لطالما كانت أقوى ديمقراطية في العالم وأكثر مملكة محافظة على علاقة وطيدة منذ عقود طويلة حتى التحالف. وساهمت في توطيد صلتهما مصالح مشتركة من ضمنها السيولة الحرة للنفط، ومؤخرا-انطلاقا من السنوات الماضية- معركة القضاء على تنظيم القاعدة.
وضعت لبنات التحالف الأولية بين الرئيس فراكلين روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز في 14 فبراير/شباط 1945 عندما التقيا على متن المدمرة الأمريكية USS Quincy بمناسبة عبورها قناة السويس.
كان روزفلت ومستشاروه يعرفون أن النفط، الذي تحتوي المملكة العربية السعودية على مدخرات ضخمة منه، يعدّ أحد المحركات الرئيسة للاقتصاد الأمريكي. وفعلا فإنّ شركة نفط كاليفورنيا كانت قد وقّعت اتفاقا قبل ذلك بعقد من الزمان، يمنحها الحق الحصري في إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية.
وكتب، طوماس ليبمان –الذي ألف عدة كتب عن العلاقات الأمريكية السعودية- عن ذلك اللقاء قائلا إنّ روزفلت قرر نتيجة لذلك الاجتماع، إهداء الملك السعودي الراحل طائرة من طراز دي سي 3 تحتوي بصفة خاصة على عرش دوار متحرك يتيح للملك على الدوام، مواجهة القبلة في مكة المكرمة عندما يكون محلقا في الهواء على متنها.
ومن جهته، استمتع عبد العزيز بالطعام الذي تناوله على متن الباخرة فطلب من روزفلت التخلي لمصلحته عن كبير طهاته، وهو ما نجح في الاعتذار عن عدم القدرة على تلبيته، روزفلت بكيفية دبلوماسية لينة (فالبشر ليسوا موضع ملكية شخصية والسعودية تخلت عن العبودية عام 1962).
وبعد هذا اللقاء المهم ولمدة أكثر من ستة عقود، كانت العلاقة بين البلدين وطيدة. فالمملكة هي أكبر منتج للنفط وترقد على نحو خمس مدخرات العالم من الذهب الأسود وبالتالي بإمكانها التحكم في أسعار النفط صعودا وهبوطا من خلال التحكم في كمية الإنتاج وهو ما قامت به بكيفية احترمت معها مصالح الأمريكيين بصفة عامة--.
وعندما احتاج السعوديون الأمريكيين فعلا عندما غزا الرئيس العراقي صدام حسين جارتهما الكويت، أرسلت واشنطن نصف مليون جندي للخليج لدحر القوات العراقية.
وعندما تناقلت الأخبار وجود 15 سعوديا ضمن منفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، شاب غضب العلاقات لكن الرئيس السابق جورج بوش نجح في تهدئة الوضع بفضل علاقاته الوطيدة بالرياض، ولاسيما عام 2003 عندما بدأ تنظيم القاعدة في شن هجمات ضد الأجانب الغربيين ومنشآت النفط في المملكة العربية السعودية، حتى أن الرياض شنّت بدورها حملة استئصال ضد التنظيم.
لكن اليوم لا تبدو تلك العلاقات في أفضل حال بل إنها تعيش أسوأ فتراتها التاريخية. ولذلك التقى الرئيس باراك أوباما الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، أحد أنجال الملك عبد العزيز، في الرياض في محاولة لإعادة الأمور إلى مجراها.
فما الذي طرأ؟ ففي الشهور الأخيرة، اختفى التحفظ الصارم على تصريحات السعوديين وانتقدوا علنا سياسات أوباما معبرين عن عدم ارتياحهم لها. وفي ديسمبر/كانون الأول، انتقد الأمير تركي الفيصل، إدارة أوباما لعدم التزامها "بالخط الأحمر الذي لطالما ذكره الرئيس الأمريكي حتى إن الخط اتخذ لونا زهريا قبل أن يصبح أبيض."
ويجدر التذكير فقط بأنّ تركي هو شقيق وزير الخارجية سعود الفيصل لنفهم أنه ما كان له أن يصرح بذلك لولا حصوله على الضوء الأخضر من أكبر مستوى في الحكومة السعودية.
