الشيخ الدكتور محمد موسى العامري عضو رابطة علماء المسلمين
نائب رئيس هيئة علماء اليمن
الحمدلله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام وعلى أشرف الأنبياء والمرسلين, محمد بن الله الصادق الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين..
أما بعد :
فلقد كان دافعي إلى كتابه هذه الأسطر إليكم أمران.
(( أحدهما )) تجديد عرض دعوة الشيخ مقبل عليكم, وبيان فضلها ومحاسنها , وكيف صرفتم عنها وأستفاد منها الآخرون من مختلف البلدان.
((ثانيهما)) حصاركم الظالم لدار الحديث بدماج, التي
أسسها شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
فأما الشق الأول من هذه الرساله, فحاصله أن رجلا منكم
– يا أهل صعده – عاش في بداية عمره في وادي دماج – وادعة من بلاد همدان- ونشأ على ما كان عليه اسلافه من التقليد للمذهب الهادوي , وقدر له أن يلتحق بحلقات التعليم في جامع الهادي في مقتبل عمره , فدرس على جملة من علماء المذهب الزيدي بمن فيهم علامة المذهب مجد الدين المؤيدي وغيره من شيوخ الهادويه وقد إستفاد في تلك الفترة من علوم اللغة العربية وفنونها بصورة أخص كما كان يحدثنا بذلك.
وبعد قيام الثورة اليمنية على حكم الأئمة هاجر إلى نجران ثم إلى مكة المكرمة فالمدينة النبوية, وهناك واصل طلبه للعلم الشرعي , وشرح الله صدره لعلوم السنة خصوصا علم الحديث ورجاله وعلله , وتعرف على كبار العلماء في أرض الحرمين ولازمهم, وإستفاد منهم حتى برز في علم الحديث وفاق أقرانه وحاز في ذلك درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية , وكان رحمه الله جامعا بين العلم والعمل حريصا" على التأسي بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فتتلمذ على يديه في أرض الحرمين جم غفير من الطلاب , وذاع صيته في الآفاق ثم عاد إلى اليمن داعيا" إلى الله ومعلما" وناصرا" للسنة , فاستجاب لهذه الدعوة المباركة آلاف من الناس , وهاجر إليه الطلاب من أصقاع الأرض , ولا أبالغ إن قلت إني لا أعلم أحدا" رحل الناس إليه في هذا العصر كالشيخ مقبل رحمه الله وأنتم تعلمون بذلك وتشاهدونه بأعينكم , وقد كنتم أحق الناس بهذه الدعوة وأولاهم بالاستجابه لها لقربكم منه , ولكونه من أهل بلدتكم ولكنكم حرمتم من دعوته وعلمه , وفاتكم قطار أخذ العلم على يديه وتلك حكمه الله في خلقه وفضله يؤتيه من يشاء .
وبكل تأكيد فإن الشيخ مقبلا" كان حريصا على نفع أهل بلدته مشفقا" عليهم مما هم فيه من الجهل والتقليد الأعماء بدليل مكثه في بلده وعدم إنتقاله منها طيلة هذه السنين , داعيا" ومعلما" , وكنا نرى السرور والفرحة تغمره حينما يجد طالبا من أهل صعده في مركزه , وكان يتألف من جاء منهم للعلم ويداريه ممتثلا" قول الله سبحانه وتعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ التوبه الآيه (122) ) وكان أحيانا يسلي نفسه عند إعراضهم بقول جابر بن عبدالله قال : أزهد الناس في العالم أهله قالوا : ومن أهله ؟ قال جيرانه.
فما هو السر الذي جعلكم تعزفون عن دعوته ؟ وتسعون إلى تشويهها وتنفير الناس عنها ؟هل فطنتم لأمر لم يتفطن له الناس الذين استفادوا من علمه ودعوته من سائر الآفاق؟ هل وجدتم في دعوته ما يخالف القرآن الكريم وصحيح السنة النبويه ؟ هل دعاكم إلى عصبية جاهليه أو مذهبية حزبيه ؟ هل جاءكم بغير دعوة التوحيد والعودة إلى المنبعين الصافيين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟كل ذلك لم يحصل منه شئ , ولكني أصدقكم القول وأبين لكم حقيقة صدودكم !
فأقول : إن الذي منعكم من الاستجابة لدعوته والإستفادة من علمه هو مانع أهل الكتاب – بكل أسف- الحسد والبغي والتعالي تماما" كما رفض أهل الكتاب دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ البقرة آيه (146)
نعم لقد كان مستغربا" في بيئتكم أن يتعلم القبيلي – غير الهاشمي- فضلا" عن أن يكون عالما أو مفتيا" وكنتم تقولون من أين يأتي العلم لابن قائدة (1)
لأنكم دأبتم على تجهيل القبائل في اليمن خصوصا في صعدة وإحتكرتم العلم في بعض الأسر الهاشمية الأمر الذي جعل كثيرا من أبناء القبائل ينفرون عنكم وعن دعوتكم بسبب هذه النعرة التي مورست عليهم باسم سيدي وابن سيدي !وتقبيل الركب والأيدي! وأخذ النذور والزكوات من الناس .
ولقد كان شيخنا مقبل بن هادي الوادعي على دراية تامة بهذا المانع العنصري لدى كثير منكم وهو ما تخشون ظهوره لبعض المخدوعين بكم , فكان رحمه الله يؤكد دائما في دعوته من منطلق عقيدته وعلمه على فضائل أهل البيت رضي الله عنهم وذكر محاسنهم ومناقبهم ويحث طلابه على إبراز هذا الجانب لكي يقطع تخرصات الذين يرمونه بالنصب منكم وهو من ذلك براء .
