لم يسقط الشعب اليمني بنضاله وصبره وبإرادته الحرة أي دكتاتور من قبل.
الرئيس صالح هو الاستثناء في كل شيء في الصعود والحكم والسقوط.
وبعد أن وقع في 23 تشرين الثاني/نوفمبر في الرياض على المبادرة الخليجية بعد طول تسويف وتشويه للثوار ولأهدافهم وتوظيف الدين بالزعم أنه ضد الخروج على ولي الأمر وقتل أكثر من ألف شاب و109 طفلا وعددا من النساء والشابات وفرض حصار اقتصادي على سكان عدة مدن فيما عرف بالعقاب الجماعي وتشريدعشرات الألاف من مساكنهم وخاصة في حي الحصبة في شمال صنعاء وأرحب ونهم وأبين.
تاريخيا حكم اليمن في المائة سنة الماضية خمسة حكام. إمامان في العهد الملكي هما يحي( 1911-1948) وإبنه أحمد (1948-1962) وهنا لايعتد بفترة الأسبوع الواحد التي حكم فيها الإمام البدر كخليفة لوالده أحمد.
قامت ثورة 26 سبتمبر في عام 1962 وتولى مقاليد الحكم الرئيس عبد الله السلال ( 1962-1967) ثم القاضي عبد الرحمن الإرياني (1967-1974) وخلفه إبراهيم الحمدي أيقونة شباب الثورة ورمزهم الوطني من عام 1974 إلى عام 1977 عام اغتياله على يد خلفه ويده اليمنى أحمد الغشمي والرئيس صالح المنتهية ولايته.
قبل أن يكمل الغشمي السنة أطاحت به شنطة مفخخة أرسلها رئيس الجنوب الراحل سالم ربيع علي (سالمين). وفي عام 1978 ابتلي اليمن بنظام الرئيس صالح الذي عاث ولاث في البلد وفكك الدولة وأفسد العمل في مؤسساتها حتى صار الفساد هو القاعدة، وعبد طريق الوراثة بالمحسوبية والرشاوي والاغتيالات ومراكز قوى عائلية غير دستورية.
في الجنوب كانت مقاومة الفردية والأتواقراطية هي السبب الأساسي في عدم استقرار الجنوب ونشوء الصراعات السلمية والدموية.
السلمية أطاحت بأول رئيس للجمهورية عام 1969كان يظن أنه لايمكن الاستغناء عنه ونزع إلى الحكم الفردي والتنكر لتضحيات الفدائيين وانحاز إلى من لم يكن لهم دور في النضال من أجل الاستقلال ولكن رفاقه لم يستسلموا له وعزلوه وحددوا إقامته حتى وفاته عام 1981.
أما الصراع السلمي الثاني فقد أطاح بعبد الفتاح إسماعيل في نيسان/ ابريل'1980 بسبب جمعه لمنصبي رئيس الدولة والأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني وضعف كفاءته في إدارة الدولة و المصالح المتصارعة .
إسماعيل قدم استقالته أربع مرات من منصب الرئيس ولكنها كانت ترفض لأن محازبيه لم يكونوا يريدون أن تذهب رئاسة الدولة للرئيس علي ناصر محمد.
أما التغييرات الدموية ذات الثمن البشري والسياسي والأخلاقي الباهظ فقد أطاحت بسالم ربيع علي عام1978 بعد ثبوت تورطه في اغتيال الرئيس الغشمي انتقاما منه لاغتياله للرئيس الحمدي وهروبا من مواجهات محتملة معه بعد أن كرر غلطة سلفه قحطان بانفراده بالسلطة وخلق جهاز مدني مواز يتبعه شخصيا ولاعلاقة له بالحزب الذي يقود الدولة وتهميش الحزب ومعارضته لقيام الحزب الاشتراكي اليمني بتحالفاته اليسارية والقومية واعتماده على أبناء منطقته وخاصة في القوات المسلحة ورغبته في أن يظل الجنوب جنوبا والعودة إلى تنظيم الجبهة القومية التي أنجزت الاستقلال من الاستعمار البريطاني.