فلماذا هذا الغضب كله؟
في الحقيقة هناك لائحة من الأمور التي أثارت غضب السعوديين، وأبرزها عدم التشدد في التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد بعد استخدامه سلاحا كيماويا ضد شعبه.
فسوريا حليف قوي لمنافس السعودية في المنطقة، إيران الشيعية، والتي زادت عودة الدفء لعلاقاتها مع واشنطن، من حنق الرياض، لاسيما مع كيفية التعامل مع برنامج طهران النووي والذي ترى فيه السعودية تهديدا لوجودها.
وقبل ذلك، لم يبد السعوديون راضين عن تخلي واشنطن عن حليفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك أثناء انتفاضة الربيع العربي بداية 2011، وهو ما جعلهم يطرحون أسئلة عن كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة. (جدير بالاهتمام هنا أنّ نفس هذه الأسباب هي التي تثير حنق حليف لأمريكا في المنطقة هو إسرائيل من إدارة أوباما).
والشهر الماضي، زار وزير الداخلية السعودي القوي محمد بن نايف واشنطن، ووفقا لمسؤول سعودي رفيع المستوى فإنّ موضوع مناقشاته هناك تركز على الملف السوري.
هنا يبدو للرياض وواشنطن مصلحة مشتركة تتمثل في منع أي تنام لتنظيم القاعدة في سوريا، فالمملكة أقرت قوانين تجرّم أيا من مواطنيها في حال ذهابه للقتال هناك خشية أن يعود إليها لاحقا وهو يتمتع بخبرة قتالية قد تشكّل تهديدا لأمنها القومي. وسافر نحو 1200 سعودي إلى سوريا، عاد منهم نحو 200 إلى المملكة، وفقا لمسؤول سعودي رفيع المستوى.
ولكلا البلدين، الولايات المتحدة والسعودية مصلحة في وأد تنظيم القاعدة في سوريا. وبعد لقاء أوباما بعبد الله خارج الرياض الجمعة، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إنّ البلدين "يظلان متفقين بشكل كبير."
(مقالة الرأي هذه كتبها محلل شؤون الأمن القومي لدى CNN بيتر بيرغن مؤلف كتاب "المطاردة: السنوات العشر في البحث عن بن لادن--من 11/9 إلى أبوتأباد وما ورد فيها يعبر عن وجهة نظره ولا يعكس رأي CNN)
وضعت لبنات التحالف الأولية بين الرئيس فراكلين روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز في 14 فبراير/شباط 1945 عندما التقيا على متن المدمرة الأمريكية USS Quincy بمناسبة عبورها قناة السويس.
كان روزفلت ومستشاروه يعرفون أن النفط، الذي تحتوي المملكة العربية السعودية على مدخرات ضخمة منه، يعدّ أحد المحركات الرئيسة للاقتصاد الأمريكي. وفعلا فإنّ شركة نفط كاليفورنيا كانت قد وقّعت اتفاقا قبل ذلك بعقد من الزمان، يمنحها الحق الحصري في إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية.
وكتب، طوماس ليبمان –الذي ألف عدة كتب عن العلاقات الأمريكية السعودية- عن ذلك اللقاء قائلا إنّ روزفلت قرر نتيجة لذلك الاجتماع، إهداء الملك السعودي الراحل طائرة من طراز دي سي 3 تحتوي بصفة خاصة على عرش دوار متحرك يتيح للملك على الدوام، مواجهة القبلة في مكة المكرمة عندما يكون محلقا في الهواء على متنها.
ومن جهته، استمتع عبد العزيز بالطعام الذي تناوله على متن الباخرة فطلب من روزفلت التخلي لمصلحته عن كبير طهاته، وهو ما نجح في الاعتذار عن عدم القدرة على تلبيته، روزفلت بكيفية دبلوماسية لينة (فالبشر ليسوا موضع ملكية شخصية والسعودية تخلت عن العبودية عام 1962).
وبعد هذا اللقاء المهم ولمدة أكثر من ستة عقود، كانت العلاقة بين البلدين وطيدة. فالمملكة هي أكبر منتج للنفط وترقد على نحو خمس مدخرات العالم من الذهب الأسود وبالتالي بإمكانها التحكم في أسعار النفط صعودا وهبوطا من خلال التحكم في كمية الإنتاج وهو ما قامت به بكيفية احترمت معها مصالح الأمريكيين بصفة عامة--.
