الرئيسية / تقارير وحوارات / الحالمة تعز .. حكاية مدينة فجرت ثورة (صالح يرد الدين لها بعد ان جعلته رجلاً)
الحالمة تعز .. حكاية مدينة فجرت ثورة (صالح يرد الدين لها بعد ان جعلته رجلاً)

الحالمة تعز .. حكاية مدينة فجرت ثورة (صالح يرد الدين لها بعد ان جعلته رجلاً)

17 نوفمبر 2011 01:01 مساء (يمن برس)
قرر مبعوث الأمم المتحدة أخيراً أن يزور تعز ليطلع بنفسه على حجم المأساة التي تعيشها تعز جراء القصف البربري الذي تتعرض له المدينة وساحة الحرية فيها من قبل قوات نظام صالح التي استمرأت الثأر من مدينة هتف غالبية أهلها للثورة و لإسقاط النظام.

وبغض النظر عن الموقف المرتقب لهيئة الأمم و مجلس الأمن، فإن حال المدينة المنكوبة ينذر بتصعيد يستهويه البعض ليطلق على تعز "بنغازي اليمن"، فيما يخشى آخرون من مآلات سيناريو إسقاط المدينة بقوة سلاح الثوار ، لأن في ذلك خروج على " سلمية الثورة " كعنوان لقوتها و عنفوانها، ثم إن " عسكرة الثورة " قد يفضي إلى احتراب دامي يعمق جراح المدينة الحالمة ويسلب الثورة فرصة بناء الدولة المدنية التي لا قوام لها دون تعز و أبنائها.

الجمعة الماضية كانت في تعز عنواناً للقتل. ورغم أن الثوار رفعوا شعار " لا حصانة للقتلة "، إلا أن قوات بقايا النظام أمطرت ساحات الاعتصام بوابل من النيران دون أن ترعى حرمة للإنسان أو الزمان أو المكان، فالقصف الذي جرى والثوار يؤدون الصلاة شمل الرجال والنساء و الأطفال و لم يوفر حتى المرضى في مستشفى الروضة الذي تعرض هو الآخر لاستهداف همجي أماط اللثام مجدداً عن سفاحين لا يتورعون عن انتهاك الحرمات في سبيل إرضاء سادتهم الذين يعيشون لحظة احتضار حقيقية لا يملكون في غمرة سكراتها سوى التنكيل بشعب انتفض في وجه حاكم جثم على صدور الناس 33 عاماً يحكمهم بالدجل والتضليل.

وتتعمق مأساة نعز التي أنجبت أبرز مثقفي اليمن عندما تجد بعض أبنائها وهم في طليعة الأفاقين المنافحين عن صالح و نظامه برغم أن صالح وعائلته يعاملونهم كأجراء لا شركاء في الحكم. ولكي تنفض عنها خزي هؤلاء النفر حرصت تعز أن تكون الأولى في الاعتصام بالساحات، فكان لها ذلك، ومنذ فبراير 2011 و ساحة الحرية في تعز تشهد باستمرار زخماً متوالياً أقض مضاجع النظام فعمد إلى محاصرتها والتنكيل بثوارها، وبلغ الحقد الأعمى ذروته في شهر مايو 2011 ، عندما أقدمت قوات صالح على أبشع مجزرة شهدتها يوميات الثورة اليمنية.

في تلك الواقعة جرى إحراق ساحة الحرية ومهاجمتها من كل اتجاه بالغازات و بالرصاص الحي..كان الضحايا بالمئات قتلاً وحرقاً واختناقاً، وكانت قوات النظام في أحط حالاتها وهي تستأسد على مدنيين عزل إلا من صدورهم العارية و أنفسهم العالية التي نذروها للحرية والكرامة أو الشهادة في سبيلهما.

بعدها بأيام كانت حادثة النهدين الذي تعرض فيها صالح و كبار رجال نظامه للحرق والتشويه، فكان رد الناس تلقائياً..تلك بتلك..، فقد انتصر الله للمظاليم في تعز وغيرهم فرأوا بأم أعينهم جانباً من العدالة الإلهية " ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون".

لم تستسلم المدينة لذلك الصلف الذي لحق بساحتها فما هي إلا أيام حتى استعاد الثوار ساحتهم وطفقوا يهتفون مجدداً لرحيل النظام و بناء اليمن الجديد. ولأنها تعز، فقد تجاوز ثوارها كل الخطوط الحمراء و كسروا كل الحواجز، فغدت المدينة كلها مسرحاً لمسيراتهم و اعتصاماتهم ومختلف فعالياتهم السلمية بما في ذلك الإضراب الشامل.

تعض الحالمة على جراحها وتمضي بإكبار و إصرار على دروب الثورة والحرية، وهي تعلم أن القوى من حولها عاجزة عن دعمها ونجدتها إلا ببيانات الإدانة والشجب التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

بيد أن تعز ليست وحدها ففي مختلف مناطق اليمن ثورة يتمسك شبابها الصامدون بالسلمية و المدنية ولا يبخلون في مقابل ذلك بالنفس أو النفيس و شعارهم دوماً..هيهات منا الذلة، و إنهم قريباً على موعد ينتصر فيه الدم على السيف.
شارك الخبر