الرئيسية / تقارير وحوارات / الشعيبي مات أم قتل أم انتحر؟ الصافية مسرح لقتل البسطاء من السمحي إلى البحري.. والبقية تأتي !!
الشعيبي مات أم قتل أم انتحر؟ الصافية مسرح لقتل البسطاء من السمحي إلى البحري.. والبقية تأتي !!

الشعيبي مات أم قتل أم انتحر؟ الصافية مسرح لقتل البسطاء من السمحي إلى البحري.. والبقية تأتي !!

13 فبراير 2007 07:13 مساء (يمن برس)
"من هنا مرّ وحزن محبيه هو الأثر"، هكذا يبدو وقع أثر مقتل الشاب محمد الشعيبي -أبو همام ذي الخمسة شهور- في سوق البساطين بباب اليمن الذي عاش فيه وله أكثر من خمس سنوات ، فصوره وعلامات الحزن لا تزال طاغية على بيئة السوق الذي اعتاد على قضاء معظم وقته فيه منظماً ومديراً ومدافعاً أحياناً كثيرة . هناك بالقرب من باب السلام "حيث لا سلام" في أمانة العاصمة وتحديداً في سوق باب المجزرة القريب من باب اليمن التابع إدارياً لمديرية الصافية، هناك نفذت قوات أمن المديرية ومعها أطقمٌ من بلدية المنطقة الأحد الماضي حملة مداهمةٍ مفاجئة لسوق الخضرة المزدحم بالبسّاطين . وبحسب مصادر موثوقة في السوق فإن الحملة نفذت فجأةً ودونما إنذارٍ مسبق، وأضاف شهود عيان لـ(الناس) أن مسؤولي الحملة أصدروا أوامرهم الفورية باستخدام العنف مع من يرفض الانصياع . شهود العيان وصفوا المشهد بالصعب والفضيع، لقسوة تجريف بضائع الباعة وإتلافها وإهدارها على الأرض، الأمر الذي يثير الشفقة من الضحايا والاشمئزاز والقرف من طريقة تنفيذ توجيهات مفاجئة ، تتعارض مع مصالح مئات الأسر التي اتخذ عائلوها من ذاك السوق موقعاً لبيع بضائعهم اليومية من الخضرة بإيجارٍ متفق عليه مع الجهات المعنية في المجلس المحلي للمديرية . عشرات بل مئات الألاف من الأموال تهدر أمام أصحابها، وخسارتها لا شك تعود بالضرر المباشر على عشرات الأسر في كثير من مناطق الوطن ، أتى عائلوها إلى هنا قاصدين الرزق لا المخالفة والتمرد على القوانين . محمد الشعيبي انتخب قبل سنوات من قبل باعة هذا السوق عاقلاً لهم ومفوضاّ عنهم في التفاهم مع الجهات المسؤولة في المجلس المحلي ومكتب الأشغال، وشهدوا في وثائق - اطلعت عليها الناس- بتضحيته وتفانيه من أجلهم للمطالبة بحقوقهم وعلى ذلك وقعوا، "كيف لا وقد حبس واعتقل" لأجلهم أكثر من مرة . اعتقلت الأطقم محمداً بأمرٍ من مكتب ساعة وصوله واقتادوه هذه المرة إلى زنزانة في مكتب الأشغال دونما أمرٍ صريحٍ باعتقاله من بين الناس . ليت الحكاية انتهت باعتقال "محمد"، لكنها امتدت بتراجيديا لا تزال كيفيتها مجهولة التفاصيل، محمد مات أو قتل أم أنه انتحر؟؟ سؤالٌ لا يزال مطروحاً وينتظر تأكيد معطياته تقرير الطب الشرعي ؟ فحسب مصادر مقربة من أشقائه ورفاقه فإن "الضحية" دخل المعتقل غير القانوني سليماً معافىً ودونما أية أعراضِ صحيةٍ ونفسيةٍ ولا تحيط به أية ضغوطٍ أسرية قد تدفعه للانتحار في ظرفٍ زمنيٍ لأقل من 40 ساعة فقط . رفاقه أكدوا أن مسؤولاً في مكتب الأشغال كان قد توعد أمام الناس بقتل الشعيبي إذا لم يتم ضبطه من قبل إدارة المديرية، ربما للحكاية علاقةٌ بما يجبى من الباعة لصالح المجلس المحلي، وربما لتقاطع حاجة مكتب الأشغال والمجلس المحلي لأموال الضرائب التي كان يتحصلها المجني عليه لصالح أحدهما ، وهو ما يعتبر إضراراً بمصالح الطرف الآخر . كما أنهم -المصادر- قالوا أن أحد عناصر الحملة قال وبالحرف الواحد رداً على تساؤل البعض عن إمكانية إنهاء الأزمة عبر "محمد الشعيبي" عاقل السوق :"مدري الشعيبي يطلع منها هذي المرة ولاّ لأ.."