قال قطب العربي، القيادي في حزب "الحرية والعدالة" وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، إن مصير وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي، الذي وصفه بأنه "زعيم الانقلاب" سيكون "حالكا" وتنتظره "المحاكمات بالداخل والخارج" متهما إياه بـ"خداع" الإدارة المصرية السابقة كي تعتقد أنه شخص متدين وأن زوجته منقبة.
وأضاف العربي، في مقابلة مع CNN بالعربية من مكان إقامته في الدوحة، إن الجماعة لن تنجر إلى حرب أهلية على غرار السيناريو الجزائري، كما رأى أن حزب النور بات بمفرده بين القوى السلفية على صعيد دعم النظام الجديد في مصر، وشدد على أن جماعة الإخوان المسلمين لا يمكنها القبول بمبادرة لا تعيد "إرساء الشرعية" مع إمكانية التفاوض على عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، إلى السلطة لتفويض صلاحياته أو التحضير لانتخابات مبكرة.
ورأى العربي، في موقف شخصي له، أن جماعة الإخوان أخطأت بخوض الانتخابات الرئاسية، كما أخطأت بالوثوق بالجيش، ونفى أي تواصل مع المرشح الرئاسي المحتمل، حمدين صباحي، كما أشاد بأداء مرسي أمام القضاء، معتبرا أن المحكمة "مسيسة."
واستبعد العربي، والذي كان يشغل منصب الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة بظل حكم مرسي، تخلي قطر عن دعمها للجماعة، منتقدا في الوقت نفسه الموقف الرسمي السعودي، الذي قال إنه مختلف عن الموقف الشعبي، واعتبر أن حكومات الخليج "تخشى عدوى الديمقراطية."
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة مع العربي:
- شبهت في بداية الأحداث ما يجري في مصر بما حصل في الجزائر، هل ما زلت عند رأيك؟
هم يحاولون أخذنا إلى السيناريو الجزائري وما فيه من حرب أهلية، وهذا السيناريو مازال متوقعا، في حال شعور السيسي ورجال الانقلاب في إدارة الدولة بالفشل، وهم فشلوا حتى الآن، ولكن نتوقع لهم المزيد من الفشل الذي سيلاحق السيسي بعد ترشحه للرئاسة، وإذا شعروا بأنهم على وشك الغرق فسيسعون إلى دفع كل البلاد نحو الغرق معهم عبر الحرب الأهلية.
- ولكن الحرب الأهلية بحاجة إلى طرفين فهل يمكن لكم المشاركة فيها?
من ناحيتنا كأنصار للشرعية لدينا حرص على عدم الانجرار إلى العنف، وهذا ما أكد عليه البيان الأخير لتحالف دعم الشرعية (تحالف سياسي يقوده الإخوان مؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي) الذي شدد على فكرة السلمية يرفض العمليات وأحداث العنف التي استهدفت ضباط الشرطة لأننا نحرص على السلمية وعدم الانجرار إلى السيناريو الجزائري أو السوري أو أي سيناريو عنفي آخر إيمانا منا بأن الحراك السلمي في الشارع اليوم يحقق المكاسب للشرعية وهو الذي سينهي هذا الانقلاب، هذا الخيار قد يستغرق وقتا ولكنه أقل تكلفة من الخيارات الأخرى بالنسبة إلينا.
لا تراجع عن هذا الموقف المعلن والقديم، إذ لم تُسند إلى أي قيادي من قيادات الإخوان المسلمين أو الحرية والعدالة أي عملية من العمليات الكبيرة التي حصلت مؤخرا في سيناء أو ضد مديريات الأمن، والذين يقومون بتلك العمليات يعلنون عن أنفسهم مثل جماعة "الفرقان" أو "أنصار بيت المقدس" ومع ذلك فإن السلطة القائمة تحاول على الدوام إلصاق التهم بالإخوان ولكنها لم تتمكن حتى الآن من تقديم أي قيادي من الجماعة إلى المحاكمة بهذه القضايا أو إثبات مشاركته فيها.
- هم يقولون إن تلك الجماعات خرجت من تحت عباءتكم وأنكم أفرجتم عن عناصرها من السجون؟
ليس صحيحا، فمن أخرجهم هو المجلس العسكري في عهد المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وذلك بعد تدقيق أمني من قبل أجهزة المخابرات الحربية والمخابرات العامة والأمن الوطني التي راجعت حالتهم في تقارير لها، وقد أفرج بالفعل عن عدد قليل منهم في عهد الرئيس مرسي، ولكن بعد تدقيق الأجهزة أيضا. الرئيس مرسي لم يتخذ قرار الإفراج عنهم، بل بالعكس، أحال الملف برمته إلى الأجهزة الأمنية التي كانت هي صاحبة القرار وهذه الأجهزة ما زالت تحكم حتى الساعة.
