الرئيسية / شؤون دولية / مصر : كواليس إنهاء فتنة أسوان
مصر : كواليس إنهاء فتنة أسوان

مصر : كواليس إنهاء فتنة أسوان

14 أبريل 2014 10:03 صباحا (يمن برس)
وضعت زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لأسوان، السبت ، نهاية للمواجهات الدامية بين أبناء قبيلتى دابود النوبية وبنى هلال، حيث نجح الطيب، بعد لقائه وفدين من الطرفين، فى إقرار خارطة طريق للخروج من الأزمة ووأد الفتنة لمنع إراقة المزيد من الدماء، من خلال تشكيل لجنة تكون قراراتها ملزمة للطرفين.

كان شيخ الأزهر قد وصل، السبت ، ديوان عام محافظة أسوان، قادماً من مطار أسوان الحربى، مستقلاً سيارة مدير الأمن يرافقه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف.

وبدأ شيخ الأزهر اللقاء الأول فور وصوله باجتماع مغلق مع ممثلى قبيلة بنى هلال، بحضور وزير الأوقاف والمحافظ اللواء مصطفى يسرى، بإحدى القاعات الملحقة بمكتب المحافظ، حضره من بنى هلال سعودى حسين، رئيس جمعية بنى هلال، وأحمد سيد وعمرو محفوظ وفوزى عابد. واستمع شيخ الأزهر، الذى بدا عليه التأثر والحزن الشديد من الأحداث، على مدى نحو ساعة ونصف الساعة لوجهة نظر أبناء بنى هلال فى تطورات الأحداث.

وعلمت «المصرى اليوم» أنهم صبوا غضبهم على وسائل الإعلام، وحملوها المسؤولية فى زيادة حالة الاحتقان، بعد نشر صور الجثث وفيديوهات القتلى على الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى، وشكوا من الصورة السيئة التى يتم نقلها عن أبناء بنى هلال عبر وسائل الإعلام، ونجح شيخ الأزهر فى احتواء غضب بعض ممثلى بنى هلال، وأخبرهم بأنه يعرف جيداً من هم قبائل بنى هلال وأبناء النوبة، وطلب منهم السير فى الصلح، وأقنعهم بضرورة التحلى بالتسامح، وأنه هو أساس الدين الإسلامى، وشرح لهم أن الدية موجودة فى الإسلام، وأن الرسول الكريم طبق الدية، وأن الغلبة ليست بكثرة القتلى من هنا أو هناك، ونجح فى إقناع الطرف الأول فى السير فى اتجاه الصلح والاتفاق على تشكيل اللجنة، وعرض عليهم أسماء أعضائها، وارتضوا بها، وطلبوا منه أن يكون الصلح برعاية الأزهر الشريف.

وأثناء خروج أبناء بنى هلال من قاعة الاجتماع، تصادف وجود ممثلى أبناء دابود، الذين كانوا يتأهبون للدخول للقاء شيخ الأزهر، فتعانق الطرفان فى مشهد مؤثر، حيث عانق شيخ الدابودية عارف صيام، عضو مجلس الشعب السابق، سعودى حسين، رئيس جمعية بنى هلال، وعانق صيام المهندس أحمد سيد، المتحدث باسم قبيلة بنى هلال، وتبادل الطرفان الأحضان لفترة طويلة.

وفى اللقاء الثانى الذى عقده شيخ الأزهر مع ممثلى أبناء دابود، واستمر نحو ساعة ونصف الساعة، بحضور عارف صيام وعبده سليم وعدد من قيادات أبناء دابود، استمع الطيب لوجهة نظرهم فى تسلسل الأحداث التى كان فيها الإعلام أحد المتهمين فى تأجيجها، وأكدوا لشيخ الأزهر أنهم سيرتضون بما يمليه عليهم أياً كان، وأعربوا له عن جديتهم فى الصلح مع الطرف الأول، وانتهى الاجتماع بقبول الطرفين تشكيل اللجنة برئاسة الدكتور منصور كباش، رئيس جامعة أسوان.

وبدأ ممثلون عن الأزهر والطرفين والمحافظة، عقب انتهاء اللقاء الثانى، كتابة صيغة الاتفاق الذى تم الارتضاء به، وصعد شيخ الأزهر على منصة قاعة مجلس محلى أسوان ووزير الأوقاف والمحافظ، وتلا صيغة ما تم الاتفاق عليه، وكان بادياً عليه الغضب من النعرة القبلية التى تواكبت مع الأحداث، وبدأ حديثه للحضور بتقديم تعازيه لأسر الضحايا الذين سقطوا من الجانبين، وتجنب التطرق إلى كلمة قبيلة دابود وقبيلة بنى هلال واستبدلها بأبناء عمومتنا من بنى هلال والنوبة، وطلب من الجميع عدم التباهى بالأبناء والأعراق والأنساب، وقال: «من يتباه فعليه أن يتباهى بتقواه وعمله الصالح وعدم تفريق الناس إلى قبائل وأعراق»، مشيرا إلى أن الدين الإسلامى لا يعرف المفاخرة بالقبيلة، وأن «الله خلقنا للتعارف، وليس للتفاخر، ونحن جميعاً من أم واحدة وأب واحد».

ونقل شيخ الأزهر استياء الطرفين من تناول الإعلام الأحداث، وطلب من وسائل الإعلام أن «تتقى الله فى مصر والمصريين»، وأن تتبنى خطابا رشيداً يدعو إلى المصالحة وحقن الدماء.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الطرفين عبرا عن سلامة وصفاء قلبيهما كل تجاه الآخر، وأبديا استعدادهما لتفادى إسالة الدماء مرة أخرى، موضحاً أن اللجنة المشكلة ستكون برعاية الأزهر الشريف وإشراف محافظ أسوان، وستكون خطوة متقدمة لإتمام الصلح، وستعمل على إعطاء كل ذى حق حقه، وستكون قراراتها ملزمة للجانبين، كما تعهد الطرفان بعدم التعرض لأحد، وممارسة حياتهم اليومية فى العمل والتنقل بحرية تامة.

وقال الطيب: «هذه الحوادث البشعة غريبة على أخلاقيات وطباع المجتمع الأسوانى الذى عشت فيه 4 سنوات، وهى سحابة صيف وستذهب»، وطلب فى نهاية لقائه تلاوة الفاتحة على التزام الطرفين بما جاء بالوثيقة، مشيرا إلى أن زيارته القادمة لأسوان ستكون لإتمام الصلح النهائى بين الطرفين.
شارك الخبر