وبعد سالمين عرف الجنوب ماسمي بأحداث 13 كانون الثاني/يناير 1986 الدموية التي ارتبطت بالرئيس علي ناصر محمد كفاعل أول برغم أن طرفي الصراع كانا يستعدان للحسم العسكري ولكن البادئ هو الذي خسر الصراع وكان الخاسر الأكبر في الحقيقة هو الحزب والوطن.
وخارج الصراعات الكبرى وفيما أعرف عن بعض شؤون الجنوب فإن سالمين اغتال معارضين واغتال مناضلين شماليين داخل سفارة الجنوب بأديس ابابا وكانت لديه فرق اغتيال ومخططات لتصفيات تطال خصوصا الشماليين في عدن بعد التخلص من خصومه الجنوبيين الذين قاوموا فرديته وتخلصوا من قحطان بسببها وليس ليقعوا في براثن فرديته من جديد ويخضعوا لنزعاته وقلة نضجه السياسي والفكري ويحتكموا لقيادة جماعية كوصفة فشلت طوال تاريخ الحزب الاشتراكي في الجنوب.
هناك تهم باغتيال فيصل عبد اللطيف الشعبي ومحمد صالح مطيع في السجن وهناك تبريرات غير مقنعه بأنهما اغتيلا أثناء محاولاتهما الهرب من السجن.
وطبعا الهرب لايبررقتل مناضلين ورفيقين بأي صورة من الصور .بصورة عامة كانت النفس البشرية رخيصة في شمال اليمن وجنوبه وكانت حياة الخصم أكثر رخصا.
نظام الرئيس السابق صالح انفرد من بين جكام اليمن في الشمال وفي الجنوب بالاغتيالات والاستئثار بالسلطة والثروة والقوة العسكرية والأمنية والعقاب الجماعي وإشاعة الفساد والعمل الحثيث على تحويل الجمهورية إلى جمهورية وراثية.
بعد سقوط مبارك جرى الحديث المتخيل التالي بين الإثنين' صالح:الله لارحم زين العابدين الذي لم يصبرقليلا وفر هاربا . أما انت فخطيئتك أنك لم تضع أولادك وأسرتك في مفاصل الدولة العسكرية والمدنية كما فعلت أنا ولذلك اعتذر لك عن عدم استضافتي لك في اليمن ,وكان ذلك تعبيرا عن ثقة صالح بالبقاء الأبدي في الحكم ومراهنته التي استمرت حتى لفظ أيامه السياسية الأخيره قبل توقيعه على التنحي عن السلطة بأن اليمن ليست تونس وليست مصر. وهي مراهنة كررها ببغاوية أحد معاونيه الإعلاميين في حديث لإذاعة صوت العرب صباح 24 تشرين الثاني/نوفمبر بعدالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بأقل من يوم واحد.
بعض من ملامح حكم صالح
1- الاغتيالات:
لم يقتل الإمام يحي أو إبنه أحمد أحدا في الطريق العام أو في أي مكان آخر. صحيح أن أحمد قتل ولكن كرد فعل على ثلاث محاولات انقلابية الأولى أطاحت بأبيه عن طريق الاغتيال عام 1948 والثانية كانت تريد الإطاحة به عام 1955 والثالثة عام1961، وقد بلغ الأمر بأحمد أن قتل أخوة له. وكان توريث إبنه محمد البدر غير الجدير بخلافته من أسباب تشقق الأسرة وصراعاتها ثم انهيار حكمها عام 1962. الرؤساء السلال والإرياني والحمدي لم يغتالوا أحدا في الطريق العام أو بالسم. صحيح أن عددا من المناضلين قتل في السجون ولم تعرف أسرهم عنهم شيئا وعقب ثورة 1962 تمت محاكمات صورية حكم فيها بالإعدام على أبرياء .نظام الرئيس صالح انفرد بالاغتيالات في الطريق العام أو بالسم. كان النظام'يغتال ويحترز أيضا بتكليف فريق احتياطي لمواصلة عملية الاغتيال إذا فشل الفريق الأول في مهمته ثم يقوم بتصفية الفريق الثاني. من حالات الاغتيال في الطريق العام: أولاد الدميني ومحمد خميس ود.عبد العزيز السقاف ويحي المتوكل ومجاهد أبو شوارب وصالح الجنيد وماجد مرشد وسعيد صالح ود. حسين الحريبي وغيرهم. وحالتي محمد الربادي وعبد اللطيف الربيع بالسم، واحمد إسماعيل وأحمد فرج بتفجير طائرتهم. وكل هؤلاء أسماء وقامات كبيرة.وفي هذا السياق واصل النظام تصفية القوى الحية في المجتمع و157 كادرا رفيعا في الحزب الاشتراكي وأخيرا محاولة اغتيال د. محمد عبد الملك المتوكل في العاشر من هذا الشهر.
