الرئيسية / ثقافة وفن / اليمن يعيد الحياة لشاعره أبي بكر الحكاك
اليمن يعيد الحياة لشاعره أبي بكر الحكاك

اليمن يعيد الحياة لشاعره أبي بكر الحكاك

10 أغسطس 2014 06:12 مساء (يمن برس)
أكثر من ثلاثة عقود وستة قرون مرت على رحيل الشاعر اليمني أبي بكر الحكّاك، الذي توفي على رأس المائة الثامنة بعد أن أمضى قرابة ستين عاما مع أضواء الكلمة الشاعرة عشقا وبوحا، متنقلا بين مدن السهل التهامي، متخذا من القصيدة وطنا، في فترة تعددت فيها الزعامات حتى صارت شيعا.. "فكل قبيلة فيها أمير المؤمنين ومنبرُ".
 
ولد الشاعر الحكاك في بلدة موزع غربي مدينة تعز، وطاف على عدد من حواضر العلم اليمنية، ونبغ في الشعر، فصار شاعر اليمن الأكبر في القرن الثامن الهجري بلا منازع، وبرحيله تلقفت ديوانه أيدي الضياع، وكاد أن ينطمر غير مقطوعات بسيطة وردت في بعض المصادر اليمنية.
 
ولأن السنوات الأخيرة شهدت اتجاه حركة النشر باليمن نحو طباعة أعمال القامات الشعرية الكبيرة من مختلف العصور، فقد احتفت المكتبة اليمنية بصدور ديوانيْ القاسم بن علي بن هتيمل ومحمد بن حمير الوصابي، وهما من شعراء القرن السابع الهجري، وديوان ابن عربي اليمن الشيخ عبد الهادي السودي، وتوّج ذلك مؤخرا بنشر مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بمدينة تعز لديوان الحكاك، بتحقيق الأديب المؤرخ عبد الرحمن طيب بعكر الحضرمي، بعد أن أعلنت كثير من الكتب التي أرخت للحكاك فقدان ديوانه معتبرة الحصول عليه في حكم المستحيل.
 
يتكون الديوان من قسمين رئيسيين: شمل الأول دراسة مستفيضة للشاعر وللديوان، بينما شمل القسم الآخر نصوص الديوان التي زادت على مائتي نص ما بين مقطوعات بسيطة وقصائد مطولة.
 
علامة فارقة
وفي تصريح للجزيرة نت حول صدور هذا الديوان، قال مدير عام مؤسسة السعيد للثقافة والعلوم فيصل سعيد فارع إن المؤسسة تفخر بتبنيها نشر هذا الديوان الذي يُعدُّ علامة فارقة بين إصداراتها، لأنه يقدم للمكتبة الشعرية اليمنية والعربية واحدا من أهم الأصوات الشعرية بالقرن الهجري الثامن، وقد كان إسهام المؤسسة في طباعة ونشر هذا الديوان تتويجا للجهد الكبير الذي قدمه محقق الديوان الأستاذ عبد الرحمن بعكر (يرحمه الله) الذي بذل جهدا مشكورا في البحث عن مخطوطة غير منقوصة لهذا الديوان، حتى عثر على هذا الكنز الثمين ثم قضى في تحقيقه وشرحه ردحا من الزمن.
 
ومما يؤسف له -برأي فارع- أن الأستاذ بعكر محقق الديوان توفي قبل أن يرى هذا الديوان مطبوعا في كتاب "لكن عزاءنا في ذلك أننا حرصنا في مؤسسة السعيد أن يظهر هذا الديوان بصورة تليق بالحكّاك الشاعر وبالمحقق بعكر".
 
ويختتم فارع تصريحه بالقول إن تقديم الديوان للقارئ يُعتبر إسهاما متواضعا في استجلاء كنوز الشعر اليمني والتعريف بعمالقته الذين يشكلون عبر قرون متتالية منذ يفاعة الشعر إلى نضج البوح ملمحا بارزا في مسيرة القصيدة العربية، مؤكدين بهذه النماذج الحية حضور الشاعرية اليمنية في كل منعطفات القصيدة العربية حضورا شاهق الإبداع رائع الظلال.
 
منجز شعري
من جهته، أوضح الشاعر والناقد د. عبد الرحمن قحطان أن طباعة ديوان الحكاك بعد أن يئس المهتمون من وجوده يُعد منجزا شعريا كبيرا محسوبا لكل من المحقق والناشر، وهو في ذات الوقت وثيقة أدبية حية وشاهدة على سقوط مصطلح عصر الانحطاط من تاريخ الأدب العربي، واعتباره فرضية نقدية أثبت كثير من شعراء تلك الفترة بنصوصهم الحية بطلانها، وبأن القصيدة العربية ظلت حية ومتجددة رأسيا وأفقيا حتى راهنها المعاصر.
 
وفيما يخص السمات الأسلوبية لشعر الحكاك، يؤكد قحطان أن الحكاك عاش عاشقا متصوفا، وزعيما قبليا في ذات الوقت، لكنه كان مخلصا للشعرية قبل كل شيء، وقد التقت في منجزه الشعري كثير من الظلال والألوان التي تجعل منه ابنا شرعيا لعصره في مختلف تجلياته الفنية والاجتماعية والدينية والسياسية.
 
ويختتم قحطان تصريحه بدعوة المؤسسات الثقافية اليمنية إلى مزيد من استجلاء مثل هذه الكنوز التي تؤكد أن اليمن -الذي تصفه بعص المصادر بأنه مهد الحضارة- مهد القصيدة ومحضنها الدافئ أيضا.

شارك الخبر