(رويترز) - تقف قناة الجزيرة القطرية موقفا يتسم بالتحدي في أعقاب الهجوم الشديد الذي شنته عليها حكومات عربية تتهمها بتأييد الأخوان المسلمين.
في يوم 23 يونيو حزيران قضت محكمة مصرية بسجن ثلاثة من صحفيي الجزيرة لمدد تصل إلى عشر سنوات بتهمة مساعدة تنظيم ارهابي في إشارة إلى جماعة الاخوان المسلمين التي شاركت في الاطاحة بحكم حسني مبارك عام 2011 قبل الإطاحة برئيس ينتمي إليها في العام الماضي.
وعكس الحكم ما حل بجماعة الإخوان المسلمين التي تراجع دورها في جانب كبير من الشرق الاوسط لكنه كان بنفس القدر ضربة للجزيرة وراعيتها قطر.
وتتعرض جماعة الاخوان لضغوط في دول مثل مصر والسعودية والبحرين والامارات وكلها عازمة على سحق الاخوان كما أنها تتهم قطر وقناة الجزيرة بالترويج لأنشطة الجماعة.
ونفى الصحفيون الثلاثة الاتهامات المصرية ونددت بالحكم المؤسسات المنادية بحرية الصحافة. وقالت الجزيرة إنه لا توجد أي أدلة تدين موظفيها وإنهم أدينوا بسبب الدفاع عن حق الناس في معرفة ما يجري من أحداث. وتقول القناة إنها تقدم تغطية موضوعية لكل جماعات المعارضة.
وقال مصطفى سواق المدير العام بالانابة لرويترز إن سياسة الجزيرة التحريرية ليس موضوعا للمساومة أو عرضة للتهاون فيها مؤكدا أن هذه المسألة غير قابلة للنقاش.
وقال سواق في مقابلة إن القناة تتعرض لضغوط من السلطات في مناطق عديدة لانها "أكثر القنوات العربية شفافية وتوازنا وعدم انحياز."
تأسست القناة عام 1996 في إطار المساعي القطرية لتحويل القوة الاقتصادية إلى نفوذ سياسي وكثيرا ما لعبت دور نصير المسلوبين.
من عام 2011 وحتى العام الماضي بدا أن الجزيرة بل وقطر ستستفيدان من النظام العربي الجديد.
لكن اتفاقا لاقتسام السلطة في تونس التي انطلق منها الربيع العربي والإطاحة بالرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر والخسارة العسكرية أمام قوى اسلامية متطرفة في سوريا دحرت الانتصارات التي حققها الاخوان.
إلى جانب ذلك تغيرت صورة الجزيرة خلال الربيع العربي من نصير المستضعفين إذ أدت تغطيتها إلى اتهامات من بعض المشاهدين بأنها تدعم الاخوان على جماعات المعارضة الأخرى التي كانت تعمل للاطاحة بالحكام الاستبداديين في تونس ومصر وليبيا.
وتقول الجزيرة إن تغطيتها متوازنة.
وقال صاحب متجر في الجزائر يدعى محمد سماي "توقفت عن مشاهدة الجزيرة لأنها لم تعد تنقل الحقيقة للمشاهدين. فهي تزرع المشاكل وتحرض على التدمير في العالم العربي."
وبلغت مشاكل الجزيرة أقصاها في مصر بعد ان عزل قائد الجيش المصري السابق عبد الفتاح السيسي الرئيس مرسي في أعقاب احتجاجات على حكمه في العام الماضي.
وقال سواق إن مكاتب الشبكة تعرضت أكثر من مرة لاعتداءات من بلطجية وان السلطات أجبرتها على الاغلاق في نهاية الامر في يوليو تموز عام 2013 بعد الاطاحة بمرسي. وانتخب السيسي رئيسا لمصر في مايو ايار الماضي.
ورغم اغلاق مكتب القناة واعتقال الصحفيين استمرت قناتا الجزيرة مباشر والجزيرة مباشر مصر في بث لقطات لاحتجاجات الاخوان واستقبال مكالمات يؤيد أصحابها الرئيس المعزول مرسي.
*مشروعات اعلامية جديدة
كما تحاول قطر أيضا تحقيق التنويع الاعلامي.
وقالت مصادر بصناعة الاعلام إن قطر تعتزم فتح قناة إخبارية تسمى العربي على أن تتخذ من لندن مقرا لها. وقال مصدر يشارك في هذا المشروع إن القناة ستتيح الفرصة لكل من يؤيد ثورات الربيع العربي.
غير أن المساعي الرامية لتكوين سوق لها في الولايات المتحدة تعثرت. وكانت الشبكة أطلقت قناة الجزيرة أمريكا في أغسطس اب عام 2013 بعدد 12 مكتبا في مدن رئيسية.
وأدى فشل الشركة في استقطاب جمهور أمريكي كبير إلى تخفيضات في التكاليف والوظائف وفقا لما ذكرته مصادر مقربة من الجزيرة.
ويبلغ عدد مشاهدي القناة في المتوسط 15 ألفا أي نحو نصف عدد مشاهدي قناة كارانت تي.في التي كانت تعمل في الولايات المتحد قبلها. وسيدير قناة العربي عزمي بشارة الفلسطيني الذي يدير مركزا للابحاث في قطر.
ورغم أنه لم يتضح ماهية الرد المرجح من الدول العربية المحافظة في الخليج على اطلاق قناة العربي فإن هذه الدول تضغط بشدة على قطر للحد من تأييدها لجماعات المعارضة في المنطقة.
وأخذت السعودية والامارات والبحرين خطوة غير معتادة في مارس اذار سحبت فيها سفراءها من الدوحة احتجاجا على ما وصفته بتدخل قطري في شؤونها الداخلية. وقال دبلوماسيون إن هذا التحول ترجع جذوره إلى الاستياء من تغطية الجزيرة للأحداث في هذه المجتمعات.
ونفت قطر الاتهام. لكن سواق يصر على موقف التحدي.
ويقول "الاخوان قوة داخل مصر وخارجها ولا يمكن لوسائل الاعلام أن تتجاهلها."
وحتى قبل الربيع العربي كان للجزيرة أعداؤها.
فبالاضافة إلى مصر أغلقت مكاتب الجزيرة في العراق عام 2004 وفي البحرين عام 2010 وفي سوريا في الاشهر الاولى للانتفاضة على حكم الرئيس بشار الاسد. واضطرت الجزيرة لتجميد نشاطها في السعودية بعد ان سحبت الرياض سفيرها في مارس اذار.
ولم تسمح الجزائر والامارات للجزيرة بالعمل في أراضيها.
ولم ينج صحفيوها. فقد اعتقل السوداني سامي الحاج أثناء وجوده في أفغانستان عام 2001 واحتجز في سجن خليج جوانتانامو حتى عام 2008 للاشتباه في صلته بتنظيم القاعدة. وفي عام 2005 حكمت محكمة أسبانية على مراسل القناة تيسير علوني بالسجن بتهمة توصيل أموال للقاعدة. ونفى علوني هذه الاتهامات.
ولا يقل الافراد انتقادا للجزيرة عن الحكومات العربية.
وقد اتجه بعض المشاهدين إلى قناة العربية التي تعكس مواقف الدول المحافظة في الخليج والتي قدمت تغطية متألقة للسيسي. وكانت القناة أول من حصل على مقابلة تلفزيونية مع الرئيس الامريكي باراك أوباما عام 2009.