2- العقاب الجماعي:
مارسه الإمام يحي من أجل تحقيق 'العدالة' بالتنكيل وإفقار سكان قرى بكاملها إذا أخفت قاتلا هاربا من العدالة بإرسال جنود يعسكرون فيها وتتولى القرية إطعامهم حتى يئنون من ثقل هذا العبء ويضطروا لتسليم القاتل. الحالة الثانية استمرت سنوات وبدأت في 7تشرين الاول/اكتوبر1971 عندما توجهت حملات عسكرية كبيرة كانت أولاها بقيادة القائد العام العقيد محمد الإرياني يرافقه العقيدين إبراهيم الحمدي ومحمد صالح الكهالي إلى مدينة النادرة للتحرك منها إلى بعض القرى المجاورة للانتقام من مقتل الشيخين صالح أبو لحوم والحدي على أيدي عناصر المقاومين الثوريين المسنودين من الجنوب. وقد هدّمت الحملة قرى بكاملها وشردت مئات الأسر وجدت ملاذها في مدينة الضالع الجنوبية.في عهد صالح مورس العقاب الجماعي بأقبح صوره عقابا للشباب الرافضين نظامه. وبعد يأسه من ترك الشباب للساحات عقب مذبحة جمعة الكرامة في 18آذار/ مارس التي أعلن الحداد الوطني على ضحاياها وتشكيل لجنة للتحقيق وإقالة الحكومة وتشكيل لجنة للحوارمع الشباب برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال (مستمرة بهذه الصفة حتى اليوم)، (استهان الرئيس السابق بهذا اليوم قبل أيام ووصفه بـ'ما يسمى بجمعة الكرامة') وكطاغية له الحق في ذلك لأن هذا اليوم شهد انحيازا عسكريا ومدنيا ودبلوماسيا مع الثورة أسماه بطعنه في الخاصرة. العقاب الجماعي تمثل بقطع الكهرباء والمياه وإخفاء الغاز والنفط والديزل أي كل مقومات الحياة في المدن لأن الريف لايزال هو ريف الإمام بكل المظالم التي تحملها الفلاح مع تغييرات طفيفة في أسلوب الحياة. ولايستغربن القارئ أنه عندما كان يزور جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة صنعاء كانت الكهرباء تضيئ العاصمة وغيرها من المدن وعندما يرحل تعود الأمور إلى سابق عهدها وتعلن الحكومة أن قيادة الإخوان المسلمين أو المشترك هاجموا المحولات الكهربائية في مأرب وتسببوا في الإظلام.