وعندما احتاج السعوديون الأمريكيين فعلا عندما غزا الرئيس العراقي صدام حسين جارتهما الكويت، أرسلت واشنطن نصف مليون جندي للخليج لدحر القوات العراقية.
وعندما تناقلت الأخبار وجود 15 سعوديا ضمن منفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، شاب غضب العلاقات لكن الرئيس السابق جورج بوش نجح في تهدئة الوضع بفضل علاقاته الوطيدة بالرياض، ولاسيما عام 2003 عندما بدأ تنظيم القاعدة في شن هجمات ضد الأجانب الغربيين ومنشآت النفط في المملكة العربية السعودية، حتى أن الرياض شنّت بدورها حملة استئصال ضد التنظيم.
لكن اليوم لا تبدو تلك العلاقات في أفضل حال بل إنها تعيش أسوأ فتراتها التاريخية. ولذلك التقى الرئيس باراك أوباما الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، أحد أنجال الملك عبد العزيز، في الرياض في محاولة لإعادة الأمور إلى مجراها.
فما الذي طرأ؟ ففي الشهور الأخيرة، اختفى التحفظ الصارم على تصريحات السعوديين وانتقدوا علنا سياسات أوباما معبرين عن عدم ارتياحهم لها. وفي ديسمبر/كانون الأول، انتقد الأمير تركي الفيصل، إدارة أوباما لعدم التزامها "بالخط الأحمر الذي لطالما ذكره الرئيس الأمريكي حتى إن الخط اتخذ لونا زهريا قبل أن يصبح أبيض."
ويجدر التذكير فقط بأنّ تركي هو شقيق وزير الخارجية سعود الفيصل لنفهم أنه ما كان له أن يصرح بذلك لولا حصوله على الضوء الأخضر من أكبر مستوى في الحكومة السعودية.
فلماذا هذا الغضب كله؟
في الحقيقة هناك لائحة من الأمور التي أثارت غضب السعوديين، وأبرزها عدم التشدد في التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد بعد استخدامه سلاحا كيماويا ضد شعبه.
فسوريا حليف قوي لمنافس السعودية في المنطقة، إيران الشيعية، والتي زادت عودة الدفء لعلاقاتها مع واشنطن، من حنق الرياض، لاسيما مع كيفية التعامل مع برنامج طهران النووي والذي ترى فيه السعودية تهديدا لوجودها.
وقبل ذلك، لم يبد السعوديون راضين عن تخلي واشنطن عن حليفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك أثناء انتفاضة الربيع العربي بداية 2011، وهو ما جعلهم يطرحون أسئلة عن كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة. (جدير بالاهتمام هنا أنّ نفس هذه الأسباب هي التي تثير حنق حليف لأمريكا في المنطقة هو إسرائيل من إدارة أوباما).
والشهر الماضي، زار وزير الداخلية السعودي القوي محمد بن نايف واشنطن، ووفقا لمسؤول سعودي رفيع المستوى فإنّ موضوع مناقشاته هناك تركز على الملف السوري.
هنا يبدو للرياض وواشنطن مصلحة مشتركة تتمثل في منع أي تنام لتنظيم القاعدة في سوريا، فالمملكة أقرت قوانين تجرّم أيا من مواطنيها في حال ذهابه للقتال هناك خشية أن يعود إليها لاحقا وهو يتمتع بخبرة قتالية قد تشكّل تهديدا لأمنها القومي. وسافر نحو 1200 سعودي إلى سوريا، عاد منهم نحو 200 إلى المملكة، وفقا لمسؤول سعودي رفيع المستوى.
ولكلا البلدين، الولايات المتحدة والسعودية مصلحة في وأد تنظيم القاعدة في سوريا. وبعد لقاء أوباما بعبد الله خارج الرياض الجمعة، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إنّ البلدين "يظلان متفقين بشكل كبير."
(مقالة الرأي هذه كتبها محلل شؤون الأمن القومي لدى CNN بيتر بيرغن مؤلف كتاب "المطاردة: السنوات العشر في البحث عن بن لادن--من 11/9 إلى أبوتأباد وما ورد فيها يعبر عن وجهة نظره ولا يعكس رأي CNN)