أصبح طالبو الزواج من الجنسين لا يتورعون عن دفع مبالغ كبيرة؛ بغية الزواج بمن يتوافق مع شروطهم، سواء كانت المادية أو الشكلية الموضوعية، حيث بات العديد من الرجال والنساء الباحثين عن الزواج يعرضون مبالغ كبيرة على الخاطبات تتفاوت بتفاوت مواصفات العريس أو العروس، ويقمن الخطابات بمقايضة الفتيات بمبالغ من مهورهن تصل أحياناً إلى نصف المهر، في حال توفير عريس بمواصفات عالية «خمس نجوم», ويحدث ذلك تناسباً مع أجواء اجتماعية تنظر للفتاة المتقدمة في العمر نظرة دونية تحصرها في لقب «عانس»، إضافة إلى دوافع نفسية تدعو الطرفين إلى الرغبة في الاستقرار وعيش دور الأبوة والأمومة.
شروط الزواج
أبدت أم سعد، التي تعمل خطابة في مكة المكرمة منذ ما يقارب 22 عاماً، امتعاضها من الشروط التي وصفتها بالخارجة عن المعقول لراغبي الزواج، وقالت «أتقاضى من وراء كل زيجة عشرة آلاف ريال، سواء من الرجل أو المرأة، حيث أشترط أخذ خمسة آلاف مقدم من المبلغ، والنصف الآخر بعد إتمام الزواج»، وأضافت «يعرض المتقدمون عليّ أحياناً مبالغ كبيرة؛ بغية أن أجد لهم عروساً أو عريساً على مواصفات عالية، وتشترط أغلب الفتيات أن يكون الرجل أعزب ولم يسبق له الزواج، وذا مركز مرموق وشهادة عالية، كدكتور أو مهندس أو ضابط، خاصة من الموظفات، حيث تقوم الفتاة بتقديم مبلغ يفوق العشرة آلاف التي طلبتها؛ كي أجد لها ما تريد».
حالات نصب
وأشارت أم سعد إلى تعرضها للعديد من حالات النصب ، وقالت «يعدني بعضهم بدفع (20-30) ألف ريال قبل إيجاد العروس، وما أن يتم حصوله عليها حتى يماطل في دفع المبلغ، أو يقوم بتنقيصه»، وأضافت «أعاني أنا ومثيلاتي من الخطابات من محاولات نصب الرجال، حيث تعرضت منذ مدة لعملية ابتزاز من قبل رجل طلب مني تزويجه، ووجدت له إحدى المتقدمات عندي للزواج، كانت مُطلقة من جازان، وطلبت منها المجيء إلى مكة لرؤيتها، فأعجبتني ورأيت فيها المواصفات المطلوبة من قبله، وحين أخبرتها عنه وعن شروطه قبلت، فأعطاني الرجل ثلاثة آلاف من المبلغ متحججاً بحالته المادية الصعبة، فقبلت على أن يكمل لي المبلغ بعد زواجه، وبعد أن تمت مراسيم الزواج لم يعرني أدنى اهتمام رغم مطالبتي المستمرة له، فقامت زوجته بعد مدة بدفع المبلغ تفادياً للمشكلات».
لجوء للخاطبة
وتقول ماجدة أحمد، مُدرسة متزوجة عن طريق خاطبة «تزوجت في عمر 34 عاماً، حيث لجأت للخاطبة بعدما فقدت الأمل من حدوث زواجي وسوء حالتي النفسية، خاصة وأن أغلب صديقاتي اللاتي في عمري نفسه تزوجن وأصبح لديهن أولاد، فأخبرت الخاطبة بالمواصفات التي أتمناها في الزوج، بأن يكون على خُلق ودين، وأن يكون ثرياً وحالته المادية ممتازة، فطلبت مني الخاطبة عشرة آلاف ريال، وأخبرتني عن رجل أعمال متزوج وله أولاد يرغب في الزواج للمرة الثانية، فوافقت وعرضت عليها عشرين ألف ريال بدلاً من العشرة التي طلبتها إن هي أتمت لي الأمر، خاصة بعد ما سمعته عن الرجل من سمعة طيبة»، وتضيف «اتفقت على إعطائها عشرة آلاف قبل العقد وعشرة أخرى بعده، وتم لي الأمر وهو زوجي حالياً، ورُزقت منه بولدين، مع العلم أنه مازال لا يعلم أنني دفعت هذا المبلغ لزواجي منه».