- ما مستقبل الجماعة وهل من إمكانية لاجتثاثها كما يطالب البعض؟
الاجتثاث مسألة مستحيلة فقد حاول الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقبله الملك فاروق حل الجماعة ووضع قادتها في السجون وفشلا في ذلك، ورحل الملك وعبدالناصر وظلت الجماعة، كما حاول السادات من بعدهما ولم ينجح، وذهب هو وظلت الجماعة، هذه الجماعات الفكرية العقائدية لا يمكن لأحد أن يقضي عليها، فالحكام يذهبون وتبقى مثل تلك الجماعات، فالأفكار لا تُحارب بالسجن أو القتل أو الرصاص، وإنما بالأفكار، وهم ليس لديهم بضاعة على هذا الصعيد فليس لديهم الفكر الذي يقدمه الإخوان والممارسة التي تضعها الجماعة في خدمة الشعب المصري.
من المستحيل القضاء على جماعة الإخوان التي صنفوها إرهابية ومحظورة في حين لم يشمل هذا التصنيف جماعة "أنصار بيت المقدس" التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات، ما يدل على استخدام القضاء وأدوات الدولة في الصراع السياسي والحزبي القائم، بل إن بعض القضاة استدعوا لسؤالهم عن رغبتهم في تسلّم قضايا الإخوان فوافقوا، طمعا بالمناصب والحظوة، ما يدل على تسييس الأحكام المعروفة والمطلوبة سلفا، أما على صعيد الإعلام فنحن في إعلام الرأي الواحد وقد كان إغلاق وسائل الإعلام من أولى خطوات الانقلاب، وكذلك منع عدد من الصحفيين والكتاب، وأنا بينهم، من الكتابة. الهيمنة العسكرية باتت كاملة على كل شيء، حتى على الطرقات العامة التي بات الجيش يتدخل في كل مناقصاتها، ووصل الأمر بالانقلاب - لشدة شعوره باستتباب الأمور له – حد تقديم اختراعات غبية وتسيء وتهين مصر والمؤسسة العسكرية، مثل الاختراع الخاص بعلاج الإيدز وفيروس التهاب الكبد الوبائي.
- ماذا عن مبادرة الدكتور حسن نافعة، هل يمكن للإخوان التراجع عن مطلب عودة الرئيس مرسي إلى السلطة؟
هذا ليس مطلب الإخوان فحسب، بل مطلب كل أنصار الشرعية في مصر، والناس الذين خرجوا ووقفوا في الطوابير لساعات لاختيار رئيسهم بحرية، وهؤلاء جميعا يتمسكون بخيارهم الحر الذي انقلب عليه السيسي ورفاقه، وبالتالي فالتحالف متمسك بعودة الشرعية الدستورية، الجدل يدور حول ما إذا كان مرسي يمكن أن يعود لاستكمال ولايته أو يعود شكليا لتفويض صلاحياته لرئيس وزراء أو ترتيب انتخابات جديدة، هذا ما يمكن أن نتحاور حوله، ولكن لن نتنازل عن مطلب الشرعية. بالمقابل لم يُقدم لنا شيء، فمبادرة نافعة ليست للحل وإنما لوضع آلية للحل، إذ أنها تنص على تشكيل لجنة تستمع إلى مختلف الآراء وتقدم وجهة نظر لحل الأزمة وتتفاوض حولها، وحتى الآن لم يأخذ نافعة موافقة القيادة العسكرية، رغم أنه عرض مبادرته منذ اكتوبر/تشرين الأول الماضي على اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع، دون أن يلقى منه استجابة، ولكنه يتهمنا اليوم بعرقلة المبادرة ورفضها، بينما في الحقيقة نحن جزء من تحالف دعم الشرعية الذي قال إنه لا يمانع من مناقشة هذه الآلية لكن نافعة يريد أن يسمع رأيا من الإخوان في محاولة منه لشق التحالف لأن الإخوان أخذوا عهدا على أنفسهم بعدم إصدار مواقف منفردة.
- هل يمكن لك أن تحدد لنا ما يمكن أن تعتبرها أخطاء قاتلة اقترفتها جماعة الإخوان خلال وجودها بالسلطة؟
الوقت الحالي ليس وقت الحديث عن أخطاء الماضي، رغم أننا نقوم بشكل دوري بمراجعة أنفسنا وسياساتنا، فنحن بشر معرضون لارتكاب الأخطاء، كما أن الفترة السابقة كانت الفرصة الأولى من نوعها لممارسة السياسة بهذا الشكل في مصر بعد 40 سنة من التحرك ضمن ما يسمح به النظام من هامش ديمقراطي محدود لا يزيد عن الحصول على بعض المقاعد البرلمانية أو رئاسة أندية ونقابات. لكن بعد ثورة 25 يناير كنا للمرة الأولى أمام منافسة حرة تسمح للجميع بالتنافس والتقدم للموقع الأول في الدولة، ومن وجهة نظري الشخصية والخاصة، والتي لا تعكس رأي جماعة الإخوان المسلمين، فأنا أظن أننا أخطأنا بالترشح لموقع رئاسة الجمهورية، لأننا كنا ندرك أن الصعوبات كبيرة جدا والمؤامرات كبيرة وستستهدفنا، وقد سبق أن تعرضنا لذلك بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية. أظن أنه كان علينا أن ننتظر ونترك المكان لغيرنا ونتعاون معه لأننا كنا ندرك أن العبء أكبر من أن يحمله فصيل بعينه، وأكرر أن هذا الرأي هو موقفي الشخصي وليس رأي الجماعة، ولكن ما يشفع للإخوان هو تصرفهم بحسن نية وتقريرهم التصدي لهذا الموقع عندما علموا أن البديل هو استمرار حكم العسكر بشكل ديمقراطي، أي وصول العسكر إلى السلطة عبر الصناديق دون وجود مرشحين آخرين قادرين آنذاك على مواجهة الدولة العميقة.
