يعجب زائر مدينة تونس العاصمة هذه الأيام لفتور اهتمام ساكنتها بالحملة الانتخابية الدائرة رحاها بقوة، والتي من المقرر أن يدلي التونسيون في أعقابها بأصواتهم يوم الأحد المقبل في انتخابات تشريعية ستساهم في إنهاء المرحلة الانتقالية التي تمرُّ بها البلاد.
فبعيدا عن التنافس المستعر عبر وسائل الإعلام بين المترشحين على قوائم الأحزاب والتكتلات السياسية، يعيش الناس في شوارع العاصمة ومقاهيها حياتهم اليومية العادية غير مبالين بالحرب الانتخابية الملتهبة بين السياسيين، وكأن الانتخابات المرتقبة تجري في بلد آخر ولا يعنيهم من أمرها شيء.
وبسؤال بعض مرتادي مقاهي شارع الحبيب بورقيبة الذي يمثل قلب العاصمة النابض عن أسباب غياب المشهد الانتخابي عن نقاشات المواطنين رغم أهمية هذه المحطة الانتخابية في مسار البلاد الديمقراطي، كان الجواب المتكرر هو أن الناس فقدوا الثقة في العملية السياسية التي أعقبت الانتخابات الأولى بعد الثورة عام 2011، وخاب ظنهم في الأحزاب ومترشحيها ذوي الوعود المعسولة.
مصداقية السياسيين
وقال المواطن أيمن بالحاج إنه غير مهتم بالحملة الانتخابية لأنه لن يصوت، مضيفا أن "60% من الشعب عازفون عن هذه الانتخابات لأن الأحزاب السياسية هدفها هو الصراع على الكراسي دون أن تقدم للناخبين برامج ذات أمد قصير لإصلاح البلاد واقتصادها، والناس لم يعودوا يصدقون كلام السياسيين الذين صدعوا رؤوسهم بالوعود الكاذبة، وبالتالي فكل منهم مشغول في مشاكله الخاصة".
ويرى بالحاج في حديث للجزيرة نت أن الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني هي المسؤولة عن عزوف الناخبين عن الانخراط في العملية الانتخابية "لعدم تحقيقهم أهداف ثورة الشعب من كرامة وحياة جيدة، وتقليص معدلات البطالة، وإيجاد علاقة بين المواطنين وأجهزة الأمن حتى تكون الأخيرة في خدمتهم"، وهو ما لن يتحقق -بحسب رأيه- قبل مرور "عشرين سنة".
وفي المقابل، أوضح المواطن وليد بحري أنه قرر المشاركة في التصويت لكنه لا يبدي أي رغبة في متابعة السجال الانتخابي أو المشاركة في التعبئة الميدانية للحزب الذي سيصوت له، "لأن برامج المترشحين متشابهة في العموم وليس لديه وقت للاطلاع عليها تفصيلا لكونها وعودا واهية".
وبدوره، يؤكد رئيس قائمة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في ولاية بن عروس هيثم بالقاسم وجود هذا "الفتور"، عازيا أسبابه إلى "منع القانون الانتخابي الجديد تعليق الملصقات الدعائية في الأماكن العامة أو على السيارات، وكذلك منع التحرك في الميادين إلا بترخيص قانوني، إضافة إلى الاعتبارات الأمنية والتنظيمية".
الضوابط القانونية
وأشار بالقاسم إلى أن الأحزاب "اضطرت بسبب الضوابط القانونية الجديدة لنقل حملتها إلى داخل بيوت المواطنين، حيث تتلقى أسئلتهم السياسية المزعجة والمحنكة وتجيب عليها".
وقال "هناك إنصات وليس صمتا انتخابيا، لأن التونسي لم يعد يحب التحدث كثيرا في القضايا السياسية، بل يكتفي بمتابعة نقاشاتها عبر مشاهدة البرامج التلفزيونية، ثم يتحرك ويحدد موقفه في الأيام الأخيرة".
وحمل بالقاسم الأحزاب المسؤولية عن "فتور اهتمام الناخبين، لانشغالها بصراعاتها البينية النخبوية داخل المجلس التأسيسي وخارجه عن الاهتمام بالمواطنين والتواصل معهم والاقتراب منهم".
ومن جهته، يقول الجيلاني بن محمد عضو أمناء الجبهة الشعبية (تكتل من 11 حزبا) إن المواطن التونسي "ليست لديه الثقافة السياسية ونادرا ما يواكب الاجتماعات الجماهيرية بسبب التصحر السياسي الذي عانت منه البلاد طوال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ولذلك أخذنا على عاتقنا الاتصال بالمواطنين بشكل مباشر لنعرفهم على برنامجنا الانتخابي وأوجه الاختلاف فيه عن برامج الآخرين".
وأضاف بن محمد أن الاندفاعة الجماهيرية الكبيرة في الانتخابات السابقة غابت الآن بسبب "خيبة أمل الشعب، لأن الأحزاب لم تستطع الوفاء بوعودها الانتخابية التي كانت مغايرة لبرامجها المطبقة على أرض الواقع، مما أدى لنفور المواطن من العملية السياسية".
