ما زالت قضية خطف الشقيقتين منى وأمال شمص من قبل عناصر حزب الله تتفاعل في الشارع اللبناني، وسط غياب تام لأي تفسير أو توضيح من قبل الحزب.
وفي التفاصيل أن الشقيقتين كانتا تصوران حريقاً شب في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت (التابعة أمنياً لحزب الله) لضم الصور إلى ملف الجمعية التي تنتميان إليها، وهي جمعية "حقنا" المعنية بالكشف عن الفساد والمخالفات لاسيما تلك التي تتعلق بعمل الدفاع المدني.
وإذ بعناصر أمنية تقتادهما إلى جهة مجهولة في سيارة "بي أم دبليو" إلى مجمع "المجتبى" وتدخلهما بالقوة إلى غرف صغيرة قالتا إنها تشبه زنزانات التحقيق التي كانت تستخدمها إسرائيل مع المعتقلين اللبنانيين، حيث تم استجوابهما عن سبب قيامهما بالتصوير، علماً أنهما كانتا قد حصلتا على إذن بذلك. أضف إلى أنه كان هناك العشرات من الذين يملكون هواتف ويقومون بالتصوير.
وصرحت إحدى الشقيقتين لوسائل إعلام لبنانية محلية إنها تلقت اتصالاً من شقيقها أثناء احتجازها، فأبلغته بمكانهما على الفور، عندها سحب أحد العناصر هاتفها وضرب رأسها بالحائط. وبعد مدة قصيرة اعتذر الخاطفون منهما وأطلقوا سراحهما.
وعلمت "العربية.نت" أن ذلك تم بعد تدخل فصيل من الدرك، على إثر اتصالات أجرتها عائلة شمص لمعرفة ماذا حل بابنتيهما.
لماذا تصور الشقيقتان الحريق وعمل الدفاع المدني؟
في العام 2005، دهس المدعو طالب عيدي، وهو أحد سائقي الدفاع المدني شقيق أمال ومنى، حسن شمص، ما أدى إلى مقتله.
ووفق المعلومات، فإن السائق ينتمي إلى التعبئة العامة في حزب الله، إذ نجح الحزب في الإفراج عن السائق بعد أربعة أشهر من توقيفه إثر تدخلات وضغوط على القضاء لمنع محاسبته، وضغوط أخرى مورست للحؤول دون محاسبة المدير العام للدفاع المدني آنذاك، العميد درويش حبيقة، ومسؤول منطقة المريجة (الضاحية الجنوبية) في الدفاع المدني، علي شري، والمقرّب بدوره من حزب الله.
وفي حين يرى الدفاع المدني أن وفاة حسن شمص مسألة قضاء وقدر، تؤكد العائلة أن الحادث حصل بسبب التهور وهروب القاتل، إذ إن السائق لم يكن يملك رخصة قيادة تخوّله قيادة سيارة الإطفاء، وإن أربعة قضاة قاموا بالتنحي في هذه القضية بسبب ضغوط تعرضوا لها منذ العام 2005.
من هنا، أسست العائلة جمعية "حقنا"، التي تهدف إلى كشف الفساد في مؤسسات الدولة، ولاسيما في الدفاع المدني لإظهار تقصيره في القيام بواجباته على رغم الهبات والمعدات التي يحصل عليها. وهذا ما يفسر وجود الشقيقتين في مكان اندلاع حريق في أحد المستودعات في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كانتا تصوران عمل الدفاع المدني هناك.
حزب الله لم يعلّق والعائلة ترفع دعوى
واللافت أنه حتى الساعة لم يصدر بيان استنكار من قبل حزب الله على عملية الخطف التي استمرت ساعات، لكن شقيقهما حسين شمص، قال في حديث مع "العربية.نت" إنه تلقى تهديدات على هاتفه النقال، أحدها من قبل عنصر من الحزب، وهو ابن مسؤول في حزب الله في بلدة بوداي البقاعية أيضاً.
ويروي حسين، الذي يعمل في المكتب الإعلامي للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وفي إذاعة الرسالة التابعة لحركة أمل الشيعية التي يترأسها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أن هناك مسؤولين في حزب الله من آل شمص يحاولون لملمة القضية، والضغط على عائلته بعدم المضي في تحركها ضد هذا التعدي، لكنه أكد في المقابل أن عائلته تقدمت برفع دعوى ضد مسؤول حزب الله في بيروت والمجموعة الخاطفة.