الخطأ الثاني هو الثقة الزائدة بالعسكر. كان لدينا مشروع سياسي للانتقال بالسلطة إلى المدنيين دون صدام، وقد ظننا أن العسكر سيساعدوننا على ذلك، رغم أننا كنا نضطر إلى الضغط عبر المليونيات في الشارع من أجل دفع المجلس العسكري إلى تحديد مواعيد الانتخابات كلما لمسنا ترددا لديه في ذلك، وكنا نتوقع أنه عبر تلك الضغوط السياسية في الشارع سنتمكن من الوصول إلى ما نريد دون إراقة دماء، ولكن يبدو أنهم كانوا يدبرون هذا الأمر منذ وقت طويل وما كان لهم على الإطلاق القبول بحكم مدني من الإخوان أو سواهم، لذلك أقول إن من بين الأخطاء التي ارتكبناها ثقتنا بهم وعدم الوقوف إلى جانب الشارع الثوري الذي عارضهم في ذلك الوقت، رغم أن هذا الشارع الثوري هذا هو الذي يقف معهم الآن ويدعوهم إلى العودة للمشهد السياسي، وهذا دليل للأسف على أن الصورة السياسية في مصر لم تستقر بعد فمن اخترع هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر" بات اليوم يدعو الجيش إلى التدخل لحماية الشعب.
- كيف ترى موقف مرسي في المحاكمات؟
من الناحية القانونية موقفه سليم تماما، لو كان أمام قضاء عادل ونزيه، ولكن للأسف هذه المحكمة ليست كذلك، فنحن أمام قضاة اختيروا بعناية لأجل هذه القضية، ولو كان الوضع غير ذلك لتنحى القضاة معلنين استشعار الحرج، ولكن طالما أن ذلك لم يحصل فهذا يدل على أن هناك أمرا يدبرونه، ولنا أن نتوقع صدور أي حكم عنهم. أما على المستوى الشخصي فهو ما زال يعبر عن نفسه بأن رئيس دولة، ويصرح أمام القضاة بأنه الرئيس المنتخب، وأن هذه المحكمة ليست مختصة بمحاكمة الرئيس الذي ينص الدستور على وجود محكمة خاصة له. كما يكرر التأكيد على أنه لا يعترف بالمحكمة ولا يرغب بارتداء الملابس البيضاء، وأنهم يرغمونه على ذلك قسرا، ومع ذلك هم يخشون من حضوره وتصريحاته ويحاولون تأجيل المحاكمة أو تجنب إحضاره لأسباب واهية مثل الظروف الجوية لأن كلمة منه ترعبهم وتخيفهم ويخشون وصولها إلى الرأي العام، وهم لم يتمكنوا حتى الآن من الوفاء بوعد نقل المحكمة مباشرة على الهواء لأنهم يخشون تصريحاته.
- كنت قد أعلنت في تصريح سابق نهاية حزب النور بسبب مواقفه من أحداث 30 يونيو، فما مستقبل العلاقة بين الإخوان والسلفيين اليوم؟
التيار السلفي ليس جسما واحدا، ففي تحالف دعم الشرعية يوجد العديد من الأحزاب ذات المرجعية السلفية وأظن أن القطاع الأكبر من السلفيين مؤيد للشرعية ولا يشذ عن ذلك سوى حزب النور، الذي استقال عدد كبير من أعضائه وقياداته في الفترة الأخيرة بشكل علني احتجاجا على مواقف الحزب، فالقيادة الحالية بالحزب لديها علاقة قديمة ومتوترة مع الإخوان وهم صنيعة أمن الدولة منذ وقت مبكر ويستخدمونهم ضد الإخوان، وقد حاولنا التعاون معهم بعد الثورة باعتبار أننا قوى إسلامية تجمعنا رؤية مشتركة. البارز أنهم كانوا يزايدون علينا في الجمعية التأسيسية للدستور وقد تجاوبنا نحن معهم لأجل الحفاظ على العلاقة، وهم الذين أصروا على وضع المادة 219 في الدستور (لعام 2012 التي كانت تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها وقواعدها ومصادرها في مذاهب السُّنة) واستجبنا لذلك رغم أننا كنا راضين بالمادة الثانية في الدستور القديم، ولكنهم دفعوا باتجاه مزايدات تسببت في خروج بعض القوى المدنية من الجمعية، وقد واصلنا دعمهم حرصا على العلاقة معهم، أما اليوم فقد تخلوا بأيديهم عن تلك المادة في الدستور الجديد الذي أخذوا يمتدحونه ويشيدون بما فيه، ناسين مزايداتهم السابقة، ولذلك أتصور أن حزب النور قد خسر كثيرا. نحن لا نريد الصدام مع أحد ونتمنى لهم الهداية والسداد وأن يعودوا إلى الصف الإسلامي المتوحد خلف الشرعية.