خريجة طب
ويذكر الشاب ممدوح مصطفى أنه طلب من أمه أن تبحث له عن زوجة بمواصفات معينة، وحين لم تسعفه أمه في ذلك نصحها بالذهاب إلى خاطبة، تقول والدة الشاب «بحثنا عن عروس لابني مدة طويلة، حيث اشترط أن تكون العروس من قريتنا، وعلى قدر عالٍ من الجمال، إضافة إلى أن تكون خريجة طب، فهو خريج جامعة البترول والمعادن، ويتمنى أن تكون شريكة حياته على قدر من الثقافة والتفتح، وأن يتعاونا سوياً بوظيفته ووظيفتها على مشاق الحياة»، وتضيف «بعد مضي تسعة أشهر من البحث وجدنا له عروساً عن طريق خاطبة القرية، حيث دلتنا على فتاة خريجة طب أسنان ذات جمال وحسب ونسب، فأتممنا الموضوع بعد أن رأيناها، وقام ابني بدفع مبلغ سبعة آلاف ريال للخاطبة، وفقاً لاتفاقنا معها».
زوج مبتعث
تقول الخاطبة أم عادل من الدمام «تطلب الفتيات مواصفات فيمن سترتبطن به، فتشترط بعضهن أن يكون الرجل ثرياً، خاصة إن كانت الفتاة على قدر عالٍ من الجمال، أو موظفة وحالتها المادية جيدة، فترغب في الزواج ممن يكون في مستواها نفسه»، مشيرة إلى فتاة طلبت منها أن تجد لها عريساً من دول الخليج المجاورة، وإلى أخرى طلبت منها زوجاً مبتعثاً، تقول «يُقبل الرجال والفتيات مؤخراً على طلب زوجة أو زوج مبتعث؛ كي يتم لهم السفر والدراسة مع الشريك، مع العلم بأنني أقوم بتقديم النصح للفتاة أن ترضى بقليلها قبل أن يفوتها قطار العمر، فإن رضيت واحدة رفضت الأخرى». وتضيف «أتقاضى من وراء كل خطبة مبلغاً في حدود الثلاثة آلاف ريال، ولم أشكو في الـ27 عاماً التي عملت فيها كخاطبة من تعثر خطبة أحدهم، وأغلب من زوجتهم زوجوا أولادهم الآن».
أتزوج والسلام
وتبيّن الممرضة زينب محمد (26 عاماً) «إن عملي في أحد المستوصفات الحكومية وسّع مدراكي، حيث كان كل ما يشغل تفكيري قبل العمل زواجي، ومتى سيحدث، ولم أضع مواصفات معينة لمن سيشاركني حياتي كباقي الفتيات، بل كان كل همي أن أتزوج والسلام، إلا أن نظرتي تغيرت بعد أن خرجت للعمل وشعرت بكياني، فأصبحت أضع شروطاً لمن سأرتبط به»، وتضيف «لجأت للخاطبة وأخبرتها بالمواصفات التي أريد توافرها في زوجي، بأن يكون موظفاً جامعياً خلوقاً وأعزب، لا يصغرني في السن».
غلاء المهور
وكشف الشاب مرزوق صالح أن غلاء المهور دفعه إلى اللجوء لخاطبة؛ كي تبحث له عن زوجة ترضى بمهره القليل، وقال «إن غلاء مهور الفتيات يعيق الكثير من الشباب في زواجهم، إضافة إلى مستلزمات الزواج، من ذهب، وتأسيس منزل الزوجية، ودفع مبالغ طائلة لصالات الأفراح، وغيرها».