3- الفساد:
دأب الرئيس ورئيس الوزراء السابق والحالي وقيادات حزب المؤتمر الحاكم على إنكار وجود فساد في اليمن وعلى اتهام المعارضة به وكأن الأخيرة هي التي تملك وتتحكم بخزانة الدولة وتوظف وتعزل وتصدر أوراق البنكنوت. محاربة الفساد كان خطا أحمر لدى نظام صالح فممنوع الحديث عنه أو التعامل الجاد معه لأنه من أعمدة بقاء النظام وركيزة من ركائز قوته. الجهاز المركزي للمحاسبات كان يعد ملفات موثقة بالفاسدين ويرفعها للرئيس الذي يحيلها إلى رئيس الوزراء الذي يحيلها بدوره إلى الوزراء والمحافظين المتهمين به ثم تنام الملفات في أدراجهم. الرئيس الراحل السابق للجهاز قال لي إن واجبنا يقف عند هذا الحد لأن الجهازتابع للرئاسة وغير مستقل. وعندما أنشئت الهيئة العليا لمكافحة الفساد قبل خمس سنوات استجابة لضغط دولي وللرئيس السابق بوش شخصيا وبعد أن تحدث رئيس البنك الدولي الأسبق لينجستون عن الفساد علنا في مدينة عدن عام 2005 وخسرت اليمن بسببه دعم الألفية ظلت الهيئة تحارب طواحين الهواء وسارت على درب الجهاز في تجميع حقائق ومراكمة ملفات ولم تقدم قطا سمينا كبيرا إلى المحاكمة بتهمة نهب المال العام. قال أحد أعضاءها أن لديها ثلاثين ألف ملف فساد، وستظل ملفات حتى يتغير رئيسها وأعضاءها، وهي في هذا تدرك ماالذي يريده راعي الفساد وأنها لايمكن أن تحارب رئيس الدولة في عرينه. والكلام يطول وملفات البنك الدولي ووثائق ويكليس مشبعة بوثائق عن الفساد الرسمي ورعاته وأطرافه.
وأور د هنا مثالا واحدا للتدليل عليه. قبل أن يصدر صالح قانون المناقصات وإنشاء هيئة مختصة عام 2007 أرسى شخصيا وبدون موافقة مجلسي النواب والــــوزراء مناقصة غير قانونية بثلاثة مليار ريال( 150 مليون دولار) ولايسعني المجال هنا للتحدث عن محاولات بيع القرض الروسي بثمن بخس ليتم شراؤه من قبل الحكومة بنفس أرقامه من قبل رجــــل أعمــــال يمني قريب منه وكيف أن ثلاثة أشخاص لن أذكرهم الأن والبنك الدولي هم الذين كانوا أكثر حرصا على مصلحة اليمن منه وحالوا دون إنجاح عملية البيع التي كان يقف وراءها ولي أمر المصالح العامة، نظام الرئيس صالح.
*كتبه: علي محسن حميد
عضو المجلس الوطني لقوى الثورة اليمنية
الرئيس صالح هو الاستثناء في كل شيء في الصعود والحكم والسقوط.
وبعد أن وقع في 23 تشرين الثاني/نوفمبر في الرياض على المبادرة الخليجية بعد طول تسويف وتشويه للثوار ولأهدافهم وتوظيف الدين بالزعم أنه ضد الخروج على ولي الأمر وقتل أكثر من ألف شاب و109 طفلا وعددا من النساء والشابات وفرض حصار اقتصادي على سكان عدة مدن فيما عرف بالعقاب الجماعي وتشريدعشرات الألاف من مساكنهم وخاصة في حي الحصبة في شمال صنعاء وأرحب ونهم وأبين.
تاريخيا حكم اليمن في المائة سنة الماضية خمسة حكام. إمامان في العهد الملكي هما يحي( 1911-1948) وإبنه أحمد (1948-1962) وهنا لايعتد بفترة الأسبوع الواحد التي حكم فيها الإمام البدر كخليفة لوالده أحمد.
قامت ثورة 26 سبتمبر في عام 1962 وتولى مقاليد الحكم الرئيس عبد الله السلال ( 1962-1967) ثم القاضي عبد الرحمن الإرياني (1967-1974) وخلفه إبراهيم الحمدي أيقونة شباب الثورة ورمزهم الوطني من عام 1974 إلى عام 1977 عام اغتياله على يد خلفه ويده اليمنى أحمد الغشمي والرئيس صالح المنتهية ولايته.
قبل أن يكمل الغشمي السنة أطاحت به شنطة مفخخة أرسلها رئيس الجنوب الراحل سالم ربيع علي (سالمين). وفي عام 1978 ابتلي اليمن بنظام الرئيس صالح الذي عاث ولاث في البلد وفكك الدولة وأفسد العمل في مؤسساتها حتى صار الفساد هو القاعدة، وعبد طريق الوراثة بالمحسوبية والرشاوي والاغتيالات ومراكز قوى عائلية غير دستورية.
