الرئيسية / تقارير وحوارات / سري للغاية.. قرار اغتيال الرئيس صالح اتخذ قبل الثورة
سري للغاية.. قرار اغتيال الرئيس صالح اتخذ قبل الثورة

سري للغاية.. قرار اغتيال الرئيس صالح اتخذ قبل الثورة

13 سبتمبر 2011 08:30 مساء (يمن برس)
* يمن برس - د/عبدالله الفقيه

صدرت صحيفة الأولى يوم 1 يونيو بعدة عناوين في الصفحة الأولى ملفتة للانتباه وتحمل عددا من الرسائل المشفرة التي يفهم منها أن قرار التخلص من صالح وكبار المسئولين في الدولة كان قد اتخذ. فقد جاء العنوان الرئيسي كالتالي: "المشترك يبلغ الخليجيين انتهاء المبادرة" وكان الخبر قد تم تحويره بطريقة مقصودة في حين ان الخبر الأصلي كما وزع يقول "المعارضة اليمنية تبلغ دول الخليج رسميا انتهاء المبادرة الخليجية" أو "رئيس لجنة الحوار الوطني يبلغ الخليجيين.. الخ" كما جاء في معظم وسائل الإعلام.

وللعنوان بصيغته السابقة أهميته كبيرة، فالتخلص من صالح وكبار المسئولين سيعني بحسب ما تنص عليه المبادرة الخليجية نقل السلطة لنائب الرئيس وتكليف المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما لا يريده الذين خططوا لاغتيال صالح وكبار المسولين في الدولة والذين ترجح التحليلات بأنهم العميد ركن احمد علي صالح نجل الرئيس اليمني وقائد قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وأبناء عمه العميد الركن طارق محمد عبد الله صالح رئيس الحرس الخاص، والعميد عمار محمد صالح وكيل جهاز الأمن القومي، والعميد يحيى محمد صالح قائد الأمن المركزي، ويعاون تلك المجموعة التي بات يطلق عليها بين مجموعة من المحللين الأمنيين "عصابة الأربعة" شخصيات أخرى يمنية وأجنبية.

وما يبعث على الغرابة هو أن قوى المعارضة اليمنية والتي يعتقد أنها مخترقة قررت فجأة وفي خطوة غير متوقعة ولا تتوائم مع سلوكها المألوف مع نهاية شهر مايو كتابة رسالة إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي تبلغه فيها رسميا بانتهاء المبادرة الخليجية وسلمت تلك المذكرة إلى سفارة الإمارات العربية المتحدة.

وزيادة في التأكيد على عدم الرغبة في نائب الرئيس جاء عنوان آخر في الصفحة الأولى أيضا يقول "مديرية نائب الرئيس تسقط بأيدي المسلحين" والرسالة الضمنية الموجهة للداخل والخارج هي "لا تراهنوا على نائب صالح في الحلول محله بعد التخلص منه." ولم يتوقف الأمر هنا. فقد كان هناك أيضا عنوان ثالث وان بخط اصغر يقول "شهود عيان: قصف الفرقة الأولى مدرع واندلاع حرائق فيها ووزارة الدفاع تنفي" والرسالة هنا هي إن ما سيحدث يوم 3 يونيو هو من تدبير علي محسن أخذا بالثأر.

تخطيط مبكر للتخلص من صالح
تشير الدلائل إلى أن فكرة التخلص من صالح قد ظهرت قبل قيام الثورة اليمنية بكثير. فقد تحول صالح خلال السنوات الأخيرة إلى عبء على عصابة الأربعة، ولا يستبعد محللون تورط بعض القوى الإقليمية والدولية في دعم مخطط "عصابة الأربعة" للتخلص من صالح وكبار مسئولي نظامه وخصوصا وان احد أجهزة الاستخبارات الدولية ابلغ صالح قبل محاولة اغتياله بعدة أسابيع بان حياته في خطر. لكن ذلك التحذير لم يساعد صالح كثيرا بقدر ما جعله هدفا سهلا للمتآمرين لأنه حصر دائرة تحركه في نطاق ضيق وسهل على الانقلابين جمع صالح وكبار المسئولين في مكان واحد ومحاولة التخلص منهم جميعا في ضربة واحدة. والواضح أن المخططين للعملية كانوا يعرفون أن عبد ربه لن يكون حاضرا بين المدعوين إلى المحرقة.

وقد كانت العملية محكمة إلى الحد الذي لم يخطر على بال الكثيرين أن يكون اقرب الناس لصالح قد خططوا ونفذوا تلك العملية الجريئة. وربما كانت اضعف الخطوات في التغطية على ما حدث هوان بعض المخططين والمنفذين للعملية وضعوا أسماء أبنائهم من ضمن أسماء الجرحى لإيهام الجميع بان الكل ضحايا وان قوة خفية هي التي نفذت العملية.

صالح كعقبة أمام عصابة الأربعة
عمل صالح على نقل الكثير من السلطات والاختصاصات العسكرية والأمنية إلى ابنه وأبناء شقيقه الراحل محمد عبد الله صالح منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، واكتسب بسبب ذلك عداوة الكثيرين سواء داخل دائرة سنحان أو داخل الحزب الحاكم. ومن الواضح انه لم يكتسب مقابل ذلك ولاء مطلقا من قبل الأبناء. بل حدث العكس. فقد أدى نمو سلطات واختصاصات الأبناء إلى اصطدامهم بسيطرة الأب وأسلوبه في اتخاذ القرارات من جهة، وبمصالح وتوجهات وأفكار المحيطين بالرئيس ومستشاريه وأعضاء حكومته والحزب الحاكم من جهة ثانية.