دوافع اجتماعية
وذكر الاختصاصي الاجتماعي الدكتور جبران مظفي أن هناك اختيارين أساسيين في الزواج، الاختيار الفردي النفسي، والاختيار الأسري الاجتماعي، ولا ينظر في الاجتماعي للزواج على أنه حالة احتياج فردية فقط، بل ينظر للاعتبارات الأسرية والاجتماعية أيضاً، ويوضح «إن الزواج لا يمثل ارتباط شخص بآخر، بل ارتباط أسرة بأسرة، وعادة ما تغلب الدوافع الفردية والنفسية في الاختيار الفردي على الدوافع الاجتماعية».
وأضاف «رغم أن الزواج في الأساس حاجة بيولوجية ونفسية تتمثل في الحاجة للحب والانتماء والإشباع الجنسي، والرغبة في عيش دور الأبوة والأمومة، إلا أن هناك دوافع اجتماعية ونفسية تحقق عدة وظائف للفرد، كرفع المكانة والسلم الاجتماعي، أو الرغبة في الزواج لدوافع المال والثروة، إضافة إلى دوافع الإرضاء لنزعات نفسية تعويضية أو تكميلية».
مبيناً أن هذه الدوافع تجعل البعض يلجأ لقضية الاختيار، خاصة أن المجتمع يفتقد للتفاعل المباشر بين الجنسين، فيلجأ الفرد للخاطبة كوسيط يحقق له الشروط والرغبات التي يتمناها.
رؤى ومعايير
وأوضح المظفي أن تقدم المجتمعات، وانتشار مستوى التعليم، وخروج المرأة للعمل، أدى إلى تراجع الاختيار الاجتماعي، واقتران الأسر ببعضها، حيث تقدم الخيار الفردي وأصبح للفتاة أو الشاب رؤى ومعايير في الزواج وفق احتياجاتهم ورغباتهم، أو دوافعهم السوية وغير السوية في الزواج، فيلجأ الشاب للخاطبة كي توفر له شروطه المرجوة، وقال هناك عدد من النظريات المهمة في اختيارات الزواج، منها نظرية التجانس، وهي أن يتجانس الأزواج في العمر والمستوى التعليمي، والعقيدة، والميول والاهتمامات، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي، وتكون المفاضلة للشاب أو الفتاة ضمن أولويات رئيسية، من أهمها العمر، فيميل الشاب إلى الارتباط بفتاة تقربه في العمر، أما إن كان الرجل في سن (30-50) عاماً فيفضل الزواج بمن تصغره سناً، وتُفضل الإناث الارتباط بأزواج أكبر منهن بقليل، وإلى أن تُلبى هذه التفضيلات بوجود وسائل بديلة للتغلب على الزواج التقليدي، يتم لجوء المرأة أو الرجل للخاطبة أو مواقع الزواج على الإنترنت».
وأضاف «لا ننسى الإشارة إلى نظرية التقارب المكاني، التي يختار الفرد فيها شريكه تبعاً للمكان الجغرافي، كبيئته التي يعيش فيها أو بيئة العمل»، مشيراً إلى إسهام هذه النظرية في زواج الشاب بمن حوله فقط، من بنات عمه أو بنات الجيران.
الرغبات والمخاوف
وأشار المظفي إلى وجود مشكلات اجتماعية تدفع الشاب والفتاة إلى التردد بين الرغبات والمخاوف؛ ما يدفعهم للتفكير ألف مرة قبل الارتباط، منها ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق والعنف، إضافة إلى وجود بعض العوامل الاجتماعية، كالتنافسية والتباين الطبقي، التي تفضي بالفرد إلى البحث عن طموحاته المتصورة، سواء كانت حقيقية أو مبالغاً فيها.