في الجنوب كانت مقاومة الفردية والأتواقراطية هي السبب الأساسي في عدم استقرار الجنوب ونشوء الصراعات السلمية والدموية.
السلمية أطاحت بأول رئيس للجمهورية عام 1969كان يظن أنه لايمكن الاستغناء عنه ونزع إلى الحكم الفردي والتنكر لتضحيات الفدائيين وانحاز إلى من لم يكن لهم دور في النضال من أجل الاستقلال ولكن رفاقه لم يستسلموا له وعزلوه وحددوا إقامته حتى وفاته عام 1981.
أما الصراع السلمي الثاني فقد أطاح بعبد الفتاح إسماعيل في نيسان/ ابريل'1980 بسبب جمعه لمنصبي رئيس الدولة والأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني وضعف كفاءته في إدارة الدولة و المصالح المتصارعة .
إسماعيل قدم استقالته أربع مرات من منصب الرئيس ولكنها كانت ترفض لأن محازبيه لم يكونوا يريدون أن تذهب رئاسة الدولة للرئيس علي ناصر محمد.
أما التغييرات الدموية ذات الثمن البشري والسياسي والأخلاقي الباهظ فقد أطاحت بسالم ربيع علي عام1978 بعد ثبوت تورطه في اغتيال الرئيس الغشمي انتقاما منه لاغتياله للرئيس الحمدي وهروبا من مواجهات محتملة معه بعد أن كرر غلطة سلفه قحطان بانفراده بالسلطة وخلق جهاز مدني مواز يتبعه شخصيا ولاعلاقة له بالحزب الذي يقود الدولة وتهميش الحزب ومعارضته لقيام الحزب الاشتراكي اليمني بتحالفاته اليسارية والقومية واعتماده على أبناء منطقته وخاصة في القوات المسلحة ورغبته في أن يظل الجنوب جنوبا والعودة إلى تنظيم الجبهة القومية التي أنجزت الاستقلال من الاستعمار البريطاني.
وبعد سالمين عرف الجنوب ماسمي بأحداث 13 كانون الثاني/يناير 1986 الدموية التي ارتبطت بالرئيس علي ناصر محمد كفاعل أول برغم أن طرفي الصراع كانا يستعدان للحسم العسكري ولكن البادئ هو الذي خسر الصراع وكان الخاسر الأكبر في الحقيقة هو الحزب والوطن.
وخارج الصراعات الكبرى وفيما أعرف عن بعض شؤون الجنوب فإن سالمين اغتال معارضين واغتال مناضلين شماليين داخل سفارة الجنوب بأديس ابابا وكانت لديه فرق اغتيال ومخططات لتصفيات تطال خصوصا الشماليين في عدن بعد التخلص من خصومه الجنوبيين الذين قاوموا فرديته وتخلصوا من قحطان بسببها وليس ليقعوا في براثن فرديته من جديد ويخضعوا لنزعاته وقلة نضجه السياسي والفكري ويحتكموا لقيادة جماعية كوصفة فشلت طوال تاريخ الحزب الاشتراكي في الجنوب.
هناك تهم باغتيال فيصل عبد اللطيف الشعبي ومحمد صالح مطيع في السجن وهناك تبريرات غير مقنعه بأنهما اغتيلا أثناء محاولاتهما الهرب من السجن.
وطبعا الهرب لايبررقتل مناضلين ورفيقين بأي صورة من الصور .بصورة عامة كانت النفس البشرية رخيصة في شمال اليمن وجنوبه وكانت حياة الخصم أكثر رخصا.
نظام الرئيس السابق صالح انفرد من بين جكام اليمن في الشمال وفي الجنوب بالاغتيالات والاستئثار بالسلطة والثروة والقوة العسكرية والأمنية والعقاب الجماعي وإشاعة الفساد والعمل الحثيث على تحويل الجمهورية إلى جمهورية وراثية.
