حظي التعديل الوزاري الأخير في السعودية بمتابعة شعبية وإعلامية واسعة، بما تضمنه من تغييرات كبيرة، وبروز أسماء ووجوه جديدة، ولكن الملمح الأهم، والذي حظي باهتمام المتابعين والصحافيين، هو بروز العنصر الشبابي في التشكيلة الحكومية الجديدة.
أعادت الوجوه الشابة للوزراء الجدد الذاكرة السعودية لستينيات القرن الماضي، عندما ضخت الدولة السعودية الصاعدة بقوة عدداً من الأسماء الشابة في تشكيلتها، الأمر مثل عاملاً إيجابياً فارقاً ساهم في استمرارية النهوض، وداعماً لعملية التحديث والبناء المغلفة بروح الشباب وتطلعاتهم المستقبلية.
ذات القصة تكررت هذه المرة مع هؤلاء الوزراء الشباب أو وزراء الثلاثينيات، كما وصفهم البعض، الذين أضافوا إلى عمرهم المتوقد بالطموح، الدراسة الأكاديمية الفريدة والتجربة العملية المميزة، الأمر الذي سيضخ دماء جديدة في الجسد السعودي المنطلق نحو المستقبل.
وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي ولد عام 1985، هو أصغر الوزراء في التشكيلة الحكومية الجديدة، حيث يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، خلافاً لمعلومات وردت في موقع "ويكيبيديا"، أشارت إلى أنه ولد 1980، وهي ما جعلت بعض الصحف الأجنبية تقول إن عمره 35 عاماً.
الأمير محمد بن سلمان هو الوزير السابع في تاريخ وزارة الدفاع، إذ سبقه عدد من الأمراء، منهم ولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي تولى الوزارة في عمر مماثل للوزير الجديد. أما أول وزير للدفاع، فهو الأمير منصور بن عبدالعزيز، الذي تولى الوزارة وهو دون الثلاثين من عمره.
الوزير الثلاثيني الآخر، الذي لفت الانتباه هو وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي الذي ولد عام 1979، ويبلغ من العمر 35 عاماً.
رأس الطريفي تحرير "مجلة المجلة" لسنوات، ثم انتقل ليرأس صحيفة "الشرق الأوسط" في لندن، ثم انتقل بعدها نائبا لمدير عام قناة "العربية" في دبي، ومن ثم مديراً لها.
أما الوزير الشاب الثالث فهو وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني المولود عام 1978، حيث يبلغ من العمر 36 عاماً.
تجربة الوزراء الثلاثينيين تعيد إلى أذهان السعوديين تجربة النهضة الحكومية الأولى قبل نصف قرن، عندما تسلم عدد من الوزراء الشباب مهامهم، محققين بعدها نجاحات كبيرة صنعت منهم أسماء لامعة وشهيرة.
من أبرز هذه الأسماء، الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، الذي أصبح وزيراً للصناعة والكهرباء عام 1976، في حكومة الملك خالد بن عبدالعزيز، وكان عمره حينئذ 36 عاماً.
والدكتور محمد عبده يماني، الذي عينه الملك خالد وزيراً للإعلام وعمره 35 عاماً، وذلك عام 1975. كما أصبح المهندس أحمد زكي يماني وزيراً للبترول في عمر 32 عاماً، وذلك عام 1962، وكذلك المهندس هشام ناظر الذي تبوأ وزارات التخطيط والنفط، فقد أصبح رئيساً للهيئة المركزية للتخطيط بمرتبة وزير عام 1968 وكان في أوائل الثلاثينيات من عمره.
توزير الشباب قصة متجددة وظاهرة إيجابية، ليس في السعودية فحسب، بل سلكتها العديد من الدول الأوروبية والعربية. ولعل أشهر هذه الأسماء هو سباستيان كورز، الذي عين وزيراً للخارجية النمساوية العام الماضي وهو لم يتجاوز الـ27 عاماً من العمر. كما أن الشيخ عبدالله بن زايد تسلم وزارة الإعلام في الإمارات وهو في الـ25 من عمره، ثم تولى وزارة الخارجية عام 2006 وهو في الـ34 من عمره.