وسائل الاتصال
ويرى مدير مركز الإرشاد في جدة، الدكتور حاتم الغامدي، أن ظاهرة الخطابة المتفشية قد تعدت شكلها التقليدي، المتمثل في شخصية «خطابة الحي»، ووصلت لشكل أكثر تعقيداً في ظل وجود وسائل الاتصالات المختلفة، كمواقع الإنترنت التي تروج إلى تزويج الشباب والشابات الباحثات عن شريك الحياة، عن طريق الفضائيات، أو حتى رسائل الجوال، تحت شعار «يا بخت من وفق راسين في الحلال»، التي قد يكون في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الكثير المشاق. ويقول «إن هذه الوسائل الحديثة لا تخضع في حقيقتها لقوانين أخلاقية أو ضوابط اجتماعية أو أي شكل من أشكال الرقابة، بل تخضع لقانون واحد هو (قانون السوق) أو قانون العرض والطلب».
وصمة «العانس»
ويبيّن الغامدي أن لهذه الظاهرة أسباباً وأبعاداً اجتماعية تعود لحاجة المجتمع، ويوضح «لو التفتنا حولنا لوجدنا أكثر الأسر يعانون من أزمة العنوسة، حيث أصبح الشبح الذي يطارد الفتيات، فضلاً عن أن مجتمعنا الشرقي يوصم المتقدمة في العمر بمسمى (العانس)؛ ما يجعل الفتاة الباحثة عن الزواج فريسة سهلة لتلك المواقع». مشيراً إلى الرجال الباحثين عن زوجة «السر» الثانية أو زوجة المال «المنقذة»، حيث تُدس بين تلك الفئتين فئة الباحثين عن العلاقات غير الشرعية، تحت غطاء البحث عن الحلال؛ ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً.
معيقات الزواج
وكشفت الإحصائيات الأخيرة في المملكة أن زواج الشباب يتعثر بعدة معيقات، منها تكاليف الزفاف، التي وصلت في زفاف الشاب الواحد إلى سبعين ألف ريال، فتصل تكلفة زواج مائة شاب في زواج فردي إلى سبعين ألف ريال؛ أي تعادل سبعة ملايين ريال، إضافة إلى معيقات المهر، وشراء الذهب، وارتفاع أسعار إيجار صالات الأفراح، وتكاليف العشاء، وأثاث المنزل من أجهزة كهربائية إلى فرش الغرف.
وفي إحصائية كشفتها أستاذة علم النفس الدكتورة أسماء الحسين، تبيّن أن عدد السعوديات اللاتي بلغن 35 عاماً ولم يتزوجن 529 ألفاً و418 فتاة، مشيرة إلى إمكانية ارتفاع العدد إلى نحو أربعة ملايين خلال السنوات الخمس المقبلة.
إحصائيات
1 – عدد السعوديات اللاتي بلغن 35 عاماً ولم يتزوجن مليوناً و529 ألفاً و418 فتاة.
2 – يتوقع أن يرتفع العدد إلى نحو أربعة ملايين خلال السنوات الخمس المقبلة.
حالات الطلاق خلال عام (2011)
28 ألف صك طلاق في المملكة خلال عام واحد.
عوائق الزواج:
1 – تكاليف زفاف الشاب الواحد في الزواج الفردي تصل إلى سبعين ألف ريال.
2 – تكلفة مائة شاب (زواج فردي) × سبعين ألف ريال = سبعة ملايين ريال.
3 – المهر. 4 – طقم الذهب.
5 – ارتفاع أسعار إيجار صالات الأفراح.
6 – تكاليف العشاء.
7 – أثاث المنزل (غسالة، ثلاجة، فرن، مكيفات، غرف النوم).
أهم الحلول للقضاء على ظاهرة العنوسة:
1- مؤازرة المؤسسات والجمعيات الخيرية لخفض تكاليف الزواج إلى النصف.
2- تفعيل دور الضمان الاجتماعي في المملكة، حيث بلغ عدد مكاتب الضمان الاجتماعي في المملكة نحو 91 مكتباً موزعة على مناطق المملكة، كما بلغ بند المعاشات والمساعدات عام 2010 إجمالي مبلغ (3.060.000.000) ريال، ويضاف لها مبلغ الزكاة والصدقات، الذي بلغ المصروف منه (13.043.102.613) ريال (الكتاب الإحصائي السنوي 1431هـ – وزارة الشؤون الاجتماعية).