- في إشارةٍ إلى اعتياده للاعتقال من قبل الأشغال- . رفيق الشعيبي شقيق المجني عليه أكد لـ(الناس) أنهم اضطروا لرهن الآلي لدفع مبلغ 50 ألف ريال مقابل الإفراج عن محمد ليلة الحادث. أما يحيى الشقيق الأكبر فقد ذكر أن محمد اتصل به قبيل مقتله بالحرف الواحد :"إذا لم تخرجوني الليلة عيقتلوني .." وفي اتصالٍ آخر:"إذا خرجتموني الليلة - مساء الاثنين- فانتظروني على الباب مسلحين وإذا لم تخرجوني سأُقتل..". واقع الحادثة تضمن مفارقات مشفرة لا يقدر على حلها إلا من كانوا داخل السجن ومن ثم الطبيب الشرعي، فمحمد كان قبل نحو ساعتين على اتصالٍ بأشقائه، وكان يومها قد تناول وجبات الطعام بشكلٍ عادي فضلاً عن كونه تناول القات في معتقله الانفرادي الواقع في مكتب الأشغال على خلاف مكان سجنه المعتاد في كل خلافٍ ماليٍ مع المعنيين إما في قسم الحرية أو بسجن منطقة الصافية . المعلومات تفيد بأن الزنزانة التي اعتقل فيها محمد أفرغت ممن كانوا فيها قبل دخوله في نفس اليوم ، لأسبابٍ غير معروفة أيضاً . ملابسات الحادث لا تزال رهينة التجاذب والتشكيك بين طرفي القضية،فمصدرٌ مسؤولٌ مجهول الهوية يصرح في يومية الثورة عقب الحادث في وقتٍ لم تستكمل فيه إجراءات البحث والتحري بأن الشعيبي انتحر ولم يقتل . ومصدرٌ من الطرف الآخر يقول أن المعلومات تؤكد أنه وجد جالساً وهو ميت داخل معتقله وكان مربوطاً بسلكٍ كهرباء والمكان الذي يقال أنه علق نفسه به قريب إذ أنه في نافذة لأن السقف يخلو من مكانٍ يمكن أن يربط فيه الحبل المستخدم للانتحار المفترض . مكتب مؤسسة علاو للمحاماة وكيل أولياء المجني عليه أكد عدم قانونية الاعتقال فضلاً عن موقع اعتقال المذكور وظروف احتجازه . وتساءل المحامي محمد عكام في تصريحه لـ(الناس) عن هوية المصدر المسؤول الذي استعجل في تبرير الجريمة في وقتٍ لم تستكمل فيه إجراءات البحث . عكام أبدى تفاؤله في أن تأخذ الإجراءات مجراها الطبيعي في ظل تحمّس النائب العام للقضية ووعده لمن اعتصموا أمام مكتبه السبت بأنه سيتابع سير القضية بنفسه . وقال عكّام أن المعتصمين من أبناء حبيش طالبوا في رسالةٍ وجهوها للنائب العام بتشكيل لجنةٍ تقصٍ وتحري في القضية تكون محايدة لضمان حيادية وشفافية نتائج جمع المعلومات التي تؤكد الاتهام لمسؤولين في مكتب الأشغال بمديرية الصافية وكذا علاقة أدارة المديرية بالحادث . "محمد" مات أم قتل أم انتحر ؟ سؤالٌ سيبقى مفتوحٌ لعل الأيام القريبة القادمة تكشف عن تفاصيله ، مسفرةًٌ عن المجرم الحقيقي الذي تسبب في إحلال الحزن والبؤس لأسرة محمد ذي العشرين ربيعاً ، فضلاً عن تيتيم وحيده (همام) وأرملته التي ستبقى تنتظر القصاص العادل في قاتل زوجها الحبيب . أم محمد الشعيبي لا تزال حتى اللحظة تحت أثر الصدمة ولا تزال تتطلع إلى باب البيت متى سيدخل منه محمد ليلقي عليها تحيته اليومية ويداعبها بكلامه المعتاد ، صدمتها حالت دون الحديث لنا بأي لفظ سوى الدموع كأحسن جوابٍ سيبقى مفتوحاً . ها هي "الصافية" حيث لا صفاء تسجل ضحيةً جديدةً لهمجية التعامل مع المواطن اليمني ، هاهي تشهد استخفافاً بأرواح الأبرياء كما شهدت من قبل مقتل برهان العتمي، وبائع القات المتجول المواطن مجاهد السمحي الذي قتل أمام ناظري أخيه، وفي إطارها أيضاً قتل المواطن الميكانيكي علي ثابت البحري أمام ابنته، وفي نفس المنطقة المجاورة لها قتل مواطنهم البائع البسيط محمد الحامدي أمام طفليه... سلسلةٌ من ضحايا الهمجية والوحشية في تعاطي موظفي البلدية والأشغال ونحوهم من عناصر أمن الدولة مع البسطاء وإن كانوا مخالفين ، ففي أي مكانٍٍ من العالم تبيح المخالفة دم مواطنٍ بريْ كفل دمه وماله وعرضه بالشرع والقانون والدستور .
شارك الخبر