ماذا عن زعيم التيار الشعبي والمرشح الرئاسي المحتمل، حمدين صباحي، هل أنتم على اتصال معه؟
ليس لدينا أي اتصال مع حمدين صباحي وهو بنفسه يذيع ذلك ليل نهار، وليس لدينا أي مرشح رئاسي لأننا لا نعترف بشرعية هذه العملية من الأساس.
- هل تخشى من تأثير التوازنات الخليجية الحالية عليكم؟ هل تخشون تبدلا في الموقف القطري؟
مواقف قطر مازالت ثابتة حتى الآن وقد أعلنها وزير الخارجية خالد العطية الذي تحدث أن الموقف القطري تحكمه ثوابت معينة لا حياد عنها بدعم إرادة الشعوب، لذلك لا نتوقع أي تبدل بالموقف القطري لأنه منطلق من ثوابت وقناعات لدى الدوحة كدولة كاملة السيادة، وليس مجاملة لنا في مصر كأنصار للشرعية.
- هل من اتصالات سعودية معكم؟
على المستوى الرسمي الحكومة السعودية من بين أولى الجهات التي دعمت الانقلاب، أما على المستوى الشعبي فالشعب في معظمه مؤيد للشرعية ورافض لقرارات بلاده حيال مصر، وكذلك رافض للقرارات الملكية الأخيرة التي صدرت بتجريم المشاركة في الجماعات التي تعتبر إرهابية في بلادها، كما ندرك رفض الشعب السعودي للتضييق على بعض الناشطين والمثقفين والكتاب والدعاة بسبب موقفهم المؤيد للشرعية، ونحن نعلم أن مواقف معظم الشعوب الخليجية مؤيدة للشرعية ورافضة لمواقف الحكومات المؤيدة للانقلاب لأنها تخشى انتقال عدوى الديمقراطية إلى بلادها.
- علقتم على ظهور زوجة المشير السيسي واتهمتموه بممارسة "الاحتيال" عليكم بعدما اتضح أنها غير منقبة، فهل تريدنا أن نصدق أن الإدارة المصرية السابقة وضعت ضابطا مثله على رأس الجيش وهي لا تعرف عنه شيئا؟
لم نكن نعرف الكثير عن السيسي، وقد نجح في إيهامنا بمظهر اتضح أنه مغاير للحقيقة، فقد كان يحرص على زيارة القصر الرئاسي يوم الاثنين كي يقدم له الشراب فيرفضه بحجة أنه صائم، وكان يشيع هو ورجاله عن نفسه أنه رجل متدين إلى حد التطرف، وأن زوجته وابنته منقبتان بالكامل وكنا بالطبع نصدق ذلك، فكيف لنا تكذيب الرجل وقد كان يبكي في صلاة الظهر رغم أنها ليست من الصلوات التي يسمع فيها صوت تلاوة القرآن لإقناعنا بتقواه وتأثره. هذا في الواقع كان مجرد تمثيل على القيادة السياسية الموجودة، والتمثيل استمر حتى اللحظات الأخيرة، فعند صدور التحذير الأول من قيادة الجيش خلال الأزمة بمنح مهلة أسبوع للحل اتصل به المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، ياسر علي، وسأله عن القضية فرد الأخير بدعوته إلى عدم تصديق الشائعات التي تريد الإيقاع بين الرئاسة والجيش، وفي الواقع، فإن الوحيد الذي تنبه إلى شخصية السيسي الحقيقية هو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذي وصفه بأنه "ممثل عاطفي." من الطبيعي أننا لم نكن نعرف كثيرا عن السيسي وعائلته وذلك بحكم أننا لم نكن داخل أجهزة الدولة طوال العقود الماضية، ولم نكن نعرف الكثير عن هذه الشخصيات في الأجهزة الحساسة.
- ما هي رؤيتك بالنسبة لمستقبل السيسي السياسي؟
مستقبله مثل مستقبل كل قادة الانقلاب في العالم، رأينا مصير (ديكتاتور التشيلي السابق أوغيستو) بينوشيه و(الرئيس الباكستاني السابق) برويز مشرف وقائد الانقلاب في مالي (الجنرال أمادو سانوغو) مصيرهم أسود وتنتظرهم المحاكمات في الداخل والخارج والمسألة مسألة وقت فقط ولدينا تجارب كثيرة في الماضي والحاضر تطمئننا إلى ذلك.