نعم ليس معصوما" من الخطأ وأهل السنة لا عصمة عندهم إلا للأنبياء , فقد كان عنده شئ من الشدة في عرض دعوته وفي تعامله مع مخالفيه , وهي شدة على القريب والبعيد , وقد نالنا حظ منها واختلفنا معه في حياته في مسائل ولم نجامله كما تعلمنا منه , لكنها شدة الناصح الحريص على السنة في ما نحسبه والله حسيبه وهو مأجور إن شاء الله بكل حال .
غير أن هذه القسوة أو الشده لا يجوز أن تحول بين نافذ البصيرة وبين الحق الذي يدعو إليه , ولا ينبغي أن تكون الوسيله حاجبة عن مضمون دعوته وجوهرها ولبها , واليوم وكما قيل : ( من ثمارهم تعرفونهم) إذا قارنا بين دعوة الشيخ مقبل وآثارها وبين دعوتكم وآثارها فالنتيجة تقول :
1- علم الشيخ مقبل آلافا من الطلاب من مختلف مناطق اليمن بل ومن خارجها , وقتلتم أنتم آلافا من أبناء اليمن .
2- رحل إلى الشيخ مقبل الآلاف ليستفيدوا من علمه , ورحلتم أنتم الآلاف وشردتموهم من أبناء محافظة صعدة من ديارهم وجعلتموهم في عداد المنكوبين .
3- نشر الشيخ مقبل السنة والآثار في مختلف مناطق اليمن وأتاه الطلاب راغبين صابرين على شظف العيش وضيق الحال والفاقة وجدد في علم الحديث النبوي , ونشرتم أنتم البدع والمحدثات وسب الصحابة رضي الله عنهم .
4- لم يمد الشيخ مقبل يده لا إلى الحكومة اليمنية ولا إلى غيرها من الحكومات , وزهد في المناصب وحب الرياسات التي عرضت عليه واختار الجلوس للعلم بينما قامت دعوتكم على دعم الحكومة اليمنية وتركت لكم المعاهد والمدارس تديرونها كيفما شئتم , وأطلقت لكم الحبل على الغارب لتجمعو من الناس الزكوات في صعدة , وهي الحكومة التي طالما تغنيتم بعمالتها لأمريكا و اسرائيل ! في كل مناسبة ولم تقفو عند هذا الحد حتى سال لعابكم للمعونات الإيرانية وتشوفتم إلى زعامة نصر الله في لبنان على حساب قتل أبناء الشعب اليمني بدعوة عداوة إمريكا واسرائيل! والضحايا من أهل اليمن , ولأن يكون المرء ذنبا" في الحق خير من أن يكون راسا في الباطل .
5- في كل منطقة من مناطق اليمن طلبة للشيخ مقبل أو محبون لدعوته , وفي كل منطقة من مناطق اليمن قتيل قتلتموه , وجريح عوقتموه , وطفل يتمتموه وامرأة رملتموها , وعجوز حرمتوه من ولده وهكذا .
فشتان مابين دعوته ودعوتكم , وتلكم هي ثمار دعوتكم التي خرجتم بها عن جماعة المسلمين وفارقتم السواد الأعظم من هذه الأمه بما في ذلك أئمة المذهب الزيدي الذين لم تستجيبوا لنصحهم كمجد الدين المؤيدي وغيره الذين أصدروا بياناتهم وفتاواهم في خروجكم عن مذهب الزيدية وإختياركم طريقة الغلو فيها من أتباع الجارودية وميلكم وتأثركم بالمذهب الجعفري الإثني عشري الذي حكم عليه أئمة الزيدية بالضلال والمروق من الدين بل والتكفير أيضا .
وهنا أذكركم فقط ببعض أقوال أئمة الزيدية في الرافضة الذين أصبحتم من ضحاياهم وفارقتم مذهب ابائكم وأجدادكم من الزيدية المعتدلة الذين كان يقال عنهم شيعة السنة وسنة الشيعة .
1- أولهم الإمام زيد بن علي رحمه الله ت 122هـ وهو من أئمة أهل السنة وإليه تنسب الزيدية اليس هو القائل حينما طلبت منه الرافضة أن يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ( إذهبوا فأنتم الرافضة ) وقال : ( اللهم وأجعل لعنتك ولعنت آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني وخرجو من بيعتي كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب حتى حاربوه ) , وقال : ( الرافضة مرقوا علينا (2) .
2- القاسم بن إبراهيم ت 246هـ حيث قال في معرض رده على الرافضة بشأن الوصية والأوصياء : وماقالت به الرافضة في هذا فقد تعلم أن كثيرا منهم لم يقصد فيه لما قصد أو يعتقد من الشرك بالله في قوله به ما أعتقد إلا وأن كل ما قالوا به في الله أشرك الشرك بالله , فنعوذ بالله من الشرك في ربوبيته والجهل بما إنفرد به من وحدانيته وهذا الذي أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية وما أعظموا على الله ورسوله في ذلك من الدعوى والفريه التي ليس بها في العقول حجة ولا برهان ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان وما قالت الرافضة من الأوصياء في هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم البرهمية .
