مهما يكون حجم المكاسب الوطنية وتمثيل إرادة الملايين الذين رسموا مشهد الثورة السلمية في اتفاق نقل السلطة، إلا أن اليمن قد ولجت مرحلة جديدة طاوية حقبة طويلة من العناء والظلمة والتردي السحيق.
فلقد طوت البلاد يوم الأربعاء الفائت حقبة علي عبدالله صالح ذات الثلاثة وثلاثين عاماً بكل مراراتها القاتلة دونما أسف أو ذكرى طيبة غير ذكريات الآلام والجوع..ومشهد أخير لرئيس مكفهر الوجه وقف يندب حظه ويشكو بمرارة مثل طفل فطيم.
مازال الغضب مزمجراً لدى كثيرين من شبان الثورة السلمية وجماهيرها لأنهم لم يلمسوا نصراً يتنزل دفعة واحدة ويرسل خصمهم إلى قفص المحكمة على عجل. وهذا شعور صادق ينبغي تفهمه ومراعاته بالمقارنة مع فعله خصمهم برفاقهم الشهداء والجرحى من تقتيل وإيذاء عظيمين.
لكن على أصحاب هذا الشعور إدراك أن ما تحقق شيء غير هين ولم يكن يراود أحلامنا قبل عام، وأن الاتفاق الذي حصن فريق الحكم مرتكب جنايات القتل والجروح من الملاحقة القانونية لم يهدر حقوق الضحايا أو يلزمهم الصمت حيالها.
كما أن الانتصار النهائي الذي ينبغي القياس عليه هو استخلاص البلاد من يد القلة المتسلطة العابثة إلى يد ممثلين نزهاء للشعب لا لحظات الفرح الطاغية التي يجلبها انتصار مكثف على الطريقة القديمة.
كانت ثورة مدهشة نفذت صيحتها الإحيائية إلى إنسان الحضارات اليمنية التي تستقر في قاعدة التاريخ فاستلهمت منه القوة والصبر، وشعً ألقها حتى خطف من الشمس بهاءها، وكان ذلك مراناً مبدعاً ليكتشف اليمنيون كم أنهم أقوياء وخلاقون حين يعقدون العزم صوب الغايات الكبيرة ويهملون ما يفرقهم من الدخائل الصغيرة. إن هذا بالضبط عين ما تحتاجه المرحلة المقبلة: مرحلة البناء.
فعلى الرغم من الانقسام الحاد الذي شمل المشاعر والصفوف والوشائج غير أن انتقال السلطة إلى فريق جديد، وثق به العالم وفرقاء الداخل، يعطي بشارة بعهد جديد كفيل بجبر العلاقات التي هشمها تصلب النظام وعناده في الإمساك بالسلطة على أساس تسلطي وانقسامي.
وما هو أكيد الآن وبين بجلاء أن المرحلة المقبلة شاقة ومليئة بالتحديات والصعاب الهائلة مثل أي مرحلة بناء جديدة خاضتها الأمم التي نالها ما نالنا عبر ثلاثة عقود من الانقسام الوجداني والسياسي والتنافر الاجتماعي.. وما خلفه النظام المغادر من إرث بالغ التعقيد.
هو المستقبل والبناء إذن ، ولا سواهما من يجب أن تنصرف إليهما الطاقات. ومهما بلغت التحديات فإن العزيمة التي صنعت ثورة فبراير قادرة على اجتيازها.
* الصورة لصالح أثناء تأديته اليمين الدستورية في مجلس الشعب التأسيسي حينما تولى الرئاسة العام 1978
*خالد عبدالهادي
فلقد طوت البلاد يوم الأربعاء الفائت حقبة علي عبدالله صالح ذات الثلاثة وثلاثين عاماً بكل مراراتها القاتلة دونما أسف أو ذكرى طيبة غير ذكريات الآلام والجوع..ومشهد أخير لرئيس مكفهر الوجه وقف يندب حظه ويشكو بمرارة مثل طفل فطيم.
مازال الغضب مزمجراً لدى كثيرين من شبان الثورة السلمية وجماهيرها لأنهم لم يلمسوا نصراً يتنزل دفعة واحدة ويرسل خصمهم إلى قفص المحكمة على عجل. وهذا شعور صادق ينبغي تفهمه ومراعاته بالمقارنة مع فعله خصمهم برفاقهم الشهداء والجرحى من تقتيل وإيذاء عظيمين.
لكن على أصحاب هذا الشعور إدراك أن ما تحقق شيء غير هين ولم يكن يراود أحلامنا قبل عام، وأن الاتفاق الذي حصن فريق الحكم مرتكب جنايات القتل والجروح من الملاحقة القانونية لم يهدر حقوق الضحايا أو يلزمهم الصمت حيالها.
كما أن الانتصار النهائي الذي ينبغي القياس عليه هو استخلاص البلاد من يد القلة المتسلطة العابثة إلى يد ممثلين نزهاء للشعب لا لحظات الفرح الطاغية التي يجلبها انتصار مكثف على الطريقة القديمة.
كانت ثورة مدهشة نفذت صيحتها الإحيائية إلى إنسان الحضارات اليمنية التي تستقر في قاعدة التاريخ فاستلهمت منه القوة والصبر، وشعً ألقها حتى خطف من الشمس بهاءها، وكان ذلك مراناً مبدعاً ليكتشف اليمنيون كم أنهم أقوياء وخلاقون حين يعقدون العزم صوب الغايات الكبيرة ويهملون ما يفرقهم من الدخائل الصغيرة. إن هذا بالضبط عين ما تحتاجه المرحلة المقبلة: مرحلة البناء.
فعلى الرغم من الانقسام الحاد الذي شمل المشاعر والصفوف والوشائج غير أن انتقال السلطة إلى فريق جديد، وثق به العالم وفرقاء الداخل، يعطي بشارة بعهد جديد كفيل بجبر العلاقات التي هشمها تصلب النظام وعناده في الإمساك بالسلطة على أساس تسلطي وانقسامي.
وما هو أكيد الآن وبين بجلاء أن المرحلة المقبلة شاقة ومليئة بالتحديات والصعاب الهائلة مثل أي مرحلة بناء جديدة خاضتها الأمم التي نالها ما نالنا عبر ثلاثة عقود من الانقسام الوجداني والسياسي والتنافر الاجتماعي.. وما خلفه النظام المغادر من إرث بالغ التعقيد.
هو المستقبل والبناء إذن ، ولا سواهما من يجب أن تنصرف إليهما الطاقات. ومهما بلغت التحديات فإن العزيمة التي صنعت ثورة فبراير قادرة على اجتيازها.
* الصورة لصالح أثناء تأديته اليمين الدستورية في مجلس الشعب التأسيسي حينما تولى الرئاسة العام 1978
*خالد عبدالهادي