وأضاف العربي، في مقابلة مع CNN بالعربية من مكان إقامته في الدوحة، إن الجماعة لن تنجر إلى حرب أهلية على غرار السيناريو الجزائري، كما رأى أن حزب النور بات بمفرده بين القوى السلفية على صعيد دعم النظام الجديد في مصر، وشدد على أن جماعة الإخوان المسلمين لا يمكنها القبول بمبادرة لا تعيد "إرساء الشرعية" مع إمكانية التفاوض على عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، إلى السلطة لتفويض صلاحياته أو التحضير لانتخابات مبكرة.
ورأى العربي، في موقف شخصي له، أن جماعة الإخوان أخطأت بخوض الانتخابات الرئاسية، كما أخطأت بالوثوق بالجيش، ونفى أي تواصل مع المرشح الرئاسي المحتمل، حمدين صباحي، كما أشاد بأداء مرسي أمام القضاء، معتبرا أن المحكمة "مسيسة."
واستبعد العربي، والذي كان يشغل منصب الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة بظل حكم مرسي، تخلي قطر عن دعمها للجماعة، منتقدا في الوقت نفسه الموقف الرسمي السعودي، الذي قال إنه مختلف عن الموقف الشعبي، واعتبر أن حكومات الخليج "تخشى عدوى الديمقراطية."
وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة مع العربي:
- شبهت في بداية الأحداث ما يجري في مصر بما حصل في الجزائر، هل ما زلت عند رأيك؟
هم يحاولون أخذنا إلى السيناريو الجزائري وما فيه من حرب أهلية، وهذا السيناريو مازال متوقعا، في حال شعور السيسي ورجال الانقلاب في إدارة الدولة بالفشل، وهم فشلوا حتى الآن، ولكن نتوقع لهم المزيد من الفشل الذي سيلاحق السيسي بعد ترشحه للرئاسة، وإذا شعروا بأنهم على وشك الغرق فسيسعون إلى دفع كل البلاد نحو الغرق معهم عبر الحرب الأهلية.
- ولكن الحرب الأهلية بحاجة إلى طرفين فهل يمكن لكم المشاركة فيها?
من ناحيتنا كأنصار للشرعية لدينا حرص على عدم الانجرار إلى العنف، وهذا ما أكد عليه البيان الأخير لتحالف دعم الشرعية (تحالف سياسي يقوده الإخوان مؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي) الذي شدد على فكرة السلمية يرفض العمليات وأحداث العنف التي استهدفت ضباط الشرطة لأننا نحرص على السلمية وعدم الانجرار إلى السيناريو الجزائري أو السوري أو أي سيناريو عنفي آخر إيمانا منا بأن الحراك السلمي في الشارع اليوم يحقق المكاسب للشرعية وهو الذي سينهي هذا الانقلاب، هذا الخيار قد يستغرق وقتا ولكنه أقل تكلفة من الخيارات الأخرى بالنسبة إلينا.
لا تراجع عن هذا الموقف المعلن والقديم، إذ لم تُسند إلى أي قيادي من قيادات الإخوان المسلمين أو الحرية والعدالة أي عملية من العمليات الكبيرة التي حصلت مؤخرا في سيناء أو ضد مديريات الأمن، والذين يقومون بتلك العمليات يعلنون عن أنفسهم مثل جماعة "الفرقان" أو "أنصار بيت المقدس" ومع ذلك فإن السلطة القائمة تحاول على الدوام إلصاق التهم بالإخوان ولكنها لم تتمكن حتى الآن من تقديم أي قيادي من الجماعة إلى المحاكمة بهذه القضايا أو إثبات مشاركته فيها.
- هم يقولون إن تلك الجماعات خرجت من تحت عباءتكم وأنكم أفرجتم عن عناصرها من السجون؟
ليس صحيحا، فمن أخرجهم هو المجلس العسكري في عهد المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وذلك بعد تدقيق أمني من قبل أجهزة المخابرات الحربية والمخابرات العامة والأمن الوطني التي راجعت حالتهم في تقارير لها، وقد أفرج بالفعل عن عدد قليل منهم في عهد الرئيس مرسي، ولكن بعد تدقيق الأجهزة أيضا. الرئيس مرسي لم يتخذ قرار الإفراج عنهم، بل بالعكس، أحال الملف برمته إلى الأجهزة الأمنية التي كانت هي صاحبة القرار وهذه الأجهزة ما زالت تحكم حتى الساعة.