أهـ بنصه (3)
3- الهادي يحيى بن الحسين ت 298هـ وإليه تنسب الهادوية , فقد وردت عنه أقوال كثيرة في ذم الرافضة والحكم عليه بالزيغ والفسق والمروق من الدين وبأنهم أتباع الشهوات وحزب الشيطان ومن ذلك قوله : ( حزب الأمامية الرافضة للحق والمحقين (4) ) , وقال : ( وقول هؤلاء الإمامية الذين عطلوا الجهاد وأظهرو المنكر في البلاد ) ,وقال : ( وقول هذا الحزب مما لا يلتفت إليه في المقال لما هم عليه من الكفر والإيغال والقول بالكذب والفسوق والمحال , فهم على الله ورسوله في كل أمر كاذبون ) , وقال في بيان معتقده إلى أهل صنعاء: ( إلى الله أبرأ من كل ثنوي رافضي غوي , ومن كل حروري ناصبي , ومن كل معتزلي غالي , ومن جميع الفرق الشاذة (5) ) .
وهكذا ما كتبه المنصور بالله عبدالله بن حمزه ت 614هـ في الرافضة وكذلك الإمام يحيى بن حمزة ت 749هـ ومن المعاصرين العلامة مجد الدين المؤيدي الذين فارقتم دعوته ونابذتموه العداء وخرجتم عليه بسبب الألاعيب السياية والإختراقات الإيرانية لصفوفكم فقد قال في شرحه لخروج الإمام زيد بن علي على الأمويين : ( ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الحديث الشريف بضلالها) , وقال :( إن الأمة أجمعت على أن الرافضة هم الفرقة الناكثة على الإمام زيد بن علي ) , وقال : ( واقتدت هذه الفرقة بسلفها المارقة الحرورية ) .
وبالجملة فقد رد على أباطيل الرافضة جمع غفير من العلماء والأئمة من مجتهدي الزيدية قديما وحديثا" كمحمد بن إبراهيم الوزير صاحب العواصم والقواصم , والصنعاني , والشوكاني , والمقبلي , والمرتضى محمد بن الهادي , ومن المعاصرين القاضي أحمد سلامه , ويحيى الفسيل , ومحمد بن اسماعيل العمراني , والدكتور عبدالوهاب الديلمي , والشيخ حمود هاشم الذارحي , ومحمد بن علي المؤيد والقاضيان محمد واسماعيل ولدي الأكوع و الشيخ عبدالله بن محمد الحاشدي وغيرهم كثير وهؤلاء الأصل أنهم زيدية لكنهم خرجوا عن دائرة التعصب للمذهب وأصبحو مستقلين بارائهم بحسب صحة الدليل عندهم وكلهم قد حذر من الرافضة .
فهل بعد هؤلاء الذين سبقوكم من حجة لكم في التشبث بما أنتم عليه من الغلو والميل إلى ترهات الرافضة ؟ وهل يحق لكم بعد هذا كله أن تنسبو أنفسكم إلى الزيدية أو الهادوية ؟
وقد حرصت على أن لا أنقل لكم شيئا من أقوال أئمة أهل السنة لعلمي بأن الجواب عندكم جاهز بأنهم وهابية حتى ولو كانوا قبل الإمام محمد بن عبدالوهاب !!
وماذكرته لكم إنما هو غيظ من فيض والمقصود هو تذكيركم ونصحكم وابراء للذمة وتحذير من لم يقف من الناس على حقيقة أمركم (6) .
ودعوني أقول لكم - بكل أسف - : لقد استغلت غفلتكم سفارة إيران وإخترقتكم بهذا الفكر الدخيل على اليمن وهيئتكم لتنفيذ أجندتها وكنتم ضحية لهذه المؤامرة , فهل ستعودون إلى رشدكم وتنفضوا أيديكم من الملالي الإيرانية الفارسية وتعودون إلى مذهبكم في أقل تقدير إن لم تعودوا إلى منهج أهل السنة والجماعة ؟
وإذا كنتم صادقين في دعواكم التمسك بمذهب الزيدية فهلم وضحوا مذهبهم في القول بعصمة الأئمة وتكفير الصحابة وحصر الإمامة في الإثني عشر ورفض إمامة الشيخين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ومهدي السرداب والتقيه ومصادر الإستدلال وتكفير المخالفين وغير ذلك .
وأما موقف الرافضة من الزيدية فقد وضحه المجلسي حيث قال :
( ولا شك أن الزيدية يعتقدون أن الإمام زيدا خرج داعيا إلى نفسه وخرج على الظلمة كما يقولون في القاعدة فهو على هذا المذهب كافر (7) , وقال أيضا : كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم وكفروهم مرات لقولهم بصحة الإمامة في غير الإثني عشر , فهذا ملخص الشق الأول من الرسالة
................................................................................
