الرئيسية / ثقافة وفن / مذكرات من زمن الحرب
مذكرات من زمن الحرب

مذكرات من زمن الحرب

03 فبراير 2007 04:23 مساء (يمن برس)
يمن برس - هشام السامعي : هل كنت مخطئاً حين فقأت عيني لكي لا أبكي كثيراً وأنا أرى الجثث حولي تموج من الزحام عند باب الموت هل كنت غير ذي دين عندما عبدت الله وحده وكفرت بالحاكمين والمدينة هل كانت غير ذي زرع قبل أن يسكنها الحرب والقتل يارب فدلني على اليقين ودثر الشك بحيرتي التي تنهش جسمي النحيل مد لي يديك طهرني وخلصني من البكاء زملني بقلب الحبيبة وأجعل لي سيفين لأحمي داري من الجند والعسكر أحمي المدينة من الدمار **** وحين يرسل الله ضوءه للخليقة تضيء القلوب التي لاترى الجمال بصورة الدم تمنحها شيئاً من السكينة والصلاة فيا قلوب الجائعين هذا الخبز هذا الله هذا الضوء هذا الجمال فأكلوا ماستطعتم وأستضيئوا بالنور في الطريق إلى الله إلى السكينة الأبدية و النهار *** الحريق لدى الباب والجماهير تهرع لبلد الجوار والنساء يحملن أطفالهن في رحلة الهروب هذا زمان الحرب والخوف والمجاعة والحريق الحريق الحريق والحصار الأطفال يتسألون هل خُلقنا لكي نموت في الحرب أو لـ يقطفوا وردة عمرنا متى شاءو شجر الأرز يحترق في رحلة الهروب إلى وطنٍ مستعار *** أحس أن قلبي يتشظى يغيب عن جسدي يتمزق في الأحشاء ليتني أخرجه وأصنع منه قنبلة لاتقتل الأطفال والأبرياء ليتني أروي بدمه وردة الله في الأرض أروي الأزهار والثمار *** لماذا تركتني المدينة وحيداً ألوك اسرار الخيانة أدمن قصائد الحرب والنار كم ظلت قديماً تحبل بهذا الحزن لماذا يتركني كل الرفاق يموتون ويرحلون وتبقى بداخلي المدينة أسيرة للصمت والحرب .. والإنكسار *** وأطل بوجهي لأنظر بيروت الآن متشحة بالسواد والخطيئة لدى باب المدينة حبلى بالأحاديث عن البطولات والقصف يأكل كل شيء كل شيء الدماءُ تـ غسل عن الرجال كل خوفهم لكنها لا تغسل عن وجوهنا الخزي والعار *** كل شيء يجهز نفسه للقصف والموت المدرسة الإبتدائية حدائق الأطفال أزرق السماء بنفسج الورد ذاكرة الشيوخ بطولات العرب القديمة كراسة الصبي الذي دخل المدرسة عامه هذا منازل الأسر الفقيرة فرن الحي حقول الزيتون شجر اللوز بسمة الصغار كل شيء يموت / يموت / يموت وينكسر أزرق السماء يا الله وتموت الجلنار *** تبت يد الغازين والرصاص الغادر والأقرباء الذين يبتاعون عرضنا خوفاً على العقالات والنياشين والكراسي المممدة فوق نعوشنا تبت يداهم حين يوكلون أرضنا والنفط للغازي الذي يسلبنا الأرض ويستبيح العرض / ويسرح في بلادي التي تموت لكي لايلطخ شرفها الحاكم والمستشار / أو أن ترى أبنائها طوابير في البلاد الغريبة يمسحون الأحذية في محطات القطار / فيا وجع القصيدة في دمي / ويا حزناً على إبني الذي مات من غير عمرٍ وهو يحضن لعبته الجديدة ويصرخ / أمي / أمي /أمي / هذا هو الموت الذي يفخر به أهل السماء فمديني بقبلتك الأخيرة وشدي علي طِمري لكي أستر الأرض التي أنجبتني / ويرحل / هل ستذكرني المدينة بعد عامها هذا هل ستذكر مرور الثائرين أمامنا في الشارع العام ذكرياتنا القديمة في مقاهي الحارة هل ستذكر صوت " مرسيل " وهو يصرخ ويغني " يا أيها الولد المكرّس للندى قاوم ‍! يا أيها البلد – المسدّس في دمي قاوم ‍! " هل ستزرع في قلوبنا قوةً لنأخذ لها بالثأر ؟ *** سيقتلون الله في صدورنا فمن نعبد غير الله إذا مات الحب في قلوبنا إن غاب وجه بيروت الباسم عن وجوهنا كل شيءٍ سيتغير ستنزف دماء الصغار دموع الأمهات قهر الرجال سيكون حزناً / حزنا حُمرة نار *** هشام السامعي
شارك الخبر