- ما مستقبل الجماعة وهل من إمكانية لاجتثاثها كما يطالب البعض؟
الاجتثاث مسألة مستحيلة فقد حاول الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقبله الملك فاروق حل الجماعة ووضع قادتها في السجون وفشلا في ذلك، ورحل الملك وعبدالناصر وظلت الجماعة، كما حاول السادات من بعدهما ولم ينجح، وذهب هو وظلت الجماعة، هذه الجماعات الفكرية العقائدية لا يمكن لأحد أن يقضي عليها، فالحكام يذهبون وتبقى مثل تلك الجماعات، فالأفكار لا تُحارب بالسجن أو القتل أو الرصاص، وإنما بالأفكار، وهم ليس لديهم بضاعة على هذا الصعيد فليس لديهم الفكر الذي يقدمه الإخوان والممارسة التي تضعها الجماعة في خدمة الشعب المصري.
من المستحيل القضاء على جماعة الإخوان التي صنفوها إرهابية ومحظورة في حين لم يشمل هذا التصنيف جماعة "أنصار بيت المقدس" التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات، ما يدل على استخدام القضاء وأدوات الدولة في الصراع السياسي والحزبي القائم، بل إن بعض القضاة استدعوا لسؤالهم عن رغبتهم في تسلّم قضايا الإخوان فوافقوا، طمعا بالمناصب والحظوة، ما يدل على تسييس الأحكام المعروفة والمطلوبة سلفا، أما على صعيد الإعلام فنحن في إعلام الرأي الواحد وقد كان إغلاق وسائل الإعلام من أولى خطوات الانقلاب، وكذلك منع عدد من الصحفيين والكتاب، وأنا بينهم، من الكتابة. الهيمنة العسكرية باتت كاملة على كل شيء، حتى على الطرقات العامة التي بات الجيش يتدخل في كل مناقصاتها، ووصل الأمر بالانقلاب - لشدة شعوره باستتباب الأمور له – حد تقديم اختراعات غبية وتسيء وتهين مصر والمؤسسة العسكرية، مثل الاختراع الخاص بعلاج الإيدز وفيروس التهاب الكبد الوبائي.
- ماذا عن مبادرة الدكتور حسن نافعة، هل يمكن للإخوان التراجع عن مطلب عودة الرئيس مرسي إلى السلطة؟
هذا ليس مطلب الإخوان فحسب، بل مطلب كل أنصار الشرعية في مصر، والناس الذين خرجوا ووقفوا في الطوابير لساعات لاختيار رئيسهم بحرية، وهؤلاء جميعا يتمسكون بخيارهم الحر الذي انقلب عليه السيسي ورفاقه، وبالتالي فالتحالف متمسك بعودة الشرعية الدستورية، الجدل يدور حول ما إذا كان مرسي يمكن أن يعود لاستكمال ولايته أو يعود شكليا لتفويض صلاحياته لرئيس وزراء أو ترتيب انتخابات جديدة، هذا ما يمكن أن نتحاور حوله، ولكن لن نتنازل عن مطلب الشرعية. بالمقابل لم يُقدم لنا شيء، فمبادرة نافعة ليست للحل وإنما لوضع آلية للحل، إذ أنها تنص على تشكيل لجنة تستمع إلى مختلف الآراء وتقدم وجهة نظر لحل الأزمة وتتفاوض حولها، وحتى الآن لم يأخذ نافعة موافقة القيادة العسكرية، رغم أنه عرض مبادرته منذ اكتوبر/تشرين الأول الماضي على اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع، دون أن يلقى منه استجابة، ولكنه يتهمنا اليوم بعرقلة المبادرة ورفضها، بينما في الحقيقة نحن جزء من تحالف دعم الشرعية الذي قال إنه لا يمانع من مناقشة هذه الآلية لكن نافعة يريد أن يسمع رأيا من الإخوان في محاولة منه لشق التحالف لأن الإخوان أخذوا عهدا على أنفسهم بعدم إصدار مواقف منفردة.
- هل يمكن لك أن تحدد لنا ما يمكن أن تعتبرها أخطاء قاتلة اقترفتها جماعة الإخوان خلال وجودها بالسلطة؟
الوقت الحالي ليس وقت الحديث عن أخطاء الماضي، رغم أننا نقوم بشكل دوري بمراجعة أنفسنا وسياساتنا، فنحن بشر معرضون لارتكاب الأخطاء، كما أن الفترة السابقة كانت الفرصة الأولى من نوعها لممارسة السياسة بهذا الشكل في مصر بعد 40 سنة من التحرك ضمن ما يسمح به النظام من هامش ديمقراطي محدود لا يزيد عن الحصول على بعض المقاعد البرلمانية أو رئاسة أندية ونقابات. لكن بعد ثورة 25 يناير كنا للمرة الأولى أمام منافسة حرة تسمح للجميع بالتنافس والتقدم للموقع الأول في الدولة، ومن وجهة نظري الشخصية والخاصة، والتي لا تعكس رأي جماعة الإخوان المسلمين، فأنا أظن أننا أخطأنا بالترشح لموقع رئاسة الجمهورية، لأننا كنا ندرك أن الصعوبات كبيرة جدا والمؤامرات كبيرة وستستهدفنا، وقد سبق أن تعرضنا لذلك بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية. أظن أنه كان علينا أن ننتظر ونترك المكان لغيرنا ونتعاون معه لأننا كنا ندرك أن العبء أكبر من أن يحمله فصيل بعينه، وأكرر أن هذا الرأي هو موقفي الشخصي وليس رأي الجماعة، ولكن ما يشفع للإخوان هو تصرفهم بحسن نية وتقريرهم التصدي لهذا الموقع عندما علموا أن البديل هو استمرار حكم العسكر بشكل ديمقراطي، أي وصول العسكر إلى السلطة عبر الصناديق دون وجود مرشحين آخرين قادرين آنذاك على مواجهة الدولة العميقة.