وأما الشق الثاني من هذه الرساله وهو المتعلق بحصاركم الظالم لطلاب العلم في منطقة دماج ومنعكم من وصول الغذاء والدواء إليهم والقيام بقنص المارة منهم في ديارهم فهي سوأة تضاف إلى سجل سواءتكم ودليل صارخ على حماقتكم إذا ظننتم أنكم بهذا الصنيع سوف تقضون على دعوة أهل السنة بصعدة أو تقومون بتصفية حساباتكم مستغلين هذه الأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد , أو أنكم مدفوعون من جهات معينة للسير في هذا النفق وفي هذه الظروف وهو ماستكشفه الأيام القادمة بإذن الله والذي يلوح للناظر لأول وهله أن أمرا" ما قد جعلكم تقدمون على ذلك وأن أصابع خفية قد حركتكم لإرباك مسيرة التغيير في اليمن وهو الأمر الذي سعيتم إلى القيام به في الساحات هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن الذين يحاصرون اليوم في دماج الآف من الطلاب من داخل اليمن وخارجها وهذا يعني أنكم لم تدركوا تداعيات مثل هذه الأعمال الرعناء التي سوف ينجم عنها مايلي :
1- كشف النقاب عن نواياكم وما تبيتونه لأهل اليمن وماتضمرونه من الشرور لهم في حال ما إذا أتيحت لكم الفرصة .
2- تحويل هذه المجاميع الطلابية إلى أن يدافعوا عن أنفسهم متى ما أصررتم على هذه الغطرسة وقد كنتم في غنى عن ذلك إذ المعلوم أنهم سلميون في دعوتهم ويجتنبون الفتن , وينشغلون بالكتب التي يعكفون على قراءتها على مدار الساعة وليسوا كما صورهم عبده الجندي بقوله : ( إنهم على مذهب من تزوج أمنا فهو عمنا ) فإن هذا الوصف قد يصدق على بعضهم لكنه لا يصدق على مجموعهم.
3- زرع العداوة والبغضاء لكم في سائر مناطق اليمن لأن هؤلاء الطلاب من كل محافظة بل ومن كل مديرية وقرية وهذا يعني أنكم قد أفلحتم في غرس الأشواك في طريقكم , ولئن عذركم بعض الناس في حروبكم مع الدولة لما تدعونه من الظلم والعدوان عليكم فإنكم اليوم المعتدون الظالمون لدى عامة ابناء الشعب اليمني .
4- في حال مالو تحقق لكم هذا الحلم وهو إغلاق المركز وتسريح طلابه لكي تنفردوا بمحافظة صعدة وتجعلوها مغلقة على مذهبكم كما هو مطلبكم في أحد شروطكم سابقا مع الدولة فإن ذلك يعني دخولكم في فتنة مع القبائل التي تناصر السنة مثل بني عوير وكنى ووائله ووادعة وبعض مناطق سحار , كما أنكم بهذا الصنيع تكشفون عن حقيقة لا تخطئها العين وهي رفضكم للتعايش السلمي بين المذاهب في اليمن وهو ماتنفونه في تصريحاتكم الإعلامية وتمارسونه اليوم على أرض الواقع , ومن جهة أخرى فإن هؤلاء الطلاب لو قدر لهم الإنتشار فإن مركز دماج سيتحول إلى مئات المراكز في مختلف المناطق ورب ضارة نافعة ولله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله .
وأخيرا هي دعوة صادقة أقدمها لكم أن تتفكروا جيدا في دعوة الشيخ مقبل بعيدا عن العصبية المذهبية والغرور والتعالي على الناس وبعيدا عن المؤثرات وحب الزعامة التي كثيرا ماتحجب الإنسان عن الحق وقبوله إذا فعلتم ذلك وصدقتم مع الله فلن تكونوا إلا من أنصارها وجنودها وقد تقبل هذه الدعوة بفضل الله تعالى أغلب أهل اليمن لا أقول مناطق الشافعية وحسب بل وأغلب مناطق الزيدية الذين لم تجنح بهم الأهواء ولم يتأثروا بمسالك الغلو والتطرف الشيعي , هذا مع مايصاحب هذه الدعوة من قصور في العرض وسوء تصرف بعض منتسبيها وتحامل بعضهم في أحيان كثيرة على المخالفين , خصوصا بعد وفاة الشيخ مقبل رحمه الله فكيف لو أحسن عرض هذه الدعوة كما هي وفي ثوبها الناصع , من دون شك أن أهل اليمن قاطبة سيكونون من أنصارها اليوم كما كانوا من أنصارها قديما , فإن لم تستجيبوا لهذه الدعوة المباركة وأخترتم طريق المعاندة فلا أقل من أن تكفوا شركم عنها فهو والله خيرا لكم وأسلم , وأعلموا أن ثلاثا من كن فيه كانت عليه :
1- البغي قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فالباغي يرجع ضرره على نفسه .
2- المكر قال تعالى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)
3- النكث قال تعالى (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)
وأعلموا كذلك أن عاقبة الظلم وخيمة ومعجلة في الدنيا قبل الآخرة والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .
اللهم رب جبريل وميكال وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدنا لما أختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
************************************************
(1) لقب يطلق على الفخذ الذي ينتسب إليه الشيخ مقبل وهم من وادعة همدان.
(2) أنظر رسائل العدل والتوحيد 3/76 وسير أعلام النبلاء 5/389
(3) راجع الرد على الرافضة رسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ص 94 دار الآفاق
(4) الأحكام في الحلال والحرام للهادي 1/444
(5) المصدر السابق
(6) لمزيد من الإطلاع على الفروق بين الزيدية والإثني عشرية راجع ماكتبه الشيخ محمد المهدي في رسالته عن الزيدية وماكتبه القاضي إسماعيل الأكوع في رسالة الزيدية وماكتبه محمد الخضر في رسالته بعنوان نظرة الإمامية الإثني عشرية بين حقيقة الأمس وتقية اليوم وما كتبه الشيخ قاسم بن قعبان العصيمي وغيرهم .