بعد سقوط مبارك جرى الحديث المتخيل التالي بين الإثنين' صالح:الله لارحم زين العابدين الذي لم يصبرقليلا وفر هاربا . أما انت فخطيئتك أنك لم تضع أولادك وأسرتك في مفاصل الدولة العسكرية والمدنية كما فعلت أنا ولذلك اعتذر لك عن عدم استضافتي لك في اليمن ,وكان ذلك تعبيرا عن ثقة صالح بالبقاء الأبدي في الحكم ومراهنته التي استمرت حتى لفظ أيامه السياسية الأخيره قبل توقيعه على التنحي عن السلطة بأن اليمن ليست تونس وليست مصر. وهي مراهنة كررها ببغاوية أحد معاونيه الإعلاميين في حديث لإذاعة صوت العرب صباح 24 تشرين الثاني/نوفمبر بعدالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بأقل من يوم واحد.
بعض من ملامح حكم صالح
1- الاغتيالات:
لم يقتل الإمام يحي أو إبنه أحمد أحدا في الطريق العام أو في أي مكان آخر. صحيح أن أحمد قتل ولكن كرد فعل على ثلاث محاولات انقلابية الأولى أطاحت بأبيه عن طريق الاغتيال عام 1948 والثانية كانت تريد الإطاحة به عام 1955 والثالثة عام1961، وقد بلغ الأمر بأحمد أن قتل أخوة له. وكان توريث إبنه محمد البدر غير الجدير بخلافته من أسباب تشقق الأسرة وصراعاتها ثم انهيار حكمها عام 1962. الرؤساء السلال والإرياني والحمدي لم يغتالوا أحدا في الطريق العام أو بالسم. صحيح أن عددا من المناضلين قتل في السجون ولم تعرف أسرهم عنهم شيئا وعقب ثورة 1962 تمت محاكمات صورية حكم فيها بالإعدام على أبرياء .نظام الرئيس صالح انفرد بالاغتيالات في الطريق العام أو بالسم. كان النظام'يغتال ويحترز أيضا بتكليف فريق احتياطي لمواصلة عملية الاغتيال إذا فشل الفريق الأول في مهمته ثم يقوم بتصفية الفريق الثاني. من حالات الاغتيال في الطريق العام: أولاد الدميني ومحمد خميس ود.عبد العزيز السقاف ويحي المتوكل ومجاهد أبو شوارب وصالح الجنيد وماجد مرشد وسعيد صالح ود. حسين الحريبي وغيرهم. وحالتي محمد الربادي وعبد اللطيف الربيع بالسم، واحمد إسماعيل وأحمد فرج بتفجير طائرتهم. وكل هؤلاء أسماء وقامات كبيرة.وفي هذا السياق واصل النظام تصفية القوى الحية في المجتمع و157 كادرا رفيعا في الحزب الاشتراكي وأخيرا محاولة اغتيال د. محمد عبد الملك المتوكل في العاشر من هذا الشهر.
2- العقاب الجماعي:
مارسه الإمام يحي من أجل تحقيق 'العدالة' بالتنكيل وإفقار سكان قرى بكاملها إذا أخفت قاتلا هاربا من العدالة بإرسال جنود يعسكرون فيها وتتولى القرية إطعامهم حتى يئنون من ثقل هذا العبء ويضطروا لتسليم القاتل. الحالة الثانية استمرت سنوات وبدأت في 7تشرين الاول/اكتوبر1971 عندما توجهت حملات عسكرية كبيرة كانت أولاها بقيادة القائد العام العقيد محمد الإرياني يرافقه العقيدين إبراهيم الحمدي ومحمد صالح الكهالي إلى مدينة النادرة للتحرك منها إلى بعض القرى المجاورة للانتقام من مقتل الشيخين صالح أبو لحوم والحدي على أيدي عناصر المقاومين الثوريين المسنودين من الجنوب. وقد هدّمت الحملة قرى بكاملها وشردت مئات الأسر وجدت ملاذها في مدينة الضالع الجنوبية.في عهد صالح مورس العقاب الجماعي بأقبح صوره عقابا للشباب الرافضين نظامه. وبعد يأسه من ترك الشباب للساحات عقب مذبحة جمعة الكرامة في 18آذار/ مارس التي أعلن الحداد الوطني على ضحاياها وتشكيل لجنة للتحقيق وإقالة الحكومة وتشكيل لجنة للحوارمع الشباب برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال (مستمرة بهذه الصفة حتى اليوم)، (استهان الرئيس السابق بهذا اليوم قبل أيام ووصفه بـ'ما يسمى بجمعة الكرامة') وكطاغية له الحق في ذلك لأن هذا اليوم شهد انحيازا عسكريا ومدنيا ودبلوماسيا مع الثورة أسماه بطعنه في الخاصرة. العقاب الجماعي تمثل بقطع الكهرباء والمياه وإخفاء الغاز والنفط والديزل أي كل مقومات الحياة في المدن لأن الريف لايزال هو ريف الإمام بكل المظالم التي تحملها الفلاح مع تغييرات طفيفة في أسلوب الحياة. ولايستغربن القارئ أنه عندما كان يزور جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة صنعاء كانت الكهرباء تضيئ العاصمة وغيرها من المدن وعندما يرحل تعود الأمور إلى سابق عهدها وتعلن الحكومة أن قيادة الإخوان المسلمين أو المشترك هاجموا المحولات الكهربائية في مأرب وتسببوا في الإظلام.