3- إقامة حفلات الزفاف الجماعي.
4- مساعدة الشاب على بناء الأسر.
5- تقديم المعونات العينية من توفير الأثاث والهدايا والمبالغ المالية للأزواج .
شروط الزواج
أبدت أم سعد، التي تعمل خطابة في مكة المكرمة منذ ما يقارب 22 عاماً، امتعاضها من الشروط التي وصفتها بالخارجة عن المعقول لراغبي الزواج، وقالت «أتقاضى من وراء كل زيجة عشرة آلاف ريال، سواء من الرجل أو المرأة، حيث أشترط أخذ خمسة آلاف مقدم من المبلغ، والنصف الآخر بعد إتمام الزواج»، وأضافت «يعرض المتقدمون عليّ أحياناً مبالغ كبيرة؛ بغية أن أجد لهم عروساً أو عريساً على مواصفات عالية، وتشترط أغلب الفتيات أن يكون الرجل أعزب ولم يسبق له الزواج، وذا مركز مرموق وشهادة عالية، كدكتور أو مهندس أو ضابط، خاصة من الموظفات، حيث تقوم الفتاة بتقديم مبلغ يفوق العشرة آلاف التي طلبتها؛ كي أجد لها ما تريد».
حالات نصب
وأشارت أم سعد إلى تعرضها للعديد من حالات النصب ، وقالت «يعدني بعضهم بدفع (20-30) ألف ريال قبل إيجاد العروس، وما أن يتم حصوله عليها حتى يماطل في دفع المبلغ، أو يقوم بتنقيصه»، وأضافت «أعاني أنا ومثيلاتي من الخطابات من محاولات نصب الرجال، حيث تعرضت منذ مدة لعملية ابتزاز من قبل رجل طلب مني تزويجه، ووجدت له إحدى المتقدمات عندي للزواج، كانت مُطلقة من جازان، وطلبت منها المجيء إلى مكة لرؤيتها، فأعجبتني ورأيت فيها المواصفات المطلوبة من قبله، وحين أخبرتها عنه وعن شروطه قبلت، فأعطاني الرجل ثلاثة آلاف من المبلغ متحججاً بحالته المادية الصعبة، فقبلت على أن يكمل لي المبلغ بعد زواجه، وبعد أن تمت مراسيم الزواج لم يعرني أدنى اهتمام رغم مطالبتي المستمرة له، فقامت زوجته بعد مدة بدفع المبلغ تفادياً للمشكلات».
لجوء للخاطبة
وتقول ماجدة أحمد، مُدرسة متزوجة عن طريق خاطبة «تزوجت في عمر 34 عاماً، حيث لجأت للخاطبة بعدما فقدت الأمل من حدوث زواجي وسوء حالتي النفسية، خاصة وأن أغلب صديقاتي اللاتي في عمري نفسه تزوجن وأصبح لديهن أولاد، فأخبرت الخاطبة بالمواصفات التي أتمناها في الزوج، بأن يكون على خُلق ودين، وأن يكون ثرياً وحالته المادية ممتازة، فطلبت مني الخاطبة عشرة آلاف ريال، وأخبرتني عن رجل أعمال متزوج وله أولاد يرغب في الزواج للمرة الثانية، فوافقت وعرضت عليها عشرين ألف ريال بدلاً من العشرة التي طلبتها إن هي أتمت لي الأمر، خاصة بعد ما سمعته عن الرجل من سمعة طيبة»، وتضيف «اتفقت على إعطائها عشرة آلاف قبل العقد وعشرة أخرى بعده، وتم لي الأمر وهو زوجي حالياً، ورُزقت منه بولدين، مع العلم أنه مازال لا يعلم أنني دفعت هذا المبلغ لزواجي منه».