(7) مراة العقول للمجلسي 2/277
نائب رئيس هيئة علماء اليمن
الحمدلله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام وعلى أشرف الأنبياء والمرسلين, محمد بن الله الصادق الأمين وعلى اله وصحبه أجمعين..
أما بعد :
فلقد كان دافعي إلى كتابه هذه الأسطر إليكم أمران.
(( أحدهما )) تجديد عرض دعوة الشيخ مقبل عليكم, وبيان فضلها ومحاسنها , وكيف صرفتم عنها وأستفاد منها الآخرون من مختلف البلدان.
((ثانيهما)) حصاركم الظالم لدار الحديث بدماج, التي
أسسها شيخنا العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
فأما الشق الأول من هذه الرساله, فحاصله أن رجلا منكم
– يا أهل صعده – عاش في بداية عمره في وادي دماج – وادعة من بلاد همدان- ونشأ على ما كان عليه اسلافه من التقليد للمذهب الهادوي , وقدر له أن يلتحق بحلقات التعليم في جامع الهادي في مقتبل عمره , فدرس على جملة من علماء المذهب الزيدي بمن فيهم علامة المذهب مجد الدين المؤيدي وغيره من شيوخ الهادويه وقد إستفاد في تلك الفترة من علوم اللغة العربية وفنونها بصورة أخص كما كان يحدثنا بذلك.
وبعد قيام الثورة اليمنية على حكم الأئمة هاجر إلى نجران ثم إلى مكة المكرمة فالمدينة النبوية, وهناك واصل طلبه للعلم الشرعي , وشرح الله صدره لعلوم السنة خصوصا علم الحديث ورجاله وعلله , وتعرف على كبار العلماء في أرض الحرمين ولازمهم, وإستفاد منهم حتى برز في علم الحديث وفاق أقرانه وحاز في ذلك درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية , وكان رحمه الله جامعا بين العلم والعمل حريصا" على التأسي بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فتتلمذ على يديه في أرض الحرمين جم غفير من الطلاب , وذاع صيته في الآفاق ثم عاد إلى اليمن داعيا" إلى الله ومعلما" وناصرا" للسنة , فاستجاب لهذه الدعوة المباركة آلاف من الناس , وهاجر إليه الطلاب من أصقاع الأرض , ولا أبالغ إن قلت إني لا أعلم أحدا" رحل الناس إليه في هذا العصر كالشيخ مقبل رحمه الله وأنتم تعلمون بذلك وتشاهدونه بأعينكم , وقد كنتم أحق الناس بهذه الدعوة وأولاهم بالاستجابه لها لقربكم منه , ولكونه من أهل بلدتكم ولكنكم حرمتم من دعوته وعلمه , وفاتكم قطار أخذ العلم على يديه وتلك حكمه الله في خلقه وفضله يؤتيه من يشاء .
وبكل تأكيد فإن الشيخ مقبلا" كان حريصا على نفع أهل بلدته مشفقا" عليهم مما هم فيه من الجهل والتقليد الأعماء بدليل مكثه في بلده وعدم إنتقاله منها طيلة هذه السنين , داعيا" ومعلما" , وكنا نرى السرور والفرحة تغمره حينما يجد طالبا من أهل صعده في مركزه , وكان يتألف من جاء منهم للعلم ويداريه ممتثلا" قول الله سبحانه وتعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ التوبه الآيه (122) ) وكان أحيانا يسلي نفسه عند إعراضهم بقول جابر بن عبدالله قال : أزهد الناس في العالم أهله قالوا : ومن أهله ؟ قال جيرانه.
فما هو السر الذي جعلكم تعزفون عن دعوته ؟ وتسعون إلى تشويهها وتنفير الناس عنها ؟هل فطنتم لأمر لم يتفطن له الناس الذين استفادوا من علمه ودعوته من سائر الآفاق؟ هل وجدتم في دعوته ما يخالف القرآن الكريم وصحيح السنة النبويه ؟ هل دعاكم إلى عصبية جاهليه أو مذهبية حزبيه ؟ هل جاءكم بغير دعوة التوحيد والعودة إلى المنبعين الصافيين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟كل ذلك لم يحصل منه شئ , ولكني أصدقكم القول وأبين لكم حقيقة صدودكم !
فأقول : إن الذي منعكم من الاستجابة لدعوته والإستفادة من علمه هو مانع أهل الكتاب – بكل أسف- الحسد والبغي والتعالي تماما" كما رفض أهل الكتاب دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ البقرة آيه (146)
نعم لقد كان مستغربا" في بيئتكم أن يتعلم القبيلي – غير الهاشمي- فضلا" عن أن يكون عالما أو مفتيا" وكنتم تقولون من أين يأتي العلم لابن قائدة (1)
لأنكم دأبتم على تجهيل القبائل في اليمن خصوصا في صعدة وإحتكرتم العلم في بعض الأسر الهاشمية الأمر الذي جعل كثيرا من أبناء القبائل ينفرون عنكم وعن دعوتكم بسبب هذه النعرة التي مورست عليهم باسم سيدي وابن سيدي !وتقبيل الركب والأيدي! وأخذ النذور والزكوات من الناس .
ولقد كان شيخنا مقبل بن هادي الوادعي على دراية تامة بهذا المانع العنصري لدى كثير منكم وهو ما تخشون ظهوره لبعض المخدوعين بكم , فكان رحمه الله يؤكد دائما في دعوته من منطلق عقيدته وعلمه على فضائل أهل البيت رضي الله عنهم وذكر محاسنهم ومناقبهم ويحث طلابه على إبراز هذا الجانب لكي يقطع تخرصات الذين يرمونه بالنصب منكم وهو من ذلك براء .