العلاقة متوترة بين العائلة وحزب الله منذ سنوات
ويشرح حسين في حديث مع "العربية.نت" إلى أن العلاقة مع حزب الله تشهد توترات منذ مقتل أخيه، إذ تعرض وعائلته لمضايقات كثيرة على مدى السنوات الماضية.
أولى تلك المضايقات في العام 2006 أثناء حرب تموز/يوليو، حين أوقف عناصر من حزب الله شقيقه للتحقيق معه عن أسباب مضي العائلة في دعواها ضد سائق سيارة الإطفاء.
وفي العام 2010، تعرض والده لمضايقات أدت إلى سقوطه على الأرض من قبل شبان في مقبرة روضة الشهيدين (الضاحية الجنوبية) حيث ضريح ولده حسن، بسبب اعتراضه على إزالة خزان سبيل للمياه قرب الضريح أنشأته العائلة عن روح ولدها.
فكان الجواب أن الخزان قد أزيل بسبب التحضيرات الجارية آنذاك لزيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد.
التلاسن مع الشبان أدى إلى سقوط الوالد فعلم أفراد عشيرة آل شمص بما حصل، وحصل تبادل لإطلاق النار من دون وقوع أي إصابات.
وفي العام 2013، أوقف حسين على حاجز لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت لأنه لم يكن يحمل معه هويته، ولم تبدِ العناصر الأمنية أي اهتمام لبطاقة عمله في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ولا في بطاقة الصحافة الصادرة عن اتحاد الصحافيين العرب. أنزل حسين من السيارة وأخذ منه مفتاح السيارة ونقل إلى أحد الأبنية المجاورة واحتجز هناك، إلى أن علم أفراد من آل شمص بما حصل، فتوجهوا إلى مكان الحاجز وحصل تبادل لإطلاق النار. وبعد نحو ساعتين، أطلق سراح حسين إثر تدخل وسطاء من حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى واللجنة الأمنية في حزب الله. حزب الله وضع آنذاك هذه الحادثة في الإطار الفردي وأن شمص لم يكن يملك أوراقاً ثبوتية، معتبراً أن الحادثة في حكم المنتهية.
بيان للعائلة
تعيش عائلة الشقيقتين وهي عائلة شيعية من بعلبك، في حي مارون مسك، في منطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية. وهي منطقة يُعرف عنها أنها تحت سيطرة حركة أمل، لكن لحزب الله نفوذاً قوياً هناك لا يمكن تجاهله.
تعلم العائلة أنها ستكون عرضة للتهديد والمضايقات وأنه ستنهال عليها التهم بالعمالة لانتقادها تصرفات حزب الله وعناصره، لكنها تؤكد أنها مستمرة في حربها على الفساد حتى إحقاق الحق، وتؤكد أنها ستصدر بياناً رسمياً في الساعات القادمة لشرح الخطوات المقبلة.
وصدر بيان عن فعاليات عشيرة آل شمص في بلدة الدورة-اللبوة، بعد اجتماع لوجهاء العشيرة في البلدة، دان فيه المجتمعون كل ما صدر عن "أشخاص موتورين في الضاحية الجنوبية من أبناء عشيرتنا عبر وسائل إعلام محرضة، على المقاومة وشعبها، عبر افتعال حادثة مدبرة ومخطط لها، للنيل من سمعة المقاومة".
وأكد المجتمعون "وقوف كل أبناء العشيرة، بصغارها وكبارها، بشيبها وشبابها، بجانب الإخوة المجاهدين في المقاومة الإسلامية واللبنانية ومستعدون للوقوف في الصفوف الأمامية معهم للذود عن وطننا وشعبنا وأبناء طائفتنا وكلنا براء من كل هذه الأبواق المأجورة".
وفي الصورة أدناه يعتبر الشقيق أن هذا البيان لا يمثل عشيرة آل شمص، بل بالعكس هو لمس تأييداً ودعماً من العائلة، وأن من كتب البيان هم مسؤولون في الحزب أو لديهم مصالح معهم.