الرئيسية / تقارير وحوارات / هل تأثرت اليمن بالتشنّج بين السعودية وقطر( تقرير)
هل تأثرت اليمن بالتشنّج بين السعودية وقطر( تقرير)

هل تأثرت اليمن بالتشنّج بين السعودية وقطر( تقرير)

13 أبريل 2014 03:15 مساء (يمن برس)
كتب خالد فتاح، وهو باحث غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط ومحاضِر زائر في مركز الدراسات الشرق أوسطية في جامعة لوند في السويد، مقالا تحليليا نشر بنشرة صدى التابعة لمركز كارنيجي للشرق الأوسط تناول فيه الخلافات بين الرياض والدوحة وكيف أنها تثير الانقسام في اليمن حول الجهة الراعية التي يجب السير وراءها. حيث يطرح الشرخ الحالي بين السعودية وقطر في مجلس التعاون الخليجي تحدّيا جديدا على الانتقال السياسي المشحون في اليمن. فمع احتدام التشنّجات بين الرياض والدوحة، تجد الحكومة اليمنية نفسها عالقة بين السعودية وقطر. واقع الحال هو أن قطر تستقطب تأييد عدد من الأفرقاء داخل المشهد السياسي اليمنى نظرا إلى امتلاكها موارد مالية أكبر، كما أن حضورها التاريخي في اليمن أقل وطأة، ما يجعلها في موقع جيّد يخوّلها تأدية دور الوسيط في النزاعات المحلية المختلفة. بيد أن صنعاء ستجد صعوبة في الابتعاد عن علاقتها الاستراتيجية المخضرمة مع السعودية. فالجوار الجغرافي والثروة والثقل السياسي تتيح للرياض ممارسة نفوذ كبير في اليمن، وغالب الظن أنها ستحافظ على هذا التأثير في المستقبل المنظور.
 
وأشار الباحث إلى تمكن قطر والسعودية من شراء ولاء الأفرقاء المحليين بسهولة، ولاسيما على ضوء الضعف المستفحل في الدولة، وندرة الموارد الطبيعية، والانقسام المناطقي والمذهبي والقبائلي. للسعودية تاريخ طويل من التدخّل والاستثمار السياسي في اليمن، ما يمنحها نفوذا أكبر على الأطراف المحلية، ولكن يجعلها أيضا أكثر عرضة إلى تكوين العداوات. وتوقيت التشنّجات بين دول الخليج هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى الرئيس اليمنى المؤقت عبد ر به منصور هادى، فهو يأتي في مستهل مرحلة تطبيق نتائج الحوار الوطني العاصف الذي استمرّ عشرة أشهر. يطرح الخلاف السعودي ــ القطري حول الإخوان المسلمين، معضلة بالنسبة إلى هادى الذي يسعى جاهدا إلى تثبيت شرعيّته ومعالجة المظالم الأمنية والاقتصادية المتفاقمة. وقد نجح الإصلاح الذي يملك حضورا راسخا في مختلف أنحاء البلاد، في تجنيد الآلاف من أنصاره داخل الهيئات الحكومية المختلفة، بما في ذلك وزارتا الداخلية والدفاع وهيئات الحكم المحلية. يمارس الحزب الذي يضم جناحا للإخوان المسلمين فضلا على العناصر القبلية بقيادة آل الأحمر وفرع سلفي، ضغوطا على هادى للإبقاء على دور قطر في دعم العملية الانتقالية.
 
وأضاف فتاح، على النقيض من تونس ومصر، حيث المعركة السياسية الأساسية هي بين المجموعات القومية وتلك التي تملك ميولا يسارية من جهة، وبين مجموعات اليمين الديني من جهة أخرى، أصبحت خطوط المعركة في اليمن مشوّشة كما أنها تتبدّل باستمرار. حتى الجيش، المؤسسة الوحيدة التي ترتدي أهمية محورية في حاضر الأمن اليمنى ومستقبله، لا يزال يعانى من انقسامات خطيرة وهو معرّض أيضا إلى مزيد من الاستنزاف. يشكّل الجيش اليمنى انعكاسا لمراكز النفوذ المتعدّدة والمتداخلة في البلاد. فالولاء داخل المؤسسة العسكرية هو للقبيلة والمنطقة والقادة الأفراد أكثر منه لمؤسسات الدولة. ترتدي تداعيات الخلاف السعودي-القطري على ديناميكيات السياسة والأمن في اليمن، أهمية بالغة نظرا إلى عامل الجوار الجغرافي. فعلى الرغم من أن اليمن يتيح فرصة للدوحة كي تمارس رغبتها في فرض ثقلها وهيبتها إقليميا ودوليا، إلا أنه ذات أهمية حيوية بالنسبة إلى الرياض. ليس التدخّل السعودي في اليمن مرتبطا بالهيبة أو التأثير الإقليمي، بل يندرج في إطار الأمن القومي. فالمجتمع الاستخباراتي السعودي يرى في اليمن امتدادا عند الأطراف يجب رصده وضبطه عن كثب. لن تقبل الرياض بعملية انتقالية ناجحة يقودها الإخوان في اليمن، لأنه من شأن ذلك أن يساهم في تعزيز النظرة التي تعتبر أن الدوحة نجحت في دعم التغيير السياسي بقيادة الإسلاميين في الدول العربية غير الملَكية، كما أنه يطرح تحدّيا أيديولوجيا على الشرعية الإسلامية المستندة إلى الوهّابية في السعودية.
 
واختتم الباحث مقاله بالإشارة إلى أن علاقات اليمن وسياساته تجاه الأفرقاء الخارجيين تحملت داعيات ليس على الانتقال السياسي في البلاد وحسب، بل أيضا على استقرار شبه الجزيرة العربية وأمنها. يمكن أن تترتّب عواقب وخيمة على اليمن جراء التفاوت في جداول الأعمال بين السعودية وقطر. فما يقف على المحك هنا ليس اقتطاع قطر حيّزا لها في اليمن تمارس من خلاله نفوذها، ولا إبقاء السعودية على تأثيرها هناك، بل تفادى انهيار اليمن الذي من شأنه أن يطال بتداعياته المنطقة بأسرها. ولذلك فإن أحد التحديات الكبرى المطروحة على مجلس التعاون الخليجي هو العمل من أجل الحؤول دون انحدار الطرف الجنوبي الغربي في شبه الجزيرة العربية نحو مزيد من الفوضى، الأمر الذي يقتضى تناغما بين الرياض والدوحة. إذا تمكّنت الدوحة من رأب علاقاتها مع الرياض، على الأقل في ما يتعلّق بالشأن اليمنى، فسوف يساعد ذلك اليمن على التقدّم باتجاه تطبيق نتائج الحوار الوطني التي تشكّل حاليا السبيل الوحيد المتاح للحفاظ على التوازن السياسي الهش في البلاد.
شارك الخبر