نعم ليس معصوما" من الخطأ وأهل السنة لا عصمة عندهم إلا للأنبياء , فقد كان عنده شئ من الشدة في عرض دعوته وفي تعامله مع مخالفيه , وهي شدة على القريب والبعيد , وقد نالنا حظ منها واختلفنا معه في حياته في مسائل ولم نجامله كما تعلمنا منه , لكنها شدة الناصح الحريص على السنة في ما نحسبه والله حسيبه وهو مأجور إن شاء الله بكل حال .
غير أن هذه القسوة أو الشده لا يجوز أن تحول بين نافذ البصيرة وبين الحق الذي يدعو إليه , ولا ينبغي أن تكون الوسيله حاجبة عن مضمون دعوته وجوهرها ولبها , واليوم وكما قيل : ( من ثمارهم تعرفونهم) إذا قارنا بين دعوة الشيخ مقبل وآثارها وبين دعوتكم وآثارها فالنتيجة تقول :
1- علم الشيخ مقبل آلافا من الطلاب من مختلف مناطق اليمن بل ومن خارجها , وقتلتم أنتم آلافا من أبناء اليمن .
2- رحل إلى الشيخ مقبل الآلاف ليستفيدوا من علمه , ورحلتم أنتم الآلاف وشردتموهم من أبناء محافظة صعدة من ديارهم وجعلتموهم في عداد المنكوبين .
3- نشر الشيخ مقبل السنة والآثار في مختلف مناطق اليمن وأتاه الطلاب راغبين صابرين على شظف العيش وضيق الحال والفاقة وجدد في علم الحديث النبوي , ونشرتم أنتم البدع والمحدثات وسب الصحابة رضي الله عنهم .
4- لم يمد الشيخ مقبل يده لا إلى الحكومة اليمنية ولا إلى غيرها من الحكومات , وزهد في المناصب وحب الرياسات التي عرضت عليه واختار الجلوس للعلم بينما قامت دعوتكم على دعم الحكومة اليمنية وتركت لكم المعاهد والمدارس تديرونها كيفما شئتم , وأطلقت لكم الحبل على الغارب لتجمعو من الناس الزكوات في صعدة , وهي الحكومة التي طالما تغنيتم بعمالتها لأمريكا و اسرائيل ! في كل مناسبة ولم تقفو عند هذا الحد حتى سال لعابكم للمعونات الإيرانية وتشوفتم إلى زعامة نصر الله في لبنان على حساب قتل أبناء الشعب اليمني بدعوة عداوة إمريكا واسرائيل! والضحايا من أهل اليمن , ولأن يكون المرء ذنبا" في الحق خير من أن يكون راسا في الباطل .
5- في كل منطقة من مناطق اليمن طلبة للشيخ مقبل أو محبون لدعوته , وفي كل منطقة من مناطق اليمن قتيل قتلتموه , وجريح عوقتموه , وطفل يتمتموه وامرأة رملتموها , وعجوز حرمتوه من ولده وهكذا .
فشتان مابين دعوته ودعوتكم , وتلكم هي ثمار دعوتكم التي خرجتم بها عن جماعة المسلمين وفارقتم السواد الأعظم من هذه الأمه بما في ذلك أئمة المذهب الزيدي الذين لم تستجيبوا لنصحهم كمجد الدين المؤيدي وغيره الذين أصدروا بياناتهم وفتاواهم في خروجكم عن مذهب الزيدية وإختياركم طريقة الغلو فيها من أتباع الجارودية وميلكم وتأثركم بالمذهب الجعفري الإثني عشري الذي حكم عليه أئمة الزيدية بالضلال والمروق من الدين بل والتكفير أيضا .
وهنا أذكركم فقط ببعض أقوال أئمة الزيدية في الرافضة الذين أصبحتم من ضحاياهم وفارقتم مذهب ابائكم وأجدادكم من الزيدية المعتدلة الذين كان يقال عنهم شيعة السنة وسنة الشيعة .
1- أولهم الإمام زيد بن علي رحمه الله ت 122هـ وهو من أئمة أهل السنة وإليه تنسب الزيدية اليس هو القائل حينما طلبت منه الرافضة أن يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما : ( إذهبوا فأنتم الرافضة ) وقال : ( اللهم وأجعل لعنتك ولعنت آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء القوم الذين رفضوني وخرجو من بيعتي كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب حتى حاربوه ) , وقال : ( الرافضة مرقوا علينا (2) .
2- القاسم بن إبراهيم ت 246هـ حيث قال في معرض رده على الرافضة بشأن الوصية والأوصياء : وماقالت به الرافضة في هذا فقد تعلم أن كثيرا منهم لم يقصد فيه لما قصد أو يعتقد من الشرك بالله في قوله به ما أعتقد إلا وأن كل ما قالوا به في الله أشرك الشرك بالله , فنعوذ بالله من الشرك في ربوبيته والجهل بما إنفرد به من وحدانيته وهذا الذي أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية وما أعظموا على الله ورسوله في ذلك من الدعوى والفريه التي ليس بها في العقول حجة ولا برهان ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان وما قالت الرافضة من الأوصياء في هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم البرهمية .