الخطأ الثاني هو الثقة الزائدة بالعسكر. كان لدينا مشروع سياسي للانتقال بالسلطة إلى المدنيين دون صدام، وقد ظننا أن العسكر سيساعدوننا على ذلك، رغم أننا كنا نضطر إلى الضغط عبر المليونيات في الشارع من أجل دفع المجلس العسكري إلى تحديد مواعيد الانتخابات كلما لمسنا ترددا لديه في ذلك، وكنا نتوقع أنه عبر تلك الضغوط السياسية في الشارع سنتمكن من الوصول إلى ما نريد دون إراقة دماء، ولكن يبدو أنهم كانوا يدبرون هذا الأمر منذ وقت طويل وما كان لهم على الإطلاق القبول بحكم مدني من الإخوان أو سواهم، لذلك أقول إن من بين الأخطاء التي ارتكبناها ثقتنا بهم وعدم الوقوف إلى جانب الشارع الثوري الذي عارضهم في ذلك الوقت، رغم أن هذا الشارع الثوري هذا هو الذي يقف معهم الآن ويدعوهم إلى العودة للمشهد السياسي، وهذا دليل للأسف على أن الصورة السياسية في مصر لم تستقر بعد فمن اخترع هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر" بات اليوم يدعو الجيش إلى التدخل لحماية الشعب.
- كيف ترى موقف مرسي في المحاكمات؟
من الناحية القانونية موقفه سليم تماما، لو كان أمام قضاء عادل ونزيه، ولكن للأسف هذه المحكمة ليست كذلك، فنحن أمام قضاة اختيروا بعناية لأجل هذه القضية، ولو كان الوضع غير ذلك لتنحى القضاة معلنين استشعار الحرج، ولكن طالما أن ذلك لم يحصل فهذا يدل على أن هناك أمرا يدبرونه، ولنا أن نتوقع صدور أي حكم عنهم. أما على المستوى الشخصي فهو ما زال يعبر عن نفسه بأن رئيس دولة، ويصرح أمام القضاة بأنه الرئيس المنتخب، وأن هذه المحكمة ليست مختصة بمحاكمة الرئيس الذي ينص الدستور على وجود محكمة خاصة له. كما يكرر التأكيد على أنه لا يعترف بالمحكمة ولا يرغب بارتداء الملابس البيضاء، وأنهم يرغمونه على ذلك قسرا، ومع ذلك هم يخشون من حضوره وتصريحاته ويحاولون تأجيل المحاكمة أو تجنب إحضاره لأسباب واهية مثل الظروف الجوية لأن كلمة منه ترعبهم وتخيفهم ويخشون وصولها إلى الرأي العام، وهم لم يتمكنوا حتى الآن من الوفاء بوعد نقل المحكمة مباشرة على الهواء لأنهم يخشون تصريحاته.
- كنت قد أعلنت في تصريح سابق نهاية حزب النور بسبب مواقفه من أحداث 30 يونيو، فما مستقبل العلاقة بين الإخوان والسلفيين اليوم؟
التيار السلفي ليس جسما واحدا، ففي تحالف دعم الشرعية يوجد العديد من الأحزاب ذات المرجعية السلفية وأظن أن القطاع الأكبر من السلفيين مؤيد للشرعية ولا يشذ عن ذلك سوى حزب النور، الذي استقال عدد كبير من أعضائه وقياداته في الفترة الأخيرة بشكل علني احتجاجا على مواقف الحزب، فالقيادة الحالية بالحزب لديها علاقة قديمة ومتوترة مع الإخوان وهم صنيعة أمن الدولة منذ وقت مبكر ويستخدمونهم ضد الإخوان، وقد حاولنا التعاون معهم بعد الثورة باعتبار أننا قوى إسلامية تجمعنا رؤية مشتركة. البارز أنهم كانوا يزايدون علينا في الجمعية التأسيسية للدستور وقد تجاوبنا نحن معهم لأجل الحفاظ على العلاقة، وهم الذين أصروا على وضع المادة 219 في الدستور (لعام 2012 التي كانت تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها وقواعدها ومصادرها في مذاهب السُّنة) واستجبنا لذلك رغم أننا كنا راضين بالمادة الثانية في الدستور القديم، ولكنهم دفعوا باتجاه مزايدات تسببت في خروج بعض القوى المدنية من الجمعية، وقد واصلنا دعمهم حرصا على العلاقة معهم، أما اليوم فقد تخلوا بأيديهم عن تلك المادة في الدستور الجديد الذي أخذوا يمتدحونه ويشيدون بما فيه، ناسين مزايداتهم السابقة، ولذلك أتصور أن حزب النور قد خسر كثيرا. نحن لا نريد الصدام مع أحد ونتمنى لهم الهداية والسداد وأن يعودوا إلى الصف الإسلامي المتوحد خلف الشرعية.