المصدر : الجزيرة
فبعيدا عن التنافس المستعر عبر وسائل الإعلام بين المترشحين على قوائم الأحزاب والتكتلات السياسية، يعيش الناس في شوارع العاصمة ومقاهيها حياتهم اليومية العادية غير مبالين بالحرب الانتخابية الملتهبة بين السياسيين، وكأن الانتخابات المرتقبة تجري في بلد آخر ولا يعنيهم من أمرها شيء.
وبسؤال بعض مرتادي مقاهي شارع الحبيب بورقيبة الذي يمثل قلب العاصمة النابض عن أسباب غياب المشهد الانتخابي عن نقاشات المواطنين رغم أهمية هذه المحطة الانتخابية في مسار البلاد الديمقراطي، كان الجواب المتكرر هو أن الناس فقدوا الثقة في العملية السياسية التي أعقبت الانتخابات الأولى بعد الثورة عام 2011، وخاب ظنهم في الأحزاب ومترشحيها ذوي الوعود المعسولة.
مصداقية السياسيين
وقال المواطن أيمن بالحاج إنه غير مهتم بالحملة الانتخابية لأنه لن يصوت، مضيفا أن "60% من الشعب عازفون عن هذه الانتخابات لأن الأحزاب السياسية هدفها هو الصراع على الكراسي دون أن تقدم للناخبين برامج ذات أمد قصير لإصلاح البلاد واقتصادها، والناس لم يعودوا يصدقون كلام السياسيين الذين صدعوا رؤوسهم بالوعود الكاذبة، وبالتالي فكل منهم مشغول في مشاكله الخاصة".
ويرى بالحاج في حديث للجزيرة نت أن الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني هي المسؤولة عن عزوف الناخبين عن الانخراط في العملية الانتخابية "لعدم تحقيقهم أهداف ثورة الشعب من كرامة وحياة جيدة، وتقليص معدلات البطالة، وإيجاد علاقة بين المواطنين وأجهزة الأمن حتى تكون الأخيرة في خدمتهم"، وهو ما لن يتحقق -بحسب رأيه- قبل مرور "عشرين سنة".
وفي المقابل، أوضح المواطن وليد بحري أنه قرر المشاركة في التصويت لكنه لا يبدي أي رغبة في متابعة السجال الانتخابي أو المشاركة في التعبئة الميدانية للحزب الذي سيصوت له، "لأن برامج المترشحين متشابهة في العموم وليس لديه وقت للاطلاع عليها تفصيلا لكونها وعودا واهية".
وبدوره، يؤكد رئيس قائمة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في ولاية بن عروس هيثم بالقاسم وجود هذا "الفتور"، عازيا أسبابه إلى "منع القانون الانتخابي الجديد تعليق الملصقات الدعائية في الأماكن العامة أو على السيارات، وكذلك منع التحرك في الميادين إلا بترخيص قانوني، إضافة إلى الاعتبارات الأمنية والتنظيمية".
الضوابط القانونية
وأشار بالقاسم إلى أن الأحزاب "اضطرت بسبب الضوابط القانونية الجديدة لنقل حملتها إلى داخل بيوت المواطنين، حيث تتلقى أسئلتهم السياسية المزعجة والمحنكة وتجيب عليها".
وقال "هناك إنصات وليس صمتا انتخابيا، لأن التونسي لم يعد يحب التحدث كثيرا في القضايا السياسية، بل يكتفي بمتابعة نقاشاتها عبر مشاهدة البرامج التلفزيونية، ثم يتحرك ويحدد موقفه في الأيام الأخيرة".
وحمل بالقاسم الأحزاب المسؤولية عن "فتور اهتمام الناخبين، لانشغالها بصراعاتها البينية النخبوية داخل المجلس التأسيسي وخارجه عن الاهتمام بالمواطنين والتواصل معهم والاقتراب منهم".
ومن جهته، يقول الجيلاني بن محمد عضو أمناء الجبهة الشعبية (تكتل من 11 حزبا) إن المواطن التونسي "ليست لديه الثقافة السياسية ونادرا ما يواكب الاجتماعات الجماهيرية بسبب التصحر السياسي الذي عانت منه البلاد طوال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ولذلك أخذنا على عاتقنا الاتصال بالمواطنين بشكل مباشر لنعرفهم على برنامجنا الانتخابي وأوجه الاختلاف فيه عن برامج الآخرين".
وأضاف بن محمد أن الاندفاعة الجماهيرية الكبيرة في الانتخابات السابقة غابت الآن بسبب "خيبة أمل الشعب، لأن الأحزاب لم تستطع الوفاء بوعودها الانتخابية التي كانت مغايرة لبرامجها المطبقة على أرض الواقع، مما أدى لنفور المواطن من العملية السياسية".
المصدر : الجزيرة