خريجة طب
ويذكر الشاب ممدوح مصطفى أنه طلب من أمه أن تبحث له عن زوجة بمواصفات معينة، وحين لم تسعفه أمه في ذلك نصحها بالذهاب إلى خاطبة، تقول والدة الشاب «بحثنا عن عروس لابني مدة طويلة، حيث اشترط أن تكون العروس من قريتنا، وعلى قدر عالٍ من الجمال، إضافة إلى أن تكون خريجة طب، فهو خريج جامعة البترول والمعادن، ويتمنى أن تكون شريكة حياته على قدر من الثقافة والتفتح، وأن يتعاونا سوياً بوظيفته ووظيفتها على مشاق الحياة»، وتضيف «بعد مضي تسعة أشهر من البحث وجدنا له عروساً عن طريق خاطبة القرية، حيث دلتنا على فتاة خريجة طب أسنان ذات جمال وحسب ونسب، فأتممنا الموضوع بعد أن رأيناها، وقام ابني بدفع مبلغ سبعة آلاف ريال للخاطبة، وفقاً لاتفاقنا معها».
زوج مبتعث
تقول الخاطبة أم عادل من الدمام «تطلب الفتيات مواصفات فيمن سترتبطن به، فتشترط بعضهن أن يكون الرجل ثرياً، خاصة إن كانت الفتاة على قدر عالٍ من الجمال، أو موظفة وحالتها المادية جيدة، فترغب في الزواج ممن يكون في مستواها نفسه»، مشيرة إلى فتاة طلبت منها أن تجد لها عريساً من دول الخليج المجاورة، وإلى أخرى طلبت منها زوجاً مبتعثاً، تقول «يُقبل الرجال والفتيات مؤخراً على طلب زوجة أو زوج مبتعث؛ كي يتم لهم السفر والدراسة مع الشريك، مع العلم بأنني أقوم بتقديم النصح للفتاة أن ترضى بقليلها قبل أن يفوتها قطار العمر، فإن رضيت واحدة رفضت الأخرى». وتضيف «أتقاضى من وراء كل خطبة مبلغاً في حدود الثلاثة آلاف ريال، ولم أشكو في الـ27 عاماً التي عملت فيها كخاطبة من تعثر خطبة أحدهم، وأغلب من زوجتهم زوجوا أولادهم الآن».
أتزوج والسلام
وتبيّن الممرضة زينب محمد (26 عاماً) «إن عملي في أحد المستوصفات الحكومية وسّع مدراكي، حيث كان كل ما يشغل تفكيري قبل العمل زواجي، ومتى سيحدث، ولم أضع مواصفات معينة لمن سيشاركني حياتي كباقي الفتيات، بل كان كل همي أن أتزوج والسلام، إلا أن نظرتي تغيرت بعد أن خرجت للعمل وشعرت بكياني، فأصبحت أضع شروطاً لمن سأرتبط به»، وتضيف «لجأت للخاطبة وأخبرتها بالمواصفات التي أريد توافرها في زوجي، بأن يكون موظفاً جامعياً خلوقاً وأعزب، لا يصغرني في السن».
غلاء المهور
وكشف الشاب مرزوق صالح أن غلاء المهور دفعه إلى اللجوء لخاطبة؛ كي تبحث له عن زوجة ترضى بمهره القليل، وقال «إن غلاء مهور الفتيات يعيق الكثير من الشباب في زواجهم، إضافة إلى مستلزمات الزواج، من ذهب، وتأسيس منزل الزوجية، ودفع مبالغ طائلة لصالات الأفراح، وغيرها».
دوافع اجتماعية
وذكر الاختصاصي الاجتماعي الدكتور جبران مظفي أن هناك اختيارين أساسيين في الزواج، الاختيار الفردي النفسي، والاختيار الأسري الاجتماعي، ولا ينظر في الاجتماعي للزواج على أنه حالة احتياج فردية فقط، بل ينظر للاعتبارات الأسرية والاجتماعية أيضاً، ويوضح «إن الزواج لا يمثل ارتباط شخص بآخر، بل ارتباط أسرة بأسرة، وعادة ما تغلب الدوافع الفردية والنفسية في الاختيار الفردي على الدوافع الاجتماعية».