ماذا عن زعيم التيار الشعبي والمرشح الرئاسي المحتمل، حمدين صباحي، هل أنتم على اتصال معه؟
ليس لدينا أي اتصال مع حمدين صباحي وهو بنفسه يذيع ذلك ليل نهار، وليس لدينا أي مرشح رئاسي لأننا لا نعترف بشرعية هذه العملية من الأساس.
- هل تخشى من تأثير التوازنات الخليجية الحالية عليكم؟ هل تخشون تبدلا في الموقف القطري؟
مواقف قطر مازالت ثابتة حتى الآن وقد أعلنها وزير الخارجية خالد العطية الذي تحدث أن الموقف القطري تحكمه ثوابت معينة لا حياد عنها بدعم إرادة الشعوب، لذلك لا نتوقع أي تبدل بالموقف القطري لأنه منطلق من ثوابت وقناعات لدى الدوحة كدولة كاملة السيادة، وليس مجاملة لنا في مصر كأنصار للشرعية.
- هل من اتصالات سعودية معكم؟
على المستوى الرسمي الحكومة السعودية من بين أولى الجهات التي دعمت الانقلاب، أما على المستوى الشعبي فالشعب في معظمه مؤيد للشرعية ورافض لقرارات بلاده حيال مصر، وكذلك رافض للقرارات الملكية الأخيرة التي صدرت بتجريم المشاركة في الجماعات التي تعتبر إرهابية في بلادها، كما ندرك رفض الشعب السعودي للتضييق على بعض الناشطين والمثقفين والكتاب والدعاة بسبب موقفهم المؤيد للشرعية، ونحن نعلم أن مواقف معظم الشعوب الخليجية مؤيدة للشرعية ورافضة لمواقف الحكومات المؤيدة للانقلاب لأنها تخشى انتقال عدوى الديمقراطية إلى بلادها.
- علقتم على ظهور زوجة المشير السيسي واتهمتموه بممارسة "الاحتيال" عليكم بعدما اتضح أنها غير منقبة، فهل تريدنا أن نصدق أن الإدارة المصرية السابقة وضعت ضابطا مثله على رأس الجيش وهي لا تعرف عنه شيئا؟
لم نكن نعرف الكثير عن السيسي، وقد نجح في إيهامنا بمظهر اتضح أنه مغاير للحقيقة، فقد كان يحرص على زيارة القصر الرئاسي يوم الاثنين كي يقدم له الشراب فيرفضه بحجة أنه صائم، وكان يشيع هو ورجاله عن نفسه أنه رجل متدين إلى حد التطرف، وأن زوجته وابنته منقبتان بالكامل وكنا بالطبع نصدق ذلك، فكيف لنا تكذيب الرجل وقد كان يبكي في صلاة الظهر رغم أنها ليست من الصلوات التي يسمع فيها صوت تلاوة القرآن لإقناعنا بتقواه وتأثره. هذا في الواقع كان مجرد تمثيل على القيادة السياسية الموجودة، والتمثيل استمر حتى اللحظات الأخيرة، فعند صدور التحذير الأول من قيادة الجيش خلال الأزمة بمنح مهلة أسبوع للحل اتصل به المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، ياسر علي، وسأله عن القضية فرد الأخير بدعوته إلى عدم تصديق الشائعات التي تريد الإيقاع بين الرئاسة والجيش، وفي الواقع، فإن الوحيد الذي تنبه إلى شخصية السيسي الحقيقية هو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذي وصفه بأنه "ممثل عاطفي." من الطبيعي أننا لم نكن نعرف كثيرا عن السيسي وعائلته وذلك بحكم أننا لم نكن داخل أجهزة الدولة طوال العقود الماضية، ولم نكن نعرف الكثير عن هذه الشخصيات في الأجهزة الحساسة.
- ما هي رؤيتك بالنسبة لمستقبل السيسي السياسي؟
مستقبله مثل مستقبل كل قادة الانقلاب في العالم، رأينا مصير (ديكتاتور التشيلي السابق أوغيستو) بينوشيه و(الرئيس الباكستاني السابق) برويز مشرف وقائد الانقلاب في مالي (الجنرال أمادو سانوغو) مصيرهم أسود وتنتظرهم المحاكمات في الداخل والخارج والمسألة مسألة وقت فقط ولدينا تجارب كثيرة في الماضي والحاضر تطمئننا إلى ذلك.