3- الفساد:
دأب الرئيس ورئيس الوزراء السابق والحالي وقيادات حزب المؤتمر الحاكم على إنكار وجود فساد في اليمن وعلى اتهام المعارضة به وكأن الأخيرة هي التي تملك وتتحكم بخزانة الدولة وتوظف وتعزل وتصدر أوراق البنكنوت. محاربة الفساد كان خطا أحمر لدى نظام صالح فممنوع الحديث عنه أو التعامل الجاد معه لأنه من أعمدة بقاء النظام وركيزة من ركائز قوته. الجهاز المركزي للمحاسبات كان يعد ملفات موثقة بالفاسدين ويرفعها للرئيس الذي يحيلها إلى رئيس الوزراء الذي يحيلها بدوره إلى الوزراء والمحافظين المتهمين به ثم تنام الملفات في أدراجهم. الرئيس الراحل السابق للجهاز قال لي إن واجبنا يقف عند هذا الحد لأن الجهازتابع للرئاسة وغير مستقل. وعندما أنشئت الهيئة العليا لمكافحة الفساد قبل خمس سنوات استجابة لضغط دولي وللرئيس السابق بوش شخصيا وبعد أن تحدث رئيس البنك الدولي الأسبق لينجستون عن الفساد علنا في مدينة عدن عام 2005 وخسرت اليمن بسببه دعم الألفية ظلت الهيئة تحارب طواحين الهواء وسارت على درب الجهاز في تجميع حقائق ومراكمة ملفات ولم تقدم قطا سمينا كبيرا إلى المحاكمة بتهمة نهب المال العام. قال أحد أعضاءها أن لديها ثلاثين ألف ملف فساد، وستظل ملفات حتى يتغير رئيسها وأعضاءها، وهي في هذا تدرك ماالذي يريده راعي الفساد وأنها لايمكن أن تحارب رئيس الدولة في عرينه. والكلام يطول وملفات البنك الدولي ووثائق ويكليس مشبعة بوثائق عن الفساد الرسمي ورعاته وأطرافه.
وأور د هنا مثالا واحدا للتدليل عليه. قبل أن يصدر صالح قانون المناقصات وإنشاء هيئة مختصة عام 2007 أرسى شخصيا وبدون موافقة مجلسي النواب والــــوزراء مناقصة غير قانونية بثلاثة مليار ريال( 150 مليون دولار) ولايسعني المجال هنا للتحدث عن محاولات بيع القرض الروسي بثمن بخس ليتم شراؤه من قبل الحكومة بنفس أرقامه من قبل رجــــل أعمــــال يمني قريب منه وكيف أن ثلاثة أشخاص لن أذكرهم الأن والبنك الدولي هم الذين كانوا أكثر حرصا على مصلحة اليمن منه وحالوا دون إنجاح عملية البيع التي كان يقف وراءها ولي أمر المصالح العامة، نظام الرئيس صالح.
*كتبه: علي محسن حميد
عضو المجلس الوطني لقوى الثورة اليمنية