وسرعان ما وجد الأبناء أن روابطهم بالغرب والتيار المتأمرك الذي شكلوه والأفكار الجديدة التي جاءوا بها لا تحظى بالثقة المطلقة سواء من قبل صالح أو من قبل بعض رجاله. فقد وجد جلال يعقوب الوكيل المساعد بوزارة التخطيط والتعاون الدولي واحد المحسوبين على نجل الرئيس نفسه في البيت بين عشية وضحاها بعد أن شعر نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الأرحبي نسب الرئيس والرئيس الفعلي للوزراء بان يعقوب يريد أن يجد موضع قدم لسلطة نجل الرئيس داخل الوزارة. وصحيح أن العميد احمد تمكن من جديد من تعيين يعقوب المتزوج من ابنة السياسي المخضرم الراحل يحيى المتوكل (تعيين على قاعدة التوريث) بموقع ارفع كوكيل لوزارة المالية إلا أن خطوة الأرحبي بينت حدود سلطة الجيل الثاني.

وفي حين تمكن العميد احمد من السيطرة على الهيئة العامة للاستثمار عن طريق تعيين صلاح محمد سعيد العطار نجل الاقتصادي والتكنوقراطي الراحل محمد سعيد العطار (تعيين آخر على قاعدة التوريث)، وهو شخصية بارزة في تيار نجل الرئيس المتأمرك، فإن صلاح العطار وجد نفسه يخرج مطرودا من مجلس النواب بعد أن ذهب إلى المجلس متسلحا بنفوذ نجل الرئيس ليدافع عن مشروع قانون للاستثمار يحمل أفكار الجيل الجديد.

وفي حين تمكن العميد يحيى صالح رئيس أركان حرب الأمن المركزي من تنفيذ بعض أفكاره التحديثية في إدخال العنصر النسائي في العمل الشرطوي وتأسيس محطة إذاعية خاصة تبث أغاني الرك أند رول وغير ذلك من الأفكار فإنه كثيرا ما اشتكى علنا لوسائل الإعلام من سياسات عمه في إدارة حروب صعدة وفي مسائل أخرى. وقال لصحفي أجنبي ذات مرة بان القاعدة أكثر قدرة على الحركة من قوات الأمن المركزي وانه إذا احتاج إلى تحريك طائرة هليوكبتر فان عليه الاتصال بتحويلة القوات الجوية التي يسيطر عليها أخ غير شقيق لصالح وليس من المعجبين كما يبدو بالتيار المتأمرك، وأكد يحيى انه إذا لم ترد التحويلة فانه يضطر كما قال إلى الانتظار أياما قبل أن يتمكن من تحريك قواته. وقد وجه صالح بعد تلك الشكوى بمنع أي صحفي من مقابلة يحيى إلا بعد الحصول على إذن من وزارة الإعلام.

ولم يكن حظ يحيى في مجلس النواب أفضل من حظ العميد احمد. فقد رفض مجلس النواب مشروع قانون خاص بالعلم الوطني ظل يحيى يعمل عليه لأكثر من عامين من خلال منتدى الرقي والتقدم حتى تمكن بعد ذلك من إيصاله إلى مجلس الوزراء الذي أحاله بدوره إلى مجلس النواب ليكون مصيره سلة المهملات.

فشل الأولويات العشر
وكانت الضربة القاصمة لجيل الأبناء هي فشل استراتيجية الأولويات العشر التي طورها تيار نجل الرئيس المتأمرك والذي أراد من خلالها الأبناء السيطرة على الجهاز البيروقراطي للدولة ليتمكنوا من تنفيذ السياسات التي يعتقدون أنها كفيلة بتحسين الأوضاع وتحسين فرصهم في البقاء في السلطة. وقد استعان الأبناء بشركة أمريكية اسمها ماكنزي للاستشارات لوضع الأولويات العشر ومول المشروع من قبل الحكومة الأمريكية. وكانت أول واهم نقطة هي النقطة الأولى التي تنص على استقطاب الكفاءات المؤهلة لشغل الوظائف الحكومية وتحويل الوظيفة الحكومية إلى وظيفة جاذبة. وشعر الوزراء وأعضاء الحزب الحاكم بان ما يجري يمثل محاولة من قبل أقارب الرئيس للسيطرة على الوزارات والمصالح والحد من اختصاصاتهم المحدودة أصلاً فعملوا على تمييع الفكرة حتى أماتوها.

صالح كان يدرك خطر الأبناء
أوكل صالح في خطوة لا تخلو من دلالة مهمة الإشراف على التحقيق في الهجوم على النهدين إلى نائبه عبد ربه منصور هادي. ومن الواضح أن صالح كان يدرك الخطر الذي يمثله الأبناء لكن أقصى ما كان يقوم به هو تسليم مطار صنعاء للأمن السياسي وسحب الأمن القومي أو العكس. ومن الواضح أن ذلك لم يساعد كثيرا. ففي احد أيام يناير 2011 وصلت طائرة إلى مطار صنعاء الدولي وعلى ظهرها حمولة أسلحة يعتقد بعض المحللين انه كان من بينها السلاح الذي وظف في عملية التخلص من صالح ومعاونيه.

*نقلاً عن مدونة د/عبدالله الفقيه
شارك الخبر