وأضاف «رغم أن الزواج في الأساس حاجة بيولوجية ونفسية تتمثل في الحاجة للحب والانتماء والإشباع الجنسي، والرغبة في عيش دور الأبوة والأمومة، إلا أن هناك دوافع اجتماعية ونفسية تحقق عدة وظائف للفرد، كرفع المكانة والسلم الاجتماعي، أو الرغبة في الزواج لدوافع المال والثروة، إضافة إلى دوافع الإرضاء لنزعات نفسية تعويضية أو تكميلية».
مبيناً أن هذه الدوافع تجعل البعض يلجأ لقضية الاختيار، خاصة أن المجتمع يفتقد للتفاعل المباشر بين الجنسين، فيلجأ الفرد للخاطبة كوسيط يحقق له الشروط والرغبات التي يتمناها.
رؤى ومعايير
وأوضح المظفي أن تقدم المجتمعات، وانتشار مستوى التعليم، وخروج المرأة للعمل، أدى إلى تراجع الاختيار الاجتماعي، واقتران الأسر ببعضها، حيث تقدم الخيار الفردي وأصبح للفتاة أو الشاب رؤى ومعايير في الزواج وفق احتياجاتهم ورغباتهم، أو دوافعهم السوية وغير السوية في الزواج، فيلجأ الشاب للخاطبة كي توفر له شروطه المرجوة، وقال هناك عدد من النظريات المهمة في اختيارات الزواج، منها نظرية التجانس، وهي أن يتجانس الأزواج في العمر والمستوى التعليمي، والعقيدة، والميول والاهتمامات، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي، وتكون المفاضلة للشاب أو الفتاة ضمن أولويات رئيسية، من أهمها العمر، فيميل الشاب إلى الارتباط بفتاة تقربه في العمر، أما إن كان الرجل في سن (30-50) عاماً فيفضل الزواج بمن تصغره سناً، وتُفضل الإناث الارتباط بأزواج أكبر منهن بقليل، وإلى أن تُلبى هذه التفضيلات بوجود وسائل بديلة للتغلب على الزواج التقليدي، يتم لجوء المرأة أو الرجل للخاطبة أو مواقع الزواج على الإنترنت».
وأضاف «لا ننسى الإشارة إلى نظرية التقارب المكاني، التي يختار الفرد فيها شريكه تبعاً للمكان الجغرافي، كبيئته التي يعيش فيها أو بيئة العمل»، مشيراً إلى إسهام هذه النظرية في زواج الشاب بمن حوله فقط، من بنات عمه أو بنات الجيران.
الرغبات والمخاوف
وأشار المظفي إلى وجود مشكلات اجتماعية تدفع الشاب والفتاة إلى التردد بين الرغبات والمخاوف؛ ما يدفعهم للتفكير ألف مرة قبل الارتباط، منها ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق والعنف، إضافة إلى وجود بعض العوامل الاجتماعية، كالتنافسية والتباين الطبقي، التي تفضي بالفرد إلى البحث عن طموحاته المتصورة، سواء كانت حقيقية أو مبالغاً فيها.
وسائل الاتصال
ويرى مدير مركز الإرشاد في جدة، الدكتور حاتم الغامدي، أن ظاهرة الخطابة المتفشية قد تعدت شكلها التقليدي، المتمثل في شخصية «خطابة الحي»، ووصلت لشكل أكثر تعقيداً في ظل وجود وسائل الاتصالات المختلفة، كمواقع الإنترنت التي تروج إلى تزويج الشباب والشابات الباحثات عن شريك الحياة، عن طريق الفضائيات، أو حتى رسائل الجوال، تحت شعار «يا بخت من وفق راسين في الحلال»، التي قد يكون في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الكثير المشاق. ويقول «إن هذه الوسائل الحديثة لا تخضع في حقيقتها لقوانين أخلاقية أو ضوابط اجتماعية أو أي شكل من أشكال الرقابة، بل تخضع لقانون واحد هو (قانون السوق) أو قانون العرض والطلب».