أهـ بنصه (3)
3- الهادي يحيى بن الحسين ت 298هـ وإليه تنسب الهادوية , فقد وردت عنه أقوال كثيرة في ذم الرافضة والحكم عليه بالزيغ والفسق والمروق من الدين وبأنهم أتباع الشهوات وحزب الشيطان ومن ذلك قوله : ( حزب الأمامية الرافضة للحق والمحقين (4) ) , وقال : ( وقول هؤلاء الإمامية الذين عطلوا الجهاد وأظهرو المنكر في البلاد ) ,وقال : ( وقول هذا الحزب مما لا يلتفت إليه في المقال لما هم عليه من الكفر والإيغال والقول بالكذب والفسوق والمحال , فهم على الله ورسوله في كل أمر كاذبون ) , وقال في بيان معتقده إلى أهل صنعاء: ( إلى الله أبرأ من كل ثنوي رافضي غوي , ومن كل حروري ناصبي , ومن كل معتزلي غالي , ومن جميع الفرق الشاذة (5) ) .
وهكذا ما كتبه المنصور بالله عبدالله بن حمزه ت 614هـ في الرافضة وكذلك الإمام يحيى بن حمزة ت 749هـ ومن المعاصرين العلامة مجد الدين المؤيدي الذين فارقتم دعوته ونابذتموه العداء وخرجتم عليه بسبب الألاعيب السياية والإختراقات الإيرانية لصفوفكم فقد قال في شرحه لخروج الإمام زيد بن علي على الأمويين : ( ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الحديث الشريف بضلالها) , وقال :( إن الأمة أجمعت على أن الرافضة هم الفرقة الناكثة على الإمام زيد بن علي ) , وقال : ( واقتدت هذه الفرقة بسلفها المارقة الحرورية ) .
وبالجملة فقد رد على أباطيل الرافضة جمع غفير من العلماء والأئمة من مجتهدي الزيدية قديما وحديثا" كمحمد بن إبراهيم الوزير صاحب العواصم والقواصم , والصنعاني , والشوكاني , والمقبلي , والمرتضى محمد بن الهادي , ومن المعاصرين القاضي أحمد سلامه , ويحيى الفسيل , ومحمد بن اسماعيل العمراني , والدكتور عبدالوهاب الديلمي , والشيخ حمود هاشم الذارحي , ومحمد بن علي المؤيد والقاضيان محمد واسماعيل ولدي الأكوع و الشيخ عبدالله بن محمد الحاشدي وغيرهم كثير وهؤلاء الأصل أنهم زيدية لكنهم خرجوا عن دائرة التعصب للمذهب وأصبحو مستقلين بارائهم بحسب صحة الدليل عندهم وكلهم قد حذر من الرافضة .
فهل بعد هؤلاء الذين سبقوكم من حجة لكم في التشبث بما أنتم عليه من الغلو والميل إلى ترهات الرافضة ؟ وهل يحق لكم بعد هذا كله أن تنسبو أنفسكم إلى الزيدية أو الهادوية ؟
وقد حرصت على أن لا أنقل لكم شيئا من أقوال أئمة أهل السنة لعلمي بأن الجواب عندكم جاهز بأنهم وهابية حتى ولو كانوا قبل الإمام محمد بن عبدالوهاب !!
وماذكرته لكم إنما هو غيظ من فيض والمقصود هو تذكيركم ونصحكم وابراء للذمة وتحذير من لم يقف من الناس على حقيقة أمركم (6) .
ودعوني أقول لكم - بكل أسف - : لقد استغلت غفلتكم سفارة إيران وإخترقتكم بهذا الفكر الدخيل على اليمن وهيئتكم لتنفيذ أجندتها وكنتم ضحية لهذه المؤامرة , فهل ستعودون إلى رشدكم وتنفضوا أيديكم من الملالي الإيرانية الفارسية وتعودون إلى مذهبكم في أقل تقدير إن لم تعودوا إلى منهج أهل السنة والجماعة ؟
وإذا كنتم صادقين في دعواكم التمسك بمذهب الزيدية فهلم وضحوا مذهبهم في القول بعصمة الأئمة وتكفير الصحابة وحصر الإمامة في الإثني عشر ورفض إمامة الشيخين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ومهدي السرداب والتقيه ومصادر الإستدلال وتكفير المخالفين وغير ذلك .
وأما موقف الرافضة من الزيدية فقد وضحه المجلسي حيث قال :
( ولا شك أن الزيدية يعتقدون أن الإمام زيدا خرج داعيا إلى نفسه وخرج على الظلمة كما يقولون في القاعدة فهو على هذا المذهب كافر (7) , وقال أيضا : كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم وكفروهم مرات لقولهم بصحة الإمامة في غير الإثني عشر , فهذا ملخص الشق الأول من الرسالة
................................................................................
