وصفت حركة طالبان الأفغانية، زعيمها، المُلا عمر، بكونه ظريفا يحب الدعابة ويكره التظاهر، وذلك في تقرير عن سيرته الذاتية نشرته على مواقعها.
وقال الحركة إن المُلا عمر: " يتحلّی الملا محمد عمر المجاهد إلى جانب صمته بصفة الظرافـة والدعابة أيضاً، ولا يتعالی على أحدٍ مهما كان أصغر أو أقلّ منه، وتعامله مع أصحابه تعامل حبٍّ و شفقة و إخلاص مفعم بالاحترام المتقابل، و معظم حديثه في مجالسه يكون عن الجهاد."
قد يعجبك أيضا :
وتابع التقرير: " یتمتع الملا محمد عمر المجاهد كشخصیة قیادية بمواصفات خاصة. هو على العكس من المسؤولین والقادة الكبار في العالم یكره التظاهر، ولا یشتاق إلى الحدیث مع الناس إذا لم تكن هناك ضرورة للحدیث، إلا أنّ حدیثه في أوقات الضرورة یكون رصیناً ومدروساً ومعقولاً. فعلی سبیل المثال حین كانت الحملة الإعلامية الأمريكية في اشتدادها في بدایة الهجوم الأمريكي للقضاء على الإمارة الإسلامية وبقصد التأثیر علی معنویات المجاهدین، وكانت جمیع قنوات الإعلام الغربي المسموع والمرئي وقفاً على الهجوم الأمريكي، طمأن الملا محمد عمر المجاهد شعبه ضدّ تلك الإشاعات الشيطانية بروح مطمئنة وواثقة بالكلمات البسیطة التالیة المفعمة بالمعاني الكبیرة فقال: إنّ الله تعالى قادر على كل شيء، ولا فرق عند الله تعالى بین قوة أمريكا وقوة نملة."
وأضاف التقرير: " الملا محمد عمر المجاهد بصفته مؤسس (حركة طالبان) وأحد قادة المسلمین یولي اهتماماً كبيرا بقضایا الأمة الإسلامیة، فهو دافع دوماً عن المسجد الأقصی قبلة المسلمین الأولی وعن قضیة المسلمین الفلسطینیین الحقة، وعن القضایا الإسلامیة المماثلة الأخری في شرق العالم وغربه، ویعتبر تحریر المسجد الأقصی من الصهیونیین مسؤولیة شرعیة لكل مسلم، إنه قائد متألم بألم الأمة الإسلامية، ولا یكتفي بالأخوّة مع المسلمین و المواساة، والإیثار، والتعاون في حدود الشعار فقط، بل أثبت التزامه بهذه القیم في میدان العمل أیضاً في كل وقت."
المولد والنشأة
ولد الملا محمد عمر عام 1954 بمدينة ترنكوت عاصمة ولاية أورزغان، وقد مات والده وهو صغير فرباه أعمامه وتحمل مسؤولية إعالة أسرته في وقت مبكر.
الدراسة والتكوين
لم يكمل دراسته وأصبح شيخ القرية قبل الانضمام إلى المجاهدين وقتال الاحتلال السوفياتي، وكانت قدراته المعرفية متواضعة ومخاطبته للجماهير ضعيفة، ولذلك ليس له خطب جماهيرية ولا مقابلات صحفية وليست لديه خبرة في المجال السياسي والتنظيمي.
الخلفية الفكرية
ينتمي -كما كل زعماء حركة طالبان- إلى المدرسة الديوبندية وهي اتجاه سني في المذهب الحنفي تأسس في مدينة ديوبند بالهند، يتميز بآرائه المتشددة تجاه المرأة والعديد من الشعائر الإسلامية، وبعد قيام باكستان زاد عدد المدارس الدينية الديوبندية والتحق بها عدد كبير من الأفغان، شكل الكثير منهم حركة طالبان.
الحياة السياسية
أمضى الملا عمر فترة الجهاد ضد القوات الروسية قائدا لمجموعة مسلحة في جبهة القائد ملا محمد التابعة للجمعية الإسلامية بزعامة برهان الدين رباني بولاية قندهار.
فقد عينه اليمنى خلال الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي ما بين 1989-1992، وانتقل من منظمة إلى منظمة حتى استقر آخر الأمر قبل ظهور حركة طالبان في "حركة الانقلاب الإسلامي" التي تزعمها مولوي محمد نبي.
وبعد دخول المجاهدين إلى كابل أراد الملا عمر أن يكمل دراسته في مدرسة "غيرة" بمنطقة سنج سار بمديرية ميوند بولاية قندهار، ومن هناك بدأ التفكير في محاربة الفساد، فجمع طلاب المدارس الدينية لهذا الغرض في صيف عام 1994 وبدأوا العمل بمساعدة بعض التجار والقادة الميدانيين.
