مدينة مثل "تعز" بما تشكله من نقطة ارتكاز للثورة اليمنية ضرورة ملحة تسعى المعارضة إلى تحقيقها، وفي الوقت الذي حاول فيه قادة محليون في "تعز" ملاحقة قيران لمسؤوليته عن قتل المتظاهرين، رفض مسؤول يمني بارز في وزارة الداخلية المتابعة القضائية، مشيراً الى أن "قيران" مازال المسؤول الأمني الأول في تعز، وذلك في مظهر آخر من مظاهر الصراع بين الموالين لصالح ومعارضيه.

وأكد المسؤول في وزارة الداخلية أن المجلس المحلي لمدينة تعز لا يملك سلطة إقالة قيران، والحال أنه لو ظل حلفاء صالح في السلطة على الصعيد المحلي وفي المحافظات، فإن أي حكومة جديدة لن تكون أكثر من امتداد لحكم صالح، وهو ما سيفضي إلى مزيد من القمع تجاه النشطاء الذين يطالبون بمحاكمة علي عبد الله صالح إلى جانب أبنائه وأفراد من أسرته لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، كما أن بقاء الموالين له في السلطة سيعيق قدرة الرئيس اليمني المقبل على قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية التي يأمل البعض أن تدشن بداية جديدة للتغيير في اليمن.

وتأتي هذه المساعي لإقالة" قيران" من منصبه في وقت أرسل فيه صالح نفسه إشارات قوية على رغبته في لعب دور أساسي خلال المرحلة المقبلة في اليمن حتى بعد مغادرته السلطة، فرغم تولي نائبه عبد ربه منصور هادي الرئاسة يواصل صالح التدخل من خلال أبنائه وأبناء أخيه المسيطرين على الأجهزة الأمنية.

وقد غير صالح موقفه مؤخراً بالسفر إلى الولايات المتحدة لاستكمال العلاج للتصدي لما يعتبره محاولات إخراج الموالين له من السلطة في بعض المواقع، بل إن صالح ووفقاً لوزير الإعلام، "عبدو الجنادي"، ينوي قيادة الحملة الانتخابية لنائبه في الانتخابات الرئاسية المقررة خلال الشهر المقبل. والحقيقة أن صالح اليوم أُعطي من الضمانات ما يشجعه على البقاء لمدة أطول في اليمن بعدما أقرت الحكومة في 8 يناير الجاري قانوناً منح صالح وأفراد أسرته، وكل من عمل معه في المرحلة السابقة حصانة ضد المتابعة القانونية على الجرائم التي ارتكبها نظامه.

والملفت أن هذا القانون المثير للجدل أُقر حتى في ظل المظاهرات المستمرة في الشارع المطالبة بمحاكمة صالح وعدم منحه الحصانة القانونية، وفي حال أجاز البرلمان القانون فإن العميد قيران وأمثاله في المحافظات الأخرى سيستفيدون أيضاً من الحصانة، وهو ما سيرفع من حدة التوتر في شوارع تعز، لا سيما في ظل التهم الموجهة لقيران بأنه أصدر في السابق أوامره لقواته بقصف المدينة ونشر قناصة لقتل، أو جرح مئات المتظاهرين في محاولة لإخماد الحركة الاحتجاجية، هذا الأمر أشار إليه "سلطان السامعي"، وهو زعيم قبلي في تعز قائلاً "إنه مجرم حقيقي، فهو أمر بقتل النساء والأطفال، وبعد كل فترة يأمل بإطلاق الرصاص دون أن يرف له جفن".

لكن "قيران" نفى جملة وتفصيلاً في لقاء صحفي أجري معه خلال الشهر الماضي الاتهامات الموجهة إليه، بل نفى ما أوردته تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش" وباقي المنظمات الأخرى من جرائم موثقة تورطت فيها وحدات تابعة له، محملاً مسؤولية الدماء التي أريقت للمعارضة، لا سيما بعض العناصر المتطرفة، كما يقول، المحسوبة على حزب "الإصلاح" الإسلامي.

*سودارسان راجافان - تعـز
واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس
شارك الخبر