وأما الشق الثاني من هذه الرساله وهو المتعلق بحصاركم الظالم لطلاب العلم في منطقة دماج ومنعكم من وصول الغذاء والدواء إليهم والقيام بقنص المارة منهم في ديارهم فهي سوأة تضاف إلى سجل سواءتكم ودليل صارخ على حماقتكم إذا ظننتم أنكم بهذا الصنيع سوف تقضون على دعوة أهل السنة بصعدة أو تقومون بتصفية حساباتكم مستغلين هذه الأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد , أو أنكم مدفوعون من جهات معينة للسير في هذا النفق وفي هذه الظروف وهو ماستكشفه الأيام القادمة بإذن الله والذي يلوح للناظر لأول وهله أن أمرا" ما قد جعلكم تقدمون على ذلك وأن أصابع خفية قد حركتكم لإرباك مسيرة التغيير في اليمن وهو الأمر الذي سعيتم إلى القيام به في الساحات هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن الذين يحاصرون اليوم في دماج الآف من الطلاب من داخل اليمن وخارجها وهذا يعني أنكم لم تدركوا تداعيات مثل هذه الأعمال الرعناء التي سوف ينجم عنها مايلي :
1- كشف النقاب عن نواياكم وما تبيتونه لأهل اليمن وماتضمرونه من الشرور لهم في حال ما إذا أتيحت لكم الفرصة .
2- تحويل هذه المجاميع الطلابية إلى أن يدافعوا عن أنفسهم متى ما أصررتم على هذه الغطرسة وقد كنتم في غنى عن ذلك إذ المعلوم أنهم سلميون في دعوتهم ويجتنبون الفتن , وينشغلون بالكتب التي يعكفون على قراءتها على مدار الساعة وليسوا كما صورهم عبده الجندي بقوله : ( إنهم على مذهب من تزوج أمنا فهو عمنا ) فإن هذا الوصف قد يصدق على بعضهم لكنه لا يصدق على مجموعهم.
3- زرع العداوة والبغضاء لكم في سائر مناطق اليمن لأن هؤلاء الطلاب من كل محافظة بل ومن كل مديرية وقرية وهذا يعني أنكم قد أفلحتم في غرس الأشواك في طريقكم , ولئن عذركم بعض الناس في حروبكم مع الدولة لما تدعونه من الظلم والعدوان عليكم فإنكم اليوم المعتدون الظالمون لدى عامة ابناء الشعب اليمني .
4- في حال مالو تحقق لكم هذا الحلم وهو إغلاق المركز وتسريح طلابه لكي تنفردوا بمحافظة صعدة وتجعلوها مغلقة على مذهبكم كما هو مطلبكم في أحد شروطكم سابقا مع الدولة فإن ذلك يعني دخولكم في فتنة مع القبائل التي تناصر السنة مثل بني عوير وكنى ووائله ووادعة وبعض مناطق سحار , كما أنكم بهذا الصنيع تكشفون عن حقيقة لا تخطئها العين وهي رفضكم للتعايش السلمي بين المذاهب في اليمن وهو ماتنفونه في تصريحاتكم الإعلامية وتمارسونه اليوم على أرض الواقع , ومن جهة أخرى فإن هؤلاء الطلاب لو قدر لهم الإنتشار فإن مركز دماج سيتحول إلى مئات المراكز في مختلف المناطق ورب ضارة نافعة ولله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله .
وأخيرا هي دعوة صادقة أقدمها لكم أن تتفكروا جيدا في دعوة الشيخ مقبل بعيدا عن العصبية المذهبية والغرور والتعالي على الناس وبعيدا عن المؤثرات وحب الزعامة التي كثيرا ماتحجب الإنسان عن الحق وقبوله إذا فعلتم ذلك وصدقتم مع الله فلن تكونوا إلا من أنصارها وجنودها وقد تقبل هذه الدعوة بفضل الله تعالى أغلب أهل اليمن لا أقول مناطق الشافعية وحسب بل وأغلب مناطق الزيدية الذين لم تجنح بهم الأهواء ولم يتأثروا بمسالك الغلو والتطرف الشيعي , هذا مع مايصاحب هذه الدعوة من قصور في العرض وسوء تصرف بعض منتسبيها وتحامل بعضهم في أحيان كثيرة على المخالفين , خصوصا بعد وفاة الشيخ مقبل رحمه الله فكيف لو أحسن عرض هذه الدعوة كما هي وفي ثوبها الناصع , من دون شك أن أهل اليمن قاطبة سيكونون من أنصارها اليوم كما كانوا من أنصارها قديما , فإن لم تستجيبوا لهذه الدعوة المباركة وأخترتم طريق المعاندة فلا أقل من أن تكفوا شركم عنها فهو والله خيرا لكم وأسلم , وأعلموا أن ثلاثا من كن فيه كانت عليه :
1- البغي قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فالباغي يرجع ضرره على نفسه .
2- المكر قال تعالى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)
3- النكث قال تعالى (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ)
وأعلموا كذلك أن عاقبة الظلم وخيمة ومعجلة في الدنيا قبل الآخرة والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .
اللهم رب جبريل وميكال وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدنا لما أختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
************************************************
(1) لقب يطلق على الفخذ الذي ينتسب إليه الشيخ مقبل وهم من وادعة همدان.
(2) أنظر رسائل العدل والتوحيد 3/76 وسير أعلام النبلاء 5/389
(3) راجع الرد على الرافضة رسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي ص 94 دار الآفاق
(4) الأحكام في الحلال والحرام للهادي 1/444
(5) المصدر السابق
(6) لمزيد من الإطلاع على الفروق بين الزيدية والإثني عشرية راجع ماكتبه الشيخ محمد المهدي في رسالته عن الزيدية وماكتبه القاضي إسماعيل الأكوع في رسالة الزيدية وماكتبه محمد الخضر في رسالته بعنوان نظرة الإمامية الإثني عشرية بين حقيقة الأمس وتقية اليوم وما كتبه الشيخ قاسم بن قعبان العصيمي وغيرهم .
(7) مراة العقول للمجلسي 2/277