سطع نجمه عندما اختارته حركة طالبان الأفغانية أميرا لها في أغسطس/آب 1994، وبعد وصول الحركة إلى مشارف كابل، عقد اجتماع عام للعلماء شارك فيه حوالي 1500 شخص في أواخر مارس/آذار وأوائل أبريل/نيسان 1996، وانتخب بالإجماع أميرا لحركة طالبان ولقب بـ"أمير المؤمنين".
ومنذ ذلك التاريخ اعتبرته الحركة أميرا شرعيا لها، له في نظر أتباعها جميع حقوق الخليفة، فلا يجوز مخالفة أمره، وأعطت هذه الصفة صبغة دينية للرجل الذي حجب عن أنظار عامة الناس لإعطائه هيبة وسط العامة، وإخفاء جوانب شخصيته، حيث لم يكن يشارك في الاجتماعات العامة. واعتبره خبراء في الشأن الأفغاني أكثر الزعماء غموضا حيث لا توجد له صورة فوتوغرافية واحدة واضحة المعالم.
عاش إبان حكم طالبان مع أسرته في بيت متواضع في مدينة قندهار، وكان يستخدم سيارة واحدة للتحرك العادي داخل المدينة، لا يهتم كثيرا بالحراسة الشخصية، وكان الحاكم الحقيقي لأفغانستان حيث صدرت جميع القرارات المهمة بتوقيعه، وكان يدير أمور الحركة وأمور الحكومة في كابل والولايات عن طريق الهاتف واللاسلكي من قندهار.
ومنذ سقوط نظام طالبان عام 2001 لا يعرف مكان اختباء الملا عمر، فقد طاردته الولايات المتحدة الأميركية وخصصت جائزة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدل عليه أو يساعد على اعتقاله لتقديمه للقضاء، دون أن تصل لشيء.
ومع استمراه تواريه عن الأنظار، توقع متابعون للشأن الأفغاني أن يكون متخفيا في قبائل البشتون أو بالأراضي الباكستانية.
ونفت حركة طالبان في يوليو/تموز 2011 وفاة زعيمها بعدما وزعت رسائل نصية صادرة من هواتف استخدمها بعض قيادييها أرسلت إلى وسائل الإعلام تعلن وفاته، واتهمت الاستخبارات الأميركية باختراق هواتف مسؤوليها.
ورغم اختفائه صدرت عنه بين الفينة والأخرى مواقف سياسية باسم الحركة من قبيل إعلانه بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2013 رفض الاتفاقية الأمنية الثنائية المقترحة بين أفغانستان والولايات المتحدة، فهي بحسبه "لن تكون مقبولة لدى الشعب الأفغاني".
كما أصدر بيانا أشاد فيه بصفقة تبادل خمسة معتقلين من حركة طالبان في سجن غوانتانامو مقابل إطلاق الحركة سراح جندي أميركي في آخر مايو/أيار2014، ووصفها بأنها "نصر عظيم".
وكان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي قد دعاه في يوليو/تموز2012 إلى الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014 شرط إعلانه التخلي عن السلاح وقال "إذا انتخبه الناس فهذا جيد ويمكنه أن يقود البلاد".
وقد نشرت حركة طالبان أفغانستان الأحد 5 أبريل/نيسان 2015 سيرة ذاتية مفصلة لزعيمها الملا عمر في خطوة مفاجئة اعتقد أنها تهدف لمواجهة تزايد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية بين عناصرها.
وشهدت حركة طالبان انشقاق عدد من عناصرها وانضمامهم إلى تنظيم الدولة حيث أعرب بعض المنشقين عن استيائهم من زعيمهم الذي لم يشاهد منذ 2001.
ونشرت الحركة السيرة الذاتية على موقعها احتفالا بمرور 19 عاما على تولي عمر زعامة الحركة. وقالت إن الملا عمر يشارك بشكل نشط في "الأعمال الجهادية"، نافية التكهنات بوفاته.
وجاء في السيرة الذاتية أنه ورغم "رصد العدو المنتظم له"، فلم تحدث تغيرات كبيرة أو عرقلة في الأعمال الروتينية التي يقوم بها عمر من حيث تنظيم النشاطات الجهادية كزعيم للإمارة الإسلامية، وأضافت أنه يتابع ويتفحص النشاطات "ضد الغزاة الأجانب المتوحشين الكفرة".
ووصفت السيرة الذاتية عمر بأنه صاحب شخصية كارزمية، وأدرجت عددا من الحكايات التي تصف شجاعته في ميدان القتال وقالت إن سلاحه المفضل هو قاذفة الصواريخ "آر بي جي 7".