الرئيسية / ثقافة وفن / الصحافة الثقافية في اليمن.. موت بطيء
  الصحافة الثقافية في اليمن.. موت بطيء

الصحافة الثقافية في اليمن.. موت بطيء

18 نوفمبر 2014 03:50 مساء (يمن برس)
مؤلمةٌ هي أوضاع الصحافة في اليمن، لكن الأشد إيلاما من ذلك هو وضع الصحافة الثقافية على وجه الخصوص، ففي الوقت الذي تزداد فيه الفجوة اتساعا بين السياسي والثقافي في هذا البلد المثقل بأوجاع السياسة، يزداد تراجع الصحافة الثقافية يوما بعد آخر، حتى وصل الحال إلى شبه انطفاء لهذا النوع من الصحافة، خاصة بعد أن شهدت الساحة الإعلامية توقف أكبر وسيلتين ثقافيتين هما صحيفة "الثقافية" و"الملحق الثقافي" لصحيفة الثورة لأسباب كثيرة.
 
في إطار البحث عن هذه الأسباب، أقامت مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب بصنعاء ندوة ثقافية عصر أمس الاثنين بعنوان "الصحافة الأدبية.. الفريضة الغائبة"، شارك فيها عدد من المشتغلين بالهم الثقافي في اليمن.
 
القاصة نادية الكوكباني أشارت في مداخلتها إلى أن المثقف اليمني وقع ضحية دهاء سياسي، ووجد نفسه محاصرا بنماذج ثقافية موجودة على أرض الواقع تدّعي تشجيعه بالكثير، لكنها لا تبذل القليل من أجل ذلك، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
 
السياسي والثقافي
 
وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته الملاحق الأدبية في تسعينيات القرن الماضي وفي العقد الأول من هذا القرن ـتضيف الكوكباني- فإن هذه الملاحق تعاملت مع كتابات المبدعين بنوع من الاستحياء في استيعاب أفكارهم ورؤاهم. ومع الاعتراف بوجود محطات مشرقة في مسيرة هذه الملاحق، إلا أنها فقدت رؤيتها الأدبية في الفترة الأخيرة، وأصبح المشرفون عليها مجرد موظفين لدى جهات حكومية، مما جعلهم يخلطون كثيرا بين السياسي والثقافي، في إعلاء واضح للشأن السياسي بمحاذيره الكثيرة والمتنوعة، مؤكدة في هذا السياق أن ضحية أخرى وقعت في شباك الدهاء السياسي، ألا وهي المتلقي المتابع لهذا الشأن.
 
بدوره قدّم محمد الشلفي بعض ملاحظاته على الصحافة الأدبية من واقع تجربته، مؤكدا على دور الملاحق الأدبية في التعريف بالمواهب الشابة، وفي خلق حالة من التفاعل الثقافي بين الصحف ووسائل الإعلام الأخرى وبين جمهور الثقافة الذي اتّسعت قاعدته خلال السنوات الماضية، خاصة مع وجود القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية التي وسعت من دائرة الاتصال الثقافي كما ونوعا.
 
أدباء لا صحفيون
 
ويعترف الشلفي -الذي يعمل محررا ثقافيا في صحيفة "المصدر" اليومية- أن هناك قصورا كبيرا في تغطية الفعل الثقافي وتحويله إلى مادة محببة للقارئ، بعيدا عن الجمود الذي أصبح واضحا في معظم مساقاته، مرجعا سبب ذلك إلى أن غالبية القائمين على الملاحق والبرامج الثقافية رغم كونهم أدباء ومسكونين بالهم الثقافي فإنهم ليسوا صحفيين محترفين، وبالتالي فقد انصرف غالب اهتماماتهم إلى نشر النصوص الأدبية، وفي ذلك خروج عن وظيفة الصحافة الثقافية المعنية بمن يقف خلف النص، وبالمتابعة الخبرية للفعل الثقافي كدال على حياة الإنسان.
 
ويشير الشلفي إلى أن وضع المشهد الثقافي عموما ينعكس بطبيعة الحال على الصحافة الثقافية، وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة التي عمت فيها حالة من الاضطراب على كل جوانب المشهد الحياتي، مؤكدا وجود حالة من التحدي الإبداعي في الفعل الثقافي الفردي، حيث ولدت في هذه الظروف -بعيدا عن اهتمام الصحافةـ عشرات الروايات وعشرات المجموعات الشعرية.
 
هامشية الثقافة
 
من جانبه، أكد الشاعر عامر السعيدي في مداخلته أن حظ المثقف اليمني في هذا الشأن هو الأسوأ عربيا، مشيرا إلى أنَّ مقارنة بسيطة بين اليمن ودول عربية أخرى في الصفحات والملاحق الأدبية تكشف دون مواربة ضعف المشهد اليمني وهشاشته، كما أن غياب مفهوم الثقافة المستقلة عن الأيديولوجيا حوّل كثيرا من المنابر الصحفية المعنية بالثقافة إلى وسائل تأطير حزبي تقدم الانتماء الأيديولوجي والولاء الحزبي على المنجز الثقافي، بما يفضي إلى هامشية الثقافة وتغييب الاهتمام المجتمعي بها.
 
كما اعتبر وكيل وزارة الثقافة للتراث اللامادي عبد الهادي العزعزي أن النظرة الدونية من الجهات الرسمية للثقافة في اليمن هي المسبب الأول لهذا الضمور في جميع مفاصل الفعل الثقافي، متسائلا كيف للجهات المعنية بصناعة الثقافة أن تبدع وتبتكر وما يرصد لها من ميزانية لا يساوي عُشر ما يرصد لجهات أخرى أقل شأنا، ومؤكدا أن اليمن بوضعه الثقافي الحالي لا يزال بعيدا عن تسليع الثقافة وما يرتبط بها من تنمية في هذا المجال، ومن ثم فإن "المثقف اليمني يولد غريبا ويعيش غريبا ويموت غريبا، ولا عزاء للغرباء".

* الجزيرة نت.

شارك الخبر