وصمة «العانس»
ويبيّن الغامدي أن لهذه الظاهرة أسباباً وأبعاداً اجتماعية تعود لحاجة المجتمع، ويوضح «لو التفتنا حولنا لوجدنا أكثر الأسر يعانون من أزمة العنوسة، حيث أصبح الشبح الذي يطارد الفتيات، فضلاً عن أن مجتمعنا الشرقي يوصم المتقدمة في العمر بمسمى (العانس)؛ ما يجعل الفتاة الباحثة عن الزواج فريسة سهلة لتلك المواقع». مشيراً إلى الرجال الباحثين عن زوجة «السر» الثانية أو زوجة المال «المنقذة»، حيث تُدس بين تلك الفئتين فئة الباحثين عن العلاقات غير الشرعية، تحت غطاء البحث عن الحلال؛ ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً.
معيقات الزواج
وكشفت الإحصائيات الأخيرة في المملكة أن زواج الشباب يتعثر بعدة معيقات، منها تكاليف الزفاف، التي وصلت في زفاف الشاب الواحد إلى سبعين ألف ريال، فتصل تكلفة زواج مائة شاب في زواج فردي إلى سبعين ألف ريال؛ أي تعادل سبعة ملايين ريال، إضافة إلى معيقات المهر، وشراء الذهب، وارتفاع أسعار إيجار صالات الأفراح، وتكاليف العشاء، وأثاث المنزل من أجهزة كهربائية إلى فرش الغرف.
وفي إحصائية كشفتها أستاذة علم النفس الدكتورة أسماء الحسين، تبيّن أن عدد السعوديات اللاتي بلغن 35 عاماً ولم يتزوجن 529 ألفاً و418 فتاة، مشيرة إلى إمكانية ارتفاع العدد إلى نحو أربعة ملايين خلال السنوات الخمس المقبلة.
إحصائيات
1 – عدد السعوديات اللاتي بلغن 35 عاماً ولم يتزوجن مليوناً و529 ألفاً و418 فتاة.
2 – يتوقع أن يرتفع العدد إلى نحو أربعة ملايين خلال السنوات الخمس المقبلة.
حالات الطلاق خلال عام (2011)
28 ألف صك طلاق في المملكة خلال عام واحد.
عوائق الزواج:
1 – تكاليف زفاف الشاب الواحد في الزواج الفردي تصل إلى سبعين ألف ريال.
2 – تكلفة مائة شاب (زواج فردي) × سبعين ألف ريال = سبعة ملايين ريال.
3 – المهر. 4 – طقم الذهب.
5 – ارتفاع أسعار إيجار صالات الأفراح.
6 – تكاليف العشاء.
7 – أثاث المنزل (غسالة، ثلاجة، فرن، مكيفات، غرف النوم).
أهم الحلول للقضاء على ظاهرة العنوسة:
1- مؤازرة المؤسسات والجمعيات الخيرية لخفض تكاليف الزواج إلى النصف.
2- تفعيل دور الضمان الاجتماعي في المملكة، حيث بلغ عدد مكاتب الضمان الاجتماعي في المملكة نحو 91 مكتباً موزعة على مناطق المملكة، كما بلغ بند المعاشات والمساعدات عام 2010 إجمالي مبلغ (3.060.000.000) ريال، ويضاف لها مبلغ الزكاة والصدقات، الذي بلغ المصروف منه (13.043.102.613) ريال (الكتاب الإحصائي السنوي 1431هـ – وزارة الشؤون الاجتماعية).
3- إقامة حفلات الزفاف الجماعي.
4- مساعدة الشاب على بناء الأسر.
5- تقديم المعونات العينية من توفير الأثاث والهدايا والمبالغ المالية للأزواج .